رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الغمري: فجرالعالم الجديد يولد في الصين لإنارة الشرق


مطالبا العرب بالاتجاه شرقا حتى لا تفوتهم الفرصة الأخيرة في قطار التغيير ذكر عاطف الغمري أن أمريكا وأوروبا يتهافتان على آسيا.. فلماذا ينظر العرب لأنفسهم في مرآة الغرب؟ مشيرا إلى أن الروتين يعطل مشروعات العرب مع الصين بما يحرم المواطنين من فرص النجاح والتطور. وقال الغمري في حواره: "ظهرت في السنوات الأخيرة تحولات فكرية واجتماعية في مزاج الشعوب العربية تتجه بهم نحو الشرق، البعض دفعته الظروف الاقتصادية إلى طلب السلع الرخيصة من الأسواق الأسيوية وعلى رأسها الصين، وآخرون يبحثون عن تلاقي أصحاب الثقافات القديمة رغبة في الحد من تعالي ثقافات غربية على المجتمعات النامية رغم ما تحمله من تراث إنساني عريق".

صاغت هذه التحولات أفكارا جديدة لم تعد مطروحة لدى رجال الأعمال والمواطنين العاديين، بل أصبحت مطلبا للنخبة السياسية وواضعي الاستراتيجيات، الذين يأملون بأن يتوجه العرب إلى الشرق على وجه السرعة حتى يحددوا مستقبل بلدانهم في عالم القرن الحادي والعشرين.

وجاءت تلك الدعوات في مقالات لمفكرين ألقيت على صدر الصحف والمجلات في معظم العواصم العربية بينما برز الأعمق منها في كتب ودراسات منهجية خطها خبراء متخصصون في العلاقات الدولية وسفراء بارزون ومنها كتاب "الصين في القرن الحادي والعشرين" للدكتور محمد السيد سليم ود. حسن أبو طالب، و"آسيا والتحولات العالمية والامبراطورية الكونية" للدكتور السيد يس وغيرها من التراجم التي عربت عن دراسات أجنبية.

وكان من أبرز تلك الكتب كتاب " القرن الأسيوي .. الصين تغير ميزان القوى العالمية" للدكتور عاطف الغمري مدير مكتب جريدة الأهرام السابق في لندن وواشنطن وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية والمحاضر في جامعة القاهرة.؛ فخرج الكتاب للوجود بعد سلسلة من الاصدارات للخبير المصري الذي عاش طوال العقد الماضي بين العواصم ومراكز البحوث الأوروبية و الأمريكية.

وكان غريبا أن يأتي الكتاب الجديد لباحث تربي على تراث الثقافة الغربية داعيا الدول العربية إلى ضرورة تحالفها مع الصين من أجل التنسيق للمستقبل في اطار شراكة تعتمد على مبدأ المصالح المشتركة للجميع بدلا من أن يصحو العرب على فاجعة أن الغرب الذي يعتمدون عليه تقليديا قد أفل نجمه ولم تعد له مكانته التي كان يتفاخر بها في الماضي، وبالتالي تضيع هيبة العرب ومكانتهم في عالم متغير أصبحت قوته تأتي من الشرق الذي تقوده الصين نحو مستقبل أكثر استقرارا وأفضل علما.

قراءة الكتاب الذي يقع في 175 صفحة من القطع صغير الحجم، تحتاج إلى مناقشات عديدة، حيث تجعل المرء يتمهل في كل سطر وفكرة مطروحة داخله لذا حرصنا على إجراء مقابلة مع الدكتورعاطف الغمري- نشرت في وقت سابق بمجلة الصين اليوم- لنتعرف على الأبعاد التي جعلته يصدر كتابه غزير المعلومات والأفكار في هذا التوقيت ورؤيته الشخصية حول مستقبل التعاون العربي الصيني التي لم يرصدها في كتابه الوليد.

تغير العالم لصالح الصين

* لماذا أصدرت كتابك الآن؟

- تعرفت على الصين خلال زيارتي الأولي لها عام 1965 حيث زرنا بكين ضمن وفد إعلامي يضم 5 صحفيين مصريين وكانت تجربة شاقة، شاهدنا شعبا يعيش تجربة ثورية، يعاني الفقر المدقع وعلى حدوده يقاوم الفيتناميون جبروت العدوان الأمريكي.

وذهبنا في المرة التالية عام 1981 حيث زرنا شنجهاي وبكين وقابلنا الزعيم دينج هيساو بنج وعددا من المسئولين ورأينا ملامح الصين تتغير عن الماضي، ظهرت آثار التغييرعلى كيانات المؤسسات الحكومية وملابس المواطن العادي وابتسامته للغرباء.

وواكبت تلك الزيارة بداية الانفتاح الاقتصادي الصيني على العالم وعندما عدت إلى الصين عام 1986 فوجئت بسيارات تزاحم الدراجات في شوراع تتراص على جوانبها الزهور ولاحظت كثرة المقاهي التي تجذب الناس للحوار حول موائدها؛ ثم جاءت الزيارة الرابعة والأخيرة مع وفد المجلس المصري للشئون الخارجية، حيث أردنا التعرف على الصين وكيف تتغير من الداخل بعدما ظهر في الأفق أن هذا العملاق في طريقه إلى تغيير العالم بأسره. في كل هذه الزيارات كنت أفكر دوما في الصين وأكتب عنها بعض المقالات حتى جاء الوقت المناسب لإعداد هذا الكتاب.

* عشت دوما في الغرب فلماذا تدعو اليوم إلى اتجاه العرب إلى الشرق؟

- بعد أن أصدرت كتابا تحت عنوان "أمريكا في عالم يتغير" رصدت فيه التغيرات في العالم وبينت فيه أن العالم يتغير وعلى الولايات المتحدة أن تتغير هي الأخرى حتى لا تصطدم بعالم لا يتوافق معها وتؤدي هذه التغيرات إلى الإضرار بمصالحها؛ ولعل العالم قد لاحظ أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد رفع شعار التغيير وهو شعار لم يكن من صناعته ولا ابتكار من عنده فقد أثير الشعار قبل وصول أوباما للسلطة بنحو ثلاث سنوات على مستوى المراكز الفكرية والبحثية المتخصصة وفي الجامعات التي رأت أن العالم أصبح في حالة تغير وعلى السياسة الأمريكية أن تتغير هي الأخرى حتى لا يفوت الولايات المتحدة قطار التغير الذي طرأ على المستوى الدولي، وتفقد دورها كقوة كبرى في ظل دخول العالم مرحلة تعددية الأقطاب التي تدير الموقف الدولي.

حيث لن تكون الولايات المتحدة هي القوة العظمي الوحيدة في العالم بعد الآن؛ وأبرز هذه الرؤى خرجت عقب انعقاد مؤتمر في جامعة برنجستون الأمريكية اشترك فيه 400 شخص من أكبر خبراء السياسة الخارجية الأمريكية على مدار 7 جلسات ناقشت كل منها قضية أو منطقة في العالم، من أجل وضع استراتيجية لما بعد حكم الرئيس الأمريكي جورج بوش وذلك قبل أن يترك موقعه في البيت الأبيض، هؤلاء الخبراء كانوا يضعون استراتيجية تلغى سياسات "بوش" التي حملها خلال فترة عمله كرئيس للولايات المتحدة؛ من هؤلاء الخبراء وزراء خارجية سابقين مثل مادلين أولبرايت وهنري كيسنجر وجورج شولتز وغيرهم من رؤساء الأمن القومي للرؤساء السابقين وسفراء وخبراء فنيين وأكاديميين.

خرج هؤلاء باستراتيجية تركز على أن العالم يتغير بما يؤدي إلى بروز الصين وبما سيؤدي إلى عملية خلخلة في الواقع الموجود في دول آسيا وتصعد دول أخرى صغيرة أو متوسطة تكون شريكة في إدارة النظام الدولي؛ وعندما جاء أوباما كان المجلس القومي للمخابرات الأمريكية قد أعد تقريرا في دراسة كبيرة بيّن فيه أن العالم يتغيرومن أهم النقاط التي وردت فيه أنه أكد على أن الولايات المتحدة لن تستطيع بعد الآن أن تحل منفردة الأزمات والمشاكل العالمية أو حتى تتصدى وحدها لتحديات أمنها القومي وأصبحت تحتاج إلى آخرين لمشاركتها في إدارة العالم المتغير.

من هنا كانت المعطيات التي كتبتها في كتابي "أمريكا في عالم متغير" وعندما شرعت في كتابي الجديد "القرن الأسيوي.. الصين تغير ميزان القوى العالمية" كان مجرد استكمال لما بدأته من قبل أردت نقل تجارب التغير الذي سيشهده العالم خلال المرحلة المقبلة، والتي بدأت في الولايات المتحدة، وكانت تحدث في نفس الوقت في الصين من خلال فكر استراتيجي بعيد المدى.

التحول من القرن الأمريكي إلى الآسيوي

* ما هي الدوافع التي جعلتك تنظر إلى الصين هذه النظرة؟

- لاحظت أن الصين اهتمت بنموها الاقتصادي وحققت معدلات تنمية لم تحدث في أي دولة أخرى من قبل؛ هذه النسبة كانت تصل في المتوسط إلى نحو 10% سنويا وعندما ذهبت إلى هناك ورأيت التطور الذي تشهده البلاد بأعيننا وجدنا أن معدلات التنمية تصل في بعض المناطق المحاطة بوفورات اقتصادية خاصة تصل إلى نحو 19% سنويا، وهي نتائج مذهلة لم تحدث في أي مكان آخر بالعالم.

الصين كانت تحقق التنمية الاقتصادية بجانب تطوير البحوث والاكتشافات العلمية وتطوير التعليم وتخريج كوادر صينية متقدمة جدا، تفهم مجريات التطور الذي يحدث في العالم، وعمليات التحول التي يشهدها في أرجائه؛ فوجدت أن الصين بدأت تجني ثمار هذا التحول الاقتصادي وفي الوقت الذي بدأت تأثيرات التقدم الاقتصادي في الصين كان الفكر الغربي في السنوات الأخيرة من القرن العشرين قد استقر على أن القدرة الاقتصادية التنافسية للدولة تصعد إلى قمة مكونات الأمن القومي، وأن قيمة الدول ونفوذها أصبحتا رهن القدرة الاقتصادية.

فلم تعد قدرات الدول تقاس بالنواحي العسكرية أو الاقتصادية فقط بل باجمالي تلك المكونات وهو ما أعطى الصين قوة اقتصادية غير مألوفة، حيث بدأ انتاجها يصل للعالم وينافس في الأسواق بقوة وهو ما جعل وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر يقول في كتاباته: "إن مركز الجاذبية الكونية الذي كان يحتكره الغرب منذ قرون يتجه إلى آسيا وبذلك فإن العالم أصبح يتحول من القرن الأمريكي إلى الأسيوي.

تيار أمريكي لمواكبة الصين

* لماذا تتوقع أن تصبح الصين دولة عظمي خلال العقد القادم ومنافسا للولايات المتحدة؟

- مازالت الولايات المتحدة دولة قوية وغنية وتتمتع بقدرات تكنولوجية عالية ومستوى تعليم راق ولديها وفورات زراعية وصناعية كبيرة تجعلها تبقى كدولة مؤثرة ولكن في رأيي أن التحولات في موازين القوى لا تحدث فجأة وإنما تتم عبر تفاعل زمني؛ هذا التفاعل قائم الآن بين ما يحدث في آسيا والمجتمع الدولي كله، وهناك تقارير دولية وأخرى وضعتها الإدارة الأمريكية بناء على تقارير أعدتها وزارة الدفاع تؤكد أن الصين خلال عام 2020 ستكون مساوية في القوة للولايات المتحدة وهناك مؤسسات اقتصادية كبرى ترصد النشاط الدولي مثل مؤسسة جولدمان فاكس حيث ذكرت أن الصين ستكون مساوية للقوة الأمريكية الاقتصادية في 2020 .

ويوجد حاليا تياران سياسيان في الولايات المتحدة أحدهما يؤمن بأن العالم يتغير ويطالب بأن تتغير الولايات المتحدة وفقا لهذه المتغيرات بينما التيارالآخر لا يستطيع حتى الآن أن يصدق أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخلى عن وضعها كقوة مهيمنة في العالم وألا تصبح مركز الإلهام الكوني الذي كانت تروج له خلال قرن كامل بأنها دولة الحريات والفرص المتكافئة عبر الأفلام والموسيقى والملابس والأدب والمسرح؛ هذا الفريق الذي يقوده المحافظون الجدد أصبح يقابله نوع من البعث الحضاري في آسيا يتسم بالمحافظة على الهوية الخاصة بهم بحيث يواجه الرغبة الأمريكية في الحفاظ على الهيمنة الثقافية التي تسيطر بها على العالم حاليا. لذا ظهرت العديد من الكتب التي تطالب الولايات المتحدة بأن تطلع على التحول الذي يحدث في الشرق وتؤمن بضرورة أخذه في الاعتبار وإلا ستفاجأ بكارثة لو أنها عاندت التيار.

وكتب آخرون عن بعد العصر الأمريكي

ومنهم ألفريد زكريا رئيس تحرير مجلة "النيوزويك" الذي توقع صعود دول مثل الصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا والتي ستصبح الشريك لأمريكا في إدارة النظام الدولي، وإن لم يتوقع أن تتنازل الولايات المتحدة عن مكانتها عالميا كشريك لهذه الدول في إدارة النظام الدولي. كل هذه التفاسير تدعم رؤيتي في الكتاب الجديد.

* ماذا تقول عن الكتابات خاصة التي تأتي من الغرب وتخيف العالم من نمو دور الصين في المجتمع الدولي؟

- من الطبيعي أن تخرج هذه الكتابات من الغرب أو غيره لأن التقدم الصيني يزيد من اقبالها على استيراد الطاقة التي تشهد شحا أو ارتفاعا لأسعارها في الأسواق العالمية، كما أن التقدم الصناعي الذي تحظى به الصين حاليا يقلق الأمريكيين لأنها منافس اقتصادي ومستهلك للطاقة والمواد الخام في العالم لا سيما أن حاجة الصين لمصادر الطاقة دفعتها إلى توسيع علاقاتها واستثماراتها في أنحاء العالم كما فعلت مع الدول الأفريقية حيث عقدت معها اتفاقات عديدة للبحث عن البترول واقامة مشروعات حيوية يحتاج تنفيذها إلى سنوات عديدة؛ ولا ننسى أن الصين احتلت العام الماضي المركز الأول في شراكة القارة السمراء على مستوى دول العالم وهي المكانة التي كانت تحتلها الولايات المتحدة لعدة عقود خلفا للمجموعة الأوربية.

ارتباط العرب سياسيا بأمريكا

* كيف يتعامل العرب مع الصين في مرحلة التحول بموازين القوى الدولية؟

- ذهبت للصين في سبتمبر عام 2006 بعد ثلاثة أشهر من توقيع اتفاقية بين الصين ومصر لإقامة منطقة صناعية في خليج السويس تقضي الاتفاقية بتوفير خبرات صينية وتصدير منتجات المدينة إلى الدول الأفريقية والعربية القريبة من مصر وكم رأيت أن هذا المشروع بالغ الأهمية للطرفين، مع ذلك لم ينفذ بالشكل المتفق عليه بسبب الروتين؛ وهذا المشروع مشابه تماما لما نجحت الصين في اقامته بالبرازيل، حيث تحول إلى مركز ريادي ورمز للتعاون بين البلدين منذ سنوات.

ونحن نعرف أن العالم بدأ يتغير منذ فترة وأي دولة تريد أن يكون لها رؤية استراتيجية حقيقية عليها أن تخطط لعلاقاتها على مستوى استراتيجي وأن تمتلك رؤية بعيدة المدى تتوقع المستقبل وتستشفه وتمشي في مسارات في اتجاه العالم القادم حتى يكون لديها خيارات فلا يحدث التغير حولها ولا تستطيع أن تستفيد منه؛ ومنها دول أوروبية تنبهت إلى هذا التحول في موازين القوى مبكرا وأقامت جسورا للتعاون مع آسيا فلم تنتظر أن يتحول النظر الدولي عن الغرب بعكس ما وقع لنا، حيث مازلنا مرتبطين سياسيا بالولايات المتحدة وكأننا ننظر في مرآة أمريكية لنرى مدى انعكاس السياسات الأمريكية على وجوهنا بينما السياسة الأمريكية نفسها تتغير.. فالاتجاه شرقا بدأ يظهر في أمريكا نفسها وهذا ظهر جليا عندما جاء الرئيس الحالي باراك أوباما للحكم، حيث شكل عقب توليه منصبه مجلسا للعلاقات الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة يعمل على دعم مستقبل هذه العلاقات.

كما أدركت أوروبا أن ميزان القوى العالمي بدأ ينتقل من الغرب لآسيا فجهزت لإقامة مستوى علاقات أقوى وأكبر بين الطرفين، لذا كان علينا أن نمتلك رؤية استراتيجية لما سيحدث من تحول في النظام الدولي وندخل فيه خصوصا أن الدول التي تحاول أن يكون لها القدرة على الارتباط واستيعاب هذا التحول الدولي سيكون لديها الفرصة للمشاركة في الإدارة أو الاستفادة من النظام الدولي الجديد، خاصة أنه سيكون نظاما متعدد القوى ولا يعتمد بناؤه على الدول الكبرى فقط بل المتوسطة شرط أن تكون مؤثرة في المجتمع الدولي.

* ألا يعتبر التحول من الغرب إلى الشرق فجأة مغامرة سياسية؟

- الانتظار حتى تكتمل معالم النظام الدولي الجديد سيضيع الفرصة المواتية للعرب وعلى العالم العربي أن يدرك هذه الحقائق ويسرع للأخذ بها لا سيما أن الولايات المتحدة والغرب أدركا أن العالم يتحول شرقا وأصبحا يهرولان في هذا الاتجاه فلماذا إذن مازال العرب يصوبون نظرهم في اتجاه واحد حتى الآن!

كما أن هناك مصالح متبادلة مع الصين فهي دولة تضع ثلاث قواعد لتحقيق عمليات التنمية وهي: ضمان تنفيذ أعلى معدلات تنمية وارتباط هذه المشروعات بتوافر مصادر الطاقة وضمان الأسواق هذه العناصر تجعل التعاون بين العرب والصين علاقات تبادلية مثالية لأن العرب يملكون الطاقة والأسواق في الوقت الذي تعمل الصين على رفع معدلات التنمية والتطور الصناعي؛ فالمصالح هنا مشتركة والنظام الدولي قائم على المصالح فلا يجب أن يتوقف التعاون عند التبادل التجاري أو الصناعي ولكن من خلال وضع منظومة لعلاقة تبادلية قائمة على أسس استراتيجية وعلى هذا الأساس كان يجب أن تتطور العلاقة بين العالم العربي والصين.

توجه رجال الأعمال للغرب

* هناك ميراث لدى بعض رجال الأعمال الذين يتجهون دوما نحو الغرب فيتحدثون بلغته ويفكرون على طريقته؟

- لو نملك استراتيجية بعيدة المدى في التعامل مع الصين سنستوعب أي دور لرجال الأعمال وغيرهم وسنجعل الجميع يعمل لخدمة هذه الاستراتيجية التي يجب أن تكون محددة الهدف تعرف ماذا تريد أن تكون وكيف ترى علاقاتك الدولية بما يحقق مصالحك القومية وأمنك القومي ويحدد المسارات التي تنفذ هذه المطالب بما يجعلك ترى العالم الذي يمكن التداخل معه عبر هذه المسارات.

فخطوط المواجهة لم تعد تتوقف عند الحدود الجغرافية المعتادة بل أصبحت متداخلة والدول لم تعد تلعب ضد خصومها عند الحدود بل في قلب المدن وتحت بصر الدولة. هذا التداخل يستدعى أن تؤمن الدول جبهتها الداخلية قبل أن تخطو خطواتها في اتجاه الآخر و أن يصبح المواطن شريكا في صناعة القرار بما يدفعه إلى تحمل المسئولية في بناء المجتمع، وأن تخلق الدول منظومة اقتصادية لديها القدرة على التنافسية في الأسواق الدولية من خلال معرفة مواطن الضعف والقوة ووضع أولويات التنفيذ، وأن يتم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب مع متابعة زمنية للتحقق من تنفيذ هذه البرامج.

كما يجب أن تكون هناك محاسبة زمنية وتغيير من لا يستطيع تحقيق هذه الأهداف في الفترة المحددة له وأن تسود دولة القانون وهو ما نجحت دول آسيا في تحقيقه بحيث يكون القانون صارما في المحاسبة، فلا يفرق بين شخص وآخر لاسيما أننا أصبحنا في عالم تنافسي يسوده مبدأ الكفاءة والبقاء للأصلح.

* ماذا تتوقع لمستقبل الصينيين أنفسهم؟

- أتوقع أن تسود في الصين أفكار الطبقة الوسطى التي تشهد نموا كبيرا في الفترة الحالية ويرتفع رصيدها من المثقفين والفنانين وذوي الأفكار المنفتحة على العالم وأن تحافظ على نمو المعدلات التنموية في ظل اعتماد الحكومة لمبدأ اختيار أكفأ الخريجين للوظائف العامة، وتطوير الخبرات في الشركات الخاصة وتزايد الاحتكاك بالشركات الدولية القوية.

وتعلم أسرار العلوم فائقة التكنولوجيا ووجود قناعة لدى المواطن بأن دولته تتجه إلى الأفضل بما يدفعه إلى المزيد من المشاركة في صناعة هذا المستقبل بيده.