عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كعبة التحرير

لقد كان مشهد تلك الجموع المحتشدة من آلاف المصريين الثوار وهم يطوفون حول دائرة ميدان التحرير أشبه بحجاج بيت الله العتيق وهم يطوفون بكعبته المشرفة فازداد المشهد جلالاً ورهبة ألقت في قلوبنا السكينة والإيمان والثقة بأن الله راع لهذه الحشود وأنه سبحانه لناصرهم طالما أنهم ينصرونه بتطبيق كل ما دعا إليه من رفض للظلم وكراهية للفساد ومواجهة للسلطان الجائر. لقد كان هؤلاء الشبان الأحرار وهم يطوفون حول كعبة التحرير وكأنهم يمارسون طقساً روحياً ومناسك للحرية يطهرون بها جسد الوطن من رجس الطغيان وربقة الاستعباد وغلبة الفساد وقهر رجال الأعمال الذين أفسدوا البلاد فكانت مصر عندهم مجرد ملعب جولف بالقطامية وسيارة مرسيدس وقصر في مارينا. وأضاف إلي ذلك الدكتور نظيف أجهزة التكييف ومخلفات القمامة التي كانت في نظر معاليه هو وأحمد عز معياراً علي رفاهية المصريين وما يرفلون فيه من رخاء وأبهة. ونسي الدكتور نظيف أن العلم هو معيار تقدم الأمم لذا قد استولي علي مشروع العالم الدكتور أحمد زويل وأجهض حلم العلم في مصر، ونسي أن صحة المواطن هي معيار حضارة الأمم، لذا كانت صحة المصري في أدني مستوياتها العالمية بعد أن افترست أكباد وكلي المصريين الأمراض التي لوثوا بها أكلنا وشربنا وحتي هواءنا في الوقت الذي كان فيه أعضاء حكومات الحزب الوطني علي مدي ثلاثين عاماً يعالجون فيه أنفسهم وزوجاتهم وأقاربهم علي نفقة الشعب بملايين الدولارات في أفخم دور العلاج الأجنبية واسألوا بطرس غالي وحاتم الجبلي عما أنفقوه في هذا الأمر وحده.

 

أعود إلي كعبة التحرير لأقول للشبان الأحرار لقد توجتم أعناقنا بأكاليل من العزة والفخار بل نعفر رؤوسنا بتراب الوطن الذي داسته أقدامكم لنتعطر به ونستشفي به بعد أن طهرته ثورتكم البهية وامتزجت به دماء الشهداء الذكية مع عرق المجاهدين الأبرار ونفخ فيه الله من روحه فتمثلت لنا الحرية وطناً سوياً.. وطن حر عزيز كريم لأبناء أطهار أزاحوا عن صدورنا هماً يعمر تاريخ مصر الطويل النبيل منذ أن كان الحاكم هو الفرعون الإله أو ظل الإله علي الأرض يملك الأرض والماء والهواء فلم يبق في عزبة الوطن متراً واحداً مربعاً يملكه من يستحقه من أبنائه.

وهكذا سقط الفرعون وبقي أن تسقط الفرعونية كلها بكل معانيها وأذنابها وفلولها جاء وقت الحساب والعقاب الذي لم يكن يذقه إلا المواطن الغلبان المغلوب علي كرامته بينما من يغرق آلاف المصريين في عبارة أو يحرقهم في قطار فليس له حساب ولا عتاب وإنما تفتح له صالة كبار المسافرين ليرحل مشمولاً بحماية الفرعون الحاكم ورعاية ديوان الحكم وحصانة المجلس الموقر الذي لم يعرف يوماً

أي معني للتوقير والاحترام منذ أن استولي عليه الفاسدون واحتمي بقبته اللصوص والداعرين والمقامرين والمتاجرين بالأسلحة والمخدرات والهاربين من الخدمة الوطنية والمحرضين علي ضرب المتظاهرين بالرصاص الحي إنه ذلك النائب الوطني الذي احتمي بحصانة المجلس غير الموقر وحماية الفقيه الدستور يرجل القانون د. فتحي سرور وأقصي ما تم معه من حساب أن وجه له لوماً رقيقاً بدرجة »إخص عليك ماتقولشي كده تاني« أي مجلس وأية مسخرة وأية مهزلة تلك يا سادة كلمة - ليست أخيرة - في أذن وقلب الشبان الأحرار:

»لقد كانت ثورتكم هادرة بقدر ما هي مغيرة وكانت طاهرة بقدر ما هي مطهرة كانت ثورتكم بيضاء من غير سوء رغم ما أراد لها البعض أن تكون حمراء بلون الدم فحافظوا علي ثورتكم من جموح الانفعال واعقلوها برباط من الحكمة والمنطق فبعد أن حققت الثورة هدفها الأسمي يأتي وقت للسياسة والفكر والتخطيط واستشراف المستقبل جاء وقت إعادة بناء ما تهدم من أركان الوطن في نظامه المجتمعي والأخلاقي والاقتصادي والسياسي جاء وقت النظر إلي الأمام في ثقة وتفاؤل فمصر بكم لن تعود أبداً إلي ما كانت عليه قبل 25 يناير 2011 شريطة أن تظل أعينكم وعقولكم مفتوحة ويقظة لأي محاولة للرجوع للخلف الذي يأتي بالتخلف أو إهدار المكتسبات ثورتكم، وضامنكم رعاية الله والمجلس الأعلي لقواتنا المسلحة التي أكدت ضمانها لعودة الحياة المدنية الديمقراطية لمصر. لقد كانت ثورتكم بحق ثورة شعب لا حركة انقلابية عسكرية ولا هي ثورة زعيم ملهم فلم يكن بينكم عرابياً أو سعداً أو ناصراً فلقد جمعتم روح كل الزعماء الملهمين للثورات فانصهرت جميعها في روح واحدة كانت هي القائد والملهم لهذه الثورة.. إنها روح مصر.

عشتم يا إخوتي وعاشت ثورتكم المباركة.

 

[email protected]