عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإسلام حمى الأتراك من الانقراض

بوابة الوفد الإلكترونية

ثمة فجوة دينية - ثقافية، بين العرب والأتراك، فإذا كانت الفجوة الدينية قد بدأت باتخاذ تركيا - العلمانية - شعاراً للجمهورية التركية، فإن الفجوة الثقافية قد بدأت بين العرب والأتراك بعد الخمسينيات عندما انضمت تركيا إلي منظومة الدفاع الغربي وابتعدت كلياً عن الشرق وأتمت سعيها الحثيث لتوطيد علاقاتها مع الجماعة الأوروبية، في حين اتجهت الثورة المصرية بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر نحو القومية العربية الثورية متحدياً الحكام العرب الذين يريدون الحفاظ علي أنظمتهم وشرعيتها في دولهم الحديثة التكوين، كذلك تحديه للغرب وحلفائه في المنطقة من خلال المطالبة بالانفصام للدول الغربية الاستعمارية وتهديد مصالحها الاقتصادية والأيديولوجية في الشرق الأوسط.

كان أول اتصال للعرب بالأتراك عام 54 هجرية، عندما عبر عبيد الله بن زياد والي خرسان نهر جيحون في عهد معاوية بن أبي سفيان، ثم اختار ألفي مقاتل تركي من الرماة الشجعان، وأرسلهم إلي العراق، واستمرت هذه العلاقات بين هذين الشعبين حتي يومنا هذا بكل أشكالها من الثقافة والأدب والدين والسلطة، لم يمر شيء من الزمن بعد أول اتصال للعرب بالأتراك، حتي اعتنق الأتراك الدين الإسلامي، وكان أول اتصال ثقافي عربي بالأتراك في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، عندما استعمل الشاعر التركي يوسف خاص حاجب البلاساغوني، الحروف العربية غير الموجودة في الأبجدية التركية، لكتابة قصيدته «فوتادغو بيليك» عام 1070 ميلادية، حسبما يشير الدكتور «فاروق بوزكوز» أستاذ اللغات الشرقية بجامعة دجلة بتركيا في إحدي دراساته التي تحمل عنوان «صورة العرب لدي الأتراك في العصر الراهن» ثم كانت محاولة العالم اللغوي التركي محمود الكشغري لتعليم العرب اللغة التركية عندما قام بتأليف معجمه الفريد «ديوان لغات الترك» باللغة العربية.

وبدأ تأثير اللغة العربية في اللغة التركية اعتباراً من القرن العاشر الميلادي عندما اتخذ الأتراك الأبجدية العربية خطاً لهم، كما انتشرت اللغة العربية في جميع الأصقاع التركية في عهد عبدالملك بن مروان، بحيث أصبحت لغة العلم ولغة الدولة الرسمية معاً، ولم يقتصر تأثير اللغة والثقافة العربيتين علي اللغة التركية فحسب، إنما غزتا الثقافة التركية بشكل عام، فدخل الكثير من المفردات العربية إلي اللغة التركية - وبلهجاتها كافة - وتحت تأثير لغة القرآن ابتدع الأتراك أدباً جديداً أسموه «أدب الديوان» وانتقلت أوزان الشعر العربي إليهم عن طريق الفرس الذين تأثروا بها قبلهم - حسبما يشير الباحث - ونبغ عندهم شعراء السير العاطفية والبطولية من أصحاب الطرق الصوفية وغيرهم، إضافة إلي المدائح النبوية والنعت الشريف والمولوية التي يؤديها الدراويش تقرباً إلي أوليائهم وفق أداء موسيقي خاص، أولئك الأولياء الذين نشأوا تحت تأثير المذاهب والمدارس الفكرية الصوفية الإسلامية، مثل جلال الدين الرومي والشيخ صفي الدين.
واعتباراً من القرن الثالث عشر الميلادي أخذت اللغة التركية تحل محل لغتي الأدب العالي الفارسية والعربية، ونشأ نثر ديني شعبي استهدف تفسير القرآن الكريم وتنمية الحياة الروحية، غير أن اللغة العربية - لغة القرآن - بقيت لغة الأراجيز الدينية، ولغة التعليم الديني، في حين بقيت الثقافة والأدب التركي تحت تأثير اللغة والأدب العربي لفترة تزيد علي العشرة قرون.
وبعد القرن السادس عشر كان أدب الديوان قد تطور تحت تأثير الأدبين العربي والفارسي، كما انتقلت القصص الواردة في القرآن الكريم إلي الثقافة التركية بشكل أسطوري - حسبما ذكر بوزكوز - وقد تشكل معرفة الأتراك للعرب قبل الإسلام مفتاح العلاقة بينهما فيما بعد، حيث إننا نجد العرب يدرسون كتب التاريخ التركي خارج أي سياق تاريخي وأي تاريخ مشترك، إذ تصورهم كتب التاريخ التركي أنهم - أي العرب - كانوا يعيشون في إطار قبلي من الحروب والاقتتال والسلب والنهب والسبي، ولكن كانت لهم صفات رفيعة كالكرم «حاتم الطائي» والوفاء «حنظلة والملك النعمان بن المنذر» مع صفات

وتقاليد ذميمة كوأد البنات.
ومن جهة أخري تؤكد كتب التاريخ التركي علي عبادة العرب للأوثان، إضافة إلي تعدد الآلهة لدي العرب في العهد الجاهلي، غير أن الملاحظة الجديرة بالذكر أن العرب يختفون - في كتب التاريخ التركي - من مسرح الأحداث اعتباراً من الفترة العباسية حيث يصبح تاريخهم جزءاً من الإسلام، إضافة إلي أن المزايا العربية لا تقارن بمثيلاتها التركية، وإنما تقارن السيئة منها بمزايا الأتراك، فذكر وأد البنات يوحي بتمتع المرأة التركية بالحرية، وتعدد الآلهة لدي العرب يقابله إيمان الأتراك بالإله الواحد في الإرث الحضاري الشاماني، لهذا كان الأتراك قد قبلوا الإسلام ديناً طواعية وعن رغبة صادقة في تلبية نداء دعوة الحق، لأن معتقداتهم في الموروث الحضاري كانت مشابهة للاعتقادات الإسلامية، حيث الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له، ومن أجل تأكد أصالة الثقافة والتراث الحضاري التركي ودور الأتراك في الحضارة الإسلامية، فإن ثمة مقارنة - غير مباشرة في كتب التاريخ المدرسية - بين إنجازات العرب والأتراك المسلمين في خدمة الإسلام، فإذا كان العرب قد فتحوا بلاد ما وراء النهر.

فإن الأتراك قد ساهموا في أسلمة ألبانيا والبوسنة والهرسك، وغيرها، كما أن مساهمة العرب فكرياً في الحضارة الإسلامية، يوازيها إنجازات المفكرين الأتراك أمثال: الفارابي وابن سينا، في إغناء الفكر الإسلامي، ويؤمن أصحاب التوليف القومي - الإسلامي في تركيا بأن الإسلام هو الذي حمي الأتراك من الانقراض، مثلما حمي الأتراك الإسلام والمسلمين، فلو نظرنا إلي التاريخ لوجدنا أن جميع الأقوام التركية التي لم تقبل الإسلام ديناً قد انقرضت وزالت من الوجود، بينما استطاع الأتراك المسلمون إقامة الامبراطوريات العظيمة، كما أكد الباحث أن المواد الإعلامية الخاصة بالعرب والمنشورة في الصحافة التركية تصور العرب كما تصورها وسائل الإعلام الغربية، التي شوهتها أفلام هوليوود، فالعربي بدوي، غدار، لا يوثق به، زير نساء، غير متعلم، غير ديمقراطي، وخانع.. وهذه الصورة تتواتر يومياً من خلال تلك الأفلام، ووقوع وسائل الإعلام التركية تحت تأثير وكالات الأنباء الغربية القوية والمؤثرة التي تقوم بتزويد الصحف التركية بأنبائها، وإذا كانت بعض الصحف التركية قد رسمت صورة قاتمة للعرب، وقالت: إن العرب يقومون باستغلال الدين ويتدخلون في شئون تركيا، ويؤيدون الإرهاب ويطمعون في المياه والأراضي التركية، ويضطهدون الأقليات التركية في البلدان العربية، فإن ثمة مجموعة الصحف التركية ذات الاتجاهات الإسلامية واليسارية والتقدمية، تساند القضايا العربية وتتعاطف مع العرب أمام الهجمة الامبريالية الأمريكية - الصهيونية - التبشيرية ضد العرب والمسلمين.