رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من وحي الأقلام.. نحو فهم سليم للهوية والمواطنة والجنسية

الباحث عمر غازى
الباحث عمر غازى

نستعرض معًا في هذا الجانب الثقافي بعضًا من وحي أقلام أدبية أثرت بمداد إبداعها الحياة الأدبية والفكرية...واليوم نعرض معًا لوحي قلم عمر غازي، الباحث في الدراسات الاجتماعيةوالسياسية.


بعنوان "نحو فهم سليم للهوية والمواطنة والجنسية"

ثمة تعقيد يتعلق بإشكالية فهم الهوية والمواطنة والجنسية، ومنشأ هذا التعقيد راجع إلى أمرين

الأول: هو تشابكهم فعلاً وتقطاعهم في العديد من الأمور.
والثاني: يتمثل في عدم معرفة مكامن الاختلاف والاتفاق على نحو دقيق.

الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى النظر إلى أحد مكونات الأمة بنظرة تعتريها الشك والريبة، وبالتالي تكون النتيجة تهديدا للحمة الوطنية، والتعايش المشترك بين أفراد المجتمع.

 

*في تشابك المصطلحات

1- تعرف الهوية بأنها الخصوصية التاريخية والثقافية التى تجمع أفراد منطقة جغرافية معينة، وتميزهم عن غيرهم، وينتج عنها إحساسهم بالانتماء إلى أمة واحدة والارتباط بوطن معين، وتكوين نسيجه المتآلف، ومن ثم الالتقاء تحت مظلة وراية واحدة للمشاركة في صناعة حاضره ومستقبله والدفاع عن ماضيه.

وتتداخل تحت هذه الهوية هويات أخرى متعددة ذات مستويات مختلفة، وتتحدد مقومات الهوية بعناصر عديدة تتمثل في اللغة والثقافة والانتماء والولاء للوطن والعيش المشترك ومواجهة التحديات وغيرها.

2- ومن هنا تتشابك الهوية مع المواطنة، إذ المواطنة انتماء لأرض ومجتمع، له حقوق وفضائل يحميها القانون ويرسخها سلوك الجماعة، وعليه واجبات وفروض تلزم المنتفع بتلك الحقوق والفضائل، وعليه فالهوية لازمة للمواطنة والعكس صحيح، وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى “أن المواطنة علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبمـا تتضمنه تلك العلاقـة مـن واجبـات وحقـوق فـي تلـك الدولة، تـسبغ علـى المواطن حقوقًا سياسـية ،مثـل حـق الانتخـاب وتـولي المناصب العامة”.

3- وبالتالي فإن المواطنة تقوم على دستور وقوانين وتشريعات مستمدة من الهوية الثقافية والتاريخية والدينية للمجتمع، لحماية هذا الإطار الهوياتي، والحفاظ عليه، لضمان حصول المواطنين على حقوقهم المتساوية في إطار النسيج الاجتماعي المكون للهوية باختلافاتها العرقية والمذهبية والدينية وما تحمله من أقليات لا يمكن أن تنفك عن المكون المجتمعي العام، وقد تخضع هذه الهوية لتغيرات وتحولات ومد وجذر على مدار السنوات.

4- هذا التسلسل يأخذنا بطبيعة الحال إلى مفهوم الجنسية، والتي تعرف بأنها علاقة قانونية بين الدولة والفرد، يترتيب عليها بعض الحقوق والالتزمات، إلا أنها تختلف عن المواطنة ومن هنا منشأ التعقيد فكل مواطن لديه جنسية، ولكن ليس كل من لديه جنسية يكون مواطنًا، إذ يترتب على المواطنة حقوق أخرى مثل الحق في المشاركة السياسية أو الحصول على العمل، أو الحق في الانضمام للسلك العسكري أو الدبلوماسي وغيرها وهذا الحق لا يحصل عليه كل من يمتلك جنسية البلد في كثير من دول العالم.

ولفهم أكثر دقة فإنه يوجد من يحملون الجنسية الأمريكية على سبيل المثال وليسوا مواطنين فهناك أشخاص وُلدوا في أراضٍ تملكها الولايات المتحدة يمكنهم حمل جواز سفر

أمريكي، والعيش والعمل داخلها، لكنهم لا يمكنهم التصويت أو الترشح لانتخابات تشريعية أو رئاسية أو بلدية.

وفي بريطانيا، ونتيجة الإرث الاستعماري، فإن الوضع أكثر تعقيدًا؛ حيث إن هناك ستة أنواع من الجنسية البريطانية؛ منها “مواطنون بريطانيون”، و”رعايا بريطانيون”، و”مواطنون بريطانيون في الخارج”، و”مواطنون تحميهم بريطانيا”، و”مواطنون بريطانيون فيما وراء البحار”، و تختلف حقوق كل نوع من المذكورين؛ فعلى سبيل المثال، يسجل مواطنون في أراضٍ بريطانية في الخارج، ويحصلون على جوازات سفر بريطانية، لكن لا يمكنهم العيش أو العمل في بريطانيا.

 

*مفاهيم مغلوطة

ثمة عدد من المفاهيم المغلوطة أو الملتبسة أسهمت في ظهور العديد من الإشكاليات حول المصلحات الآنفة الذكر وتتمثل في التالي:

1- اعتقاد البعض أن هوية الدولة لا بد وأن يتحكم فيها مكون عرقي أو ديني معين وبالتالي فإن الأحقية حقوق المواطنة الكاملة ترجع لهذا المكون الذي يشكل الغالبية العظمى، وعليه يتم النظر من قبل الأفراد لا الدولة إلى بعض الأقليات العرقية أو الدينية أو المذهبية (إن جاز التعبير) كمكون دخيل أو مجموعات مجنسة غير كاملة الأهلية الوطنية، تشكل خطرا على النسيج الاجتماعي أو متطفلة عليه، وهو الاعتقاد الخاطئ الذي يتعارض مع مفهوم الدولة الحديثة والمواطنة.

2- نظرة البعض إلى مكتسبي الجنسية سواء مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية أو تجردهم منها نظرة تشكيكية لغياب المعيار الصحيح في الحكم عليهم والمتمثل في الالتزام بواجبات وحقوق المواطنة أو الجنسية وفقًا للقوانين المعمول بها في البلد.
الخلط في تعريف المواطنة وربطها بالوطنية في حين أن المواطنة صفة تتحدد بموجبها الحقوق والواجبات،فالمواطنة تعني الحفاظ على الوطن، وحماية ممتلكاته ومكتسباته، والعمل بالقانون والعدالة الاجتماعية، فالذي يخالف ذلك إنما لا يعير أهمية للمواطنة رغم ادعائه بذلك.

3- تعمد بعض المنتمين لأيديولوجيات تحمل بعدا قوميًّا أو إمبرياليًّا، إلى إثارة البلبلة هو المصطلحات والتشكيك فيها والخلط المتعمد لتمرير أفكارها.

عمر غازى