رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : علموا أولادكم قبول الآخرين

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

لسنا متماثلين. الأبيض غير الأسود، والشرقى يختلف عن الغربي. خلق الله البشر أشكالاً وألواناً وشعوباً وقبائل، متباينة الأفكار والعقائد والصفات والعادات، لا ليتصارعوا وإنما ليتعارفوا وتتآلف قلوبهم. فالآخر موجود، وقبوله ضرورة، وتأهيل الناس لذلك يقطع الطريق تماماً على الإرهاب أو على أى فكر متطرف ينشر الفرقة ويبث الكراهية.

من هنا شعرت بصدق وإخلاص الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو يُكرر قبل أيام خلال مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ أن التنوع والاختلاف ضرورة كونية، وأن فهم ذلك والإيمان به يقضى تماماً على التطرف، لأن التطرف مبنى على التمييز والاستعلاء. إنه يؤكد أن كل إنسان حر فيما يؤمن به وما يعتقده وما يراه، والكل إخوة فى الإنسانية. وحتى الإنسان الملحد له الحق أن يرى ما يرى، فكما يقول الرئيس السيسى «فإن الله أعز وأكرم وأكبر من أن يؤمن به الناس جبراً، فالوجود كله يُسبح بحمده والأرض كلها لا تساوى عنده شيئاً».

ومثل هذا التصور غير المسبوق لقائد دولة يقطع الطريق تماماً على موجات الاستقطاب الدينى التى شهدتها مصر وشهدها العالم العربى والإسلامى على مدى عقود طويلة وكانت سبباً رئيسياً فى حروب أهلية وصراعات دموية وخراب ودمار وتجميد للتنمية الاقتصادية.

لقد دفعنا فاتورة باهظة للإرهاب، ولم يلتفت أحد لأصل المشكلة وهو الشعور الدائم بالاستعلاء تجاه الآخر، ورفض ما يعتقده، ومن ثم رفض وجوده، والسعى إلى العدوان عليه.

لذا، فقد سعدت للغاية أن أعلم أن مناهج التعليم الابتدائى فى مصر تم تضمينها مؤخراً مادة جديدة بعنوان قيم واحترام الآخر، وفيها ينشأ الطالب الصغير على احترام الآخرين والإيمان بأن اختلاف البشر طبيعة إلهية، وأن عليه احترام كل إنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عقيدته.

ولا شك أن التردى الأخلاقى الحادث حولنا هو نتاج مباشر لثقافة الاستعلاء التى مورست وترسخت فى بلادنا عبر تراكمات خطاب شعبوى زاعق أحادى يرفض الآخر، ويتنمر على المختلف.

لقد واجهت الدولة المصرية منذ عقود طويلة ظاهرة الإرهاب بالملاحقة البوليسية والقضائية، أشهرت القانون فى وجه المتطرفين سنين، حاكمتهم مراراً، سجنت وأدانت القتلة وناشرى الفزع، تابعت تحركاتهم وقطعت الطريق على قنوات تمويلهم ودعمه، وبذلت كل جهد لحصار أفكارهم، والحد من أخطارهم. صحيح أن كل هذه الجهود تُشكر وتُثمن لكنها المرة الأولى فى تاريخ مصر التى تتبنى الدولة سياسة واضحة تقر احترام الآخر وقبوله، وتعتبر ذلك مبدأ أساسياً من مبادئ التحضر والتقدم المرجو فى ظل الجمهورية الجديدة.

إن الحضارة المصرية العظيمة قامت على التعددية. فأنت حر فيما تعتقد، وأنت حر فيما تؤمن به. أنت حر فيما ترى، وليس لأحد أن يتنمر على آخر لأنه يختلف عنه فى شىء أو يقل عنه. وليس أدل على ذلك من أن تماثيل الفراعنة التى وصلتنا تضم فيما تضم شخوصاً ذوى بشرة سوداء وآخرين ببشرة بيضاء، فضلاً عن تماثيل لأقزام، أو أصحاب عرج، أو رجال ونساء مصابين بأمراض دون اعتبار ذلك أمراً مشيناً. وحسبنا أن نقرأ فى دراسات علمية حديثة أن الحضارة المصرية القديمة من أكثر حضارات العالم احتراماً للآخر، وتقديراً للمرأة.

إننا فى بداية الطريق وكل ما علينا فعله هو أن نُربى الأجيال القادمة على احترام الآخرين. فذلك الخلاص.

وسلامٌ على الأمة المصرية.