عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لمن لم يعرفه

بوابة الوفد الإلكترونية

 في هذا الجانب الثقافي نستعرض معا بعضا من وحي أقلام أدبية أثرت بمداد إبداعها الحياة الأدبية سنين طوالا ...واليوم نعرض معا لوحي قلم فاطمة عساسة .

"لمن لم يعرفه"

بقلم / فاطمة عساسة

أحسن إلى من حولك واستدرك الفائت فإنك لن تدرى متى تفقد من تحب.. أحدثكم من قلب لم يعرف معنى الفقد قط حتى جاء قضاء الله فذاق معنى الفقد في أكبر صوره له.. أحدثكم عن رجل كان يمثل لي وللكثير الاب والأخ والصديق المقرب.. خالي محمد المهدي الوصيف.. هذا الرجل الذي اتفق كل من رآه انه أصلح له في حياته فكان عقله كموسوعة مصغرة تجد فيها كيفية التعامل مع جميع أصناف البشر وحقائق الاسرار الكونية .. أورثه علمه زهدا وسخاءً وعلما بأسرار التعامل مع الناس  فتجده يتأقلم بسرعة البرق مع كل من يجلس معه فمستحيل أن تشعر بغربة أو أنه اللقاء الأول ولكن عندما تجالسه تشعر وكأنكما قد تربيتما معا.. عاش شبابه وكهولته في حب الخير وحب الناس، أذكر جيدا حنانه علي واعتباري ابنته نبتة روحه في هذه الدنيا فلا زوجة ولا ولد.. فكان يناديني دوما بنبرة يملؤها الحنان، أكاد أذكر ركضي حوله وهو يعمل وسكبي لفنجان قهوته على أوراق العمل و ابتسامته وقتها فضمني وأعاد كتابتها كاملة.. أذكر رحلاتي معه لكثير من البلاد المحلية و نظرتنا الروحية للبلاد بأن لها روحا ورائحة تميز كل مكان وأحيانا نجلس لنتذكر الماضي و روائح البلاد ونقول أيها يشبه بعض وأيها يفرح النفس ويثير الروحانية.. اذكر رحلات العمره وجهده على خدمتنا وإحضار كل ما يلزم رغم مرضه الذي عاش به عشرين عاما.. نعم فقد كان مريضا بسرطان المثانة، عاش حياته الستينية صابرا على ألم لا يعلمه إلا الله كان يتحايل عليه بأكثر من شكل لتفاديه.. حاملا لألمه ،شاكرا الله، راضيا، لا يقول لسانه الا كل ما يأتي من الله جميل.. كان يمضي وقته يروح ويجئ علينا وعلى أصحابه فكان يستضيفهم ليلا طاهيا لهم ما يحبونه من الطعام بنفسه فرحا بضيوفه متناسيا آلامه.. كان يذهب للسوق باكرا لإحضار السمك المشوي ويجلس عدة مرات طوال الطريق ليرتاح ثم يكمل اتيا حاملا السمك لابنته ابنة اخته لتفطر لأنها تحب السمك الصغير.. مرت يا صديقي السنوات سريعا كل منا منشغل بدائرة حياته فلم ندرك ما يشعر به، قد كان حاملا المه مثابرا راضيا ثم تدهورت حالته فجأه فخضع لعمليات متتاليه فكان يئن من

الألم لا يستطيع النوم حتى مع اقوى المسكنات، أسأله كيف انت وما كان يرد الا بكلمة راضي الحمد لله.. حتى توفي وتركنا.. تركني وكنت آملت أن يربي أبنائي كما رباني يعلمهم القراءة وحب العلم والدين وجدول الضرب الذي عاني في تحفيظي إياه سنوات ولم أحفظه.. لقد وعدني انه لن يتركني حتى يحفظ ابني جدول الضرب فلما احس باقتراب الاجل قالي لي سامحيني وسجلي لابنك جدول الضرب بصوتي فانا لن اكمل لاحفظه. ولكني لم أصدق  انه سيرحل، ولكم ندمت الان اني لم اقم بهذا التسجيل الذي طلبه مني، اعز ما كنت املك في هذه الدنيا ولكني خفت ان أؤكد فكرته انه سيرحل ويتركنا.. أصابتني وفاته بشعور غريب، إنه شعور الفقد هل أنا فقدته حقا؟. ما بين فقدي لمن كان اعز الناس وما بين فرحي لراحته من آلامه المبرحة ونزيفه وأنه قد ذهب إلى ارحم الراحمين والصالحين، وقفت حائرة بما أشعر حقا؟ فلا اجدني اشعر الا بأني انتظر ان يطرق بابنا أو أن يسعل في شارعنا فجرا فأخرج منادية من شرفتنا.. خااالي.. لكي ينظر الي فألوح له بكلتا يديّ فرحة ثم أدخل .. فهل مرت هذه الأيام حقا؟ هل لن يطرق بابنا مجددا؟ هل لن يأخذني للعمرة كل عام كما كان يفعل حقا؟ أعلم أنه في مكان افضل ولكني لن أستطيع ضمه بعد الآن.. أعلم أنه سعيد وشهيد ولكنه ليس معي الآن.. قد كان روحي في صورة جسدية أتمكن من لمسها وسماعها ولكن ليس بعد الآن . فلله ما أعطى ولله ما أخذ وإنا لله وإنا إليه راجعون.