رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الطريق إلي الله مفروش بالمؤمنين والرحالة والجواسيس أيضاً

هي رحلة تسبق فيها المشاعر الجسد، وتهفو اليها الروح قبل الجوارح، ويهيم بها الفؤاد قبل البدء فيها، تنتظرها الأرواح وتستنشق النفوس عبيرها، هي رحلة الحياة

والآخرة، رحلة الهروب الي الله، يتخلي فيها الجميع عن الجاه، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين صعلوك وأمير هي رحلة يقصدها الجميع من كل فج، إنها رحلة الحج.
كان لرحلات الحجيج نصيب كبير من أدب الرحلات لما يحويه هذا التأليف من عناية خاصة بالشئون الدينية وبطريق الرحلة والاهتمام بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وغيرها لقاطني الديار التي يمر بها الرحالة كذلك إلمام كتب رحلات الحج بتاريخ البلدان وأسماء المدن واخبارها فضلاً عن ارتباطها بالأماكن المقدسة وبيان حال المسلمين الدينية وعاداتهم وطبيعتهم في الأفراح والأحزان كما أنها تخبر عن أمن الطريق الي الحج عبر العصور، وقد تلمح الي جهاد المسلمين وشئونهم العسكرية الي جانب ما تتسم به هذه الكتب من طابع الامتاع والمؤانسة والتي لا تجلب مللاً لقارئها أبداً.
وقد وصف كثير من العلماء والأدباء وكذلك المؤرخين والمستشرقين رحلاتهم عن الحج في كتاباتهم، كان بعضها خالصاً للرحلة العظيمة وبعضها تضمن رحلات اخري غيرها وضم المؤلف رحلته الي الحج والحجاز ضمن كتابه، ويرجع التأليف في هذا الباب الي القرن الساس الهجري،وقد اشتعل الأدباء به أكثر مما اشتغل العلماء ربما لأن الأدباء يتوسعون في عباراتهم ويكتبون عن الحادثة الواحدة صفحات طويلة ممتعة بسبب ما حباهم الله به من حلو العبارات والقدرة علي الوصف وقد اتسعت خريطة كتاب رحلات الحج حتي جابت الأرض طولاً وعرضاً من الأندلس والمغرب ومصر والشام الي الهند واليابان وتركيا آخرون من عدة بلاد أوروبية واختلفت  اسباب اسفار المؤلفين الي الحج وتنوعت بين رحلة شخصية أو مرافقة أمير أو ملك او علي رأس وفد دولة أو ضيف علي حكام الحجاز ومنهم من كان له مشروعه السياسي كما كان في كثير من رحلات المستشرقين من هذه الرحلات، رحلة الفرنسي «اليون روش» في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وقد اتخذ له اسماً عربياً يتخفي تحته فسمي نفسه «عمر بن عبدالله» وكان غرضه سياسياً خالصاً حيث حاول الوصول الي شريف مكة واستصدار فتوي شرعية تحرم الجهاد ضد الفرنسيين في الجزائر وتجعله من باب إلقاء النفس الي التهلكة.
أما المستشرق الهولندي «سنوك» فقد تكبد العناء وسافر الي مكة وأقام فيها بضعة اشهر ثم كتب رسالته للدكتوراه عن الحج وعليأساس رحلته هذه وضعت هولندا استراتيجيتها لاحتلال بلاد المسلمين في جنوب شرق آسيا، وللايصالي «فارتيما» رحلة في القرن العاشر الهجري حيث دخل مكة باسم «يونس العجمي» وكان جاسوساً لصالح البرتغال ومن رحلات المستشرقين المدونة ايضاً رحلة سرية قام بها الضابط الروسي «عبدالعزيز دولتشين» علي أعتاب القرن العشرين الميلادي.
ومن الرحلات المهمة رحلة «سيرتون» الي مكة في ثياب درويش أفغاني بينما كان ضابطاً ايرلندياً يعمل في الجيش البريطاني الموجود في الهند وكانت رحلته في منتصف القرن الثالث عشر الهجري.
أما النمسا فقد جاء منها المستشرق النمساوي المسلم «محمد اسد»، والذي دون رحلته في كتاب «الطريق الي مكة» وقد حظي هذا الكتاب بالترجمة لعدة لغات لما فيه

من جذب للقارئ ومتعه.
أما الكاتب الأمريكي المسلم «جفري  لانج» فقد تأثر تأثراً بالغاً برحلته الي الحج والتي سجل احداثها في كتابه «الصراع من اجل الايمان» حيث انبهر بالتنوع البشري في الحج وكانت رحلته تلك سبباً في تغيير افكار الزعيم الأمريكي المسلم «مالكوم اكس» عن الاسلام حيث استبان له ضلالة معتقداته السابقة وعاد الي بلاده داعية الي الدين الحق الذي عرفه واقتنعه في بطاح مكة الطاهرة.
ومن طرائف كتب رحلات الحج ان أحدهم الف كتاباً عن رحلته للحج باللهجة المصرية العامية أسماه «ياهناء الوعد».. ومن غرائب هذه الرحلات ما ذكره احد الرحالة عن نفسه اذ أنه دخل الحجاز وخرج منها فما رأي جه امرأة قط.
وقد حظيت ارض الحجاز بالتعرف علي أسماء فكرية لامعة سجلت حضورها الثقافي من خلال مادونته عن الحجاز من كتب ومذكرات حول الحج. من هذه الرحلات رحلة الحج التي شرع بها الكاتب المصري «محمد حسين هيكل» والتي كانت بسبب نصيحة من المسلم الهجري «عبدالكريم جرمانوس» والذي تبدلت حياته للأفضل بعد أن أدي فريضة الحج وقد وضع هيكل كتاباً عن رحلته أسماه «في منزل الوحي» واشتمل علي معان ايمانية لم تكن معهودة في كتاباته من قبل.
وتعد رحلة «ابن رشيد السبتي» من افضل كتب الرحلات التي دونها العلماء لما أودعه فيها من اخبار العلم والعلماء الذين حظي بلقائهم خلال رحلته وهذه الرحلة مطبوعة ومحققة في خمسة مجلدات، ومن الرحلات المهمة في هذا الباب رحلة الشيخ «الشنقطبي» صاحب اضواء البيان وعنوانها «رحلة الحج الي بيت الله الحرام».
أما ابراهيم عبدالقادر المازني فقد قام برحلته عام 1930م وطبعت في كتابه «رحلة الحجاز» بمطابع فؤاد عبدالحق السنباطي بالقاهرة ثم أعيد نشرها عن طريق مكتبة القاهرة وهو يطرح هذه الرحلة فيأسلوب ادبي شيق يجمعبين الجدية والسخرية وبين المعلومة الثقافية والتساؤل الاستنكاري ورغم تنوع مقاصد رحلات الحج وتنوع مقاصد تدوينها سيظل هذا النوع من الأدب ذات مكانة خاصة في قلوب المسلمين عامة وقلوب المؤمنين خاصة.
وستظل رحلة الحج هي حلم المسلمين خاصة من لم يستطع اليها سبيلا.