عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الروائي اللبناني محمد طعان: أعشق مصر وعبدالناصر.. وتعرضت لمؤامرة أمريكية صهيونية

بوابة الوفد الإلكترونية

هو الطبيب الجراح، وأحد الكتّاب الفرانكفونيين ، الذي أخذ على عاتقه أن يكون من بين الأقلام الناحتة في جدار العقل الغربي ؛ حرص على نقل صورة صحيحة للواقع التاريخي والسياسي والديني لمجتمعنا العربي ،في قالب روائي إبداعي،  وإعادة تقديمه مبرءًا من كل دنس وتشويه أصابه، وذلك بلغة الغرب المتشبع بأفكار مغالطة عنا.
نشأ د. محمد طعان، الروائي اللبناني الاشهر ، في جنوب لبنان ،  درس في فرنسا طب عام وجراحة،  عاش طفولته في أربيجان عاصمة شاطئ العاج، ثم شاءت الأقدار أن يعمل في وزارة الصحة المغربية كطبيب جراح، ثم  استطاع بعد تخرجه بخمسة أعوام ان يقيم مشفى خاصا به في لبنان.

هُجر " طعان" قسراً إلى نيجيريا ، ونظرا لطبيعة ذلك البلد الذي يخلو من الحياة الاجتماعية فقد اتجه لتمضية وقته بعد فراغه من العمل في كتابة السيناريوهات.

عشرون عاما قضاها د.محمد طعان ، في كتابة السيناريوهات ثم الروايات باللغة الفرنسية ، فأثمرت عن عشر روايات ترجمت الى العربية وتوزع حاليا بالعديد من الدول العربية وعلى رأسها مصر، منها روايات" سيد بغداد، رحلة بهمان، فول سوداني، الخواجا، صيف الجراح، ما باحت به سارة، نوستالجيا، لاجئو بيشاور".
وفي محاولة منا لسبر أغوار ذلك القلم المبدع والمختلف، التقيناه على أمل أن يزيل من صدورنا ما علق بها من تساؤلات حيرى ، فإلى نص الحوار:

بداية يقول د.طعان ، عن سبب اتخاذه الفرنسية لغة للكتابة رغم إجادته للعربية، إنه في بداية حياته الابداعية كان يكتب السيناريوهات لأنه عاشق للسينما ؛ ولإدراكه أنها ستنفذ وتقدم الى الغرب ، فسعى من خلالها لإيصال رسائل بعينها لمن يراها .
أما عن لحظة قراره للتحول من كتابة السيناريو الى الرواية ، فيقول " الطعان" :إن المخرج اللبناني مارون بغدادي ، كان قد طلب مني كتابة سيناريو عن طفل ما ، وفي عام 93 ، بينما كنت أحضر فعاليات مهرجان فيسباكو ، قرأ ذلك السيناريو، التونسي فريد بوغدير ، فأثنى عليه كثيرا مؤكدا أنني أجيد لغة السرد ولابد أن أكتب الرواية ، فظل الأمر يشغلني حتى ثلاث سنوات تالية لذلك الموقف فحولت ذلك السيناريو لرواية بالفرنسية، وهكذا صرت كاتبا بمحض الصدفة.

 

 

وعن تلك العلاقة الخفية التي تربط بين الادب والطب ، وتجعل كثيرا من الاسماء اللامعة في مجال الطب أدباء أشهر ، يكشف لنا د.الطعان ، أن الامر إنما يتعلق بامتلاك الطبيب لقيمة إنسانية راقية ربما كانت عنده أكثر من غيره ، وهو ذلك الحس الانساني الذي يدفعه للتعاطف مع مريض ومع معاناته ، وهو ما يؤهله فيما بعد لأن يسبر أغوار النفس البشرية ويصنع منه كاتبا.
وعن ذلك الحس الانساني في كتاباته ، يؤكد أن روح الطبيب الجراح بداخله تظهر بقوة بكل كتاباته ويبدو جليا ذلك الحس الانساني، حتى ان آخر الأطروحات التي قدمت عن اعماله كانت بالجامعة الكاثوليكية ببغداد ، حيث كان عنوانها " الحس الانساني في كتابات د.محمد الطعان" .
وعن أهم المباديء التي تأثر بها كثيرا ويضعها دوما نصب عينيه ، يقول " الطعان" إنها تلك العبارة التي قالها الامام على لمالك الاشتر اثناء توجهه الى مصر ، فقد قال له " الناس صنفان ..إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" ، وهي تعد اختزالا لكل قيم التسامح والتعايش السلمي بين بني البشر في الإسلام.

 أما روايته " سيد بغداد" التي ترجمت الى العربية وصدرت عن مكتبة مدبولي ،وتوزع بمصر ونوقشت بمعرض الكتاب وتشهد اليوم حفل مناقشة بالاسكندرية ،والتي تتعرض للغزو الامريكي للعراق،  فيجيب " الطعان" عن سؤالنا لماذا
تناول العراق بالذات ؟ أجاب بأن الرواية تتعرض لأكاذيب امريكا وخداعها العالم لغزو العراق ، وأن اختياره للعراق ولتلك الحقبة التاريخية لتكون موضوع روايته ، إنما جاءه عندما شاهد في عام 2003 ، محمد الدوري مندوب صدام حسين جالسا باحد اجتماعات الامم المتحدة وهو يبكي مناشدا بألا يشنوا حربا على العراق ويختاروا الحل السلمي، عندئذ لاحظ " الطعان" عدم مبالاة كولن باول ببكاء الدوري ، وانشغاله وممله من بكائه وكأنه يريد أن يصرخ فيه مؤكدا ان الحرب ستشن مهما فعل وانه لا طائل من بكائه.
ويؤكد " الطعان" أنه في تلك الأثناء كان شغوفا بتعاليم الاسلام ، فتذكر تلك الآية التي تتحدث عن المستضعفين في الارض وعن الاستكبار، عندها قرر أن يكتب تلك الرواية عن العراق فكانت " سيد بغداد" .
تلك الرواية التي تم تكريمه عنها في فرنسا ، والتي تتحدث عن جندي أمريكي شجاع يتمنى ان يستشهد في سبيل وطنه مثل ابيه وجده ، وهو هنا يمثل الشجاعة بعيدا عن اهداف ذلك الوطن ، وعندما يصل الجندي الى العراق

التي ظن انها الوسيلة لتحقيق غايته ، يصاب بالاحباط عند اكتشافه أكاذيب ذلك الوطن الذي تمنى الاستشهاد من أجله.
وفي مشهد درامي يتجه ذلك الجندي من بين احباطاته لزيارة سيدنا الحسين .
وعن ذلك الصدى الذي أثارته " سيد بغداد" بالغرب، اكد " الطعان" أنها لاقت جماهيرية ومنعا في الوقت ذاته ، فكانت سببا في منعي من النشر بفرنسا والغرب كله ، لأنني بتلك الرواية أحاول تقديم الإسلام المستنير الذي يرفضه الغرب ويرفض ان تطلع عليه شعوبه ، لتظل صورة الاسلام المشوهة التي خلقها اللوبي الصهيوني من انه مصدر للارهاب عالقة في الأذهان .
ويستطرد " الطعان" أنه الان يتجه للنشر بمصر ، فهو بصدد نشر رواية تتحدث عن حقبة محمد على وعباس حلمي ، ونشأة الاخير الوهابية بجدة ، واكتشافه أن ذلك الاسلام الذي تقدمه النزعة الوهابية ليس هو الاسلام الحق ، ومن هنا قطع شوطا في البحث عما يشغله ، وتتناول الرواية شخص عباس حلمي الذي تعرض للتشويه لا لشيء الا لكونه كان رافضا للسخرة واراد تكريم الإنسان، وهو ما يثبت أن الغرب ومستشرقيه هم من شوهوا تاريخنا عن عمد.

ويستكمل " الطعان" كشفه عن المؤامرة الامريكية واللوبي الصهيوني عبر روايته " لاجئو بيشاور" والتي تكشف النقاب عن الدور الأمريكي في رعاية الارهاب بافغانستان مسلطة الضوء على المهمشين من اللاجئين ، وهنا يؤكد لنا " الطعان" أن تلك الرواية قد لاقت صدى كبيرا في الغرب خاصة لما تقدمه من شرح لكيفية تعامل المخابرات الامريكية والباكستانية وغيرها، ودور أمريكا في صناعة المجاهدين الأفغان الذين خرج  منهم فيما بعد بن لادن ، ثم صناعتهم للملا عمر والذي راهنوا على أنه سيخلصهم من المجاهدين الأفغان فجاء بحركة طالبان .
وعن قناعته بالدور الأمريكي والصهيوني في كل ما يدور ، اكد " الطعان" أن اقترابه من المجتمع الغربي وثقافته الفرنسية واطلاعه على افكار وثقافات الغرب جعله كل ذلك يدرك خوف الغرب من المد الإسلامي ومحاولتهم زعزعة ثوابته في الأذهان وتشويهه كلما امكن ذلك.

أما رؤيته للمشهد السياسي وثورات الربيع العربي التي شهدتها وتشهدها المنطقة ، فيؤكد د.محمد طعان، أن تلك الثورات قد بدأت من الشعوب الا أن هناك من الايادي المعادية للعرب من تدخل لتغيير مسارها فصار هدفها تقسيم الدول العربية وليس تحريرها.

ويتمثل عشقه للمصريين عبر محورين : اولهما عشقه لآل البيت واعجابه بهيام المصريين بهم ، وتعلقهم بالعتبات المباركة ، فازداد تعلقه بمصر شعبا وارضا ونيلا، والتي حل بها عام 71 طالبا ، وثانيهما حبه لعبدالناصر ، حتى ان حبه هذا قد بدا جليا في روايتين هما : " ما باحت به سارة" والتي جسد من خلالها  عشقه لعبد الناصر ، ورواية " نوستالجيا" التي رشحت عام 99 لنيل جائزة القدس ، حيث تحدث خلالها عن طفل فلسطيني ينشأ في مخيم للاجئين بجنوب لبنان ، ويموت ابوه وهو بعد صغير ، ليحل عبدالناصر  المثل والبطل مكان الأب ،في ذهن الطفل الذي يرى في ابتسامة ناصر المرتسمة على صورته انعكاسا لابتسامة ابيه ، ليصبح ناصر هو العودة والارض والمخلص.

 

.