رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رحيل الشاعر حسن فتح الباب

بوابة الوفد الإلكترونية

غيب الموت أمس الشاعر الكبير حسن فتح الباب آخر رواد شعراء الخمسينيات، بعدما تدهورت حالته الصحية ونقله إلى مستشفى الشرطة بالتجمع الأول وهو فى حالة حرجة.

لفتت موهبة الشاعر حسن فتح الباب منذ بداياته أنظار النقاد أمثال الناقد د. محمد مندور ود. نعيم اليافى ود. شكرى عياد، فكتبوا عن شعره الكثير وأجمعوا على أنه لم يتجمّد عند مرحلة بعينها، بل ظلّ يتطوّر عبر الزمن، فقال عنه الناقد رشاد رشدى « بهرنى الشاعر حسن فتح الباب. فهو شاعر عالمي.. يجمع بين القديم والجديد».. و تنبأ له بمستقبل باهر.

ولد فتح الباب فى القاهرة بحى شبرا الشعبى فى 1923.. عاش يتيمًا فى سن الثامنة من عمره فى حارة المجدلى. حصل على درجة الدكتوراه فى القانون الدولى من كلية الحقوق جامعة القاهرة. أوفد إلى الخارج فى بعثات دراسية. تدرج فى مناصب وزارة الداخلية حتى رقى إلى رتبة لواء. ثم أحيل إلى المعاش سنة 1976م.. حيث استطاع أن يخلو لإبداعه ويتفرغ له. عمل فى سلك التدريس الجامعى فى مصر والجزائر..و كان عضوًا فى كل من اتحاد الكتاب وجمعية الأدباء ولجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة. شارك فى الكثير من المؤتمرات والملتقيات الأدبية والثقافية فى مصر والبلاد العربية.

بدأ مسيرته الشعرية والأدبية فى الأربعينيات ونشر إنتاجه فى معظم المجلات والصحف والإذاعات المصرية والعربية اختير للتحكيم فى كثير من المسابقات الشعرية.. بصفته من كبار نقادنا.. حيث بدأ مسيرته النقدية فى الستينيات وصدر له أكثر من ثمانية كتب نقدية ما بين مصر وتونس ولبنان.

ترجمت مجموعة من قصائده إلى عدة لغات أجنبية. حصل على جائزة مؤسسة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعرى عن ديوانه «أحداق الجياد» عام 1992م.. وحصل على جائزة القدس التى يمنحها الاتحاد العام للكتاب العرب.

صدر له العديد من الكتب منها : رؤية جديدة لشعرنا القديم. شعر الشباب فى الجزائر بين الواقع والآفاق. شاعر وثورة. مفدى زكريا شاعر الثورة الجزائرية. حسان بن ثابت شاعر الرسول،حسن عبدالله القرشى شاعر الجزيرة العربية. محمد مفيد الشوباشى. سمات الحداثة فى الشعر العربى المعاصر. المقاومة والبطولة فى الشعر العربى من غزوة بدر إلى ملحمة البوسنة. السفارات الثقافية فى الدبلوماسية الإسلامية. مقومات القيادة الإدارية فى الإسلام. التخطيط والتنظيم فى الهجرة. المؤامرات اليهودية من خيبر إلى القدس. مقومات السفراء فى الإسلام. على طريق الهجرة. القيم الخلقية والإنسانية فى الغزوات. المنازعات الدولية ودور الأمم المتحدة فى المشكلات المعاصرة. المخدرات سلاح الاستعمار..كما صدر له سبعة عشر ديوانًا شعريًا أولها «من وحى بورسعيد» صدرت طبعته الأولى عام 1957م «محاكمة الزائر الغريب». و«فارس الأمل» و«مواويل النيل المهاجر» و«أحداق الجياد» و«سلة من محار» و«كل غم شجر.. كل جرح هلال» و«حبنا أقوى من الموت»، وغيرها من الأعمال التى جسد من خلالها التحولات السياسية والاجتماعية من حوله. كما صدرت مسرحية شعرية «اسمى الوجوه بأسمائها». سيرة ذاتية. كما أصدرت له الهيئة المصرية العامة للكتاب أعماله الشعرية الكاملة فى مجلدين عام 1998م.

ورغم بلوغه التسعين إلى أنه ظل متابعًا الأحداث السياسية بشغف متفاعلًا معها،حيث صدر له منذ عامين ديوان شعر ضمن سلسلة إبداعات الثورة الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان: «وجوه فى الميدان من وحى ثورة 25 يناير». يضم الديوان ثلاثين قصيدة لوجوه التقى بها الشاعر الكبير فى ميدان التحرير أيام الثورة، يصف فيها وجوههم، يرصد فيه

استيقاظ المشاعر على نداءات الثورة التى أطلقها شباب مصر.

فتحدث فى هذا الديوان  عن الشاعر على محسب الذى ترك له رسالة يقول فيها: (لقاؤنا هذا الصباح.. هناك فى محطة التحرير) فيقول له الشاعر الكبير (ياصاحبى نسيت أننى شيخ هرم.. وأنت فى غضارة الصبا.. فكيف لى أن أتبعك.. فلامنى.. لم تمض غير ساعة حتى وجدتنى معه..كأننى قد عاد لى الشباب.. هناك فى محطة التحرير.. مع الشباب الثائرين.. وكان لى بشير الانتصار)، وكتب عن وائل غنيم الذى (يدير معركة.. بإصبعين من حرير.. لا من لهب.. يقول: لست البطل.. ولا أنا بالفارس المحرر النبيل.. لكننى ابن مصر وحدها.. ولست بالوحيد) وكتب عن خالد سعيد (ضحية التعذيب حتى القتل.. عمدا فجَرت شرارة لثورة الشباب أنت.. فحانت الساعة وانشق القمر.. لكى تعيد أنت شمسنا.. تعيدها إلى الوطن) وعن الطبيب أحمد حرارة، الذى فقد عينيه فى حب الوطن، وعن الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن تحيا مصر، بعد ثلاثين عامًا من الموت الأسود البغيض. وفى قصيدة «العصا والثورة» يقول الشاعر الكبير: وجاءنا من بعد آلاف السنين.. فى مصر فرعون جديد.. وكانت العصا التى أشهرها.. سيفا على الشعب العظيم.. يسومه سوء العذاب.. وينهب الأقوات.. فكان ما كان من خراب.. وفجأة تفجر المخاض عن ميلاد.. أبناء مصر الأكرمين.. وفى محطة التحرير.. كانت عصا الشباب حقهم.. فى الذود عن كرامة الوطن.. فمات فينا الخوف.. وانهار عرش الزيف.. كانت عصا الثوار.. نسائم رقيقة.. لكنها أقوى من الإعصار.. ففر فرعون الجبان.. وانتصر الشباب.. وفى السماء صلت الملائكة.. على مئات الشهداء.. فاستيقظوا يهللون.. يا مصر عشت حرة كريمة.. إلى الأبد.

كما كان للشاعر الكبير حسن فتح الباب رؤية واضحة عن علاقة المثقف بالسلطة صرح بها مرارًا من خلال حواراته و هذا قوله «هناك سلطة للشعب وهى السلطة الباقية وهى أقوى من كل الحكام.. مصر منذ العصر الفرعونى لم تتغير حدودها حتى اليوم.. الشعب المصرى لا تتفتت وحدته رغم مرور المحتلين به ظلت الجينات المصرية لهذا الشعب كما هي.. قد يتغير السطح أو القشرة الخارجية ولكن الأصل لا يتغير.. والمثقفون هم الصفوة المسئولة عنه وتهميشهم جناية ويجب أن يجرم من يفعل هذا.