رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر والحرب العالمية الأولى "ندوة بالأعلى للثقافة"

جانب من الندوة
جانب من الندوة

نظمت لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان: "مصر والحرب العالمية الأولى ... قراءة جديدة"، وقد أدار النقاش بالندوة الدكتور جمال شقرة مقرر لجنة التاريخ، وتحدث فى الندوة الدكتور على بركات، عضو لجنة التاريخ بالمجلس، بالإضافة لحضور نخبة من الباحثين الأكاديميين المتخصصين فى التاريخ، ومن ضمنهم الدكتورة زبيدة عطا، عضوة لجنة التاريخ بالمجلس، وأستاذة التاريخوالعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة حلوان.

 

تحدث الدكتور على بركات نافيًا وصول قوام عناصر الجيش المصرى إلى مليون ومائتى ألف من الضباط والجنود إبان الحرب العالمية الأولى؛ حيث أن هذا العدد لا يتناسب حتى مع تعداد سكان مصر فى الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، واستطرد مستشهدًا بمقولة المؤرخ الشهير ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون: "ما لا يقبله العقل لا يطرح ولا يناقش"، كما أن المصادر التاريخية لحقبة الحرب العالمية الأولى تكشف أن بريطانيا العظمى التى كانت بطبيعة الحال تمثل لنا دولة الاحتلال، قد استعانت خلال تلك الحرب بالمصريين الذين لم يكونوا ضباطًا وجنودًا بقدر ما كانت غالبيتهم من المواطنين المصريين المدنيين؛ فكان سوادهم الأعظم من الفلاحين بجانب سائر الفئات المختلفة؛ حيث أنه ما تم بالإجبار والقهر من قبل سلطة الاحتلال الإنجليزى.

 

ثم واصل الدكتور على بركات حديثه؛ حيث أشار إلى ما تكبده المصريون حين دخلت بريطانيا الحرب العالمية الأولى، الذى أدى لدخول مصر الحرب بجانب الحلفاء؛ حيث عانى المصريون ويلات الاستيلاء على دوابهم من جمال وخيول وحمير وبغال، لاستخدامها فى الحرب، وكذلك سلبت محاصيلهم الزراعية وعلى رأسها القمح، كما تم إجبارهم على خدمة بريطانيا والحلفاء بالسخرة، ثم تابع مؤكدًا إلى أنه وفقًا للوثائق البريطانية، قد ازداد عدد المصريين الذين كانوا يعملون لدى الجيش البريطانى بشكل تدريجى كلما اتسعت وتعددت رقعة القتال، حتى وصل عددهم عام 1917 م إلى 247 ألف عامل، ثم ارتفع هذا العدد فى عام 1918 م ليصل إلى 320799 عاملًا.

 

ثم عقبت الدكتورة زبيدة عطا منوهة إلى أهمية الوقوف أمام الأخطاء الكارثية على حد وصفها، التى تعج بها الأعمال الدرامية التى تقع ضمن تصنيف "الدراما التاريخية"، وأبدت الدكتورة زبيدة تعجبها من أن يكون رد القائم على هذه الدراما أنهم يكتبون دراما تاريخية خيالية أو "فانتازيا"، فكيف هم يزعمون بأن الأحداث من دروب الخيال فى حين أن شخوص العمل وأبطاله واقعيين؟! وكيف تُمرر تلك المعلومات التاريخية المغلوطة لعموم المتلقيين بداعى أنها من الخيال وهم يعرفون أن كل هذا واقعى، والعجيب فى الأمر أن يتم هذا كله تحت مظلة حرية الفن الإبداع! فيما أشار مدير النقاش الدكتور جمال شقرة، إلى أهمية ما طُرح فى هذه الندوة،وأكد أنه سيتم استخلاص أهم ما دار النقاش حوله، لكى تقدمه لجنة التاريخ بالمجلس فى صورة مجموعة من التوصيات، وأن اللجنة بجانب الجمعية التاريخية فقط من يقع على عاتقهما ما يخص التاريخ، لذا سيتم مخاطبة الهيئات الرسمية المنوطة بذلك مثل: اتحاد الإذاعة والتلفزيون واللجنة الوطنية للإعلام، وما إلى ذلك، حتى يتم

اتخاذ اللازم فى ما يخص تزييف التاريخ، الذى أصبح يشهد تهديدات من جبهات عدة؛ فبجانب من يخوض بالحديث عن أحداث تاريخية ويسردها دون علم، هناك قضية بالغة الخطورة تمثل تزييفًا تاريخيًا أيضًا، ألا وهى قضية الدراما التاريخية؛ حيث أوضح شقرة أن العديد من الأعمال الدرامية شهد تزييفًا وتدليسًا بشكل واضح، ومن بينهم وهم كُثر.

 

وأشار شقرة إلى المسلسل الذى يسرد قصة حياة نبى الله يوسف - عليه السلام - والتى بها الكثير من المغالطات مثل الزعم بأن المصريين القدماء كانوا ممن يعبدون الأوثان، للنيل من قدرهم المشهود فى وقيمتهم الرفيعة فى الحضارة والضمير الإنسانى كافة فهم كما عرفهم العالم أجمع أول من عرف التوحيد.

 

استشهد الدكتور جمال شقرة بما دار بينه وبين الدكتور جابر عصفور حينما كان وزيرًا للثقافة؛ حيث كان يشير وقتها إلى ضرورة الوقوف فى وجه صور تزييف التاريخ المختلفة كافة، حتى وإن كانت تحت عباءة الفن، أو ما يطلق عليه مسلسلات الدراما التاريخية، إلا أن الدكتور جابر عصفور لم يوافقه مستندًا إلى مبدأ حرية التعبير، وهو ما أعاد الدكتور جمال شقرة توضيحة أن الفن القائم على التعبير والفن شىء، وما يستند إلى معلومات تاريخية شىء آخر مغاير تمامًا، فلابد فى المقام الأول حينما تُسرد أحداث تاريخية وإن كانت فى عمل فنى، أن يتم روايتها بدقة متناهية لأنها ليست وجهة نظر لأى من كان بل هى حقائق حدثت بالفعل، فيجب أن تصل للمتلقى كما حدثت دون تغييرها، ثم أنهى الدكتور جمال شقرة كلمته الختامية مشيرًا إلى أن أهم توصية أفرزتها هذه المناقشة هى: إنشاء مرصد تاريخى، يديره ويعمل عليه نخبة من الباحثين وكبار المتخصصين فى التاريخ بشتى فروعه؛ ليتصدى لهذه الهجمات المتتابعة والمتنوعة التى تزيف تاريخنا، وأوضح مقرر لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة أنه سيتم بلورة هذه التوصيات وطرحها على الدكتور هشام عزمى، الأمين العام للمجلس، لكى يتم تطبيقها، بعد أن تُرسل إلى الجهات الرسمية كافة.