عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العرب القطرية:مع من يتحالف الإسلاميون وضد من؟!

لعل السؤال الأكثر أهمية الذي ينبغي أن يطرح هذه الأيام هو: هل كانت الأزمة الحقيقية لأنظمة الحكم العربية التي ثارت الجماهير العربية

ضدها وتثور وستثور تتعلق بالأيديولوجيا؟ أعني هل كانت الأزمة الحقيقية معها تتمثل في كونها علمانية أو قومية أو يسارية، ووقوفها تبعا لذلك في مربع التناقض مع الإسلام والشريعة الإسلامية؟
ربما كان ذلك سببا من الأسباب، لكنه ليس السبب الأهم. صحيح أن لبعضها تناقضه الواضح مع الإسلام وأساسياته، كما هي حال النظام التونسي على سبيل المثال، بينما تتناقض أخرى بهذا القدر أو ذاك مع تعاليمه الظاهرة، لكن الواقع يقول إن بعضها كان يجامل الظاهرة الإسلامية من أجل الحصول على المزيد من الشرعية؛ إذ كان بعضها يستخدم الطرق الصوفية في مواجهة الإسلام السياسي، بينما كان بعضها الآخر وهو الغالب يستخدم السلفية بطبعتها الداعية إلى طاعة ولي الأمر ولو جلد الظهور وسلب الأموال، بل إن بعضها كان يدعي الاستناد إلى حكم الشريعة وهو أبعد ما يكون عنها؛ حيث يطبق المقولة العلمانية في واقعه بأوضح تجلياتها «ما لقيصر لقيصر وما لله لله». والنتيجة أن موقف الأنظمة السلبي من الإسلام السياسي لم يكن متعلقا بالأيديولوجيا، بل بالمعارضة وتهديد التفرد بالسلطة، ولو كانوا يساريين أو علمانيين لما اختلف الموقف (تذكرون موقف النظام المصري من أيمن نور)؟!
والحق أن الأنظمة كانت تتناقض مع تعاليم الإسلام الأساسية القائمة على العدل والحرية ورفض الفساد والحرص على الفقراء، إلى جانب رفض التبعية للأجنبي. وهي في العموم تعاليم تدعو إليها معظم الشرائع السماوية والمناهج الأرضية.
لا ينفي ذلك أن للإسلام منطقه الخاص في البناء الاجتماعي والاقتصادي والقضائي، وهو ما دعا ويدعو الإسلاميين إلى الاقتراب منه بالتدريج، لكن لغضب الجماهير أسباب أخرى أكثر وضوحا وأهمية.
الأنظمة العربية بطبعتها الحديثة كانت أنظمة فاسدة تحالفت فيها السلطة والثروة مع أجهزة الأمن القوية، فيما كان القمع على تفاوت -استدعته الحاجة- هو القاسم المشترك بينها، ويضاف إلى ذلك تحالفاتها السياسية وتفريطها بقضايا الأمة، والنتيجة أن الغالبية الساحقة من الجماهير كانت على النقيض منها، فيما تحالفت معها الفئات المستفيدة.
في المقابل يمكن القول: إن انحياز الجماهير للإسلاميين كان يتعلق بجملة من الأسباب، لعل أولها انحيازها -أعني الجماهير- إلى الدين والتدين خلال العقدين الماضيين، إلى جانب التضحيات التي قدمها الإسلاميون في مواجهة الفساد، وفي مواجهة الهجمة الخارجية أيضا، لكن السبب الأهم لشعبيتهم يتمثل في انحيازهم ضد الأوضاع الفاسدة القائمة، ولم يكن أمام الجماهير في سياق التعبير عن رفضها لتلك الأوضاع سوى الإسلاميين الذين يضيفون إلى ذلك

شرطا مهما عندها يتمثل في الدين والهوية. ولعلنا نشير هنا إلى تلك المكانة التي حازها مناضلون مستقلون في الوعي الجمعي للجماهير بسبب تلبيتهم لتلك الشروط أو أكثرها رغم عدم انتمائهم للحركات الإسلامية.
إذا كانت الأزمة هي أزمة قمع وفساد وغياب للحرية والتعددية وتبعية للخارج، فإن بوسع الإسلاميين أن يدخلوا في تحالفات واسعة مع سائر القوى المخلصة والرموز والشخصيات الوطنية التي تتبنى ذات الرؤى وتنتمي إلى الجماهير وتحرص على مصلحتها وليست متورطة في الفساد والتحالف مع الأوضاع السابقة على الثورات.
وللأمانة فإن هذا هو النهج الذي تفكر فيه القوى الإسلامية التي تدرك أن إنقاذ البلاد من عقود من النهب والفساد والقمع، فضلا عن مواجهة التحديات الخارجية يتطلب تكاتف جهود جميع المخلصين.
وفي حين نستبعد أن يقف المخلصون من أبناء الأمة ضد هذا التوجه، فإن قوى أخرى ما زالت تتعامل بروح الحقد الحزبي والأيديولوجي، وتقدمه على التعاون لتحقيق المصلحة العامة، وهم يركزون تبعا لذلك على أشياء هامشية في سلوك بعض الإسلاميين لا تستوقف الجماهير. ولنتخيل بالله عليكم لمجرد الافتراض أن الأوضاع قد تحسنت وأجري استفتاء على تطبيق الحدود الشرعية بما فيها جلد الزاني وقطع يد السارق. ألن تؤيد ذلك الغالبية الساحقة؟!
الأولوية اليوم هي لمواجهة الأوضاع البائسة التي استوطنت منذ عقود وصارت لها أذرع وأنياب، وتلك مهمة سائر المخلصين، وعلى الإسلاميين أن يتعاونوا مع الجميع، ويفضحوا في المقابل من يسعى إلى وضع العصي في الدواليب، ولا يتوقف هذا الأمر على الدول التي نجحت فيها الثورات، بل على الدول الأخرى التي لم تصل بر النجاح بعد، فالإطاحة بالفساد والاستبداد معركة، وتوفير البديل الجيد بعد ذلك معركة لا تقل أهمية أيضا.