عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أصلان..ترك ألماً فادحاً فى قلوب محبية

في طريقه إلي مثوي رفيق دربه الأخير تحدث الروائى الكبير سعيد الكفراوي وهو يغالب دموعه. كنت معه لحظة وفاته ومازلت لا أصدق أنه افترق عني، إبراهيم أصلان عليه

رحمة الله تعبير عن مرحلة وجزء من حركة أدبية أضافت للخيال العربي وللمخيلة المصرية الكثير، ينتمي إبراهيم أصلان إلي جيل الستينيات وقد التقيت به قبل أربعين عاماً علي مقهي «ريش» في الحلقة التي كنا نجلس فيها مع الكاتب الكبير «نجيب محفوظ». وكانت بداية الحركة مع «جاليري 68» وقد طور شكل الكتابة وأضاف له كثيراً من المعاني.
وعلي الرغم من أن تعليمه مثل تعليمي كان متوسطاً وكان مثقفاً كبيراً يعرف الثقافة العالمية وقرأ معظم الأدبيات العالمية.
إبراهيم أصلان الذي ولد في إمبابة وانتمي لهذا الحي وكتب عنه أحسن الكتابة وكان معبراً عن جماعته المغمورة وبشره الذين خالطهم في المقهي والشارع كتب مالك الحزين عن هذا الحي الذي أخذ عنه فيلم «الكيت كات». وإبراهيم أصلان طاف حول ضفاف تلك المنطقة من النيل إلي أواخر إمبابة كما آمن إبراهيم أصلان طوال عمره بدلاً من أن يتحدث الناس عن الحرية فجعلهم يعيشون الحرية. وبدلاً أن نحدثهم عن العدل فجعلهم يعيشون في عدل أحب مصر وأخلص لها وعاش انكساراتها وعبر عن تلك الانكسارات في أدبه البديع الفرداني وعندما ننعى إبراهيم أصلان فكأنما ننعى القيم الجميلة والاستقامة والشرف عليه رحمة الله.
الشاعر محمد فريد أبو سعدة تربطه علاقة صداقة قوية مع الكاتب الكبير الراحل إبراهيم أصلان، يقول عنه: كان زهرة العمر الجميل، ولا أعرف متي التقيت به فكأنني ولدت معه وكأنني أعرف منذ زمن هو شخص ودود جداً ومتواضع جداً أمام الكتابة فاستطاعت أن تعطيه مجداً يليق بمحبته للكتابة واستطاع أن يصنع أسطورته من أبسط المسائل والتفاصيل في الحياة اليومية. أذكر ونحن في ليبيا عندما سمعنا بوفاة الكاتب الكبير يوسف إدريس صاح: يا خرابي يا يوسف. هذا الشخص الذي يعتبر أباً للكتابة الجديدة ليست الرواية ولا القصة فقط بل تعلم منه الشعراء الحكي والسرد، هذا الكاتب العظيم سيظل علامة كبري في الأدب العربي وقمة هائلة ينبغي أن تكون قدوة لنا جميعاً، لقد أحب الحياة وأحب الناس وأري أن كل شيء كان يبادله الحب، لقد رحل ورحل معه ألفة الكتابة وألفة المكان.
ويقترح الشاعر محمد فريد أبو سعدة أن يطلق علي مدرسة قرية «شبشير» في الغربية والتي تبعد عن المحلة بحوالي سبعة كيلو وفيها ولد الكاتب الكبير إبراهيم أصلان اسمه تخليداً لمكان ولادته أو أن يطلق اسمه علي الشارع الرئيسى بمنطقة الكيت كات والتي خلدها في أعماله وعاش معظم عمره في هذه المنطقة، كما أرجو من الكاتب محمد سلماوي بصفته رئيس اتحاد الكتاب أن يطلق جائزة للمبدعين الشباب باسم إبراهيم أصلان وعلي الرغم من أن هذه الاقتراحات تعتبر متواضعة بالقياس لحجمه وقيمته الإبداعية.
الكاتب «محمد جبريل»: أولاً أخلص وطوع موهبته الفريدة في كتابه القصة القصيرة وعندما كتب الرواية كتبها بروح القصة القصيرة العناية بالتفاصيل والمتمات وتحليل النفس البشرية والتعرف علي الواقع المحيط به بدقة وحساسية واختياره ليس عشوائياً يجيد اختيار الشخصيات التي عشنا فيها في حي إمبابة وهذا يتجلي في روايته «عصافير النيل»، «مالك الحزين»، ولو أن عالم اجتماع أراد أن يتعرف علي البشر في حي إمبابة فلن يجد صدقاً أكثر من كتابات إبراهيم أصلان والتي تتسم بالحميمية ويمكن هذا ما دفع مخرجاً كبيراً كداود عبدالسيد من إخراج فيلم (الكيت كات) عن رواية إبراهيم أصلان (مالك الحزين) لإجادة الفنان تقديم اللحظة الإنسانية والحي الشعبي في صورته الحقيقية.
إبراهيم أصلان يستحق مكانة التي حصل عليها وربما الكثير لأنه لم يحاول أن  يشعب اهتماماته فظل مخلصاً لفنه سواء القصصي أو الروائى.
وكان عصامياً كاملاً لم يحاول أن يتنكر لماضيه بل حرص علي أن يؤكده في أعماله ولم يتعال علي البيئة التي نشأ فيها وحرص علي أن تكون الصلة الإنسانية في أعماله وعلاقته الشخصية بالآخرين.
إبراهيم أصلان قسمة فنية أكدت وجودها وسيظل ممتداً في حياتنا في دراسات تعني بقامته الإبداعية بين المبدعين في هذه الفترة.
الأديب الكبير بهاء طاهر وصف وفاة إبراهيم أصلان بأنها خسارة فادحة للأدب العربي والنشر العربي، فكان «أصلان» أديباً فريداً من نوعه استطاع أن ينشئ لغة جديدة تتسم بالثقافة والشاعرية في الوقت نفسه، وتمكن من خلال أعماله القصصية القصيرة ورواياته أن يحقق ما كان يطمح فيه كاتبنا الكبير يحيي حقي بأن تكون القصة شفافة وقادرة علي نفس المعني بالضبط دون زيادة أو نقصان لهذا لم يكن مسرفاً في لغته في كثير من الحالات، كما وصفته في حياته شاعراً للقصة القصيرة، ارتفع بالسرد إلي درجة الشعر، بالإضافة إلي أنه كان إنساناً نادراً علي خلق عظيم، واستطاع في حياته أن يكسب جمهوراً من الأصدقاء والقراء علي السواء.
الدكتور حامد أبو أحمد: أصلان قيمة أدبية كبيرة استطاع أن يكتب عن المهمشين والمقهورين من خلال لغة مكثفة وموجزة، تعتمد معظم إبداعاته علي استخدام تقنية حديثة فيها تكثيف وإيحاء، فهو لا يسهب ولا يطيل، وإنما كان يكتفي بتلميحات وجميع قصصه من هذا النوع، وكان يستطيع أن يعبر عن المكان بطريقة فنية رائعة ويتضح ذلك عندما تحدث عن إمبابة وأحد شوارعها «فضل عثمان»، حيث ترجم مشاعر الناس بطريقة شعبية فيها روح الشعبية المتعمقة في أعماق التربة. كاتب تميز بأسلوب خاص بين عشرات الكتابة، وظل نشيطاً لآخر يوم في حياته فقد عاد قبل الرحيل من الإمارات.
الروائى مكاوي سعيد: فقدنا إنساناً رائعاً، وكاتباً عظيماً، وقد توطدت العلاقة بيننا في الفترة الأخيرة، وكان يناقش في أعمالي بروح جميلة دون تعال. لم يخض معارك وهمية مثل معظم الأدباء واكتفي بالعمل - في صمت - علي مشروعه الإبداعي.
احترم القراء فاحترمه القراء. وأخيراً نرجو الله أن يعوضنا عن سلسلة خساراتنا المتلاحقة من الأدباء العظام.
الروائية هالة البدرى تقول: صعب أن يتحدث الإنسان عن صديق عزيز خاصة إذا كان ذا قيمة تساوي قيمة أصلان، فهو لم يكن مجرد كاتب نجح في تطوير القصة القصيرة أو صاحب روايات لها قيمة كبيرة، إنما هو مفكر استوعب المجتمع المصري بشكل واضح وجارح لكنه اتسم بالهدوء اضطلع علي مواطن الضعف والقوة فيه مما جعله يقدم ألواناً من الكتابة التي غاصت إلي جوهر المجتمع دون ضجيج لكنه يؤثر في الوجدان بشكل

مذهل وهذا هو سره في الكتابة، تلك الكتابة التي تؤثر فيك دون شعور الكتابة الناعمة والصعبة في آن، حتي مقالات أصلان في الأهرام حملت في طياتها كثيراً من الإبداع.
وأضافت البدرى: الأهرام كسب أصلان والأدب خسره لأنه كان يكتب بكل طاقته، في أي شكل أدبي يكتب فيه، لذلك قلّ إنتاجه الأدبي بعد كتابته هذه المقالات، وإن كان هو بطبيعته قليل الإنتاج ومهما كان العمل عظيماً كان يتردد في نشره لأنه كان دائماً يشعر أنه لم يصل إلي ما يريد.
لقد وصلنا من خلال عين وقلب أصلان إلي مناطق داخلنا كان يصعب علينا الوصول إليها بدونه خاصة إنتاجه في السنوات الأخيرة والتي زاد عن فترة منتصف العمر. وأكدت البدري أن الفن الحقيقي سببه الطاقة الداخلية للمبدع فإذا كانت الشحنة قوية كانت الطاقة الواصلة إلي القارئ قوية وهذا ما ينطبق علي أصلان، لقد فقدت صديقاً عزيزاً نقياً له القدرة علي المرور في الحياة دون متاعب ويبتعد بحياته عن الخلافات ويتحرك بسهولة مما أكسبه كثيراً من المحبة.
الروائية صفاء عبدالمنعم: أنا من عشاق أصلان وكتاباته خاصة أنه مختلف عن جيله فيما قدم، منذ أن قرأت (يوسف والرداء) له ثم روايته الرائعة (الملك الحزين) أخذني أصلان إلي عالمه، عالم أقرانه، لا أنسي له أنه ساعدني في البدايات وحتي الآن فقد كنت أذهب إليه لينشر لي أعمالي في الحياة اللندنية، فقده خسارة وألم وأكثر ما يؤلمني أنني لا أستطيع حضور جنازته لأنني خضعت لعملية جراحية منذ أيام ألزمتني الفراش، أصلان كان شديد الشبه مع ماركيز، هذا كان رأى معظم المحيطين به وقد كتبت عنه في 1996 قصة قصيرة ضمن مجموعة قصصية اسمها (مع عزيزي أصلان).
يقول د. عبدالمنعم تليمة أستاذ النقد الأدبي جامعة القاهرة لقد كان إبراهيم أصلان أحد رواد التجريد في أدبنا العربي الراهن، خاصة في مجال الإبداع الروائى والقصصي فقد فاجأ الجميع بعد نكسة 67 بعمله الأول المجموعة القصصية (بحيرة المساء) استقر اسمه منذ ذلك الحين لأن المجموعة كانت جديدة في طرائق التعبير والصياغة والأساليب الجمالية والأفق الفكري الاجتماعي منذ ذلك الوقت أصبح أصلان واحداً في جيل جديد عبر أربعة عقود، هذا الجيل أضاف إضافات مرموقة إلي الرواية بعد نجيب محفوظ وإلي القصة القصيرة بعد يوسف إدريس وهذا كله جعل أصلان بين الطليعة المتقدمة في الإبداع الأدبي عامة وفي حقل الرواية والقصة خاصة، هذا إلي جانب وجوده الثقافي العام وكتاباته النثرية في صور أدبية إبداعية جديدة قرأت كل أعماله كما يقول «تليمة» لأنه من جيلي وتابعت تطوره وتفوقه منذ بحيرة المساء مروراً (بوردية ليل) أخيراً قرأت له «عصافير النيل» وكتب عنها وله أعمال نفذت في السينما فأثارت جدلاً واسعاً، كان إبراهيم واحداً من رؤوس أو رواد التجديد ورحل وتبقي أعماله شاهداً علي موهبة إبداعية فريدة.
يقول د. سامي سليمان أستاذ النقد الأدبي جامعة القاهرة بوفاة الكاتب الكبير إبراهيم أصلان فقد السرد العربي المعاصر واحداً من أبرز الرواد الأولين، فأصلان واحداً من كبار رواد الحداثة في السرد العربي المعاصر، وذلك ما تكشف عنه أعماله القصصية والروائية وإن كان قد قدم كتابات في القصة القصيرة أكثر مما قدم في مجال الرواية، فقد كانت مجموعته الأولى «بحيرة المساء» كاشفة عن وعي حديث في العالم أنتجت مجموعة من التقنيات الجمالية التي تجلت ببناء الأحداث بطريقة غير تقليدية والجنوح إلي لغة طابعها الشعري والوقوف عند نماذج الشخصيات الفريدة في تكوينها النفسى والكاشفة عن كون عالمه الداخلي نتاجاً جدلياً وقد كتب أصلان مجموعة من القصص اعتمد علي مجموعة من الخبرات والعلاقات الحميمة التي تربطه بالناس وقد سعدت بأن أزامل الكاتب الكبير في لجنة القصة عدة سنوات وأشهد بأن كتاباته كانت تمثل لي قراءة وخبرات استفدت منها.
وللكاتب الكبير أعمال مهمة نسرد منها «يوسف والرداء» ثم توالت أعماله «مالك الحزين» والتي تحولت إلي فيلم يعد أحد أهم الأفلام المصرية في النصف الثاني من القرن العشرين وهو فيلم «الكيت كات» بطولة محمود عبدالعزيز. وفي السنوات الأخيرة كتب أصلان «خلوة الغلبان» التي تدور في مجموعة من النصوص السردية التي تستعصى علي التصنيف في إطار شكل سردى محدد رحم الله إبراهيم أصلان.