رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حرب المستشفيات

لا أحد يعرف سر ظاهرة اعتداء المواطنين علي المستشفيات العامة وأطقم العاملين فيها، وهي الظاهرة التي اجتاحت كل المدن المصرية تقريباً بعد ثورة 25 يناير، ولا أحد يعرف لماذا لم تحدث هذه الظاهرة قبل الثورة

، كما لا يمكن أن نعلق القضية علي شماعة الانفلات الأمني فقط، لأن هذه المستشفيات لم تكن محمية أو عليها أي شكل من أشكال الحراسة من قبل.

والملاحظ أن حوادث الاعتداء علي أطباء المستشفيات والعاملين فيها تنقسم إلي نوعين، النوع الأول يتعلق بهجوم أسرة وأتباع أحد طرفي مشاجرة بغرض الثأر من مصاب بالمستشفي تسبب في قتل أو إصابة ذويهم، وهذا العدوان دائماً ما يتسم بالوحشية ولا يمكن أن يتم التعامل مع المعتدين في هذه الحالة بشفقة أو رحمة.

أما النوع الثاني الأكثر شيوعاً فيتمثل في ثورة أقارب أحد المرضي بسبب عدم تلقيه العلاج المناسب، أو عدم وجود أطباء في المستشفي يهتمون بالمريض أو تأخر الإسعاف عدة ساعات، كما حدث مؤخراً بمستشفي الفيوم، أو التعامل مع المرضي باستخفاف وتجاهل لهفة ذويهم عليهم.

ورغم أن هذه الأسباب لا تبرر الاعتداء علي الأطباء وتكسير المستشفيات فإنها تستحق وقفة لتحليل الظاهرة، خاصة أن المستشفيات عانت طويلاً من التراجع والفساد والإهمال في ظل النظام البائد، وبالتحديد في فترة تولي الوزير السابق حاتم الجبلي الذي شهدت الرعاية الصحية في عهده انهياراً كبيراً وأصبح العلاج متاحاً للأغنياء فقط في مستشفيات 5 نجوم يملكها الوزير وغيره من أثرياء الأطباء.

وأغلب الظن أن معاناة السنين الطويلة التي عاشها المواطنون في تعاملهم مع المستشفيات تركت أثراً نفسياً سيئاً وتسببت في تراكم الكراهية الدفينة بين المواطنين والقائمين علي قطاع الصحة سواء موظفين أو أطباء وهذه التراكمات حركت الرغبة في الانتقام

وعدم التسامح، ولعلنا لا ننسي أن الميراث المتراكم من الكراهية لممارسات الشرطة كان سبباً في التنفيس عن غضب المواطنين بحرق أقسام ومراكز الشرطة في أول فرصة أتيحت للمواطنين.

المشكلة أن قطاع الصحة يحتاج الكثير والكثير ليؤدي دوره علي الوجه الملائم لتطلعات الناس بدءاً من زيادة حصة الصحة في الميزانية، مروراً بإعادة تأهيل العاملين بالمستشفيات علي التعامل مع الجماهير بشكل أكثر احتراماً وإيجابية، انتهاء بوضع نظام صارم للرقابة علي سير العمل بالمستشفيات لإنهاء حالات التراخي والفوضي التي تسيطر علي معظمها، في ظل انعدام الرقابة أو المحاسبة.

والأكيد أن الحكومة الحالية لا تملك عصا سحرية لفعل ذلك، ولكنها علي الأقل تملك القدرة علي دراسة وتحليل هذه الظاهرة ووضع حلول، بعضها سريع وأخري يتم تنفيذها علي المدي البعيد أو فور توافر الإمكانيات.

كما أن الحل الذي أعلنه وزير الصحة بالتعاقد مع شركات أمن خاصة للحماية غير كاف لأن المستشفيات ستتحول عندها إلي ساحة حرب، طالما لم يتم حل المشكلة الأساسية.

ويبقي سؤال: لماذا هذا السبات العميق لنقابة الأطباء أمام تلك الظاهرة؟.. ولماذا لا تتحرك لدراستها علي الأقل.. وقبل أن تقع المزيد من الكوارث؟