رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الحسبة" الثقافية تتفاقم في عصر النهضة

بوابة الوفد الإلكترونية

منذ تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية تزايدت المؤشرات على اتجاه قيادات حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية لجماعة الإخوان -  إلى الاستخدام المفرط للقوانين التي تقيد حرية الرأى والتعبير ، تحت دعاوى مختلفة من الحسبة الثقافية مما نتج عنه أشكال متعددة من الانتهاكات مورست بشكل ممنهج تمثلت فى  محاولة مصادرة وإغلاق صروح ثقافية ومنع مقالات تهاجم جماعة الإخوان لبعض الكتاب  وغيرها من أشكال الانتهاكات المختلفة.

ولعل الاعتداء الذى تم على شارع النبى دانيال بالاسكندرية كان من أهم هذه الانتهاكات حيث فوجئ أهالى الشارع بالأجهزة الأمنية والمحلية بمحافظة الإسكندرية،  تشن حملة لإزالة أكشاك الكتب الموجودة هناك، حيث تم تحطيمها وسادت حالة من الفوضى في المنطقة، وتراكمت أكوام من الكتب في الطريق، تنفيذًا لقرار من المحافظ الجديد. وقد أدان نشطاء ومثقفون الحدث ودعوا إلى تنظيم وقفة احتجاجية بشارع النبي دانيال. وكانت حركة الطلاب التقدميين بالإسكندرية قد نشرت صورًا على موقع التواصل الاجتماعي للأكشاك المحطمة، وأكوام من الكتب ملقاة في الطريق، مؤكدين أن قوات الأمن قامت بتحطيم الأكشاك تنفيذًا لقرار المحافظ الجديد. وأعربت الحركة عن إدانتها ورفضها لهذه الحملة، واصفة إياها بالبربرية والهمجية، مؤكدة أن الأكشاك حصلت على التراخيص اللازمة منذ سنوات، داعية الأجهزة الأمنية للتصدي للباعة الجائلين بدلا من محاربة الفكر والثقافة. وصرح أحد الناشطين وقتها بإن حكومة الإخوان المسلمين تبدأ أولى خطوات القمع الثقافي بتدمير أكبر الصروح الثقافية في مدينة الإسكندرية، سوق النبي دانيال لتبادل الكتب، بدعوى إشغال الطريق، ومن الواجب علينا الوقوف ضد هجمات الرجعية، والتصدي لمحاولات التيارات الظلامية لطمس الثقافة.


وحسبما أكد أحد المتضررين فإن «مكتباتنا موجودة من 60 عامًا ولم نتسلم إي إنذارات قبل الإزالة وما حدث تكرار لجرائم هولاكو». فقد حطمت شرطة المرافقة والحي الأكشاك والمكتبات، في تمام الساعة الثالثة فجرًا وكانت كلها مغلقة، ولا أحد منهم تسلم أي إنذار من أي جهة مسئولة. وتم التعامل مع الكتب بطريقة محزنة من تحطيم وإزالة وعبثية ودهس وقد تم تحطيم 16 كشكا من 48 ولولا تدخل أهالي المنطقة لكان الأمن دمرها كلها، واصفًا ما رآه من آثار الإزالة بـ»العشوائية والجهل»، وقال: هذا المشهد يذكره بما فعله هولاكو في العراق من مسح حضارتها وتاريخها الثقافي بإلقاء الكتب في النهر.
وأضاف آخر أن الأمن أزال شجرة كبيرة من جذورها وقام أفراد الأمن برميها في قارعة الطريق، كذلك تم تدمير محول كهرباء وتركوه بدون أي اهتمام وقال لو كنا نحن نشغل الطريق فما فعلوه هو إغلاق حقيقي له، فهذه الأكشاك موجودة منذ ما يقرب الستين عاما ، ومن فعلوا ذلك لا يفقهون معنى الثقافة. وتساءل كيف نكون في عصر مشروع النهضة ويتعاملون مع الكتاب بهذا الجهل؟ فلم يحدث ذلك أبدًا في العصر الذي أطلقنا عليه عصر الظلم والاستبداد، وتابع: رجال مبارك لم يجرؤوا على فعل ذلك. جدير بالذكر أن شارع النبي دانيال بمحافظة الإسكندرية يعد من أشهر الشوارع التي تعرف بوجود سوق لبيع الكتب بالمحافظة. واشتهر بمنافسته لسور الأزبكية فى بيع الكتب كانت تخصص له الهيئة العامة للكتاب جناحا  خاصاً فى معرض الكتاب كل عام .


كذلك أثار البلاغ الذى تقدم به إسماعيل الوشاحى محامى الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ضد ساقية الصاوى عن  وجود جماعة لعبدة الشيطان تقيم حفلات من نوع خاص داخلها عددا كبيرا من المثقفين الذين اعتبروا ذلك بداية لهجمة اخوانية شرسة  على صرح ثقافى كان له دور كبير طوال السنوات الماضية.
وقد أكد الروائى شعبان يوسف أن هؤلاء يريدون قدراً أوسع من تسليط الضوء عليهم، ربما لأن الساقية تتبع الصاوى الذى يعد قريباً جداً من حزب الحرية والعدالة فهم يضربون القريب كى يرتعد البعيد.
أما الناقد الدكتور شريف الجيار فقد أعرب عن استيائه من الحدث قائلاً ساقية الصاوى فى مهب الريح، وما تعرضت له الساقية من بعض الأصوات ذات المرجعية الدينية يحمل رسالة خطيرة للثقافة المصرية من بعض الشخصيات التى تحمل توجهات دينية تجاه معظم الأمور البديهية، وتناست هذه الشخصيات أن ساقية الصاوى بما لها من دور ثقافى رائد فى مصر والعالم العربى قد لعبت دوراً محورياً فى حماية الشباب الذين ارتادوها فاستوعبتهم وحمتهم من الانحراف ووجهت طاقاتهم الإبداعية ووجهتهم تجاه الثقافة بمعناها الواسع والشامل.
الروائى منتصر القفاش قال فى هذا الامر بداية هناك عداء واضح بين المثقفين وما تسمى بالتيارات الإسلامية بشكل عام وجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص، هذا العداء تاريخى ومستمر لأنهم دائماً يرون الثقافة من منظور ضيق جداً منظور متخلف فهم لا يقدرون الثقافة بل هم يخشونها ويخافون من أثرها على المجتمع لأن المثقف يستطيع أن يكشف الخداع الذى يوهمون به البسطاء، وتوقع أن هذا التصرف حلقة فى سلسلة لن تنتهى.


وفي محاولة للدفاع عن نفسها اصدرت الساقية  بيانا مقتضبا صادرا من المكتب الصحفي جاء فيه ان ما أثير بشأن حفل موسيقى الميتال الذي أقيم بساقية عبدالمنعم الصاوي يوم الجمعة 31 أغسطس غير صحيح وما اثير حوله مبالغات شديدة والساقية تؤكد أنه لم يقع أبدًا في سنوات نشاطها التي تقترب من الـ10 سنوات أي نوع من الممارسات التي يمكن أن يطلق عليها عبادة شيطان وأنها (الساقية) تشكك في وجود عبدة شيطان في مصر التي يتميز شعبها بدرجة عالية من الإيمان الفطري بالله والتقدير للعقائد السماوية.
المثير للدهشة ان حدث ساقية الصاوى واكب تصريحاً للشيخ حازم ابو اسماعيل يطالب فيه بإلغاء الانتاج الثقافى لترشيد نفقات الدولة باعتباره شيئا غير مفيد للمجتمع. وكانت تصريحات الشيخ حازم أبو إسماعيل - المرشح السابق لرئاسة الجمهورية قد أثارت حالة من الجدل داخل الوسط الثقافي بعد مطالبته  بإلغاء الإنتاج الثقافى وتحويل ميزانيته لدعم الاقتصاد المصري.
وتعقيباً على هذا أكد الدكتور صابر عرب وزير الثقافة أن «أبو إسماعيل» لا يحق له التدخل في أمور الحكومة أو الوزارات. وأشار إلى أن «أبو إسماعيل» غير مسئول ولا يدرك قيمة الثقافة أو أهميتها ودورها فى النهوض بالأمة. وأضاف عرب أننا لن نسمح بانتهاك الثقافة أو محاولة السيطرة عليها وأخذها في تيار معين. 


وأكد عرب أن «أبواسماعيل» بتصريحاته أظهر أنه لا يمتلك معلومات وأن تصريحاته مجرد بحث عن الفرقعة الإعلامية خاصة بعد اعلانه أن ميزانية الثقافة تبلغ أربعة مليارات سنويا وفي حقيقة الأمر الميزانية لا تتعدى ملايين بما فيها رواتب موظفيها وبناء مكتبات وقصور ثقافة وإقامة أنشطة وفعاليات ثقافية وفنية. وعلي جانب آخر رفضت جبهة الإبداع الفني وعدد من المثقفين والأدباء تصريحات «أبو إسماعيل» من بينهم المخرج مجدي أحمد علي ويوسف القعيد وخالد يوسف. والفنان التشكيلي إبراهيم غزالي وأكدوا أنهم قادرون علي حماية الثقافة وعدم المساس بها ووجهوا رسالة لـ «أبو إسماعيل» تفيد أن لمصر رئيسا صرح وأكد مرارا وتكرارا علي أهمية الثقافة والفن وحرية الإبداع في كافة المجالات. وطالبوا «أبو إسماعيل» بأن يكف عن التدخل في شئون الوزارات حيث إنه ليس عضوا في جهاز إداري أو استشاري في الدولة. وأن يكثف جهوده للدعوة والمنبر.
وقد مثلت إشارة الرئيس محمد

مرسى فى أول خطاب له من ميدان التحرير برغبته فى عودة الشيخ  عمر عبدالرحمن  الأب الروحى لجماعة الإخوان المسلمين والمعتقل حاليا فى الولايات المتحدة الأمريكية على ذمة عدة قضايا غصة فى حلق كثير من المثقفين واستدعت ذكريات مؤلمة حسبما ذكر بعض المثقفين منها فتوى عمر عبدالرحمن بقتل الدكتور فرج فودة وكذلك تحريضه على قتل الكاتب الكبير نجيب محفوظ على إثر اتهامهما بالكفر.


وفي خطوة أخرى أثارت المزيد من المخاوف بشأن مستقبل الفكر في عهد الإخوان تم في قرار مفاجئ إيقاف نشر أعمدة ثابتة منذ سنوات لعدد من الكتاب منهم الروائىين ابراهيم عبد المجيد ويوسف القعيد والكاتبة عبلة الروينى وغيرهم مما كان بمثابة الصدمة للرأى العام وعلق الروائي إبراهيم عبد المجيد على قرار إيقاف نشر مقاله الأسبوعي في باب الرأي بصحيفة الأخبار, قائلًا إن القرار كان متوقعا نتيجة تغير سياسة التعامل مع مقالات الرأي بصحيفة الأخبار وذلك بعد تولى محمد حسن البنا رئاسة التحرير خلفا لياسر رزق. وأوضح عبد المجيد « بدأت سياسة الهيئة التحريرية الجديدة  حذف بعض السطور من  مقالات يوسف القعيد وعبلة الروينى, وانتهت بتجاهل نشر المقالات بشكل تام  دون إبداء أسباب أو اعتذار. وأكد عبد المجيد أن إيقاف النشر دون اعتذار مسبق أو إبداء أسباب يعد تصرفاً غير لائق مع الكتاب مضيفا أن المنع لم يخلق أي «غضاضة»  شخصية في نفسه  بل خلق علامة استفهام كبري حول مصير الأصوات المعارضة للخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ومستقبل حرية الرأي والتعبير في الساحة الثقافية والإعلامية تحت الحكم الإسلامي.
أما الكاتب مدحت العدل فأشار إلى أنه توقف عن الكتابة للأخبار بعد التدخل الواضح من قبل إدارة التحرير في حذف بعد السطور من مقالات الرأي. وأضاف: كنت أعلم أن السياسة التحريرية  تتغير في اتجاه يساير التيار الإسلامي  فتوقفت عن كتابة مقالي  قبل أن يتم إيقافي أو التدخل في حريتي في إبداء رأيي.
وأضاف العدل أطلقت دعوة منذ أيام لمقاطعة الصحف القومية ودعم المقالات الممنوعة بنشرها في الجرائد الخاصة وذلك بحضور رؤساء تحرير بعض الجرائد الخاصة,  فضلا عن الاجتماعات التي تعقدها اللجنة الوطنية لحماية حرية الإبداع لرصد حالات الإقصاء للأصوات المعارضة وترتيب منهجية للتعامل معها , مؤكدا أن صحيفة الأخبار تعاود ممارسة نفس النهج الذي مارسته أثناء حكم المخلوع  مبارك  بل أسوأ».


ويعد ظهور مصطلح «المثقف الإسلامى» من أهم ما شغل بال المثقفين خلال الفترة السابقة، حينما دعا الرئيس الدكتور محمد مرسى إلى لقاء بالمبدعين والمثقفين ووجهت رئاسة الجمهورية الدعوة إلى عدد ضخم من المثقفين والكتاب والشعراء انتهى بحضور مائة وخمسين كاتباً ومثقفاً وصحفياً مما جعل البعض يعترض على تلك الأسماء ويتهمها بأنها لا تمثل النخبة المثقفة وتطور الأمر إلى تدشين مصطلح يتداول لأول مرة وهو «المثقف الإسلامى» والذى أطلقه جمال سلطان رئيس تحرير موقع «المصريون» واتهم فيه الرئيس ومعاونيه بإغفال قطاع هام من المبدعين والمثقفين يعرفون بالإسلاميين. هذا التصريح استنكره كثير من النقاد والمثقفين باعتباره مصطلحاً يتضمن انحيازا لتيار ثقافى دون غيره فاعتبره الدكتور صلاح فضل استاذ الادب والنقد تصريحاً عارياً من الصحة بل وأكد أنه لم يذهب إلى اللقاء ولم توجه له الدعوة ولكن هذا ليس معناه أن فى النخبة الثقافية مثقف علمانى وآخر إسلامى.
وأشار إلى أن الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الحالى خريج لجامعة الأزهر أى أنه أزهرى وأستاذ تاريخ له ثقله العلمى ويجب ألا يتم الطعن على اختياراته واتهم فضل هؤلاء أصحاب البيان بالغيرة من المبدعين الذين وجهت لهم الدعوة . بينما وجدت الكاتبة سلوى بكر إن ما حدث من إصدار لمثل هذا البيان ما هو إلا نوع من المهاترات الفكرية التى تنسحب على كل ما يحدث فى مصر الأن من فوضى وضبابية.


ورفضت بكر أن يتم تصنيف الإبداع إلى إسلامى وقبطى وعلمانى أو غيره حيث ترى أن الإبداع هو عمل فكرى خلاق يجعل المتلقى له فى حالة من التفكير والعمل على التغيير. ويقف على الجانب الآخر من هذا البيان الكاتب الدكتور حلمى قاعود استاذ النقد والذى أشار إلى أن جذور المشكلة تبدأ منذ قيام ثورة 52 وتولى عبد الناصر الحكم حيث أن الأدب الإسلامى موجود وبقوة من أمثال عبد الحليم عبد الله ومحمود حسن اسماعيل حتى نجيب محفوظ لا يخرج عن كونه كاتباً إسلامياً رقيق الحس لديه صوفية فكرية لا أحد من النقاد ينكرها.
أما الدكتور حامد أبو أحمد فيؤكد أن التيار الإسلامى فى الرواية والشعر موجود ويجب أن تتم دعوة كافة الاتجاهات الفكرية والثقافية الموجودة فى المجتمع المصرى بدلاً من سياسة التغريب المعلنة والمعروفة للجميع والتى تأخذ ثقافتنا بعيداً عن شرقيتنا وجذورنا التراثية.