عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أين جمال مبارك؟!

ألح علي خاطري هذا السؤال، وأنا أقلب صفحات الجرائد وأعبث بريموت التليفزيون حيث لاحظت تراجع الظهور الإعلامي لأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني بشكل لافت في الآونة الأخيرة.

قبل الثورة التونسية كان لا يمر يوم إلا وتطالعنا أجهزة الإعلام والصحف بأخبار جمال مبارك ولا تترك سكنة له ولا حركة إلا وتبرزها ويعلق عليها المتملقون بالمدح والإشادة.

 

- قبل أحداث تونس كانت تصريحاته الأكثر وصوته الأعلي من رئيس الحكومة وكان الوزراء ينتظرون همساته وتصريحاته ليسيروا علي هداها لأن الالتزام بها يضمن لهم البقاء في مناصبهم.

- قبل زلزال تونس كانت هناك حزمة من التشريعات المضادة لإرادة الشعب جاهزة للتصديق من جانب البرلمان دون الاهتمام بعرضها للحوار المجتمعي لأن كلام لجنة السياسات أوامر، وقوانينها تتمتع بقدسية سياسية خاصة.

- قبل ثورة الياسمين الفواحة والتي فاحت روائحها علي شعوب المنطقة العربية فأنعشت فيها روح التمرد، كان كادر الصورة يتسع لظهور رجال جمال مبارك وتصريحاتهم التي لا تخلو من عنجهية علي اعتبار أنهم الأقدر والأقوي والأكثر دراية وعلماً.

- قبل أن يستجيب القدر لأحفاد الشابي كان جمال مبارك يجوب المحافظات ويعقد المؤتمرات الشعبية. ولم يكن ينعقد في مصر أو خارجها مؤتمر إلا وتصدر جلساته وندواته. كان وجود اسمه في جدول أعمال أي مؤتمر كفيلاً بامتلاء القاعة بالطامعين والطامحين. ولاتزال الأذهان يعلق بها أحداث مؤتمر دافوس الاقتصادي بشرم الشيخ الذي حضره جمال وقرينته وكان محط الأنظار ومحور الاهتمام حينذاك.

- قبل أن يثور الشعب في تونس علي عائلة الرئيس بن علي وأصهاره وأنسابه لم يلق جمال مبارك بالاً لمنتقديه أو لرجاله أو أنسبائه.

- قبل أن يحرق محمد بو عزيزي تابوهات أنظمة الحكم العربية لم يلتفت جمال مبارك ورجاله لمعاناة فقراء مصر من نار الغلاء فكانوا يخططون لزيارة أسعار المنتجات البترولية والكهرباء وإلغاء الدعم عمن يتجاوز مرتبه ألف جنيه، ومرتب الشغالة في منزل أي منهم يساوي مرتب وكيل وزارة.. كانوا يقيسون مستوي المعيشة للمواطن المصري بعدد السيارات الخاصة وأجهزة التكييف متجاهلين أن العامل في المصنع والفلاح في أرضه والموظف في زحام الأوتوبيس الذي لم يركبوه يوماً لا يعرفون هذا الترف. وأوهمونا بأننا نرفل في نعيم وأننا شعب نمرود ومش وش نعمة دائم الشكوي تماماً مثلما كتب الرومان علي باب أحد معابدهم أننا شعب كسول كثير الشكوي.

- قبل أن تسقط يافطة الحزب الحاكم في تونس وهروب الرئيس والأبناء والأنساب استطاع جمال مبارك ورجاله إقناع الرئيس بأن انتخابات مجلس الشعب نزيهة وأن الشعب المصري يصلي لله خمس مرات في اليوم ويسبح بحمد الحزب الوطني والحكومة طوال اليوم. واستطاعوا إقناع الرئيس أيضاً بأن البرلمان الموازي أشبه بكعبة أبرهه الحبشي فكانت إجابة الرئيس المؤلمة خليهم يتسلوا.

- ولكن - وبعد ثورة تونس تتعامل الحكومة مع الشعب بمنطق الذئب، حيث يقف الذئب وفريسته وجهاً لوجه فإذا استشعر بأن الفريسة لا تخاف

وأنها ستقاومه استدار وعاد أدراجه وإذا استشعر منها الخوف انقض عليها، فقد أدركت الحكومة أن الشعب تناول حبوب الشجاعة ماركة بوعزيزي ومنشأ تونس فتراجعت وأجلت عرض القوانين ورفض نظيف زيادة أسعار الكهرباء وقال لوزير الكهرباء الناس مش مستحملة زيادات ووزير الصحة يذهب إلي المستشفي ليطمئن علي سلامة بوعزيزي المصري حتي شيخ الأزهر الذي أعلن عقب توليه منصبه أنه لا يتحدث في السياسة عاد وطالب الحكومة بتوفير فرص العمل للعاطلين والغذاء للفقراء وكلنا يعلم أن حالة الطبطبة الحكومية لن تستمر طويلاً وأن بروز نيوب الليث لا يعني أنه يبتسم.

- بعد الثورة الشعبية انزوي رجال جمال مبارك وخفت حدة تصريحاتهم ولم يظهر جمال في مؤتمر القمة الاقتصادية العربية الذي عقد بشرم الشيخ في الأسبوع الماضي رغم حضور كل رجال الأعمال من الوزير الثقيل. ولم يكن مثل هذا المؤتمر ليفوته لولا أنه يعيش حالة من »الكمون« أو الاختفاء أو الاختبار السياسي، فهل آثر السلامة من تلقاء نفسه وهو الذكي الحصيف الذي ابتعد ولم يعلق علي أحداث الثورة من قريب أو بعيد فرب كلمة تقول لصاحبها خذني ومنعاً للمقارنة بين العائلات والحكاية مش ناقصة. هل نصحه مبارك الأب خوفاً عليه وعلي نظامه؟ أم أن مبارك الرئيس أصدر تعليماته إليه بأن »يكن« خوفاً من الشعب؟ هل أوضح له أن لعبة الحكم تختلف عن لعبة ملك وكتابة وأن حكم مصر يحتاج إلي من يملك وجهي العملة معاً؟ هل كان اختفاؤه استجابة لنصائح أمنية لتهدئة خواطر الشعب وعدم استفزازه؟ هل قال له الرئيس مبارك مثلما قال لأحد الصحفيين منذ سنوات إن مصر ليست مثل سوريا؟ وأن نجاح التوريث في سوريا لا يعني نجاحه في مصر.

وأخيراً.. هل يتخلي جمال مبارك عن أضغاث أحلامه السياسية من أجل مصر ويدرك أنها ليست دكان بقالة وإنما وطن يصعب امتلاكه بورقة إعلام وراثة.

- ومضات

العبقرية لا تنتقل بالوراثة

(نابليون بونابرت)