رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«المركبات الملكية».. من إسطبل للخيول إلى تحفة تاريخية

مركبه ملكية
مركبه ملكية

لم يكن يتخيل الخديوى إسماعيل عندما أمر بإنشاء مبنى لتسكين الخيول وحفظ المركبات تحت اسم مصلحة الركائب الخديوية، كأول مبنى خاص بالمركبات الملكية والخيول، أن يتحول مع الزمن إلى متحف أثرى مسجل فى وزارة الآثار.

157 عامًا هى عمر هذا المتحف القابع بالقرب من جامع السلطان أبو العلا فى منطقة بولاق أبو العلا، والذى يجسد الطراز التاريخى والمعمارى الفريد من نوعه لتلك المؤسسة الحضارية للعربات الملكية، حيث أنشئت فى عهد الخديوى إسماعيل عام 1863، تحت اسم «مصلحة الركائب الخديوية» واستمرت حتى عام 1922 عندما حصل الملك فؤاد على لقب ملك، فتغير الاسم إلى «إدارة الإسطبلات الملكية» أو «العربة خانة» وهى كلمة تركية تعنى بيت العربات، وفى عام 1928 قام الملك فؤاد الأول ببناء مبنى آخر ضمه إلى إدارة الإسطبلات، وهو الجزء الذى تحول فيما بعد ثورة يوليو 1952 إلى مبنى تاريخى وتم ضمه إلى المتاحف الملكية لهيئة الآثار المصرية وأطلق عليه اسم «متحف المركبات الملكية فى عام 1978».

 كان المتحف فى بدايته يقع على مساحة نحو 4850 مترًا ولكن فى العام 1922، اقتطعت مساحة من المتحف تزيد على 1300 متر لتدخل ضمن أراضى مبنى وزارة الخارجية، شملت المعروضات بالمتحف بعض مركبات الخيول التى استخدمها كل حكام أسرة محمد على، وأهمها عربة «الآلاى» الكبرى التى أهداها نابليون الثالث للخديوى إسماعيل و«النصف آلاي»، وهى عربات تجرها الخيول كان يتم تصنيعها بمواصفات معينة للملوك وكبار رجال الدولة، بينها العربة التى كانت هدية من الإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا للخديوى إسماعيل خلال حفل افتتاح قناة السويس، والتى استخدمها الخديوى فى زفافه، وهى عربة ذات ألوان مذهبة أشبه بلوحة كبيرة ملونة.

ويضم المتحف الذى تم إعادة افتتاحه مؤخرا أكثر من 500 قطعة أثرية نادرة، كما يضم 78 عربة ملكية من طرز مختلفة، 22 عربة منها هدايا من دول أوروبية لحكام سابقين ابتداء من عصر الخديوى إسماعيل وحتى عصر الملك فاروق، وكان حكام الأسرة العلوية فى مصر يستخدمون تلك العربات، سواء فى تنقلاتهم الشخصية، أو المناسبات الرسمية واستقبال الملوك والسفراء والنبلاء.

يتكون المتحف من عدة مبانٍ عبارة عن حجرات للعربات وإسطبلات الخيول وحجرات خاصة بإعداد أطقم الخيل وورش للقطار وسكن لمبيت سائقى العربات، ومكاتب للعاملين وحجرات للإسعاف، ويتضمن مجموعة من العربات الملكية من طرز مختلفة.

كما يوجد به عربات ملكية أخرى تسمى «الكلش»، وإكسسوارات الخيول، مثل «الركاب» و«السرج» الذى يوجد منه مجموعات متنوعة، منها سروج خاصة بالأطفال، وأنواع خاصة بالنساء، مصنوعة من الجلد والنسيج والمعدن، وملابس الفرسان الذين كانوا يحيطون بالموكب الملكي.

كما يحتوى المتحف على 7 فتارين و20 دولابًا من الخشب والزجاج لحفظ الملابس الخاصة بالتشريفات والأطقم الجلدية المختلفة، وأدوات الزينة الخاصة بالخيل، ويضم عشرات من النياشين الخاصة بالخديوى إسماعيل، تم وضعها داخل فتارين العرض المتحفى، ومن أشهرها نيشان الزراعة المصنوعة من الذهب والفضة والمينا الملونة، وأول ميدالية لاتحاد الفروسية المصرى مصنوعة من الذهب، ومن بين أقدم مقتنيات المتحف وثائق تعود لعام 1915 تتنوع بين خطابات بين إدارة الركائب الخديوية وقصر رأس التين، إضافة إلى ركائب المحمل الذى كان ينقل كسوة الكعبة من مصر.

ويقدم المتحف بعد التطوير خدمة مميزة لأصحاب الهمم، حيث يوفر للمكفوفين فرصة للتعرف على مقتنياته، عبر عشرات من البطاقات الشارحة لجميع القطع الأثرية بطريقة «برايل»، وروعى عند التطوير وجود ممرات ممهدة ومنحدرات لسهولة الصعود والهبوط بالمقاعد المتحركة، فضلًا عن وضع لوحات إرشادية بجميع القاعات باستخدام لغة الإشارة، ومصعد لذوى الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى تخصيص دورات مياه لذوى الاحتياجات الخاصة مجهزة طبقا للمواصفات العالمية.

وتم وضع سيناريو عرض جديد فى المتحف الذى بدأ ترميمه عام 2001 ثم توقف تماما منذ سنوات، ثم بدأت الأعمال فى عام 2017 بعد أن كان يعانى من

إهمال كبير، وبلغت تكلفة الترميم حوالى 63 مليون جنيه، ويهدف سيناريو العرض إلى إلقاء الضوء على جميع القطع الأثرية الفريدة من خلال 5 قاعات للعرض يضمها المتحف.

ففى قاعة الانتيكخانة تعرض العربات والمركبات المهداة إلى الأسرة العلوية خلال المناسبات المختلفة، وهى أيضا بمثابة ورشة لصيانة العربات الملكية، ويوجد بها شاشة عرض سيتم خلالها بث عمليات الترميم «لايف» للزوار.

أما قاعة الاستقبال فبها شاشة عرض سينمائى وسيتم عرض فيلم وثائقى عن الفترة الزمنية للأسرة العلوية، وعرض أفلام وثائقية عن المركبات الملكية فى ذلك الوقت، وأفلام وثائقية عن تاريخ المتحف ومُقْتنياته ومشاهد من المنطقة والشوارع المحيطة خلال فترات تاريخية متعددة.

وفى قاعة العرض المتغير تعرض قطع أثرية تتعلق بمناسبات محددة تتغير على مدار العام.

أما قاعة الجمالون أو «الموكب» فتمثل الشارع فى العصور الملكية، وسوف تعرض أندر أنواع المركبات بموكبها الكامل وبفرسانها، وتضم عربة الآلاى والنصف آلاى.

وتضم قاعة المناسبات الملكية مجموعة من العربات التى كان يستخدمها أفراد الأسرة العلوية خلال المناسبات الرسمية المختلفة، مثل افتتاح قناة السويس والبرلمان، وحفلات الزفاف بالإضافة إلى لوحات زيتية عبارة عن بورتريهات لملوك وملكات وأميرات وأمراء الأسرة العلوية.

وتضم قاعة الحصان مجموعة من الفتارين لعرض ملابس الفرسان والعاملين على العربات الملكية والموكب الملكى، والاكسسوارات الخاصة بالخيول، وتماثيل الجياد، ولوحات زيتية لأمراء خلال ركوبهم الخيل.

ومن جانبه، قال حسام زيدان الباحث فى الآثار والتاريخ الإسلامى أن المنظومة المتحفية الحالية ساعدت على جذب المواطنين لزيارة المتاحف، من خلال أسعارها القليلة وإتاحة التصوير داخل المتاحف، مضيفًا إلى أن دور الإعلام يحتاج إلى زيادة فى معدلات نشر معلومات عن الأماكن الأثرية المجهولة فى مصر.

وتابع «زيدان»: إن متحفى البريد والمركبات الملكية، يضم مقتنيات وصورًا نادرة منها ما يرجع تاريخها لأكثر من 150 عامًا، بالإضافة إلى أن هناك تطورات متلاحقة فى دور البريد، وتحول هائل فى عدد الخدمات التى يؤدياها، فهما إضافة للمصريين، لإثراء معلوماتهم حول تاريخ الاتصالات والبريد فى مصر، كى يتعرفوا من خلال المعروضات والمقتنيات على تاريخ بلادهم عبر العصور.

وأضاف الباحث أنه من ضمن التطورات، وجود تقنيات حديثة، وتم الاستعانة بالذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات؛ لكى يظهر بمظهر حضارى، حيث يتم استخدم الـ QR code ؛ لإتاحة مزيد من المعلومات عن قطع فنية مختارة، من خلال فيلم لا تتجاوز مدته دقيقتين، وهناك كتاب «تاريخ متحف البريد المصري»، حيث يقدم الكتاب تطبيقًا تفاعليا يعمل على الهواتف الذكية مدعومًا بخاصية الواقع المعزز، وذلك بهدف إثراء محتوى الكتاب، لإحياء التراث المصرى والحفاظ عليه، وتجسيد ثقافة الماضى بصورة مرئية.