عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

القعيد للإسلاميين: مصر ليست إيران

بوابة الوفد الإلكترونية

أكد الروائى الكبير يوسف القعيد أن الثقافة تعيش حالة جمود نسبى بعد ثورة 25 يناير، وأن المثقفين يحتاجون بعض الوقت ليستطيعوا إنجاز أعمال إبداعية تؤرخ لمرحلة الثورة.

وأضاف القعيد فى حوار مع «الوفد» أنه يعيش حالة قلق مشروع بعد سيطرة الإسلاميين على جزء كبير من البرلمان، وسعيهم للفوز أيضا بمقعد الرئاسة، لكنه أعرب فى الوقت نفسه عن ثقته فى أن الأمور لن تصل إلى مرحلة الصدام، مشددا على أن أحزاب المعارضة – إلا القليل منها – تعادى المثقفين بنفس الدرجة التى كان يعاديهم بها النظام السابق، الذى كان يستخدمهم كـ «وردة فى عروة الجاكيت».. وإلى نص الحوار..
* أين الثقافة فى ظل هذا الصخب الذى تعيشه مصر الآن؟
 للأسف هناك الكثير من الأنشطة الثقافية ملغاة، ومنذ يناير الماضى وحتى الآن ليس هناك ثقافة بالمعنى المأمول، وحتى الكتابة الأدبية نفسها غير موجودة، فكيف يكتب الإنسان عن واقع يتغير بين لحظة والثانية؟، فنحن نمر الآن بمرحلة انتقالية, وكنت أتمنى أن نطلع على تجارب الدول الأخرى، لنرى كيف كانت ثقافتهم الانتقالية والعدالة والأمن الانتقالى لديهم، وللأسف نحن نمر بثقافة انتقالية صعب أن تؤسس لشيء يبقى، لكن المهم الآن هو الفعل ورد الفعل.
* كيف يرى يوسف القعيد تأثير الربيع العربى على الثقافة؟
 لا شك أن الربيع العربى تغير، وهذا التغير سوف يظهر فى الثقافة بعد فترة من الوقت، وأذكر على سبيل المثال أن أول رواية عن ثورة 1919 كانت عام 1928، وهى عودة الروح التى صدرت رسميا عام 1933، أما ثانى عمل عنها فكان الثلاثية التى كتبت عام 1949 وصدرت فى 1959، الأولى كانت بعد 9 سنوات من الثورة والثانية كانت بعد 30 سنة منها.
إذن علينا عدم الاستعجال والتسرع فى كتابة أعمال سريعة لا تؤدى إلى أى شىء، ويجب أن ننتظر فترة من الوقت لأن الكتابة الأدبية غير الكتابة الصحفية، وأكيد أن الأمس ليس كاليوم وليس كالمستقبل، كل شىء سوف يتغير لكن بالنسبة للإبداع الأدبى لابد أن تمضى فترة من الوقت قبل أن يظهر شعر وأدب وروايات ومسرحيات وأفلام ومسلسلات تؤرخ لفترة الثورة.
*هل يخشى القعيد على الإبداع من التيارات الدينية التى نجحت فى الاستحواذ على البرلمان وتنافس الآن على مقعد الرئاسة؟
 طبيعى أن أخشى، لكن أرجو إذا كان لهم نصيب فى حكم البلد، أن ينسوا ما قيل من قبل ومصادرتهم للإبداع الأدبي، وأن يضعوا فى اعتبارهم أن مصر لها خصوصية، وليست كإيران ولا حماس ولا حزب الله؛ ويجب ألا نكون مثلهم، فيجب أن يطوروا خطابهم ويدركون أن حرية الإبداع لا تتنافى مع العقيدة على الإطلاق.
* ماذا تقول لمن يستعين بالجهات الخارجية للتدخل فى شئون مصر؟
لا أحترم أى شخص يستعين بالخارج على وطنه، وأنا لا أحب أن أستخدم كلمة الخيانة كثيرا، لكن أى شخص يطلب اليوم من الغرب أن يتدخل لأى سبب فى مصر فهذا الشخص أصفه بالخيانة فورا، لأن مصر بلدنا جميعا وإذا كانت ليست لدينا المقدرة على تولى أمورها، فلنتركها جميعا ونرحل.
* وكيف ترى الحالة الثقافية فى مصر الآن؟
على مستوى الفرد يوجد انفجار إبداعى لم تشهده مصر من قبل، رغم ما أكده علماء الاجتماع من قبل أن الإبداع يزدهر فى مراحل الاستقرار، ومصر تعيش منذ ثلاثين عاماً حالة من عدم الاستقرار، ومع ذلك فإن الإبداع الأدبى الفردى يبدو مزدهراً، لكنها تعانى من ثلاث مشاكل.
الأولى أن لدينا إبداعاً من غير نقد، لأن الإبداع مسألة فردية من الدرجة الأولى، فيكفى أن يغلق الإنسان الباب ويبدع، لكن النقد مرتبط بنظام الحياة.

والثانية تكمن فى المجتمع المصرى الذى كان يحتضن مواهب أبنائه فلم يعد له حضور، لأن مصر توقفت عن إبراز الرموز، وما زالت رموزنا الآن هم من ظهروا فى منتصف القرن الماضي.
أما المشكلة الثالثة والأكثر خطورة، فهى أن القيادة السياسية توقفت عن الاهتمام بدور مصر الثقافي، فقد تزعمت مصر الأمة العربية والإسلامية بالفكر والكتاب والأغنية والأسطورة والتمثال والمسرحية ولوحة الفن التشكيلي، بما يعنى أن دور مصر ثقافى فى الأساس لا هو عسكرى ولا سياسى، لكن مصر توقفت عن إدراك هذا لأسباب كثيرة جداً، وبالتالى تخلينا عن دورنا

ومصر عندما تتخلى عن دورها تموت، وهى الآن فى حالة موات.
* ما تفسيرك لعدم تواجد المثقفين فى الأحزاب السياسية؟
 العداء للمثقف بدأ منذ زمن الرئيس السادات، وكان دائما يطلق عليهم وصف «الأفنديات»، معتقدا أن مصر كلها معه ما عدا أفنديات العاصمة «يقصد المثقفين»، وفكرة العداء للمثقف ليست مقصورة على الحكومة لكنها موجودة فى بعض أحزاب المعارضة أيضا باستثناءات قليلة.

والتركيبة الراهنة لن تجد بها رمزا من رموز المثقفين، ولو تم اللجوء إلى المثقف فسوف يلجأون إليه باعتباره وردة حمراء فى «عروة جاكتة النظام»، بمعنى أنهم لا يريدون ثقافة وإذا رحبوا بالمثقف لا يرحبون بإنتاجه الأدبى ولكن بشهرته ونجوميته، مثل نجيب محفوظ الذى لقى ترحيبا بلا حدود وأقيمت له جنازة رسمية ضخمة رغم أنها قضت على الجنازة الشعبية، وبرغم ذلك لم يجرؤ أحد على رفع الحظر عن «أولاد حارتنا» فى حياة مؤلفها، ولولا مغامرة دار الشروق بنشرها مؤخرا منذ سنوات قليلة لظلت ممنوعة، وعلى العكس من ذلك كان المثقف فى زمن عبد الناصر له دور حقيقي، بينما فى عهد السادات اكتفى المثقفون بمقاعد المتفرجين، لأن جوهر المثقف هو الاعتراض وليس الموافقة، والمثقف يأتى إلى هذا العالم ليقول لا، لا ليقول نعم، بينما الأنظمة تريد كائنات تقول نعم فقط.
* هل أنت مع تدريس ثورة 25 يناير فى المدارس؟
 أتمنى قبل أن تدرس هذه الثورة فى المدارس أن تدرس أولا حرب أكتوبر بالشكل الصحيح، ونستعيد الفريق سعد الدين الشاذلى مرة أخرى بعد استبعاد طويل، ونغير بانوراما حرب أكتوبر ونضع الشاذلى فى مكانه الطبيعي، ونذكر الأدوار الحقيقية التى قام بها الناس فى حرب أكتوبر ويونيو، وبعد ذلك ندرس ثورة 25 يناير ؛ فمن قاموا بهذه الثورة يستحقون أن يحتلوا أماكنهم فى كتب التاريخ ويكون لهم مكانهم الحقيقى ويدون تاريخهم بشكل سليم بعيدا عن أى تحريف.
*كيف ترى أوجه الاختلاف بين ثورة 23 يوليو 1952 و25 يناير 2011؟
 الثورتان مختلفتان، الأولى كانت مجموعة من الضباط الأحرار لديهم برنامج وعملوا كثيرا فى الخفاء وعند قيامهم بالثورة كان لديهم 6 مبادئ منها 3 مبادئ تهدم القديم و3 تبنى الجديد، وكانوا يعرفون ماذا يريدون، وبعد الثورة بشهرين عملوا الإصلاح الزراعي.
ومن مزايا 25 يناير أنها لم يكن لها قائد؛ وكان لها برنامج عظيم وآباء روحيين مهمين جدا مثل حركة كفاية التى لعبت دورا أساسيا فى التمهيد لهذه الثورة، وهم يتعلمون من أخطائهم، وأعتقد أن الذى حدث فى نوفمبر الماضى فيما يسمى باشتباكات محمد محمود كان تصحيحا واستكمالاً لما حدث فى يناير، ولذا اعتقد أنه مازال أمامنا فترة نصحح فيها الأخطاء، وهؤلاء الشباب لديهم القدرة لعمل حاجة عظيمة لمصر، هم عملوا شيئاً عظيماً فعلا لكن لابد من استكماله لأنه لم يستكمل بعد.