رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«بغلة العرش».. «صالح هيصة».. «السنيورة» حكايات من دفتر الوطن

 رحل عن عالمنا منذ أيام الكاتب والروائي الكبير خيري شلبي مؤرخ المهمشين والفقراء والبسطاء، كتب عن الخارجين علي العدالة وساكني القبور وتجار المخدرات ومتعاطيها

وأدي احتكاكه بكل هؤلاء علي كتاباته وثقافته والتي نقل من خلالها طبقات مصر الدنيا بدون رتوش. ولد خيري شلبي في 31 يناير 1938 في قرية شباس عمير مركز قلين محافظة كفر الشيخ وأتم دراسته الثانوية بدمنهور واستعان بالدراسات والخبرة الحياتية ومعايشة كل طبقات المجتمع في تثقيف نفسه وتعد كتاباته من أهم ما كتب عن المجتمع في الأدب العربي، خاصة مجتمعنا المصري ومنها ثلاثية الأماني، أولنا ولد وثانينا الكومي وثالثنا الورق، مهاريج اللؤلؤ، الشطار، بغلة العرش، صالح هيصة، وكالة عطية.
حصل خيري شلبي علي جائزة الدولة التشجيعية 1980، ووسام العلوم والفنون عن روايته وكالة عطية، وجائزة اتحاد الكتاب، وجائزة الدولة التقديرية.
يقول عنه د. يسري عبدالله أستاذ الأدب والنقد بجامعة حلوان إن خيري شلبي أحد الكتاب المنتمين إلي ما يعرف بجيل الستينيات في الرواية المصرية وهذا الجيل الذي منح السرد العربي أفقاً واعدة وجديدة آنذاك. وتجربة الراحل تجربة سردية تتماشي مع المهمشين داخل المجتمع المصري وترصد همومهم وآلامهم وتستقطع من الحياة مقاطع تخصهم وتحكي تارة عن عمال التراحيل وتارة عن سكان العشوائيات أو ساكني المقابر في إطار من العمق والرؤية التي تمتاز بقدر هائل من السخرية الدافعة للتأمل. وأضاف وخيري شلبي غزير علي المستوي الإنتاجي الكمي وله أيضاً علي المستوي الكيفي إضافات مهمة في الكتابة المصرية ومن أعماله والتي لا تنسي «السنيورة» و«الأوباش» «وكالة عطية» و«صالح هيصة».
أما د. عبدالمنعم تليمة الناقد الكبير فيقول عنه: لقد جاء الراحل الكريم بعد الجيل الثالث، فالجيل الأول حسن العطار والأفغاني والطهطاوي، أما الجيل الثاني  فمنهم العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، أما خيري شلبي فمن رواد الجيل الثالث والذي جاء بعد نجيب محفوظ فقد فتح فتحاً جديداً في الرواية العربية ويعتبر من رواد الرواية العربية الواقعية ومعه السوداني الطيب صالح والسعودي عبدالرحمن منيف والفلسطيني إميل حبيبي والليبي إبراهيم الكوني وغيرهم. وأضاف تليمة: الراحل كان يخرج في إطار الرواية إلي أطر تعد إبداعاً حقيقياً له وهي «فن البورتريه» وهي الصورة القلمية وإبداع خيري يعد في فن الصورة القلمية يحسب له الريادة والتميز ويكتب صورة قلمية حميمية وإنسانية جداً، لقد كتب العشرات من البورتريهات عن أئمة النهضة في عصورنا الزاهية في الأدب ويعد رائداً لهذا الفن، أما في فن الرواية فيعد واحداً من جيل حمل الرواية بعد جيل نجيب محفوظ واهتم بمعايشة الطبقات المهمشة اهتماماً كبيراً. لقد كان روائياً متميزاً بين جيله، فقد كان حافظاً للمأثورات الشعبية والمواويل والأمثال والحكم.
ويقول عنه أيضاً د. حسين حمودة أستاذ مساعد النقد الأدبي بجامعة القاهرة يعد خيري شلبي من أهم القصاصين والروائيين المصريين والعرب، الذين حاولوا البحث عن صيغة محلية للكتابة القصصية والروائية، لقد رأي نفسه من ضمن الحكائين والرواة الشعبيين أكثر مما رأي نفسه كاتباً علي الورق، فعل منابع الجماليات الشعبية المتوارثة منذ قرون طويلة والتي لاتزال حية تسري في الحياة اليومية يضاف إلي ذلك أن خيري شلبي علي المستوي الشخصي مر بتجارب متعددة حافلة وتبشر بواقع جديد واهتم في كتاباته بالأحزان والأفراح في مناطق متعددة وفي طبقات متباينة في المجتمع يجعله يمتلك مساحة كبيرة جداً في الكتابة والتي أدت إلي تدفق أعماله.. كل هذا التدفق الذي نعرفه عنه.
أما الروائي سعيد الكفراوي فيقول عنه: لقد كنت قريبا من خيري شلبي وأعد من أصدقائه وكنت بجواره أثناء لحظة وداعه الدنيا مع صديقنا الثالث الكاتب إبراهيم أصلان وفوجئنا برحيل هذا العملاق الكبير فيعد بدون جدال أحد الكتاب الكبار في تاريخ أدبنا الحديث. لقد تعلم ثقافياً ومعرفياً من خلال الخبرة الإنسانية التي جمعها في معايشة وسط المجتمع. لقد تعامل بموهبة عالية في غير حدود مع الصعاليك والبلطجية وسكان المقابر وتعلم من ساكنيها الكثير ودرس المهمشين والفقراء والمحتاجين، لقد استطاع أن يكتب عن عالم المهمشين في مصر بالقدر الذي لم يفعله كاتب أو مؤرخ سبق خيري شلبي في ذلك، وأضاف الكفراوي ومن أهم أعماله والتي رصد عالم مصر الفقير والذي كان يعتز بها وتعتبر تاريخا عن

مهمشي وفقراء ومساكين المجتمع وهي «وكالة عطية»، «صالح هيصة»، «موال البيات والنوم» لقد كانت أعماله شاهداً علي مدي تناول خيري شلبي لعمق الروح المصرية، كما أنه يعد أحد أصحاب الأساليب المهمة في الأدب العربي الحديث، فهو من أحيا اللغة العامية بسرد الروائي كما أن خيري بجانب كتابته للرواية والقصة قد كتب البورتريه عن ناس أحبوا مصر وكتب السير الذاتية والفكر والمسرح. وقدمت أعماله في الدراما التليفزيونية ومنها مسلسلات «الوتد، الكومي» أما السينما فقد قدمت العديد من أعماله الروائية. لقد كان كما يقول عنه صديقه الكفراوي أحد أصحاب القامات في تكوين وعي الوطن الثقافي وقد ترك ركنا مهما في الأدب العربي الحديث بأعماله الخالدة.
وتقول عنه الكاتبة هالة البدري: لقد اشتغلت معه ثلاثون عاماً بدءاً من مجلة الإذاعة والتليفزيون ثم لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة وعرفته عن قرب واعتبر راحلنا الكريم صديقا ولا يختلف عليه اثنان، فقد كان غزير الإنتاج ولديه ثراء معرفي وثقافي هائل تنقل بين قري ونجوع ومدن المجتمع، مما انعكس علي معرفته بالواقع وتراثه ومأثوراته الشعبية وهذا كان واضحاً في كتاباته وتعلم من احتكاكه بمن يشرب ويتاجر بالمخدرات الكثير وكتب عنهم معبراً عن طبقة تسيء لأهل مصر. لقد دخل خيري بطن المجتمع المصري بقوة وانصهر معهم ليكتب لنا روائع أدبية عن واقعنا وطبيعة أجواء كل طبقات المجتمع خاصة المهمشين والفقراء وتعد روايته «بطن البقر» و«صالح هيصة» من نماذج احتكاكه بهؤلاء. لقد انعكس معرفته بالمدن الصغيرة وأحياء المجتمع علي روايته والتي تعد من أجمل ما كتب في الأدب العربي وهي «وكالة عطية». وأضافت البدري وتعلم من الصناع وصغار العمال الكثير وهذا واضح في روايته «العراوي» كما تعلمنا من احتكاكه بالفلاحين الصبر وقوة التحمل وطيبة وأخلاقيات فلاحين بلدنا وهذا تمثل في روايته «الوتد» و«ثلاثية الأماني» فخيري شلبي تعلم الثقافة من الناس خاصة البسطاء منهم والطبقات التي تعيش علي هامش المجتمع ليصنع لنا أدب عالي المستوي لنعلم كيف تعيش طبقات المجتمع الدنيا والهامشية.
د. مدحت الجيار أستاذ الأدب والنقد والبلاغة بجامعة الزقازيق يقول عنه خيري شبي واحد من أهم الروائيين العرب والمصريين في عصرنا الحديث ومر بمراحل متعددة ومهمة في الكتابات الروائية والقصصية والمقال وعاش حياة عصامية اعتمد علي ذاته في تلقي الثقافة والخبرة وهذا ما أثر علي غزارة إنتاجه وكان يهتم بحياة الفقراء وخاصة الخارجين علي العدالة وساكني القبور وأهل العشوائيات وهؤلاء وضع لهم في كتاباته الخلود لنعلم كيف يعيش هؤلاء ولماذا كانوا كذلك وتلك الروايات التي كتبها خيري تعد أهم ما في السرد العربي ومنها «وكالة عطية» و«صالح هيصة». لقد وصف خيري شلبي الإنسان المصري كما هو بدون رتوش وتعامل مع قاع المجتمع لينقل لنا أسراره وحكاياته ومشاكله وحولت السينما بعض روايته ومنها «السنيورة» و«الكومي».