عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنت مُعيد.. إذن فأنت خادم للمُشرف!

يوم جديد، تستيقظ (...) المدرس المساعد بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس مبكرا حتى تقوم بإعداد وجبة الإفطار، ليس لأبنائها أو أفراد أسرتها، لكن من أجل الأستاذ الجامعي المشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة بها وباقي أفراد القسم، فهو يتعامل مع المعيدين والمدرسين المساعدين العاملين كأنهم سكرتارية وسعاة..

بعد تناول الإفطار الجماعي تقوم المدرس المساعد بكتابة قاعدة بيانات الرسائل التي سوف تناقش، ثم تقوم بتصوير الأوراق ثم الانتظار في مكتبه الشخصي بجوار السكرتيرة حتي ينتهي يوم العمل، فهو لا يطلب شيئا من موظفي الرسائل، ويرى أن هذا دور المدرس المساعد ولابد أن تقوم به حتي تكون جديرة بالحصول على الدكتوراه.

هذا هو حالها منذ خمس سنوات، كلفها الأمر كثيرا، وحتى الآن لم تحصل على درجة الدكتوراة، وعندما اعترضت عزم رئيس القسم على فصلها أو أن يتم تحويلها إلى وظيفة إدارية، وحينما تأزم الأمر واقترب موعد فصلها اجتمع مجلس المعهد في غياب رئيس القسم واتخذ قرارا بمناقشة الرسالة رغما عنه.

ابتزاز المشرف

ليست هذه الفتاة هي الضحية الوحيدة من المعيدين والمدرسين المساعدين التي تعاني اضطهادا وصعوبات يضعها المشرفون، فهناك عشرات الحالات الأخرى في مختلف الجامعات المصرية، والتي تكشف عن مدى ما وصلت إليه الجامعات المصرية من تدنٍ بين جامعات العالم جعلها جميعا تخرج من التصنيف العالمي.

قصص عديدة يعاني أصحابها من المعيدين مع مشرفي رسائلهم سواء للماجستير أو الدكتوراة، يتعرضون فيها لابتزاز من المشرفين، وسوء المعاملة والاضطهاد، وفيما يلي نعرض جانب من هذه المعاناة مع عدم الإشارة إلى أسماء أصحابها حرصا منا على مستقبلهم في سلك الجامعة أو التعرض لبطش مشرفيهم..

فإحدى المعيدات بجامعة عين شمس رفض رئيس القسم ومشرف رسالتها أن يناقش لها الخطة البحثية لرسالة الماجستير لمجرد أنها رفضت أن تقوم بتنزيل نسخة "ويندوز" على جهاز الكمبيوتر الشخصي له، وقد طلب منها مرارا وتكرارا أن تحضر إفطارا معها في يوم من أيام الاسبوع لكنها ترفض كل هذه الأساليب.

في قسم التربية الفنية بكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، تطلب أستاذة جامعية من المعيدة إحضار أدوات فنية كالخرز والإكسسوارات والورق من منطقة "درب البرابرة" لأن القسم يتعامل بها دائما، ولأن المعيدة مَلت من هذا الأمر المتكرر فقد أوكلت –رغما عنها- الأمر إلى الطلاب، وتقول: "كثيرا ما تتغيب الدكتورة عن المحاضرات، وأنا من أنوب عنها، كذلك أعد الشاي والقهوة لضيوفها، وأنا على هذا الحال منذ عدة سنوات".

عزومة ومصيف

مصطفى السيد عبدالمنعم المعيد بكلية الهندسة جامعة بنها، يقول: "هناك الكثير من المشرفين يقومون بوضع موضوع بحث لا توجد له إمكانيات في مصر ومن هنا تبدأ مشكلات بين المشرفين بعضهم البعض عندما يقومون بتوجيه المعيد، وهو ما يشتت المعيد، هذا بالإضافة إلى المطالب الشخصية التي تتمثل في منح وهدايا أو في بعض الأحيان تكون "عزومة" في أحد المطاعم الفاخرة بشكل شهري، أو أنه يقضي المصيف في "الشاليه" الخاص بأسرة الباحث، وإذا لم يكن لديه المقدرة على ذلك فعليه أن يبحث بشتى السبل لتلبية المطالب، وإلا لن تناقش رسالته، والمتسبب الأول في ذلك هو القانون الذي ينص على أن المعيد أو المدرس المساعد يقوم بكافة الأعمال التي يكلفه بها المشرف أو رئيس القسم، وهو الأمر الذي يدمّر البحث العلمي في مصر".

أما الباحثة (س) فرفض المشرف على رسالتها للدكتوراه أن يعرضها على مجلس القسم إلا بعد أن تقوم بعزومته هو وأفراد اسرته في مطعم حدد لها اسمه يقع في "برج القاهرة"، وهو ما كلفها عزومة بمبلغ 5000 جنية!.

ويقول أحمد حسين، معيد بجامعة بنها: "في أي دولة في العالم الباحث هو الذي يختار

المشرف لكن في مصر الباحث يُجبر على المشرف، وهو الأمر الذي يجعله بدون رأي، وبمثابة خادم للقسم يقوم بالأعمال التي تطلب منه دون مناقشة".

ويشير أحمد إلى أن هذا الأمر لم يحدث معه، إلا أن هناك كثيرا من المطالب الشخصية يقوم بها المعيدون والمدرسون المساعدون زملاءه مثل شراء الخضار وتوصيل الأطفال للمدارس وفي أحيان أخرى تنظيف المنزل كما حدث مع زميلته المعيدة بجامعة أسيوط.

لامبالاة واحتقار

ويضيف أحد المعيدين بجامعة جنوب الوادي أنه تم عمل "السمينار" الخاص برسالة الماجستير الخاصة به، وصفّق الحضور من أعضاء التدريس وهنأوه، ثم فوجئ بالمشرف يطلب منه بعض التعديلات في الرسالة، وأنه لن يعرضها على مجلس القسم حتى يتم التعديل الذى يعد كتابة جديدة للرسالة.

وتابع: "قمت بعمل تغييرات جذرية وعرضتها بعد ذلك على المشرف ولم تعجبه، واتهمني بالتقصير، وأني لم أفعل مايريد ويهددنى دائما بإلغاء إشرافه والاعتذار عن الإشراف، وهذا يعنى أني أدور فى فلك موضوع آخر إذا لم يوافق المشرف الجديد أن يستكمل ما انتهى إليه نظيره السابق، هذا بالإضافة إلى التأخير 6 شهور فى المنح، رغم أن الرسالة اطّلع عليها الأساتذة الممتحنون ووافقوا عليها، وهو مازال مُصّر على أن الرسالة غير صالحة للعرض على الممتحنين، وغير أساليب اللامبالاة والاحتقار وعدم الاهتمام بالمشاعر وتضييع الوقت وإسراف المال والمجهود، وفي بعض الأحيان يحدد موعدا للقاءه وأسافر 500 كيلومتر ذهابا وإيابا ولا يقابلني".

اسمك بالقلم الرصاص

الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق يقول: "إذلال الباحثين والمعيدين يرجع إلى أخلاقيات المشرف وضميره، لكن هناك أسبابا في غاية الأهمية أيضا مثل قلة حافز المشرف الذي يتراوح بين 200 إلى 600 جنيه في الرسالة وهو أمر مثير للشفقة، فالأستاذ الجامعي يرى أن هذا الأمر مضيعة للوقت ولا فائدة ترجى من ورائه".

من جانبه كشف أحمد عبد الباسط معيد بكلية علوم القاهرة ومنسق إئتلاف المعيدين والمدرسين المساعدين أن المعيد أو المدرس المساعد يقال له بالحرف "اسمك لا يزال مكتوب بالقلم الرصاص ممكن يتشطب في أي وقت"، لذلك فإن رؤساء الأقسام يمارسون الاضطهاد كيف يشاءون، لكن الجميع يفضل عدم الحديث حفاظًا على مستقبله، وحتى يصل إلى مجلس الكلية بالحصول على درجة الدكتوراة".

وقد طالب أعضاء إئتلاف المعيدين والمدرسين بجامعات مصر في الوقفة الاحتجاجية التي قاموا بها الأسبوع الماضي بانضمام معيد أو مدرس مساعد إلى مجلس الكلية حتي يصل صوتهم للمسئولين بالجامعة.