رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وسائل التواصل الإجتماعي ذاكرة مصر في زمن الكورونا

سيظل المصريون مبدعين إلى أبد الأبدين، فعلى الرغم من أن العالم كله يعيش كارثة حقيقية، وعلى الرغم من أن المصريين لا يقلون عن الآخرين شيئاً فى الخسائر المادية والاجتماعية، حتى وإن كانوا الأقل خسارة فى الأرواح عن أغلب دول العالم حتى الأن، إلا أنهم أبووا أن تمر فترة الحظر مرور الكرام، دون ضيافة واستضافة. فبدأ المصريون توثيق يومياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، في صورة وقائع وأحداث يومية أشبه بالقصص القصيرة؛ بعضها جاء في صورة نصوص فكاهية، وأخرى مصورة، وثالثة مدعومة بالفيديوهات، وما بين التنكيت والتبكيت أبتكر المصريون بدون قصد إبداعا جديداً يمكن أن نطلق عليه "إبداع الحظر" ليصبح ذاكرة مصر في هذه الفترة الحرجة، والذى سيبقى شاهداً على أنواع الحلول التى سيظل يقدمها هذا الشعب لأغلب أزماته.

والوقائع اليومية التي دونها كثيرون عن الحظر، استطاعت أن ترسم صورة حية لمصر في تلك الفترة وببراعة، فعكست بعض صفات المصريين الطيبة التى ربما تختبئ أحياناً تحت ضغوط الحياة التى اعتاد المصريون مواجهتها كل يوم، وقد استغل كثيرون الجروبات الموجودة على "الفيس بوك" بالفعل، لنشر يومياتهم حتى يقرأها أكبر عدد من الناس، بينما أنشأ البعض جروبات جديدة خاصة بالوقت الراهن، من بينها مثلاً؛ "يوميات زوج محظور".

فعلى أحد الجروبات التى وصل عدد أعضائها لأكثر من ثلاثة ملايين عضو، حكى شاب عن موقف تعرض له خلال أيام الحظرقال فيه؛ إنه يخرج من عمله في السادسة مساء كل يوم؛ أى قبل الحظر بساعة تقريباً، وإنه فى أحد هذه الأيام، خرج من عمله إلى كوبري 15 مايو، ينتظر أيه وسيلة مواصلات تُقله إلى منزله في منطقة الهرم، وظل منتظراً حتى اقتربت الساعة من السادسة والنصف، وبد أ الشاب يتوتر، وكلما اقترب موعد الحظر في السابعة ازدادا توتره، وفجأة توقفت أمامه سيارة خاصة بداخلها رجل عجوز، وطلب منه الركوب؛ فسأله الشاب عن طريقه، إلا أن صاحب السيارة قال له:" أركب؛ هاوصلك مهما كان طريقك"، فتعجب الشاب وركب، ليعرف من الرجل أنه نذر نفسه من بداية الحظر، لأن ينزل كل يوم فى هذا الموعد بسيارته، ويساعد أي شخص تأخر عن العودة إلى منزله، وتعجب الشاب وسأله: فى مقابل ماذا؟ ليقول له صاحب السيارة " فقط ادعو لي بظهر الغيب أن يفك الله كربي " ودعا له الشاب، بل والتقط له صورة بالموبايل، ونشرها مع البوست على الجروب، وطلب من كل من يقرأ القصة، أن يدعو لهذا الرجل، وبالطبع  كانت الاستجابة بآلاف الدعوات من الأعضاء.

أما جروب "يوميات زوج محظور" والذي أنشأه أحد الصحفيين، فراح يروى وغيره من أعضاء الجروب يومياتهم خلال الحظر بطرق مختلفه، أغلبها ساخربالتأكيد بسبب الإقامة الاضطرارية، التي دفعت الرجال للجلوس في البيوت رغما عنهم، وهو ما أجبرهم على تغيير عادات اعتادوها سنوات طويلة، فرسمت هذه اليوميات صورة كاملة لحياة المصريين خلال هذه االفترة، وكيف أنهم أصبحوا يعقمون كل منْ يخرج لشراء أي من مستلزمات الأسرة عقب عودته إلى البيت، مع اتخاذ إجراءات احترازية مشددة من قبل ربات البيوت، فى تعقيم حذائه وملابسه ومتعلقاته الشخصية، كما سجل بعضهم ماذا يفعلون خلال الساعات الطويلة التي أصبح أفراد الأسرة يقضونها معاً طوال أيام الحظر.

الفنانون والمشاهير مثلهم مثل بقية الشعب المصرى،

هم الأن فى بيوتهم جلوس، لا تصوير ولا غيره، لذلك لجأ بعضهم لتدوين يومياته على صفحته الخاصة من خلال تصوير حى لما يفعلونه فى منازلهم، بهدف رسم البسمة على وجوه المصرية المرتعبة، وكان من أول هؤلاء الفنانين؛ نجم الكوميديا أحمد حلمى، الذى نقل بثاً مباشراً من منزله وهو يعد طبق "سد الحنك"، خطوة بخطوة وعلق على المقطع  بجملة "يومياتي في الحظر".

وحرص أحمد 

وحرص أحمد حلمي على الإشارة إلى زوجته الفنانة منى زكي في تعليق فكتب لها: "ده لما اديتك منوم وقولت لك ده نعناع"، فردت عليه معلقة عن صدمتها بأنه أعد هذه الوجبة في غرفة المعيشة فكتبت له: "انت بتطبخ في "الليفنج" يا حلمى، يا ستار يا رب، أنا كنت فين في وقتها؟  آه بانيم الصبيان".

كما نشر آخرون المواقف الطارئة التى حدثت لهم، واضطرتهم للخروج من المنزل أوقات الحظر، وكيف ساعدتهم الشرطة خاصة في الحالات الإنسانية؛ كالمرض والبحث عن الأدوية، وقد ورسمت هذه القصص الصغيرة صورة عامة للحظرفى مصر، وللشوارع الخالية ،والمحلات المغلقة.

أما بشأن نشاط الأدباء والمثقفين خلال أيام الحظرفالنتفق أولاً؛ إنه لا شك أن كل غرفة كتابة الأن، تشهد ميلاد كتابة جديدة عن زمن الكورونا، وسوف نخرج من الأزمة بسبعين رواية تحمل اسم "الحب فى زمن الكورونا " على غرار رائعة جابرييل جارسيا ماركيز " الحب في زمن الكوليرا " ومائة وعشرين ديوان شعر بعنوان" الكورونا آه يا عينى على الكورونا" هذا بخلاف يوميات "مريض كورونا" و"طبيب كورونا"و" وجار متعافٍ كورونا"، وإذا مدّ الله فى أعمارنا إلى معرض كتاب القاهرة الدولى فى دورته القادمة، سوف نشهده  تحت عنوان" المعرض فى زمن الكورونا".

وعلى الرغم من هذا؛ فلا أحد بالتأكيد ضد أن يُقدم الكتاب إبداعاتهم عن هذه الفترة، لكننا ضد الإلقاء بهذه الكتابات الأدبية فى وجوهنا دفعة واحدة  بهدف السبق، لإن الحقائق تؤكد أنه ليس من يكتب أولاً هو من يبقى.  وعلى الرغم من أننا نتوقع صدورالعديد من هذا الأعمال قريباً، إلا أننا نتمنى أن يصمد أحدها على الأقل، ليبقى شاهداً على هذه الفترة من تاريخ البشرية، وهذا موضوع آخر سوف نتحدث عنه قريباً.