رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأدب الصوفي مازال قادرا علي مواجهة الحياة المادية

يمثل الأدب الصوفي لونا من ألوان الأدب الرفيع يحمل في طياته أسمي معاني وخصائص السمو الروحي.

والشعر الصوفي نوع جديد قديم من أنواع الأدب الفني الذي عرفته المجتمعات الإسلامية في العصور المختلفة.
أما كلمة صوفي، فيردها بعض الصوفيين إلي كلمة «الصوف» كمرجعية بسيطة تناسب نسبتها اللغوية أو للبسهم إياه. لكن نسبتها إلي الكلمة اليونانية «صوفيا» Sophia التي تعني «الحكمة» يبدو أقرب إلي الصواب، بل إلي المنطق الصوفي ذاته. فلقب «الصوفي» الذي أطلق أوّل ما أطلق علي أبي هاشم الكوفي، المتوفي عام 051هـ/ 867م، ربما كان يقصد به الحكيم؛ وباعتبار أن الصوفية العربية أخذت بمبدأ الاتحاد والحلول، كان من المرجح أن يجعل مريدوها من صوف الماعز محلاً حسياً لدلالتها المعنوية للتقارب اللفظي بينهما، بما يفسر لبسهم للصوف في مراحلهم المبكرة أكثر من أي سبب آخر. ومع ذلك ينبغي عدم إغفال الأسباب المقاربة مثلاً بين صوف الكبش والتضحية بالنفس، وخاصة عند الصوفية المحاربة.
والأدب الصوفي هو الأدب الذي أنتجه الزهاد والصوفيون بمختلف اتجاهاتها, ويبحث في النفس الانسانية بعمق فلسفي يسعي لتطهير النفس والروح من حب الدنيا وزينتها، وإدخال الطمأنينة اليها،ويتمثل ذلك في انواع مختلفة اما قصائد منظمة أو نثرا فنيا راقيا البيان، وله اغراض متعددة أهمها المدائح النبوية ورسائل الشوق إلي الأماكن المقدسة  والتوسلات، وشعر الزهد, والتصوف السني, والتصوف الفلسفي.
الشاعر العراقي أمجد سعيد يقول: ضمن التجارب الكبري في تاريخ الشعر الإنساني  ومنه الشعر العربي، ذلك الذي ينطلق من التجربة الروحية للشاعر وما ترفده من معان جليلة القدر جديدة المعني. وفي تاريخنا العديد من الامثلة التي كان فيها الشعر هو القالب الامثل الذي اختاره الشاعر لصب حكمته وأشعاره فيه، فيما كان النثر هو القالب الآخر الذي اختاره الكثيرون من مبدعي الامة للتعامل معه تعاملا ابداعيا وصل الي ذروة الادهاش ومن هؤلاء الشيخ المتصوف محي الدين بن عربي والنفري وغيرهما.
وهنا لابد من التفريق طبعا بين الشعر الصوفي والادب الصوفي المنطلق من تجربة حياتية كاملة ومن مدرسة خاصة تشير الي الهوية المحددة للشخصية الفكرية والإبداعية والي الأصالة التي تكونت من المعاناة الطويلة، وبين التجارب الدينية البسيطة أو المدائح النبوية او الاشعار التي تتناول احداثا محددة في سياق تجربة الشاعر الانسانية ومن ذلك اعتذارات بعض الشعراء مثل  أبي نواس، عمر الخيام وغيرهما.
وفي شعرنا الحديث كتبت العديد من النصوص الشعرية والنثرية الصوفية والدينية ولكنها علي اية حال لم ترق الي ما يزخر به التراث العربي الاسلامي من نتاجات عميقة أصيلة.
الدكتور حامد أبو أحمد يري أن الأدب الصوفي أهم أدب اسلامي كان له تأثير قوي جدا علي الثقافة العالمية وقد اعترف به عدد كبير من المستشرقين والمستعربين، بل كتب أحدهم عن محيي الدين ابن عربي وعدد اخر من من متصوفي الاندلس، والادب الصوفي له تأثير قوي علي كبار الشعراء والكتاب والمفكرين في الغرب وله وضعية خاصة واجراءات وطرق معينة تجمع الادب الدنيوي والادب الروحي، والادب الصوفي كان له له نصيب كبير في إبداعات الكتاب الالمان والفرنسيين والإسبان والإنجليز وغيرهم الذين

اهتموا بالنزعة الصوفية وتأثيرها في ادب القرن العشرين، والحقيقة ان الغرب يتعامل مع الصوفية من منظور نفسي بحت فربما يكون الكاتب غير ملتزم ، ولكن يمتلك شفافية وأفكاراً وتوجهات تشبه تلك التي دعا اليها (الحلاج والحسن الشاذلي).
ومؤخرا ظهر أدونيس متأثرا بهذه التيارات الجديدة في الادب الصوفي وكتب كتابا مهما عن التوجه الصوفي في الادب ويعترف (أبو احمد) أن الادب الصوفي شبه مختف في عالمنا العربي وما يحدث الان هو بعض التأثير بكتابات السابقين لكن دون فهم وتعمق، فعدد كثير من الشعراء تأثروا بكتاب النفري (المواقف والمخاطبات) لكنهم فشلوا في هذا التألق الرائع ويبدو أنه كان حالة خاصة يصعب تكرارها، فالصوفية ليست رغبة في الكتابة فقط ولكنها مواقف والقصيدة الحديثة من الخمسينيات وحتي الان تنهل من الأدب الصوفي بطرق مختلفة ولعل البياني الذي  اوصي بأن يدفن الي جوار ابن عربي بالقرب من جبل قيسون وتم له ما اراد خير دليل علي ذلك ولكن يبقي الجيل الاول مثالا صادقا علي النموذج الايجابي للتصوف بمعانيه المختلفة والمتعددة والمتنوعة وليس النموذج السلبي السائد الآن والمنحصر في الموالد وحلقات الذكر.
الشاعر عبد المنعم رمضان يري ان ما حدث ان بعض الشعراء الرواد وعلي رأسهم عبد الرحمن بدوي الذي عمد الي الكشف عن تراث قديم بعضه تراث صوفي قديم وأعاد تقديمه.
وللأسف نسينا عبد الرحمن بدوي وتبعه جماعة شعر في لبنان وأدونيس الذي أشار إلي نصوص النفري واعاد تقديمها باعتبارها قصائد شعرية والعظيم صلاح عبدالصبور الذي بحث بشدة في التراث المسيحي واشتغل علي شخص المسيح والتراث الصوفي الذي تمثل في رائعته عن بشر الحافي ومسرحية مأساة الحلاج والحقيقة ان النصوص الصوفية ظلت تراود الجميع باعتبارها قصائد نثرية لأنها تمتاز بالدلالات المتعددة والتأويلات وهو ما يلزم الشعر تماما وكذلك كان النظر إلي التراث الصوفي باعتباره نصرا ثوريا وهو كذلك خلافًا لحركات الدراويش أما الاجيال الجديدة فانشغلت عن التراث عموما وبالطبع الأدب الصوفي وليهتم بحثوا ونقبوا في كنوزه التي تطلب من ينهل منها.
[email protected]