دفاتر رجال الأعمال
عندما طلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من رجال الأعمال الاستثمار فى الصناعات الثقيلة, أداروا له ظهورهم وأصموا آذانهم عن نداءته المتكررة لأنهم كانوا يفضلون الأنشطة الخفيفة ذات العائد المالى السريع وبعد ان يئس منهم لجأ إلى التأميم. وبلغت قيمة المصانع المؤممة نحو 454 مليون جنيه وفرض
الحراسة على حوالى ألف رجل أعمال، ما أدى إلى اختفاء الطبقة البرجوازية وهروب بعضهم إلى الخارج. وحين بدأت مرحلة الانفتاح الاقتصادى فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى ولدت من رحم السلطة طبقة جديدة من رجال الاعمال.. لم يكونوا فى أغلبهم من أصحاب الاملاك (المتأصلين) ومن ثم كانوا فى مستوى أقل من حيث النوعية والخصائص. واستباحوا أموال البنوك ليغترفوا منها على قدر ما طالت أيديهم واتسعت جيوبهم.. اقترضوا بدون ضمانات ولا حدود. وذهبت معظم التسهيلات الائتمانية إلى كبارهم بتعليمات شفهية بالتليفون من مسئولى الدولة. حصل 20% منهم على 10% من جملة التسهيلات. وحصل بعضهم على القروض بأسماء اطفالهم القصر. الكثير منهم تعثر فى سداد القروض ومنحته الدولة ممثلة فى البنوك العامة قروضًا جديدة لتسديد ديونهم القديمة. وانتقلت أخبار رجال الأعمال من الصفحات الاقتصادية إلى صفحات الحوادث بعد ان هرب البعض إلى الخارج وقام الآخرون بالاستثمار فى أنشطة الاستيراد والوكالات التجارية وأنشطة المضاربة التى تتسم بسرعة دوران رأس المال دون تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. وفى عهد مبارك الذى تخلى عن مصانع القطاع العام بتعليمات أمريكا كشرط لتقديم المعونات. وأسرفت حكومات الحزب الوطنى فى تدليل رجال الأعمال وشرعت القوانين من أجلهم. وشهدت البلاد أكبر مسلسل للفساد والنهب المنظم والممنهج. وانتقل رجال الأعمال من مرحلة اغتراف أموال البنوك إلى الاندفاع بشكل غير مسبوق للحصول على أراضى الدولة إلى درجة انه فى غضون ثلاث أو أربع سنوات ـ كما تشير الاحصاءات ـ فازوا بنحو 36 ألف فدان من أراضى المجتمعات العمرانية الجديدة وحوالى 100 مليون متر مربع و24 ألف فدان فى جميع انحاء مصر. وكعادتهم التف كبارهم حول رجال السلطة للتعفر بترابها وحصلوا على نصيب الأسد من المشروعات والعقود. وحيث بلغت مساحة الأرض المخصصة لكل منهم فى مشروع خليج السويس 20 كيلو مترا ماطلوا فى دفع اثمانها ورفضوا ترفيقها وعجزت الحكومة لضعفها أو لتواطئها عن سحب الأراضى منهم بعد ان تمتع هؤلاء بنفوذ سياسى مؤثر من خلال عضويتهم بالحكومة ولجنة السياسات ومشاركتهم فى صنع القرارات الاقتصادية أو