رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإسلام السياسي ... المصطلح والدلالة

بوابة الوفد الإلكترونية

في هذا الجانب الثقافي نستعرض معا بعضا مما كتب   من بحوث أو تعريفات في المجالات السياسية أو الاجتماعية أوالدينية   الساسية ...واليوم نعرض تحليل ل مصطلح الإسلام السياسي من خلال الباحث العراقي عز الدين البغدادي حيث يقول : 

ظهرت حركات كثيرة في هذا العصر دعت إلى إقامة الخلافة وتطبيق حكم الشريعة، وأكدت على أنّ السياسة جزء أصيل من الإسلام، وأنّ من الخطأ تصوير الإسلام بأنه دين عبادة فقط، وغض النظر عن الجانب السياسي فيه، والذي يُحتِّم على كل مسلم أن يكون له موقف سياسي من قضايا الأمة.

وقد أطلق على هذا التوجّه تعبير "الإسلام السياسي" فالاسلام السياسي إذن مصطلح يطلق ليصف حركات تتبنّى وتؤمن بمجموعة مـــــــن الأفكـــار والأهداف النابعة من الإسلام –كما تفهمه- وتحاول تقديم رؤية حضارية واجتماعية تنبع منه، وهي تتّخذ العمل السياسي وسيلةً للوصول إلى السلطة لتحقيق رؤيتها تلك، أي أنهـا تعتقـــد بأن هناك نظاما سياسيا في الإسلام، وأنّه هــــــو وحده الكفيل بتحقيق متطلبات الفرد والمجتمع، والرقيّ بهما. هناك من رفض هذه التسمية –أي تسمية هذه الحركات بالإسلام السياسي- وذلك بسبب أن هذه التسمية يمكن –حسب رأيه وفهمه- أن تقسّم الإسلام إلى سياسي وغير سياسي، أو أنها توحي بوجود إسلام غير سياسي، بينما الإسلام واقعا لا ينفك عن السياسة فلا يوجد إسلام بغير سياسة، ولا يوجد إسلام مع انتماء سياسي خارج نطاقه!! أعتقد أن هذا الكلام غير صحيح، وهو نقد غير دقيق، فهو طرح يريد أن يحصر الإسلام في نطاق فهم سياسيّ أيديولوجي محدّد، يرى بأنّ أي مسلم لا يعتقد برؤية الإسلام السياسي فهو ليس مُسلما واقعا، باعتبار أن الإسلام لا يمكن أن يفهم ولا أن يطبق إلا بوجود نظام سياسي خاصّ به يمثّله. ورغم أنّه لا يمكن إنكار الجانب السياسي في تاريخ الإسلام، والظروف التي مرّ بها في نشوئه؛ إلا أنّ هناك قيما وفهما مستقلا عن تلك الظروف رغم أهميتها.

 لقد كان  من الممكن أن يتغيّر تاريخ الإسلام لو ظهر في بيئة أخرى مثلا، لو لم تكن هناك معارضة قوية أو كان استقبال الناس له أفضل.  بتعبير آخر إن كثيرا مما وصلنا يتعلّق بمرحلة النشأة وظروفها، وليس بأصل البنية النظرية للدين، أي هي أمور مقيدة بظرفها لا بنفس الإسلام كدين وفكر وقيم.

وبالتالي فكثير مما يتعلق بالجانب السياسي ظهر لا كإفراز للإسلام كدين، بل بظروفه الاجتماعية والسياسيّة التي

أحاطت به.

أعتقد أن هذا الطرح يحوّل الإسلام من دين يجمع الناس إلى أيديولوجيّة يسقط الدين بسقوطها، وهو ما حصل فعلا عندما فشلت هذه الحركات فأدى فشلها إلى انتشار الدعوات إلى الالحاد أو تهميش الدين عن الحياة. إنه استبداد فكري يقول للناس: إما نحن أو  لا أحد، الإسلام من طريقنا فقط وأي طرح لا يعتمد فكرة الإسلام السياسي فهو خارج عن نطاق الإسلام كدين!! مع أنّ الإسلام قطعا لا ينحصر بالسياسة، فتعبير "الإسلام السياسي" يمكن أن يقيل بمعنى أنه يمثّل رأي الإسلام في السياسة، أو الجانب السياسي من الإسلام وهو بهذا المعنى لا إشكال فيه.

ومع ذلك؛ فأنا أيضا لا أحبّذ استعمال هذا المصطلح؛ ليس للسبب الذي ذكروه، بل  لأنّه موهم، وفيه نبزٌ بالإسلام من جهة كونه يلصق بالإسلام أمورا لا تمّت له بصلة، وقد أثبت الواقع أن معظم هذه الحركات ترفع شعارا إسلاميا إلا أن سلوكها لا يجري وفق ضوابط الإسلام ومنهجه الأخلاقي. لا سيّما بعد أن صارت تلك الأحزاب في غالبها إن لم يكن جميعها –للأسف- سببا في نقد الإسلام كدين، حتى أصبح غرضا تأتيه السهام من كلّ جانب بسبب هذه الأفكار والأفعال التي صدرت منهم. كما أن هذا المصطلح موهم معرفيا لأنه يوحي بأن ما تطرحه هذه الحركات على مستوى النظرية والرؤية يمثل الرؤية الإسلامية، بينما هي مجرّد أفكار ورؤى لا تملك عمقا فكريا في غالبها. إلا أني مع ذلك صرت أرضى باستعماله لكونه أصبح مصطلحا شائعا، فلا بأس به من هذه الناحية رغم ما يتوجه إليه من إشكال.