رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منى حامد : انتشار المذهب الشيعي في مصر مستحيل

بوابة الوفد الإلكترونية

تعد الدكتورة «مني حامد» رئيس قسم اللغات الشرقية بكلية الألسن جامعة عين شمس احد الحراس الاشداء علي مد جسور التواصل بين الثقافة العربية والثقافة الفارسية ، فعلي مدار عشرين عاماً سعت جاهدة لرسم صورة صادقة وموضوعية للمشهد الايراني الثقافي والعلمي المعاصر.

فقامت بترجمة العديد من الروايات لأشهر الكتاب الايرانيين مثل رواية ( جشمهايش) للاديب الايراني «برزي علوي» بالاشتراك مع الدكتور عادل عبد المنعم ونشرت بعنوان (عيناها) كما أن لها عدة بحوث هامة حول: إطلالة علي معاجم برهان قاطع، الترجمة من الفارسية الي العربية في النصف الثاني من القرن العشرين وغيرها من الدراسات والترجمات وحول زيارة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي لايران لمدة ست ساعات فقط الا انها تطرح ملفا شديد الخصوصية حول العلاقة بين مصر وايران وهذا المشترك الحضاري والثقافي الطويل بينهما الذي توقف منذ ما يقرب من الثلاثين عاما وحتي الآن وهل هناك بارقة أمل لعودة هذا التواصل الثقافي مرة أخري؟ وهل ما يعوق تحقيق هذا التواصل مخاوف البعض من المد الشيعي الإيراني الي مصر؟ كل هذه الاسئلة طرحتها علي الدكتورة «مني حامد» وهذا هو نص الحوار...


* توقع الكثيرون نتائج ايجابية عديدة لزيارة الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى لايران، رغم أنها كانت زيارة قصيرة ولها مهمة محددة ولم تكن زيارة توطيد علاقات ثنائية وتعاون كسابقتها للصين. وكان الداعى لهذه التوقعات الكثيرة هو الانقطاع الطويل الذى دام لأكثر من ثلاثين عاما.. كيف ترين هذه الساعات الست؟
- العلاقات المصرية الايرانية أمر يحمل أهمية كبيرة على أكثر من مستوى سياسى واقتصادى وثقافى، وربما بحكم التخصص يشغلنى أمر هام وهو مستقبل أبنائنا من الذين يدرسون اللغة الفارسية فى كل الجامعات المصرية تقريبا، والذين يتمنون أن يكون هناك انفراج فى مسألة العلاقات ولو الاقتصادية التى توفر لهم فرص العمل فى الشركات والاستثمارات، فالمسألة التى نحن على دراية بها بحكم التخصص وهى أن المستثمرين الايرانيين ورجال الأعمال راغبون بقوة فى دفع استثماراتهم الى مصر، وأن المواطن الايرانى يحب السياحة التاريخية الى مصر وخاصة فى وجهها الفرعونى فهم عاشقون للاهرامات ومعابد الأقصر، كذلك السياحة الطبيعية الى المناطق الجميلة الجذابة بمصر ناهيك عن السياحة الدينية الى مزارات أهل البيت بمصر.
كل هذا بالنسبة لأبنائنا الخريجين هو فرص عمل لمئات تتخرج كل عام من دارسى اللغة الفارسية الذين يتخرجون فلا يجدون عملا وكنا الى فترة قريبة نعانى من هذا فى تخصص اللغة التركية وما إن انهمرت علينا المسلسلات التركية وبدأت بعض الشركات والاستثمارات التركية توفر فرص العمل للخريجين حتى أقبل الطلاب بالمئات علينا فى كلية الألسن ليدرسوا اللغة التركية.
* علي الرغم من التاريخ الثقافي والحضاري المشترك بين مصر وايران إلا أن القطيعة بين البلدين امتدت ثلاثين عاما.. ألا تعتبرين أن السنوات طويلة جداً؟
- على المستوى التاريخى والثقافى فالعلاقات المصرية الايرانية قديمة جدا، وفى لغتنا العامية المصرية ألفاظ كثيرة فارسية يعتقد البعض أنها تركية لا لشئ إلا لأنها انتقلت إلينا على لسان الأتراك ولعل أشهرها وألذها بالطبع الكباب والكفتة مثلا، وأسماء كثيرة نسميها لبناتنا دون أن ندرى معناها أحيانا مثل شيرين ونرمين وباكينام وغيرها.
ولغتنا العربية الفصحى بها ألفاظ فارسية كثيرة دخلت اليها وقد درست جانبا كبيرا منها فى كتاب الجواليقى «المعرب» وقمت بتأصيلها وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
كذلك فان من يدرس الآثار الاسلامية لابد له من العلم باللغة الفارسية ليفسر ما هو منقوش على جدران المساجد وشواهد القبور وفى المخطوطات وكثيرا ما يلجأ الينا الباحثون لنعاونهم على فهم ما يجدونه مدونا بالفارسية.
والايرانيون على علم بما يقوم به الأساتذة المتخصصون فى اللغة الفارسية وخاصة المصريين من اهتمام باللغة الفارسية وترجمة للروائع الأدبية الايرانية قديمة وحديثها إلى اللغة العربية فى شتى المجالات فى الأدب والتاريخ والفنون وهم لذلك يقدرون الأساتذة المصريين ويحتفون بهم لأنهم هم الذين حافظوا طوال ثلاثين عاما على وجود للغة الفارسية فى مصر رغم المعاناة الشديدة ففى ظل انقطاع العلاقات السياسية وعدم تمكننا من السفر وتوفير الكتب والمراجع اللازمة للبحث كان الأمر فى غاية الصعوبة وللقارئ أن يتخيل المعاناة فى ظل أننا لم نتمكن من السفر إلى إيران من علم 1979 م وحتى عام 2000 وفى ظل معاملة قاسية من الجهات الأمنية للنظام السابق والتى كانت تعامل من يرغب فى السفر إلى إيران ولو كان متخصصا معاملة العميل مثلا.
على مدار أكثر من سبعين عاما ترجم المصريون روائع الأدب الفارسى التى لا تقل روعة وجمالا عن الأدب الغربى بل تزيد واقرئى مثلا أغانى شيراز لأستاذنا الدكتور إبراهيم الشواربى والتى هى ترجمة لغزليات شيراز للشاعر الايرانى الكبير حافظ الشيرازى، واقرئى ترجمة مثنوى مولانا جلال الدين الرومى التى ترجمها الدكتور ابراهيم الدسوقى شتا ، ومنطق الطير الذى ترجمه الدكتور بديع جمعه ورسالة الخلود وهى رائعة اقبال المنظومة بالفارسية والتى ترجمها الدكتور محمد السعيد جمال الدين وما ترجمه الدكتور فؤاد الصياد من كتب أرخت للعصر المغولى ومن يبحث فى ذلك العصر من دارسى التاريخ لا يمكنه الاستغناء عن دراسة الفارسية.
هذا غير ما ترجمه شباب الباحثين والدارسين من القصة القصيرة والمسرح والرواية مئات من الأعمال العلمية القيمة لا تجد سبيلا للنور فى ظل عدم الاهتمام بالثقافات الشرقية.
إن الأمر الذى نود لفت الانتباه إليه أن تتوجه مصر الى الشرق اقتصاديا وثقافيا ففى الشرق روافد ومنابع كثيرة لم ننتبه

لها بعد.
* يردد البعض من الدارسين للشأن السياسي الايراني مخاوف عديدة حول رغبة ايران في انتشار المذهب الشيعي في مصر؟!
- الأمر الذى يزعج الناس من انتشار المذهب الشيعى فى مصر إن عادت العلاقات المصرية الايرانية فهذا أمر لا ارتباط بينه وبين عودة العلاقات فى رأيى حسم الأمر فى يد الأزهر وفى يد علمائنا الأجلاء المنوط بهم شرح هذا المذهب شرحا هادئا وعلميا وتوضيح الأمر. كما أنى لا أعتقد أبدا أن المستثمر الذى يريد أن يستثمر أمواله فى مصر له شأن أو اهتمام بنشر أى مذهب من المذاهب شيعى أو غيره . وكذلك السائح الذى يدخر أمواله ليأتى الى مصر يروح عن نفسه وعن أهله هل يضحى بذلك لنشر المذهب؟!. أما على مستوى المتخصصين فهم أكثر الناس فهما ووعيا ولا خوف على الاطلاق منهم فى أمر نشر المذهب.
كل الأمور العالقة والتى تقف فى سبيل عودة العلاقات المصرية الايرانية آن لها أن تحل فلا يعقل أن تظل العلاقات بين بلدين كبيرين كمصر وايران مقطوعة كل هذه السنين. ونحن كمتخصصين نأمل أن تحل هذه المعضلة مع حكم جديد فى مصر بتوجه جديد وفكر مختلف.
* في تصورك كيف يكون مستقبل العلاقات المصرية الايرانية ناجحاً وبناءً ويليق بحجم وقوة البلدين في المنطقة ودورهما الاقليمي؟
- ربما لا يعرف الكثيرون أن هناك تأثرا وتأثيرا كبيرين بين اللغتين الفارسية والعربية وأن هناك ألفاظا كثيرة دخلت من العربية الى الفارسية بعد الفتح الاسلامى بحكم أن اللغة العربية كانت هى لغة الدين الاسلامى الذى دان به الايرانيون وكان لابد لهم من تعلم ألفاظ مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها كثير، بل إن اللغة الفارسية تكتب بالحروف العربية أيضا. أما الألفاظ الفارسية وخاصة ما كان منها مرتبطا بالحضارة فقد دخل الى العربية كالديوان مثلا ومن عاميتنا المصرية مثلا لفظ الشادر والكنار والبفتة والششم وهو دواء كان المصريون يعالجون به عيونهم قديما والابريق والسرداب والجورب والكتبخانة وغيرها كثير والأعداد الفارسية التى يرددها من يلعبون لعبة النرد أو ما يعرف بالطاولة مثل الدو والشش والبنج ولعبة الشطرنج وهى لعبة فارسية الأصل.
وأسماء كثيرة لبنات مثل جلبهار وجلنار وماهيتاب وماهينور وبروين وبرى ونازك كلها أسماء ايرانية لكنها جاءت الينا عن طريق الاتراك. وفى هذا المجال لا يمكن أن ننسى ما أسهم به علماء الفرس فى صنع الحضارة الاسلامية فمن بوسعه أن ينسى الخوارزمى وابن سينا والرازى وسيبويه والطبرى وغيرهم لذلك علينا أن نلتفت الى الشرق لنتذكر أمجاد الحضارة الاسلامية التى احتوت كل هؤلاء وضمتهم بين جناحيها فصنعوا أزهى عصور الحضارة الاسلامية.
أما عن مستقبل العلاقات الثقافية فنحن على ثقة من رغبة الجانب الايرانى فى هذا التواصل الثقافى ونحن نتمنى أن تكون هناك اتفاقيات ثنائية بين الجامعات الايرانية العريقة كجامعة طهران وجامعة العلامة طبطبائى وجامعة تربيت مدرس فيكون هناك تبادل للأساتذة والطلاب وأن تتاح الفرصة لأبنائنا لدراسة الماجستير والدكتوراة فى بلد التخصص الذى يدرسونه وأن نستقبل فى مصر الطلاب الايرانيين الراغبين فى دراسة اللغة العربية أو غيرها من التخصصات فى جامعاتنا الكبيرة.
ان بين جامعاتنا ودول كثيرة فى العالم برامج تنفيذية واتفاقيات ثنائية فلماذا نحرم نحن من هذه البرامج والاتفاقيات لأكثر من ثلاثين عاما دون مبرر واضح. ولماذا نظل نعانى من صعوبة الحصول على فرصة سفر لمهمة علمية أو دورة لتنمية وتطوير علاقاتنا الثقافية والتى تعود بالنفع الكبير على أبنائنا الدارسين وجامعاتنا.
ان الفكر والثقافة الفارسية تحتاج منا الى الاهتمام والدعم ودولة بحجم ايران وأهميتها على المستوى الاقليمى والدولى تحتاج الى النظر اليها بعين الاعتبار