رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مكاوى سعيد يفضح راكبى الثورة بـ"كراسة التحرير"

بوابة الوفد الإلكترونية

فى كتابه "كراسة التحرير" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية يتأمل مكاوى سعيد تفاصيل "ثورة 25 يناير" وتداعياتها من قلب الحدث ومن زوايا خفية تخصه وحده بحكم وجوده الدائم فى وسط القاهرة، أو "وسط البلد"، بحسب التسمية الشائعة.

حين اندلعت الثورة أدرك صاحب رواية "تغريدة البجعة"، قيمة اللحظة التى يعيشها، فالحلم الذى بدا بعيدا لعقود عدة نزل على الأرض، أمام عينيه، وأحداثه تدور على مقربة منه، فتحولت جولته اليومية إلى جولات، والملاحظات التفقدية إلى مشاركة، وبات الميدان مقصدا أوليا، وممرا حتميا، وهو المنطلق إلى البيت والمقهى، ومشاوير العمل لا العكس، ولأنه يعرف مدينته عن ظهر قلب، لم ير الثورة على ضخامتها حدثا سياسيا مجردا، بل إنسانيا بالمعنى الأشمل للكلمة.
ورصد مكاوى سعيد تفاصيل الثورة من "صابرين"؛ فتاة الشارع التى دخلت ميدان التحرير مصادفة فى البداية، واندمجت مع بنات الثورة اللاتى أحببنها وأحبتهن، وتفانت فى خدمتهن، وبعدها ابتلعها الزحام، فى دلالة على بقاء الشقاء كما هو بلا تغيير حتى الآن.
كتب عن "نمر الثورة"؛ المناضل "كمال خليل" الذى أرهق نظام "حبيب العادلي" وزير الداخلية لسنوات طويلة فى عهد مبارك، بشعاراته الثورية، وقيادته المتظاهرين كما كتب عن "بيير السيوفي" الثورى الحالم، صاحب أهم عمارة تطل على ميدان التحرير، و"أحمد لطفي" الذى فتح شقته للثوار.
وفى المقابل وقف بذكاء وخفة ظل أمام كل من خانوا الثورة من الانتهازيين، من يزعمون أنهم شعراء الثورة، وأنهم كانوا فى الميدان من أول لحظة وهم لم يدخلوه، ومن عادوا الثورة من أول لحظة لصالح نظام مبارك، وحين تنحى تنصلوا منه، وادعوا الثورية المبدأية، وأعلنوا انحيازهم للشعب، ولفقوا لأنفسهم تاريخا مزيفا، لكن مصيبتهم أن كل أكاذيبهم كانت "على الهواء مباشرة" والشعب "مفنجل عيونه" فى لحظة لا ينتج فيها الخداع إلا الفضيحة لفاعله.
ولم ينس مكاوى سعيد صمود الناس فى مواجهة الجوع والبرد وظروف الإقامة القاسية فى ميدان لا تتوفر فيه الخدمات الانسانية، لكنه أصبح مجالا مفتوحا للتكافل

الاجتماعى الهائل، وأقيمت فيه منظومة إعاشة عشوائية رائعة، فمنهم من أقام عيادات ميدانية لتطبيب الجرحى والمرضى، ومنهم من يحضر كميات كبيرة من الأطعمة والعصائر، وتشكلت تنظيمات دفاعية عن الميدان والثورة ضد النظام وبلطجيته، وحدث أشهر الصدامات التى استقرت فى الوعى العام باسم "موقعة الجمل" التى عجلت بنهاية النظام، وما حدث فى "المتحف المصري" الذى يضم أهم آثار الدنيا.
ولم يغفل شيئا يستحق الذكر فى الثورة، خاصة الأبنية فى الميدان، وعلى رأسها المجمع ومسجد عمر مكرم والجامعة الأمريكية، وعرض لتاريخ الشوارع المحيطة والمتصلة بالمكان، ولم يكن هذا كله بقصد التأريخ للثورة سياسيا، ولا بغرض تفقد "العمدة" لأملاكه فقط، بل لحفظ وجدانيات الأمة فى أجمل وأهم تجلياتها، وليهدهد الشعب المنهوبن ويجعله يرى الروابط الخفية بين الأشياء، والتى ربما لا تبدو فى الظاهر، لكنها تكون أدق فى رصد ورؤية الحقائق بجلاء.
وكتب أيضا لطمأنة محبوبته، هذه البلد التى أرهقها الظلم، وأنهكها الفساد، وواتتها الفرصة لتتخلص مما يثقل كاهلها، وتنال حريتها التى طال انتظارها، وإن عطلها أعداء الشعب إلى الآن، لكن الثورة ما زالت تتفاعل، وتداعياتها لن تتوقف فى المدى المنظور، والثورات لا تكف يدها عادة إلا بتحقق كل مطالبها.
وشارك الفنان عمرو الكفراوى برسم غلاف الكتاب، كما رسم الشخصيات الداخلية وقدم حكايات بالريشة موازية لحكايات الكتاب.