رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متى تتوقف ثقافة مهرجانات الاقاليم؟

احتفل مؤتمر أدباء الأقاليم‮ »‬أدباء مصر حالياً‮« ‬بمرور‮ ‬25‮ ‬عاماً‮ ‬علي‮ ‬انطلاق أولي‮ ‬دوراته عام‮ ‬1984‮ ‬بمحافظة المنيا،‮ ‬وطاف أنحاء الجمهورية ليستقر به المقام في‮ ‬قصر ثقافة الجيزة، ‮ ‬وتكون فرصة لمشاهدة وزير الثقافة وعرض مشاكل أدباء الأقاليم عليه علها تجد طريقاً‮ ‬للحل‮.‬

والمتتبع دائماً‮ ‬في‮ ‬جميع المؤتمرات السابقة أن‮ ‬يكون لها رئىس وأمين وأعضاء وتقوم ببعض الفعاليات ثم تصدر في‮ ‬النهاية توصيات،‮ ‬ولكن هل حققت هذه المؤتمرات أهدافها،‮ ‬وهل نفذت توصياتها وهل استفاد منها أدباء الهامش،‮ ‬وهل توقف القائمون علي‮ ‬أندية الأدب في‮ ‬الأقاليم عن فرض ذائقتهم الأدبية علي‮ ‬شباب المبدعين،‮ ‬وهل انتهت أزمة النشر للمبدعين الشباب،‮ ‬وماذا عن النشر الإلكتروني‮ ‬الذي‮ ‬ظهر كرد فعل طبيعي‮ ‬لانكماش حركة النشر الورقي؟‮.. ‬أسئلة كثيرة تثار في‮ ‬الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر أدباء مصر وتنتظر الإجابة‮..‬

يري‮ ‬المؤيدون للمؤتمر والمدافعون عن استمراره أنه أهم مؤتمر أدبي‮ ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬لأنه الوحيد المنتظم في‮ ‬دوراته،‮ ‬ويتمتع بالديمقراطية الكاملة في‮ ‬جميع مراحله‮. ‬ويؤكد هذا الرأي‮ ‬أن المؤتمر حقق أهدافه علي‮ ‬احتياجات الأدباء علي‮ ‬مدار‮ ‬25‮ ‬دورة،‮ ‬بدليل وجود‮ ‬15‮ ‬نادياً‮ ‬أدبياً‮ ‬علي‮ ‬مستوي‮ ‬الجمهورية،‮ ‬لكل ناد منها ميزانية مستقلة،‮ ‬بعد أن حرمت الأنشطة الأدبية من أية ميزات حتي‮ ‬بدلات السفر،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬إصدار مجلة ثقافية تناقش مشكلات الأدباء‮ - ‬الثقافة الجديدة‮ - ‬وسلسلة‮ »‬أصوات‮« ‬وسلسلة‮ »‬إبداعات‮« ‬وسلسلة‮ »‬إشراقات‮« ‬وسلسلة‮ »‬الكتاب الأول‮« ‬وكتاب الاتحاد،‮ ‬وأصبح هناك مشروع للنشر الإقليمي،‮ ‬وكل محافظة تصدر أربعة كتب سنوياً،‮ ‬وكل إقليم ثقافي‮ ‬يصدر عددين من مجلة الإقليم،‮ ‬وأصبح الأدباء المقيمون خارج القاهرة لا‮ ‬يحتاجون النزوح إليها بحثاً‮ ‬عن الشهرة لأنهم أصبحوا مشهورين بالفعل‮.‬

ومن بين المؤيدين رأى‮ ‬يرى أن المؤتمر مازال فرصة ثقافية سنوية تسمح للأدباء من مختلف الأقاليم بالالتقاء والتعارف وتبادل الخبرات من خلال الأبحاث والجلسات النقاشية،‮ ‬وليس عيباً‮ ‬تكرار مشاركة بعض الشخصيات لأن المؤتمر‮ ‬يقرر مشاركة الأدباء الأكفاء حتي‮ ‬لو سبق لهم ذلك ويستبعد الشخصيات‮ ‬غير المؤهلة‮.‬

وعلي‮ ‬الجانب الآخر‮ ‬يري‮ ‬المعارضون للمؤتمر أنه استنفد أغراضه وينبغي‮ ‬إلغاؤه أو دمجه مع مؤتمرات أخري‮ ‬أو انعقاده علي‮ ‬فترات متباعدة علي‮ ‬أقل تقدير،‮ ‬وهو بحاجة إلي‮ ‬فرز العدد الهائل من المشاركين من قبل النقاد والمتابعين للحركة الأدبية،‮ ‬وتوصياته لا تتطرق للشأن الداخلي،‮ ‬بل تصب كل اهتمامها علي‮ ‬الشأن الخارجي‮ ‬مثل التطبيع مع العدو الإسرائيلي‮ ‬والعراق وغيرهما،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تعاني‮ ‬فيه البلاد من قضايا خطيرة مثل البطالة والغلاء وقانون الطوارئ‮.‬

وهاجم أحد الشعراء لجان الأبحاث بمؤتمرات أدباء مصر ووصفها بالفاسدة‮. ‬وأشار إلى أن الفساد‮ ‬يتمثل في‮ ‬المجاملات التي‮ ‬تتم بين أعضاء اللجان والمشاركين بالمؤتمر عن طريق اختيار باحثين بعينهم تربطهم بهم علاقات ومصالح شخصية،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬أن لجان الأبحاث تغلب عليها الشللية،‮ ‬وتكرر الباحثين في‮ ‬المؤتمرات بصيغ‮ ‬مختلفة‮.‬

الشاعر عبدالمنعم رمضان‮ ‬يري‮ ‬أن مؤتمر أدباء الأقاليم كان عندما كانت القاهرة مركزاً‮ ‬للثقافة والأدب والفنون،‮ ‬أما الآن فأصبحت إقليماً‮ ‬وانتقلت الريادة إلي‮ ‬مناطق البترول والدولار‮. ‬والأساس في‮ ‬نشاط وزارة الثقافة هو البحث عن مبررات لإقامة مهرجانات فهي‮ ‬تتبني‮ »‬ثقافة الكرنفالات‮« ‬ولا تعني‮ ‬بالثقافة الحقيقية،‮ ‬فلا تكاد تعقد مؤتمراً‮ ‬حتي‮ ‬تعد لآخر ثم تنتقل إلي‮ ‬مهرجان ثم إلي‮ ‬احتفالية وهكذا سعياً‮ ‬وراء‮ »‬تأليف‮« ‬قلوب جميع المثقفين علي‮ ‬اختلاف مشاربهم واختفت تماماً‮ ‬طبقاً‮ ‬لذلك ظاهرة اعتقال المثقفين التي‮ ‬انتشرت في‮ ‬عهدي‮ ‬عبدالناصر والسادات لأن الكل أصبح في‮ ‬سجن كبير،‮ ‬وأصبحت المهرجانات الأداة التي‮ ‬تستخدم لاحتواء المثقفين،‮ ‬وبنظرة بسيطة للأدباء الذين قدموا إلي‮ ‬القاهرة في‮ ‬الدورة الأخيرة وكيف‮ ‬يتعاملون مع الفندق الشهير الذي‮ ‬لا‮ ‬يتناسب مع فقرهم وعوزهم‮ ‬يتضح لنا أن

عيون المسئولين تراقبهم عن كثب حتي‮ ‬تشعر دائماً‮ ‬أنها صاحبة فضل عليهم،‮ ‬ثم نجد التوصيات التي‮ ‬تصدر في‮ ‬نهاية كل مؤتمر خالية تماماً‮ ‬من الإشارة حتي‮ ‬من بعيد إلي‮ ‬القضايا الأساسية التي‮ ‬تهم المثقفين وتتعدى ذلك إلي‮ ‬قضايا دولية وعالمية‮!!‬

يرى الأديب فؤاد قنديل أن المؤتمر استنفد أغراضه وأصبح جثة هامدة وينتظر رصاصة الرحمة،‮ ‬فلم‮ ‬يعد هناك شيء اسمه‮ »‬أدباء مصر من الأقاليم‮« ‬وإنما الأدباء في‮ ‬كل مكان وأي‮ ‬مكان‮ ‬يستطيعون نشر إبداعاتهم والاشتراك في‮ ‬المسابقات والحصول علي‮ ‬جوائز سواء داخل مصر أو خارجها،‮ ‬وتطبع كتبهم في‮ ‬أكبر الهيئات وتترجم أعمالهم لأكثر من لغة‮.‬

ومؤتمر أدباء مصر مصمم علي‮ ‬تكرار نفسه،‮ ‬بالأبحاث والمشاركين والأعضاء،‮ ‬وهناك ما‮ ‬يزيد علي‮ ‬35‮ ‬مؤتمراً‮ ‬تنظمه الثقافة الجماهيرية في‮ ‬مختلف المحافظات والأقاليم تكرر نفسها في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تترك فيه قضايا المثقفين الحقيقية دون حل أو حتي‮ ‬مناقشة‮. ‬وأعتقد أن المؤتمرات ليست هي‮ ‬السبيل الوحيد لإنقاذ حال المثقفين أو قاطرة التنمية الثقافية،‮ ‬بل علي‮ ‬العكس إنها إهدار للمال والوقت والجهد والذين‮ ‬يصرون علي‮ ‬استمرارها‮ ‬يخافون علي‮ »‬السبوبة‮« ‬التي‮ ‬تدر عليهم أموالاً‮ ‬طائلة‮.‬

ويضيف‮ »‬قنديل‮« ‬أن مؤتمرات المثقفين تكرر الأبحاث التي‮ ‬يتم مناقشتها في‮ ‬كل المؤتمرات مثل الكتابة النسوية والأدب الشعبي‮ ‬في‮ ‬الصعيد،‮ ‬وتنسى الأدب المتميز والأدباء المبدعين،‮ ‬والنقد الأدبي‮ ‬الحقيقي‮ ‬اللازم لإحداث توازن في‮ ‬الحياة الأدبية والثقافية،‮ ‬فمنذ‮ ‬40‮ ‬عاماً‮ ‬كان عندنا‮ ‬10‮ ‬مجلات ثقافية وأدبية فكم العدد الآن‮. ‬والحقيقة أن أي‮ ‬نشاط ثقافي‮ ‬لابد أن‮ ‬يجيب عن أسئلة الحياة الثقافية وينظر إلي‮ ‬الترجمة والنقد وتجاهل وسائل الإعلام المختلفة لكل ما‮ ‬يخص الأدب والثقافة بينما تهتم بالفن والرياضة والحوادث،‮ ‬وكذلك زيادة زيارات كبار الأدباء والنقاد للأقاليم وإجراء حوارات مع شباب المبدعين لتطوير تجاربهم،‮ ‬والحد من المجاملات الكثيرة التي‮ ‬ملأت حياتنا الثقافية،‮ ‬وإضفاء الشرعية علي‮ ‬حياة أدبية نظيفة تطل من خلال نوافذ علمية موضوعية جادة،‮ ‬وكفانا مؤتمرات،‮ ‬خاصة أننا أكبر دولة في‮ ‬العالم تقيم مؤتمرات وتنفق عليها ملايين الجنيهات‮. ‬وفي‮ ‬النهاية لابد أن نعرف جدوي‮ ‬ما نفعل،‮ ‬ولا نقيم ما‮ ‬يمثل عبئاً‮ ‬علينا،‮ ‬فمثلاً‮ ‬شاهدنا في‮ ‬الدورة الأخيرة من المؤتمر تكريم شباب مازالوا في‮ ‬مهد العمل الإبداعي‮ ‬فكيف‮ ‬يكون ذلك؟ إن المبدع في‮ ‬أول الطريق لا‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬تكريم لأنه لم‮ ‬يفعل شيئاً،‮ ‬وإنما‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬عمل دراسة عن إنتاجه وتقييم عمله الإبداعي‮ ‬ووضعه علي‮ ‬الطريق الصحيح‮.‬