عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مرسى فى أحضان الدب الروسى

لا أحد يعرف دوافع الرئيس الروسي بوتين في توجيه الدعوة لنظيره المصري الدكتور محمد مرسي، لكن الملاحظ أن الفارق الزمني بين موعد توجيه الدعوة خلال اجتماعات دول البريكس بزعامة روسيا، وموعد تلبية الدعوة قصير نسبياً، وتدل علي لهفة مصرية لعناق الدب الروسي، وإذا كان القيصر بوتين لم يفصح حتي الآن عن دوافعه، ولا اهتمت وسائل الإعلام الروسية أصلاً بالزيارة فإن الضيف سارع بالإعلان عن أهدافه ورغباته وتطلعاته، وهي طلب المساعدة ثم طلب المساعدة وأخيراً طلب المساعدة.

وبات واضحاً أن الدكتور مرسي ومن خلفه أهله وعشيرته، علي أتم استعداد لدق أي باب من الأبواب طلباً لحسنة ولو قليلة، بعد أن ضاقت بهم السبل الاقتصادية وسقطوا في بحر الفشل وانكشفت نهضتهم وخسروا شعبيتهم ودفعوا ثمن الكذب الذي لم يزحف كثيراً لأنه بلا أرجل ولا خبرة ولا مصداقية ولا أي شيء.
سارع رجال الرئيس بالإعلان عن هدف الزيارة نريد قمحاً وأموالاً وغازاً طبيعياً، ونريد استثمارات ونريد صوامع للغلال ونريد.. ونريد.. وكأنهم سيلتقون بابا نويل وليس الدب الروسي، تراودهم أحلام عن الاتحاد السوفيتي صديق مصر في الستينيات الذي أعطي زمان بلا حساب قبل أن يتلقي الصفعة الساداتية الشهيرة وخروج الخبراء الروس من مصر دون كلمة شكر.
الرئيس مرسي وعشيرته بسبب طول الغياب عن الساحة الدبلوماسية، لم يدركوا أن الدب الروسي لا علاقة له بالدب السوفيتي سوي أن كليهما يسكن خريطة واحدة، أو بالعامية «عملوا إنهم مش واخدين بالهم».
النتيجة الطبيعية أن الزيارة فشلت قبل أن تبدأ، وتوالت الإشارات السلبية من موسكو تجاه طلبات مرسي، وقبل أن يركب مرسي طائرته صرح أركادي زلوتشسكي، رئيس اتحاد منتجي الحبوب في روسيا أن بلاده لا تملك حالياً ما يكفي من القمح لكي تقدمه لمصر، وهو تصريح يحتوي علي فجاجة أكثر مما فيه من صراحة لأن هذا الرجل يعلم جيداً استعجال مرسي علي القمح لأن تقرير وزارة الزراعة الأمريكية قال: إن مخزون القمح في مصر سيهبط دون المليون طن بحلول 30 يونيو، حيث تعرقل الأزمة الاقتصادية المشتريات، ولم يكتف المسئول الروسي بهذا التصريح الصادم، وإنما أضاف أن أي أموال ستقدمها روسيا لمصر مرتبطة بشراء قمح روسي ولكن في موسم الحصاد القادم وليس الحالي وأن مصر لن تحصل علي شيء من المخزون الحكومي الروسي وإنما عليها أن تشتري من السوق.
وإذا كان الدب الروسي قد كشر عن أنيابه في قضية القمح، فما بالك في قضية الغاز، حيث لم ترحم روسيا حلفاءها السابقين في أوروبا الشرقية ورفعت الأسعار وقطعت الإمدادات عمن لا يدفع، فهل يملك مرسي ثمن الغاز الروسي.
ويبدو أن مرسي ومستشاره الإخواني للشئون الخارجية فاتهما أيضاً أن روسيا توقفت منذ زمن بعيد عن الاستثمار في الدول النامية وركزت كل استثماراتها في الدول المتقدمة من خلال شراء أسهم في الشركات العالمية الكبري.
وروسيا لم تهتم منذ عام 2007 وحتي الآن بالاستثمار في منطقة صناعية مخصصة لها في برج العرب ولا تتجاوز استثماراتها في مصر 66 مليون دولار فقط حتي يناير الماضي، أي أقل من استثمارات خيرت الشاطر في «البقالة ماركت».
أما عن الميزان التجاري بيننا وبينهم فحدث ولا حرج، فالصادرات المصرية نسبتها 1 إلي 10

مع الواردات الروسية، إضافة إلي أن المزارعين المصدرين يذوقون العذاب من التعنت الروس بالخطر أحياناً والمبالغة في الرسوم الجمركية في كثير من الأحيان.
كل ذلك لأن الدب الروسي تعلم الدرس من رأس الدب السوفيتي الطائر، فصار لا يعترف إلا بلغة المصالح والمكاسب فقط.
لكن المتحدث باسم الرئاسة حاول أن يقنعنا بعكس ذلك وتحدث عن خصوصية العلاقة بين الرئيسين مرسي وبوتين، وبالتالي فإنه يحاول أن يقنعنا بأن هذه الخصوصية ستقلب الموازين وتصلح المكسور بين البلدين، وقال المتحدث باسم الرئاسة أن بوتين اختار المنتجع الشتوي له في سويتش علي الحبر الأسود لاستضافة المحادثات كدليل علي خصوصية العلاقة بين الرئيسين.
معني ذلك أن فشل الزيارة سيكون دليلاً علي تحطم قلب بوتين بعد أن ضاعت الخصوصية.
ولكن مرسي ومرافقيه محظوظون بالتأكيد لأنهم سيستمتعون بأحد أجمل بقاع العالم بعيداً عن «وجع الدماغ»، ولكن ما سينغص عليهم هو التسريبات الإعلامية عن الاجتماعات وبالتالي المزيد من المواقف الطريفة.
الملاحظ أيضاً أن مرافقي مرسي هم وزراء المجموعة الاقتصادية المهتمين حالياً بإغراق البلاد في حالة غير مسبوقة من الفشل الاقتصادي، وتطاردهم من القاهرة إلي موسكو لعنات مصحوبة بأمنيات بعدم العودة.
والسؤال: لماذا يرافق مرسي وزراء في طريقهم إلي الرحيل من الوزارة قريباً، ولكن يبدو أن استعجالهم علي زيارة بابا نويل الروسي جعله يضطر لاصطحابهم، ولم يسعفه عنصر الوقت لتغييرهم، ويبدو أنه ليس عنصر الوقت فقط وإنما مكتب الإرشاد أيضاً.
والقضية السياسية الوحيدة التي زعم رجال مرسي أنه سيناقشها هي القضية السورية، ولسوء حظ مرسي أن بوتين يقف في أبعد نقطة منه في هذا الموضوع، فالدب الروسي ضد إخوان سوريا أو الرئيس المصري مع أي إخوان علي طول الخط.
وقد أدلي سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، بتصريح قبل زيارة مرسي لبلاده بتصريحات تلخص التناقض الكبير بين وجهتي النظر، حيث أكد أن الحل العسكري للأزمة السورية سيؤدي إلي تعزيز نشر نفوذ الإرهابيين في سوريا وهو تصريح ينطوي علي اتهام جماعات الإسلام السياسي بمن فيهم إخوان سوريا بالإرهاب، والقياس هنا يسبب حرجاً قبل اللقاء الذي يتميز ـ حسب متحدث الرئاسة ـ بالخصوصية بين مرسي وبوتين.