رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رفض مقابلة مبارك..وواجه الرجعيين

صرخ بها محتضنا جسده الذي طالما رافقه حيا وابي إلا أن يتركه وحيدا يصارع بعده آلام الفراق.. لم يصدق أصلان خبر وفاة صديقه ورفيق الدرب والقلم خيري شلبي

خاصة أنه كان يتحدث إليه منذ ساعات قليلة، عندما اتصل به خيرى فى الثانية والنصف عصرا؛ ليسأله عن اسم النسخة الثالثة من الكوميديا الإلهية، فعصف به زلزال الخبر .. حتي استحالت عليه الحياة فلم تلبث روحه ان لحقت بصديقه بعد ثلاثة اشهر فقط.
توفي اصلان ابن محافظة الغربية بالقاهرة بعد أزمة صحية تعرض لها حيث كان يبلغ من العمر 77 عاما، وكان يعاني من مشاكل قلبية استدعت في الماضي خضوعه لأكثر من جراحة دقيقة خارج مصر..
ولأنه موطن النشأة الذي ألهمه كثيرا فقد تأثر أصلان بحي إمبابة فاشتهر بقدرته الرائعة على التعبير عن الفقراء والمواطنين البسطاء من خلال أعماله الأدبية وتعد رواية «مالك الحزين» من اشهر رواياته علي الاطلاق فقد أدرجت ضمن أفضل مائة رواية في الادب العربي كما تحولت الي فيلم سينمائي وهو الكيت كات، كذلك رواية «عصافير النيل» التي تحولت أيضا لفيلم سينمائي حصد الجوائز، ومجموعة قصصية بعنوان «بحيرة المساء» و«حكايات فضل الله عثمان». وقد ترجمت بعض أعماله إلى اللغات الأجنبية كالايطالية.
حصل إبراهيم أصلان على العديد من الجوائز على مدار مشواره الأدبي الذي يمتد إلى الستينيات من القرن الماضي، كما تم ترشيحه قبل وفاته بأيام لنيل جائزة النيل، وهي من أرفع الجوائز التي تقدمها أكاديمية الفنون المصرية.
عاش الراحل إبراهيم أصلان مناضلاً فى سبيل الحرية، فلم يهادن ولم ينحن، فقد أسس مع عدد من الأدباء والفنانين حركة «أدباء وفنانين من أجل التغيير» وكان من أوائل المثقفين الذين انضموا إلى حركة «كفاية» ودائما ما كانت رواياته وقصصه تعكس الوجه البائس من حياة المهمشين والمسحوقين متمثلا في  شخصياته القصصية. بل تخطي الامر حدود كتاباته لتتعدد مواقفه السياسية والوطنية وتبدو آراؤه معبرة عن روح ثائر عظيم منذ أن تم التحقيق معه فى قضية «وليمة لأعشاب البحر» الشهيرة، حيث كان رئيس تحرير سلسلة آفاق عربية، إلا أنه لم يتنازل عن موقفه تضامناً مع الحرية ومدافعا عن مبدأ يؤمن به، بل نراه قد رفض مقابلة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك فى سبتمبر 2010، عندما دعا المخلوع مجموعة من المثقفين للقائه فى قصر الرئاسة، فكان أصلان الوحيد من تلك المجموعة الذى رفض لقاءه؛ لأنه كان يعلم أنها محاولة لتجميل وجه النظام القبيح ليس الا. وعن رأيه في توريث الحكم في مصر، فيقول في أحد لقاءاته قبل الثورة: «هناك إصرار على أن يتم توريث البلد بالفعل، عبر بنود معينة في الدستور تقف حائلاً في طريق كل شخصية راغبة في أن ترشح نفسها. وسوف يُقال إن جمال مبارك من حقه أن يترشح مثل أي مواطن، ثم يتم تزوير الانتخابات، كما هو الشأن دائماً».
واثناء الثورة نراه رغم سنه ثائرا ملازما لثوار ميدان التحرير وقد دافع عن الثوار ونادى بإقامة نصب تذكاري لهم، وكتب

يقول: «ميدان التحرير احتل مكانته فى قلوب الناس وأصبح هو الشاهد، والموئل والملاذ. والدماء الزكية الغضة التى خضبت أرض مصر لن تذهب سدى، ولن ينفع أبداً أن يفر قاتل فى رقبته نقطة من دم الشهيد.
وربما آن الأوان أن نتخذ إجراء واحداً عملياً بأن يضع شعب مصر توقيعه كما قلت، ويرسى تقليدا يتيح لأجيالنا الشابة ألاّ تبدأ حياتها الجديدة قبل التعبير عن امتنانها لهؤلاء الشهداء: مجرد وردة ثم الذهاب إلى البيت. هذا النصب المقترح، لا شك، هو المؤهل ليكون المزار الأشهر والأكثر قيمة ودلالة بين مزارات العالم أجمع».
ولأنه أيقن أن الأديب لا يتحقق إذا انفصل عن هموم وطنه ومجتمعه، فنراه يتناول بقلمه عبر كتاباته في الصحف كل الهموم التي شغلته وانشغل بها أبناء جلدته، في صدق وجرأة، فتناول أزمة حريق المجمع العلمي قائلاً: «كنت أتابع الأحجار المتبادلة والقذائف المشتعلة وهى تتطاير عاليا فى قلب الدخان الكثيف بينما عدة مئات من الصبية يحرقون «المجمع العلمى المصرى» وكأنهم جماعة من التتار الصغار، فى أسوأ كارثة ثقافية يشهدها العالم منذ قرون».
ورغم مرضه الأخير فلم يغب عن قلمه ووجدانه ان يعبر عن احساسه  بالانتخابات فكتب: «جلست أفكر في هذه الحشود الصامتة التي فاجأتنا وفاجأت الدنيا بعدما خرجت تحت المطر والبرد لكي تدلي بأصواتها في مشهد لا يصدر إلا عن شعب أكثر تحضرا مما يظن الكثيرون, كنت فرحا, مثل غيري, بالانطباعات الطيبة التي أزالت كل الصور البائسة التي شوهت صورتنا طوال الشهور الماضية, والتي استعادت أيامنا البهية الأولي التي كانت استقرت في وجدان العالم كله».
ولأنها نبعت من نفس صافية وقلم مرهف فستظل كلماته دوما تغرد في سماء الأدب: «لا يجب أن تتحدث عن الحب بل عليك أن تتحدث بحب، فكل النصابين يجيدون أحاديث الهوى.. ولا يجب أن تتحدث عن العدل بل يجب عليك أن تتحدث بعدل لأنه لا يجيد الحديث عن العدل مثل الظالمين».
«إن العبرة ليست أبدا في معرفة الناس، إنما في الإحساس بهم».