رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الجوائز الخاصة بين وفاة أصحابها واستقلالها‮ "‬كوقف‮"


يظل الابداع لحظة حيري إذا لم‮ ‬يعانقها الأمل‮ ‬يذبل رونقها ويطوي رحيقها‮. ‬ودائماً‮ ‬ما‮ ‬يكمن الأمل لدي المبدع في أن‮ ‬يصير لابداعه صدي عند المتلقي،‮ ‬ويصل هذا الصدي لذروته إذا ما توج بجائزة تحمل في طياتها دليلاً‮ ‬ما علي نجاح المبدع‮.‬

لذا فقد ساهمت المسابقات الثقافية علي مدار سنوات طوال في إثراء الحياة الثقافية بل إننا لانتردد في أن نقول انها عملت علي احيائها وعودة الروح إليها‮.‬

وقد انتشر الكثير من الجوائز الثقافية الخاصة سواء في مصر أو الوطن العربي،‮ ‬فمنها ما‮ ‬يتميز باسم صاحبها ويحمل الهية المصرية مثل جائزة نجيب محفوظ وجائز إحسان عبدالقدوس،‮ ‬وبهاء طاهر،‮ ‬ويوسف أبورية،‮ ‬ومجدي مهنا للمقال الصحفي‮. ‬أو ما‮ ‬يقيمه رجال أعمال مساهمة منهم في‮ ‬الحراك الثقافي مثل مسابقة ساويرس الثقافية‮.‬

وهناك ما‮ ‬يحمل الصبغة العربية وتأتي علي رأسها جائزتا البابطين للشعر العربي والخرافي للقرآن الكريم وتعدان الأشهر علي الاطلاق‮.‬

لكن ارتباط بعض هذه الجوائز بأسماء أصحابها قد‮ ‬يخلق بداخلنا قلقاً‮ ‬ما ويثير تساؤلاً‮ ‬مضطرباً‮ ‬حول مصير هذه الجوائز إذا ما انتهت حياة أصحابها فهل تنتهي هي الأخري لفقدها المصدر الوحيد لتمويلها ورعايتها أم أن هناك وسيلة لاستمرارها؟ فلربما كانت فكرة تخصيص مصدر تمويل محدد من جانب صاحبها‮ ‬يضمن هذا الاستمرار حتي بعد وفاته وهو ما‮ ‬يسمي بالوقف،‮ ‬وإننا لنلمح مثالاً‮ ‬بارزاً‮ ‬علي ذلك في جائزة نوبل والتي لم تقتصر علي الاستمرار فحسب بعد موت‮ »‬نوبل‮« ‬انها قطعت نصيباً‮ ‬كبيراً‮ ‬من التطور ونزعت مجالاتها لتشمل العلوم والفنون والآداب وكافة مجالات الحياة لتصير بذلك أبقي وأعظم من صاحبها نفسه بما تحمله من قيمة في كل بلدان العالم فحدا ذلك بالناس لأن تنسي صاحبها وحكايته وبقية الجائزة الرمز والقيمة لتضيف لفائزها فخراً‮ ‬خاصاً‮ ‬لا علاقة له بنوبل نفسه‮.‬

ولأن الأمل‮ ‬يحدونا في أن تتحول كل الجوائز الخاصة‮ ‬يوماً‮ ‬لتكون في قيمة نوبل واستقلالها فقد حملنا بين أكفنا قلقاً‮ ‬يساورنا حول تلك الإشكالية وتحولنا به للأديب حجاج أدول والذي رأي أن الحل‮ ‬يتمثل في ضرورة أن‮ ‬يصير لكل جائزة مؤسسة قائمة عليها حتي لو حملت اسم شخص بعينه فتصبح لتلك المؤسسة مجلس أمناء علي مستوي معارفي واسع ليصبح اختيار الفائز بالجائزة علي مستوي مرضي عنه بنسبة عالية جداً‮ ‬من المثقفين،‮ ‬وكون الجائزة تتبع مؤسسة ما ويرصد لها مبلغ‮ ‬دون سواها فإنها بذلك تصبح في‮ ‬حل عن تدخل صاحبها وتحقق الاستقلالية والاستمرار حتي بعد وفاته‮.‬

وتثير تساؤلاتنا أحمد عامر‮ »‬ناشر‮« ‬فيعبر عن تخوفه من أن خضوع الجائزة لفرد بعينه قد‮ ‬يجعلها تبعاً‮ ‬لميوله وأهوائه الشخصية خاصة إذا مارتبطت باسم مبدع‮ ‬غير متحقق فإن ذلك قد‮ ‬يمثل كارثة علي الابداع نفسه ويقسم عامر الجوائز الخاصة بنوعيه ما‮

‬يخصص له صاحبه مبلغاً‮ ‬من المال وهو بهذا‮ ‬يضمن عدم توقفها مثلما كان مع نوبل ومثلما نري في جائزة‮ ‬يوسف أبورية والتي أنشأتها زوجته بعد وفاته تخليداً‮ ‬لاسمه وخصصت لها مبلغاً‮ ‬محدداً‮ ‬فرغم أن قيمتها المادية‮ ‬غير مرتفعة إلا أن ارتباطها باسم‮ ‬يوسف أبورية‮ ‬يمنحها ثراءاً‮ ‬كما أن نشأتها بعد وفاته‮ ‬يجعلها‮ ‬غير مرتبطة ببقائه أو موته‮. ‬علي العكس من ذلك فنري بعض الجوائز رغم بقاء أصحابها إلا أنها فقدت قيمتها مثل جائزة سعاد الصباحي‮. ‬

ويصل بنا أحمد عامر للنوع الثاني من تلك الجوائز وهو المتمثل في الجوائز العربية مثل جائزتي البابطين والخرافي فرغم تبعيتهما لمؤسسة ما إلا أنهما ترتبطان باسمي صاحبيهما ارتباطاً‮ ‬قد‮ ‬يقلق فلا نعلم حتي الآن مصير جائزة مثل الخرافي مثلاً‮ ‬بعد موته وهل تم تخصيص موقف من قبل المؤسسة لتلك الجائزة‮ ‬يضمن استمرارها أم لا‮.‬

إلا أن هيدرا جرجس‮ ‬يحمل لنا بعض الطمأنينة فهو روائي وحاصل علي جائزة سويرس الثقافة في الرواية وبصفته حاملاً‮ ‬لتلك الجائزة فهو‮ ‬يؤكد لنا أنها تابعة لمؤسسة منفصلة تماماً‮ ‬عن شخص صاحبها وتتبع مجلس أمناء وإدارة‮ ‬يتغيران سنوياً‮ ‬كما تخضع لموارد مستقلة‮. ‬ربما‮ ‬يؤكدها اسم الحساب المخصص لها وهو‮ ‬يحمل اسم المؤسسة وليس اسم صاحبها‮.‬

كما‮ ‬يري ضرورة استقلال الجوائز الخاصة لا سيما بعض تغير التوجه السياسي نحو دولة المؤسسات وليست دولة الأفراد الزائلة فيصبح الشخص الذي‮ ‬يسهم في‮ ‬إثراء الحياة الثقافية انما‮ ‬يتوقف دوره عند ذلك ولا‮ ‬يتخطاه أبداً‮ ‬فيعمل علي تقديم إسهاماته في شكل مؤسسي متكامل بعيداً‮ ‬عن شبهة الفردية،‮ ‬وبصفته أيباً‮ ‬فإن هيدراجرجس‮ ‬يرفض تماماً‮ ‬أي جوائز تقدم باسم فرد بعينه ولا‮ ‬يري لها قيمة ما لأنها بذلك تنشأ ميتة فقد تنتهي حياة صاحبها أو‮ ‬يشهر افلاسه ولا‮ ‬يتبقي في النهاية إلا الفكرة‮.‬