جمهورية الخوف
فادي مصطفي السعيد شاب من جيل الثورة عمره 19 عاماً.. طويل.. نحيل.. هادئ.. خجول.. يدرس في معهد السينما قسم تصوير.. ويعمل في أوقات فراغه في وكالة إعلامية بالدقي..
كاد فادي أن يتحول إلي خالد سعيد آخر، بعد أن سقط في براثن أربعة وحوش آدمية، ادعو انهم من مخبري أمن الدولة، وانهالوا عليه ضربا وركلاً حتي كادت أن تزهق روحه، ثم كتفوه وحملوه إلي الشرطة العسكرية.. وقالوا إنه كان يشارك في المظاهرات أمام مديرية أمن الجيزة «الجمعة» قبل الماضي، رغم ان فادي وقت القبض عليه كان يسير في شارع ابن كثير بالدقي عائداً من عمله، ولا يحمل بيده شيئاً سوي تليفونه المحمول، الذي سرقوه منه.. الشيء لزوم الشيء.. والجماعة عملوا مصلحة وطلعوا بجهاز محمول مثل الأيام الخوالي.. المهم ان الشرطة العسكرية عملت الواجب وحبست «فادي» ثم سلمته إلي النيابة العسكرية.. وتم حبسه 15 يوما ومنها إلي نيابة أمن الدولة العليا طوارئ علي أن يقدم للمحاكمة بقائمة طويلة من التهم التي تصل عقوباتها في مجملها إلي أكثر من مائة عام.
الطريف ان وقت القبض علي «فادي» كان البلطجية والفلول الذين يعرفهم جيدا جهاز أمن الدولة سابقاً وجهاز الأمن الوطني حاليا - بعد النيولوك - يعتدون علي مديرية الأمن في حرية وراحة تامة، ودون أي مضايقة من مخبري أمن الدولة - آسف - الأمن الوطني، مما يعيد إلينا ذكري الأيام الخوالي للفلول - أيام العهد الذهبي لجمهورية الخوف، أيام كان فيها البلطجية وأمن الدولة والحزب الوطني إيد واحدة، ويبدو أن الحنين لهذه الأيام دفع البعض إلي تكرار نفس الممارسات، لعل أيام مجدهم تعود، عندما كانوا يتلذذون بإثارة الرعب والخوف بين جموع الشعب المصري، مرة من الإرهاب ومرة من الفتنة الطائفية، ومرة من الموت في أنفاق أمن الدولة ودهاليزها.. ومرات بهراوات الأمن المركزي
والسؤال الآن.. لماذا تتواصل ممارسات جمهورية الخوف، رغم أنها فشلت من قبل في حماية الرئيس المخلوع وزبانيته الذين وطدوا أركانها، وأهدروا اقتصاد الدولة عليها.. ولماذا يصر البعض علي استمرار هذه الممارسات الرذيلة من خلال «نيولوك» مفضوح لأجهزة سيئة السمعة.. أدمنت إشعال الحرائق بنفسها ثم القبض علي الأبرياء وإلصاق التهم بهم.. ولماذا يوجد بيننا حتي الآن من يريد أن يعلن قيام جمهورية الخوف الثانية.
هذا هو السؤال الذي يريد «فادي» وزملاؤه الإجابة عنه.. قبل أن تتفاقم الأمور مجدداً وتقع مواجهة غير محمودة بين جمهورية الخوف وشباب لا يعرف الخوف.