عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القدس العربي:امرأة مصرية تعرّي الرجال

بوابة الوفد الإلكترونية

الصبية المصرية المحجبة التي نقلت عدسات الفيديو الهجوم الشرس عليها من قبل العسكر المصري، وتمزيق ملابسها وكشف عورتها على شاشات جميع فضائيات العالم، قامت بتعرية رجال السلطة المصرية التي تدعي بأنها تحمي الوطن، بينما لم يسلم من أذاها عرض فتاة مثقفة، يتيمة الأم، يكافح والدها في السعودية لجمع رزقه. لأن أوباش الوطن 'المناضلين' لم يتركوا للمواطن المصري ما يحفظ كرامته وأغلقوا عليه جميع منافذ الرأفة ليجد نفسه مضطراً إلى حمل لقب وافد له 'كفيل' وليصبح أحد المصفدين بأحد أشكال عبودية القرن الحادي والعشرين.

غادة كمال تعرضت 'لاعتداء وحشي' من قبل أفراد شرطة بلدها أثناء فض إعتصام مجلس الوزراء الذي تفجرت بعده مصادمات بين قوات الأمن ومتظاهرين أوقعت 12 شهيدا ومئات الجرحى. غادة بنت بلد، وليست إحدى عرائس الفيديوكليب، لكن لقطة قهر واحدة سجلتها عدسة تائهة في الميدان، محت تأثير أطنان اللحم الرخيص على شاشات الفضائيات العربية. غادة بنت جدعة، ناشطة ومثقفة، خريجة كلية الصيدلة من جامعة المنصورة. بينما النكرة الذي اعتدى على عرضها وصفعها من خلف لثام الجبن الذي كان يرتديه، مهدداً 'أنا هاعرفك أنا راجل ولا لا'.. الحمد لله عرّفنا جميعاً بأنه ليس برجل، وخلع كل ما يستره أمام أمّة لا إله إلا الله عندما استعرض قباحته، وكل أربعين راجل من شاكلته لا يرعون نعجة.
الرجل الحقيقي يُحتمى ويستجار به. الرجل الحقيقي ينتف من أكتافه ويستر بنات بلده. قد يملك هذا التافه شاربين كأي صرصار يتحسس طريقه في بلاّعة لكنه لا يملك تصنيف الرجولة لأن سوأته كشفتها امرأة عندما تساءلت 'كيف لمن يعتدي على عرض امرأة أن يحمي وطناَ'.
مقابلة غادة مع 'مصراوي' كشفت حجم المأساة لأنها لم تتعرض وحدها للإذلال مساء ذلك اليوم. بل اعتدى نحو 10 عساكر على دكتورة اسمها سناء، لذلك جرت غادة نحوها وارتمت بجسدها عليها لحمايتها. بئس الزمان الذي تضطر فيه الحرائر لحماية أبدان بعضهن البعض من بطش إخوتهن.
أغرب ما في الأمر، صفاقة المدعو الرائد حسام الذي قال لغادة 'حتى لو خرجتي هاضربك بالرصاص بره'.
حد يا اخواننا ينده على اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي الذي ادعى بالفم المليان على شاشة 'بي بي سي'، بأن رجال الأمن المصريين لا يحملون ذخائر حيّة. إيه قولك يا حضرة اللوا في كلام حسام اللي كدّبك وطلعّك عيّل واعترف إنه حامل سلاح وفيه ذخيرة ومستعد يضرب النسوان بالمليان. نصيحة للمسؤولين الكبار أوي أوي، اللي ناوي يكذب كذبه يبقى يرستقها كويس حيات أبوكو، على الأقل اتقنوا الكذب وبلاش فضايح قدام الأعدقاء.

إعلام الطبطبة يزيّت مفاصل أدراج التحقيقات

عرض برنامج صباح الخير يا عرب على قناة 'إم بي سي' تقريراً جيداً أعدته الزميلة تهاني الجهني من جدّة، تم توثيقه على موقع القناة في حلقة رقم 821. وبعد أن انتهى التقرير المصوّر واستلم الدفّة مقدمي البرنامج في دبي ثار فينا الألم الشديد والامتعاض.
تحدث البرنامج عن حريق مدرسة براعم الوطن في مدينة جدّة السعودية التي كانت ضمن نتائجه وفاة ثلاثة معلمات هن: ريما النهاري وغدير كتّوعة وسوزان الخالدي.هذا عدا عن إصابة حوالي 60 شخصاَ. تحدث التقرير عن معوقات عمليات الإخلاء، خصوصاً وأن هذه المأساة تكررت في حوادث أخرى مشابهة في المملكة العربية السعودية.
التقارير قالت أن المدرسة التي حصل فيها الحريق، لا يوجد فيها مخارج طوارئ، وبعض الأبواب كانت موصدة فلم تتمكن الطالبات والمعلمات من الهرب، وقيل أن البناء مخالف لقوانين السلامة العامة، وأن خطة الإخلاء لم تراعيها المدرسة، والبعض أشار إلى أن أدوات الإطفاء غير فعالة أو ليست في المكان المناسب للاستخدام،.... وسلسلة طويلة من المبررات.
من ضمن ما يلفت النظرفي التقرير، أن شاباً اسمه 'عبد السلام' سمع تصارخ الفتيات فهرع للمساعدة وأنقذ من استطاع، وانتهى الأمر به مصاباً على سرير الشفاء في المستشفى. لم يقدم عبد السلام كبطل، ولم يذكر حتى اسمه الثاني. وتعامل البرنامج معه كـ 'نكرة' بينما احتفى مقدمي البرنامج بذوي الرتب والمناصب ممن أدلوا بآرائهم حول الحادث رغم تقصيرهم في مهامهم.
التقرير كان واضحاً لا لبس فيه، لقد تأخر وصول الدفاع المدني حوالي ساعة وحضر بطرق بدائية، والإسفنج الذي يفترض القفز عليه وصل متأخراً ثلاثة ساعات، والمواطنون قدموا خدمات إنقاذ أفضل مما قام به الدفاع المدني، وأقوال الشهود تفيد بأن سلّم سيارة الإسعاف لم يكن طويلاً كفاية لوصول جانب المبنى، لكن الكتابة التي ظهرت أسفل شاشة 'إم بي سي' قالت 'لجنة التحقيق تتوصل إلى 7 مؤشرات جميعها بسبب الإهمال'.
هذه الجملة المصاغة بحرفية ميّعت المسؤولية لأنها تركت باب تحديد الجهة المسؤولة عن الإهمال قابلاً للتأويل. حقاً الشخص الذي صاغ هذه الجملة موهوب ويستطيع أن يعمل استشاري قانوني للشيطان.
أول شخص قدمته مذيعة البرنامج 'لجين عمران' للتعقيب بعد التقرير كان مدير عام الدفاع المدني في جدّة، العميد عبدالله جداوي. وأول شيء بدأت به مذيعة 'إم بي سي'، هو إدانة الأهالي الموجودين حول المدرسة مستهلة تقديمها للضيف عبر الشاشة ليس بسؤال، وإنما بتمهيد لتدجين المشاهد وتشكيل رأيه إذ قالت بانفعال' الزحمة الكثير والأهالي أدى إلى تأخير وصولكم، وأدى أيضاً إلى تأخير السيارات التي تحمل السلالم لوصولكم إلى المدرسّات والطالبات وكانت هناك عوائق كثيرة في طريقكم'.
لا تعلم لجين أنه ليس من المهنية ولا من المنطق أن تخبر شخص عن شيء حصل له، أو الاهتمام بنيل رضا وبركات ممثلي المؤسسات الحكومية من خلال الطبطبة على شخص الضيف المسؤول خصوصاً وأنه لم يقم بعمل يستحق الإشادة به. لكن يبدو أن أفراد الدفاع المدني كانوا معصوبي العيون أو في

غيبوبة أثناء المهمة، لذلك وجدت لجين أنه من واجبها أن توضح لهم ما حصل لهم عندما كانوا غائبين عن الحدث أثناء وجودهم فيه....
تدخل فوراً المذيع 'خالد عمران' مؤّمناً على أقوالها لينوبه من الحب جانب، وقال أن سبب التأخير كان 'الزحمة' وبدأ كلاهما بإدانة وتقريع الذين يتحلقّون حول أماكن الحوادث وبهمّة وشغف واضحين. ووصل الحد بخالد بأن استقرأ الوضع من دبي عبر المسافات، وقال أن هناك من يقفون يصورون بجوالاتهم ليرفعوا الصور على يوتيوب أو تويتر، وقاطعته لجين في أسلوب أقرب للأحاديث العائلية منه إلى تقديم برنامج يخاطب ملايين المشاهدين من مختلف مستويات الثقافة والكفاءات: 'أصلاً همه غير مؤهلين لتقديم المساعدة المناسبة، بعض المدنيين أخذوا أجهزة الدفاع المدني وصاروا يحاولوا استخدامها وهم غير مؤهلين'. المثير في الأمر أن لجين لم تكشف عن كيفية استحضار القوى الخارقة التي أكدت لها بأن من حاولوا المساعدة كانوا غير مؤهلين.
وبدأت تعّد على أصابعها جرائم الأهل المحتشدين وأنهم سبب تأخير المساعدة، وقاطعها خالد مذكراً إياها بما نسيت 'والفضول'، فقفزت 'لجين' إلى سبب إضافي 'وبسبب الهلع الذي قد مرّت به المدرسّات، اللي ممكن شوي يعيق من تقديم المساعدة'. كل هذا قبل أن يدلي مدير عام الدفاع المدني بدلوه أو يقول كلمة واحدة. مقدمة البرنامج التي احتجت بشدّة على محاولات 'غير المؤهلين' أكثر من مرّة، لا يوجد ما يشير إلى أنها تملك 'مؤهلات' إعلامية.
لكن بمجرد أن أتيحت للضيف فرصة الحديث قال أنه فوراً وبمجرد وصول خبر الحريق أرسل الدفاع المدني 23 وسيلة نقل إنقاذ وإطفاء. وقاطعه مرة أخرى مقدم البرنامج ليتحدث عن احتمال تحميل الذنب لأصحاب المدارس كون بناءها ربما لم يراعى فيها أمور السلامة العامة.
يعتقد كل من 'لجين' و'خالد' بأنهما يخاطبان جمهوراً أخرق عديم الذكاء يمكن الضحك على لحيته. فمحاولة تلبيس الجريمة للشعب وإلقاء اللوم على الجمهور، أسلوب اعتدناه في إعلام الدول العربية، لأن السياسة العامة هي عدم فضح المقصرّين. وهناك لائحة فساد أطول من المسافة بين دبي وجدة أدت إلى وفاة العديد من الناس في السعودية وهلاك ممتلكات لا يمكن حصرها. ودائماً يأتي الإعلام كمحام متطوع للدفاع عن المؤسسات التي أخلّت بدورها أو قصرّت. وهذا مثال جيد على فوبيا الخوف من الكراسي.
لا أناقش هنا مأساة الأهالي الذين وقفوا عاجزين عن نجدة بناتهم بينما لم تستطع 23 وسيلة إنقاذ وإطفاء وجيش من الموظفين من إنقاذ حياة ثلاثة معلمات أو تجنيب طفلات بعمر الورد ما تعرضن لهن من ترويع. ولا أناقش من الذي قصّر أو ساهم بهذه المأساة. بل أشير إلى أسلوب الهواة في تغطية خبر على شاشة فضائية تصل الملايين.
من أسوأ أساليب عرض الخبر أن يهاجم أو يدين المذيع جهة ما أو أشخاصا قبل انتهاء التحقيق الرسمي، ومن الخطأ أن يقوم المذيع بإشهار إصبع الاتهام في وجه من لا حول لهم ولا قوة في تمهيد لتقديم شخصية مسؤولة لمناقشة موضوع. ومن أكثر الأساليب فجاجة استقراء حادث وادعاء شيء لم يحصل أو الإشارة إليه لتغطية سوأة التقصير، كما حاول 'خالد' ان يدير الدفة باتجاه الأهالي عندما قال أن هناك من يستخدمون هواتفهم الجوالة للتصوير واتهمهم بنيّة تحميل الخبر على يوتيوب وتويتير، بينما التقارير والصور التي وصلتنا لم يكن بينها ما يشير إلى ذلك. كل ما شاهدناه هو آباء وأمهات قلقين وإخوة يبكون لأن الهلع سيطر على الموقف.
يحفظ ملف هذا التحقيق في الدرج الذي حفظ فيه ملف تحقيق سيول جدة، وحريق المدرسة 31 المتوسطة للبنات بمكة المكرمة. أود أن أوضح للزميل خالد بأن الناس باتوا يصورون الأحداث لتوثيق المهازل التي يخفيها الإعلام الرسمي وشبه الرسمي.

' مديرة مركز الرصد للصحافيات العرب