رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة تجاهلت البحث العلمي‮.. ‬والباحثون يتسولون التمويل

الحكومة المصرية لا تؤمن بأهمية البحث العلمي،‮ ‬وتصر علي أن تكون مخصصاته المالية متدنية بشكل لا يساعد علي مناخ علمي سليم‮.‬

هذه العبارة وردت علي لسان الدكتور ماجد الشربيني رئيس اكاديمية البحث العلمي وأوضح أن ميزانية البحث العلمي تقدر بحوالي‮ ‬2‮ ‬مليار جنيه يذهب معظمها إلي رواتب الباحثين والإداريين‮.‬

ومصر هي أقل دول العالم انفاقًا علي البحث العلمي‮ ‬0‭.‬2٪‮ ‬من اجمالي الدخل القومي في حين تنفق الدول النامية‮ ‬1٪‮ ‬من دخلها القومي وتخصص إسرائيل‮ ‬3٪‮ ‬من ناتجها القومي للبحث العلمي‮ ‬0‮ ‬ويوضح تقرير أصدرته شبكة تطوير العلم البريطانية انخفاض مساهمات العلماء المصريين في المنشورات والدوريات العلمية العالمية من‮ ‬0‭.‬4٪‮ ‬عام‮ ‬1991‮ ‬إلي‮ ‬0‭.‬3٪‮ ‬ويضيف أن براءات الاختراعات وصلت إلي أدني مستوياتها والحقيقة أن الدولة اهتمت بقضية البحث العلمي وسعت إلي تدعيمه وتوسيع قاعدته،‮ ‬فقامت بإنشاء المجلس الأعلي للعلوم عام‮ ‬1946‮ ‬لتشجيع مجال البحث العلمي في مصر ومواكبة التطورات العلمية في الدول الأخري،‮ ‬ثم شهد عام‮ ‬1961‮ ‬إنشاء وزارة البحث العلمي لتعمل علي تنسيق البحوث بين الجامعات،‮ ‬ثم عام‮ ‬1971‮ ‬لدفع المجال البحثي في عام‮ ‬1974‮ ‬إنشئ المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا لكي يتولي مسئولية التخطيط للبحث العلمي والتكامل بين الجامعات ومعاهدة البحوث المتخصصة وفي عام‮ ‬1975‮ ‬وضعت شعبة التعليم العالي والجامعي بالمجلس خريطة لتوزيع التعليم الجامعي في مصر حتي عام‮ ‬1990‮ ‬مع الاهتمام بإنشاء مراكز البحوث تتبع الجامعات،‮ ‬والواقع الأليم يؤكد أن نظم البحث العلمي والاستراتيجية القائمة علي تطويره أصبحت عاملا طاردا للعقول التي لها أسلوب تفكير يهدف إلي تحديد المشكلات وتحليل جوانبها وايجاد حلول لها والتحقق من صحة الحلول جزئيا وكليا،‮ ‬وبالتالي تسهم في تنمية مجتمعها‮.‬

في هذا التحقيق نحاول البحث والتحليل وطرح بعض الحلول حيث بات ملف البحث العلمي من الملفات الملحة علي المجتمع المصري بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير إذا أردنا أن نلحق سريعا بقطار العلم الذي تأخر وصوله طويلاً‮ ‬علي رصيف التنمية والتقدم في مصر‮.‬

يحدد د‮. ‬عاطف العراقي وروشتة علاج البحث العلمي في عدة عوامل منها اقتصار البعثات علي التخصصات التطبيقية مثل الطبيعة والكيمياء وعلوم الحياة،‮ ‬لأن هذه التخصصات لها الأولوية علي المواد النظرية خاصة أن مصر بها كفايات في العلوم النظرية والتاريخ والجغرافيا والفلسفة كذلك لابد من زيادة ميزانية البحث العلمي بحيث تكون أضعاف الحالية،‮ ‬وهذا ما حدث في بلدان عديدة مثل روسيا وأمريكا والدول الأوروبية،‮ ‬فليس من المعقول أو المقبول أن تقف الميزانية حجر عثرة في سبيل التطبيقات العلمية كما يحدث الآن ونسمع عن اكتشافات علمية هائلة ومخترعات عظيمة لا تطبق بسبب نقص الامكانات المادية‮ »‬أيضا مطلوب مجلة متخصصة محترمة واسعة الانتشار ينشر بها نتائج البحوث العلمية التي توصل إليها العلماء في مختلف المجالات،‮ ‬وكذلك الفوائد المتوقعة منها بحيث يتم التطبيق التدريجي لهذه الأبحاث بما يناسب صالح الشعب المصري،‮ ‬وتنويع البعثات شيء ضروري فلماذا لا تضاف الدول التي سبقتنا ولها خبرة كبيرة في مجال البحث العلمي أين اليابان وكوريا والصين من بعثاتنا العلمية؟ ورعاية العلماء رعاية شاملة يخدم البحث العلمي بلا شك واقترح أن تخصص لهم مدينة علمية مستقلة يتفرغون فيها للبحوث وتطبيقاتها والمخترعات كما فعلت روسيا في زمن جورباتشوف‮.‬

ويتفق الدكتور عبدالحكيم راضي مع الرأي السابق في ضعف الإنفاق علي البحث العلمي بل علي العكس النسبة المئوية المخصصة له في تراجع مستمر وينتقد عدم واقعية البحوث العلمية،‮ ‬فهي في واد والمجتمع وقضاياه ومشاكله في واد آخر فعلي سبيل المثال يفخر أحدهم أنه أنجز بحثا علميا هائلا في القضاء علي دودة شرسة تهلتم محصول القمح في أمريكا،‮ ‬ونجد أيضا العالم الكبير فاروق الباز يتحدث عن مشاكل العالم المتقدم،‮ ‬فلابد من توجيه البحث العلمي لخدمة المجتمع،‮ ‬والبحث العلمي بطبيعة الحال مهمل ولا يهتم به فالصناعة في مصر‮ »‬مضروبة‮« ‬لماذا لأن الاستيراد أسهل ويحقق أرباحًا طائلة لأهل‮ »‬البيزنس‮« ‬الذين لا يهتمون بمصلحة الوطن،‮ ‬فاستيراد القمح أسهل وأكسب من زراعته،‮ ‬والاستيراد الذي طال كل شيء حتي وصل إلي فانوس رمضان وسجادة الصلاة والمسبحة ويتساءل د‮. ‬راضي ما قيمة العلم الآن ولماذا يحرص عليه الباحثون،‮ ‬وهو لا يحقق عائدًا ماديا ولا حتي معنويا،‮ ‬بالاضافة إلي أن العلم أصبح‮ »‬مغشوشا‮« ‬فمناهج التعليم بها أخطاء فادحة بالجملة وتستمر هذا الأخطاء لسنوات وسنوات وتأتي اللجان المتعاقبة لتمرر الأخطاء دون أن تكلف نفسها عناء البحث والتنقيب وهذه كارثة كبيرة‮.‬

ويري الدكتور حامد طاهر أن البحث العلمي في مصر تبلغ‮ ‬نسبته داخل الجامعات المصرية‮ ‬70٪،‮ ‬وهذا يعني أنه يمثل قوة ضاربة حقيقية،‮ ‬يمكن تعديلها وتطويرها والبناء عليها لكن هذا البحث الذي يدور أولا حول موضوعات الماجستير والدكتوراه،‮ ‬لا يحقق نتائج ملموسة للمجتمع،‮ ‬ويرجع ذلك إلي عاملين‮: ‬الأول انصراف أساتذة الدراسات العليا عن المشكلات الحقيقية وتقديم حلول قابلة لتنفيذها،‮ ‬والثاني الضعف الشديد في تمويل هذه البحوث ومكافأة القائمين عليها بالصورة المناسبة‮. ‬ويكفي مثلا أن

نعلم أن مكافأة المشرف علي رسالة الدكتوراة لا تتجاوز الخمسمائة جنيه،‮ ‬والماجستير ثلاثمائة جنيه وكل منها يتطلب جهدا بالغا،‮ ‬ووقتا قد يصل إلي ثلاث وأربع أو خمس سنوات،‮ ‬أما مناقشة كل منها فلا تزيد علي مائة جنيه،‮ ‬ويستغرق المناقش في قراءة البحث‮ »‬من‮ ‬300‮ - ‬500‮ ‬صفحة‮« ‬حوالي أسبوعين أو ثلاثة،‮ ‬وتستمر جلسة المناقشة من ثلاث إلي خمس ساعات فهل هذا معقول أو مقبول؟ وفي تقديري أنه علي الرغم من تفاهة المقابل المادي فإن الكثير من الأساتذة المحترمين يقومون بهذا العمل حرصا علي مصلحة الطلاب من ناحية وتحقيقا لرغبة نفسية والتزام أخلاقي من ناحية أخري‮. ‬فإذا ارتفعنا من هذا الواقع الهابط إلي مستوي أعلي،‮ ‬فوجئنا بغياب استراتيجية محددة للبحث العلمي داخل الجامعات أو ترك الأمور للمبادرات الشخصية وجهات التمويل الخارجية التي تختار أبحاثا بعينها،‮ ‬وترفض أبحاثا أخري قد تكون أكثر أهمية لحل مشكلات المجتمع المصري،‮ ‬أضف إلي ذلك كارثة تكرار مراكز البحوث في جامعاتنا،‮ ‬وتبديد جهودها الصغيرة بدلا من تجميع المتشابه فيها في مركز واحد يكون أكثر قوة وكفاءة‮.. ‬وبعد ذلك كله يأتي من يتساءل‮.. ‬هل لدي الدولة بالفعل رغبة حقيقية وإرادة سياسية في تطوير البحث العلمي داخل الجامعات وخارجها‮!.‬

الدكتور بديع جمعة يؤكد أن الدراسات العليا ورسائل الماجستير والدكتوراه جميعها في واد ومشكلات المجتمع وقضاياه في واد آخر،‮ ‬فلا يوجد نظام عمل ولا منظومة متكاملة،‮ ‬ولكن كل يعمل علي هواه،‮ ‬ثم أن هناك قضية خطيرة فهل يجد الباحث الصغير أي مساعدة علمية أو مادية في الجامعات أو في مراكز البحوث،‮ ‬وحتي الباحث الكبير يفتقد الدعم اللازم للبحث العلمي،‮ ‬وبنظرة واحدة إلي المكتبات الجامعية نجدها تعج بعشرات الآلاف من الرسائل العلمية فماذا فعلنا بها؟ هل استفدنا بها في أي مجال‮.. ‬الواقع يجيب عن هذا التساؤل،‮ ‬وأبحاث الترقية في الجامعات هدفها الحصول علي صك الدرجة العلمية فقط‮. ‬ثم نأتي لدور الشركات والهيئات التي لا تحقق مردودا ملموسا‮.‬

ويصفه د‮. ‬جمعة بالعشوائية واليتم،‮ ‬فالعشوائية في اختيار موضوعات البحث،‮ ‬واليتم في عدم وجود مخصصات مالية لدعمه،‮ ‬ثم أن أي رئيس هيئة أو جامعة أو مركز بحثي يقدم فكر الحكومة والحزب،‮ ‬وليس ما ينبغي أن يقدم،‮ ‬فهو ليس حرا وإنما‮ »‬ترس‮« ‬في آلة كبيرة يدور فيها لتكتمل عملية الطحن‮.‬

ويؤكد د‮. ‬مكرم إسكندر أن معوقات البحث العلمي كثيرة منها الإدارة والتمويل ومستوي البحث العلمي والعمل الفردي،‮ ‬فالإدارة أصبحت الآن علما منفردا ولازمة لأي مشروع ناجح‮. ‬فينبغي علي من يدير عملية البحث العلمي أن يكون مؤهلا لذلك مدربا،‮ ‬متخصصا والتمويل،‮ ‬لابد من مشاركة الهيئات والشركات في تمويل مشروعات البحث العلمي وتعلم جيدا أنها المستفيد الأول منها وكان هناك تعاون رائع بين هيئة كهرباء مصر وكلية الهندسة بجامعة عين شمس لحل بعض المشكلات،‮ ‬وذلك علي سبيل المثال،‮ ‬أما عن مستوي البحوث فالبحث الجاد يفرض نفسه دائما ويحترمه العالم ونعرف ذلك من الموافقة علي نشره في المجلات العلمية المحترمة وليس شرطا أن يعالج مشكلة عالمية،‮ ‬والدولة مسئولة بعد ذلك عن تطبيق هذه البحوث والاستفادة منها،‮ ‬ولكن الواقع يؤكد أن الدولة لا تهتم بالبحث العلمي وكذلك المجتمع فيجد الباحث نفسه محاصرا بالاحباط وعدم الاستطاعة المادية فيفقد الأمل وتنخفض معنوياته ويضيع البحث العلمي‮.‬