رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثائر ديب: التخلص من نظام فاسد لا يعنى قبول المحتل

بسبب موافقة السياسة الراديكالية قضى الدكتور ثائر ديب الناقد والمترجم سوري سبع سنوات في معتقلات حافظ الأسد، وعلى الرغم من أن ديب يُعد مفكرا ماركسيا،

إلا أنه ليس متقوقعا داخل الإطار الماركسي بشكل ميكانيكي، ولا يخشى أن يوجه نقده لبعض الرؤى اليسارية، سواء على المستوى النظري أو على مستوى التطبيق من قبل بعض الأحزاب اليسارية العربية أو غير العربية.
له العديد من المؤلفات والترجمات بلغت الخمسين كتابا، منها: "أوهام ما بعد الحداثة"، "نظرية الأدب" لتيري إيجلتون، "تأملات في المنفى" لإدوارد سعيد، "الجماعات المتخيلة" ، كذلك "ثقافة الطائفية"، "العسل"، و"الدافع الجنسي" وغيرها؛ وهو حاليا يرأس تحرير مجلة "جسور" وهي تعنى بالترجمة ودراساتها.
ومؤخرا، جاء ديب إلى القاهرة في زيارة سريعة والتقت به "بوابة الوفد الإليكترونية" في حوار تطرق إلى الوضع الراهن في سوريا ومصر وتونس، وغيرها من العالم العربي.
مازالت الروايات الرسمية تقول: إن ما يجري في سوريا مؤامرة خارجية على الرغم من كل الشواهد المادية التي تنفي ذلك...كيف تقرأ ذلك؟
الوضع في سوريا هو تفجر أزمة نظام استبدادي فاسد من جانب، ودفاع النظام عن بقائه من جانب ثان، فهي أزمة نظام في المقام الأول، تحولت بإرادته إلى أزمة البلد ككل، أزمة وطنية مع نظام مضاد للطبيعة.
ما يحدث امتداد طبيعي للزلزال الثوري في تونس ومصر، فالأنظمة العربية لا تختلف عن بعضها، والمختلف هو التركيبة المُجتمعية، ومن ثم تأخذ عملية الثورة أشكالا مختلفة، لكن النتيجة واحدة: هي زوال وانتهاء هذه الأنظمة.
فهناك رد فعلي همجي ضد الشعب، وهناك استخدام لحل واحد، هو الحل الأمني، وبغض النظر عن الأجندات الإعلامية، فقد بات واضحا، وبعد مرور عشرة أشهر، أن القوة لا تمثل حلا في سوريا، كما بات الحل الأمني مدخلا محتملا للتدخلات الخارجية والفتن الداخلية.
إذن ليس مستبعدا وجود مخططات خارجية تعبث بالأمن السوري، وتمثل خطرا حقيقيا على البلاد وليس على النظام فحسب؟
لا يمكن أن نستبعد هذه المخاطر، لكن من يأتي بهذه المخاطر ويجلبها إلى البلاد؟ هو الحل الأمني قطعا وليست الثورة، وأنا أحمل النظام كل التبعات التي ربما تحدث، وعلينا أن نعرف أن تغول السلطة على الدولة هو الوضع المسيطر، وما يريده السوريون هو سحب "التغول"، الذي بات عمره نصف قرن، والإبقاء على الدولة، بعدما تحولت سوريا إلى بقرة حلوب لفئة صغيرة، واستمرار الأزمة طويلا سيفتح قطعا الباب للتدخل.

  خطورة التدخلات الأجنبية في الشأن السوري

لكن هناك أصواتا لبعض المثقفين العرب تعترف بفساد النظام السوري لكنها ترى فيه النظام المُمانع والمقاوم لإسرائيل.. فما قولك؟
بصرف النظر عن هذه التعقيدات، أنا لم أعد أفصل على الإطلاق بين الموقف الوطني وقضية الحريات العامة وحقوق الإنسان، والموقف من القضايا الاجتماعية، فمثلا إذا قام نظام بعمل نهضة حقيقية واقتصاد مُستقل عن الرأسمالية العالمية والتبعية، واستغلال القوى العظمى، فهو يقوم بموقف وطني؛ وعندما تُطلق حريات الناس وتُحترم كرامتهم وتُفتح أمامهم الأفاق، فأنت تمارس موقفا وطنيا، لا يمكن اعتبار أنك ضد إسرائيل أمرا يُغطي كل المسألة الوطنية، بالتالي هذه ليست حجة.
لكن معاداة العدو الصهيوني أمر هام
من قال إن الثوار سيهدرون المسألة الوطنية؟ قد يكون النظام بين أقواس عديدة "ممانعا"، لكن هذا لا يمنحه الحق في منع الناس عن التعبير عن أرائهم، فحق الكلام لن يؤذي المسألة الوطنية! على العكس فالثورة السورية ستكون بداية جديدة لكل المقاوميين الحقيقيين، شأنها شأن الثورتين المصرية والتونسية.
لكن المطروح كبديل هو "المعارضة الخارجية"، ولدينا ميراث من القلق تجاه كلمة "خارجية"، فإلى أي مدى تُمثل هده المعارضة بديلا وحيدا وحقيقيا للنظام القائم؟
الأنظمة القائمة -منذ نصف قرن- تُفقر المجتمع والاقتصاد وتُهمش الثقافة والمجتمع، والانتقال منها إلى مجتمع ديمقراطي لن يكون بالعملية السهلة أو اليسيرة على الإطلاق، لكن هل نظن أن شعبا ثار ودفع كل هذه التضحيات سيقبل بأنظمة شبيهة؟! بالتأكيد ستكون هناك تغييرات جذرية وستتفاوت طبعا هذه التغييرات من بلد لآخر حسب اضطلاع كل جهة بمسئولياتها.
ربما في الفترة الأولى، يقتصر التغيير على توسيع المشاركة السياسية، رغم أني أعتقد أن الثورات ستأتي على موجة إثر موجة؛ حيث تصل إلى تغيير اجتماعي واقتصادي واسع لمصلحة أوسع الشرائح والطبقات.
رأينا في "ليبيا" سلبيات الحل العسكري، فماذا تُريد المعارضة السورية؟
أعتقد أنه رأي القوى الوطنية والديموقراطية السورية الموجودة في الداخل أننا نريد ثورة سلمية بدون تدخل خارجي، أنا لا أريد أن أتخلص من نظام فاسد وأجلب احتلالا لبلدي، أنا مع الثورة الديموقراطية الوطنية، وهي تسير الآن في طريق انتصارها بدون المساعدات، كما حققت ثورتا تونس ومصر خطوات لا بأس بها.
ما توصلت إليه هذه الثورات ليس كافيا من وجهة نظر البعض..مارأيك في ذلك؟
صحيح أنها حتى الآن تخلصت من رؤوس الأنظمة فقط، ولكنها ما تزال في الميدان والأرجح أنها ستُحقق غايتها بشرط أن يضطلع كل منا بمسئولياته.
أعلن وليد المعلم وزير الخارجية السوري عن قبول سوريا بمبادرة السلام العربية، والسماح لمراقبين سياسيين عرب بالدخول إلى الأراضي السورية، هل ترى ذلك خطوة في المماطلة للقضاء على الحراك السوري؟
أولا، الحراك في سوريا لن يُقضى عليه على الإطلاق، ومن لم يستطع أن ينهيه طوال الشهور الماضية، فلن يستطيع الآن.
ثانيا، هناك تخوف من التدخل الخارجي عند النظام، وعند الشعب أيضا، لذلك وافق النظام على المبادرة، ولنفس الأسباب ستلاحظ أن حلفاء النظام كالصين وروسيا وإيران بدأوا يُغيرون في نبرة خطاباتهم ولو بشكل ضئيل.
بالنسبة لدخول المراقبين، فهي خطوة ضرورية وأساسية على طريق نزع حق التظاهر السلمي، وبقية الحريات الأساسية، وقد كسبها الشعب السوري بعد كل هذا الدم الذي أُسيل وعشرات آلاف المعتقلين.. والتاريخ قال كلمته بشأن الأنظمة والمسألة مسألة وقت.

موقف دول الخليج من الثورات

بما تفسر موقف "السعودية" المتناقض من الثورة السورية قياسا بموقفها من الثورة المصرية؟
دول الخليج عموما، تقف موقفا تابعا للموقف الغربي والأمريكي، وقد رأى الخليج والأمريكان حتمية التدخل في الثورات التي لا مرد لها وذلك للتقليل من جذريتها والحد من ثوريتها؛ ففي مصر يتدخلون للخلاص من رأس النظام حفاظا على النظام، وفي اليمن يصلون إلى أمور تسوية منتصف الطريق للحد من جذرية الثورة، وبالتالي لست شاكرا لهذه الأنظمة الرجعية العفنة موقفها مع الثورات، فجوهره الوقوف في وجه ثورية الثورة.
في رأيك.. هل هناك أنظمة في حصانة من الربيع العربي؟
حقيقة لا يستطيع أحد أن يُصادر على التاريخ، فقد يتحصن نظام ما وقد لا، لكن ثِقْ أن ما يجري الآن من ثورات الربيع العربي، لن تترك المنطقة كما كانت من قبل.
نلاحظ غياب الثورة البحرينية على مستوى خطابات النخبة، فما أسباب ذلك؟
كثير من المثقفين العرب يتحدثون عن البحرين وثورتها، لكن السطوة الإعلامية الخليجية هي التي تحاول وأد هذه الثورة، ولهذا الإعلام أجنداته المتضادة مع الثورات عموما، ومع البحرين تحديدا، تَخَيّلْ، كلُّ الأنظمة العربية، بما فيها نظام بشار، أيّدّ التدخل السعودي لقمع البحرينيين، ومع ذلك ما لبث أن وقف السعوديون والبحرينيون ضد بشار.. وهناك بعض المثقفين الوطنيين ينظرون إلى الثورة البحرينية كما ينظرون إلى غيرها من الثورات العربية بعيدا عن التحليلات الطائفية التي يتبناها البعض الآخر.
هل للتمويل الخليجي دور في تبني بعض المثقفين للتحليلات الطائفية؟
يُعاني المثقفون العرب من مشاكل كثيرة من بينها الاستتباع، ويبقى دائما في الثقافة انقسامات بين مثقفين ديموقراطيين وطنيين حقيقيين وآخرين مأجورين، كما هناك انقسام بين الثقافة الوطنية والثقافة العملية، وبين الثقافة التقدمية والأخرى الرجعية.
كما يوجد هذا التفريق في مجالات أخرى, ولا نستطيع أن نقول: إن المثقفين لهم موقف واحد، وإذا كنت تعتبرني مثقفا، فأنا اقول لك إنني مع الثورة في البحرين لأنها مع ثورة تونس، ومع ثورة اليمن لأنها مع ثورة مصر.

الثورات وصعود الإسلاميين


في نظرك ماذا يعوق الربيع العربي مستقبلا؟
الربيع العربي سيضع الدول العربية في مصاف الدول المتقدمة، وليس حول محور هذه الدول فحسب، شريطة ألا نُوُقِفَ الطموحَ عند حدّ توسيع المشاركة السياسية؛ كأَنْ تنتخب كل بضع سنوات الإخوان أو الوفد أوغيرهم، مع العلم أن هناك قوى شابة حية لابد أن تُقدم أطروحات جديدة تضع الثورات في مآلها الحقيقي.
لكن الثورات أتت بالإسلاميين بخاصة في مصر وتونس.
لا ننسى أن تاريخ الثورات الحالية هو تاريخ عقود طويلة من القمع والإفقار والتجهيل والتخلف والتبعية، والثمار الأولى التي نقطفها من الثورات هي المحصلة المكونة من جمع الثورة وجمع هذا التاريخ، ومن الصعب أن نخرج خلال أيام بنظام جذري كما تقتضيه وترتضيه الثورات.
وطبيعيا أن تصعد التيارات الدينية وأن تجد لها صدى واسعا في المجتمعات، بعد عَزْلِ التيارات الوطنية وفَتَحِ الساحات أمام التيارات على الرغم من المنع والحظرالشكليين، الذي تم تصويره.
كأنكم تعفون التيارات الوطنية من مسئولية ما آلت إليه الأوضاع.
إطلاقا..فالمسئولية مشتركة بين ما سبق ذكره، مع الإخفاق الذريع للتيارات الوطنية، وتنصلها من دورها؛ إضافة إلى الوضع الدولي الذي يفضل تيارات من ضمن الأنظمة السابقة ولو كانت ذا طابع إسلامي على تيارات تستبطن تغييرا جذريا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. لكننا مازالنا في مرحلة البداية، وأنا أُعَوِّلُ تحديدا على جيل الشباب أولا وقبل كل شيء.