رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وداعاً لسيناريو البطل الأوحد في مسلسل "الصعلوك"

بوابة الوفد الإلكترونية

تيمة درامية خليط من الحكايات اليومية ذات الصبغة الاعترافية لجلد الذات والعودة إلي الموروث الصوفي والشعبي عند المصريين من خلال شخصية «الصعلوك» محروس أبوخطوة «التي يؤديها بجدارة خالد الصاوي مستكملا اختياره المميز للشخصيات التي يؤديها منذ مسلسل «قانون المراغي» مروراً بمسلسل «خاتم سليمان» و«علي كف عفريت»، و«تفاحة آدم». بدأت الأحداث في «مسلسل الصعلوك» بالعودة إلي شخصية سيدي العدوي الموجود له مقام «السيد العدوي» الذي لا يعرفه الكثيرون، وهو أحد المساجد التي أنشئت في عصر محمد علي في مصر، يقع بعطفة الشنواني المتفرعة من شارع السكة الجديدة بجوار المشهد الحسيني في القاهرة.. وقام السيناريست محمد الحناوي باستخدام أسلوب «الفلاش باك» ليعرفك بالبعد الإنساني لتلك الشخصية والذي أحب ودفع ثمن شجاعته وخيانة أقرب الناس له، ومن خلال شخصية «عم غزال» التي أداها أحمد راتب تم تشريح المجتمع وسلبياته من خلال استعراض أهل الحارة وأسباب تخاذلهم أمام بلطجة «حناطة» إلي جانب طرح قضيتين متلازمتين في مشاهد متتابعة الأولي تظهر استشراء الفساد في جهاز الشرطة وخاصة بين أمناء الشرطة وفي نفس الوقت التأكيد علي وجود نماذج إيجابية متمثلة في شخصية الضابط المنقول إلي القسم حديثا.. وفي هذا العمل تضافرت إمكانيات السيناريست محمد الحناوي مع مخرجه أحمد صالح، وأبطاله خالد الصاوي، ورحمة حسن، وفيدرا، وحسن حسني، وأحمد راتب لتقديم مسلسل إنساني من الدرجة الأولي، يتخذ من الإطار الشعبي، خلفية له، قد يري البعض أنه وسيلة لإحياء السيرة الشعبية والدراما الشعبية بشكل معاصر له قدرة علي تشريح المجتمع الآن، وخاصة ان السيناريست لم يسقط في براثن السيناريو المرسوم للبطل الأوحد، مركزا علي البطولة الجماعية، فشخصية خالد الصاوي، المحورية التي تتشعب من خلالها الأحداث اعتمدت علي غناء الشخصية وليس طول الدور، بدت الأدوار موزعة بشكل متقارب، ونموذجي مجتمعين حول خطوط عريضة، لمناقشة العديد من المشاكل الحياتية اليومية الآن من فساد، وسيطرة لرجال أعمال وفساد الأنفس، والبلطجة، وخلطها بمفردات المجتمع المصري القديمة التي اختفت حاليا، والتي نراها من خلال «الصعلوك».. السيناريست استفاد من الحكايات التي قيلت عن ابن عروس بين الحقيقة والذي لم يعرف أحد حتي الآن هل هو من نسج خيال الناس أم أنه حقيقة والدليل عليه مربعاته التي اشتهر بها بعد وفاته وخصوصا في العصر الحديث. شأن ابن عروس كشأن الكثيرين من أبطال الذاكرة الشعبية والمأثورات الفنية الشفافية حول العالم، نواة ذات واقع تاريخي حقيقي ونسجت حولها طبقات من الإضافات وإبداعات الآخرين وألصقت بالشخصية التاريخية لإكسابها قوة ومصداقية وشهرة، وفي مسلسل «الصعلوك» تم الربط بين صوفية العدوي وحكاية «عروس الهودج»، التي تذكرها التيمة الشعبية وهي الفتاة التي فُتن بها، فغيرت حياته، وكأنما أنجبته للحياة في ميلاد جديد بعدما قابلها؛ ففي إحدي المرات التي قرر فيها الإغارة علي قافلة بعينها، كان فيها «عروس» مُبهرة الجمال، وقع هو في غرامها، وطلبها للزواج، وحسب الروايات، فإن هذه الفتاة قد اشترطت أن يتوب عن السرقة والترويع وقطع الطرق، وألقت عليه «مُربعاً» عن الأمانة والصدق، فتاب كما اشترطت، وألهمته هي مربعاته الخالدة.. وهنا ربط السيناريست بين شخصية العدوي وتلك العروس التي أصبحت إحدي بطلات المسلسل والتي أصبحت رمزا للدور الذي يلعبه الحب في حياة البشر؛ وهو حب بالقوانين الاجتماعية الحالية من المستحيل أن يحدث؛ ولكن لانك أقرب للتيمة الشعبية في طريقة الطرح فسوف تتقبل حب الدكتور ابن العائلة لسائقة التوك توك، وحب ابنة تيمور باشا للصعلوك، حتي ولو كان الرسم الدرامي للشخصيات جاعلا جذور ابنه الباشا لفتاة مغيبة العقل، ويبدو أن السيناريست محمد الحناوي استفاد من مربعات ابن عروس،

المترجمة للأمثال الشعبية في ثوب شعري، والتي تعد بمثابة خلاصة الحكمة الشعبية التي يسعي لنشرها، وأجري حكمتها علي لسان أبطاله؛ بعدما صاغ حوارا دراميا عاديا علي لسان أبطاله؛ فعندما ترفض سائقة التوك توك الملىء بالتناقض الطبقي نراها تطبق ما قاله ابن عروس في إحدي رباعياته:

كل عيش بملحك وفجلك

وعيش عيشة جدودك

واتمتد علي قد رجلك

بلاش تزيد عن حدودك

ويبدو التحول في شخصية محروس وشكله وانتقاله للعمل في قصر تيمور يكن، متعمدة علي رباعية:

والله ما هي بسعيك

ولا بكتر الخطاوي

إلا إذا كان سعدك

في كل خطوة مساوي

وهنا يستعين السيناريست دائما بظهور شخصية العدوي في المنام لشخصية المحروس إيذانا دائما بإيجاد الفرج، ولأن السيناريو له منحني صوفي في بناء شخصية «محروس» فإنه يجري علي لسانه حلولا دينية للخروج من أزماته كترديدة الآية القرآنية لقوله تعالي: «فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم».

أما الشخصيات المتواجدة في المسلسل بين الحين والآخر كنموذج للإنسان الخائن فبنيت دراميا علي مقولة بن عروس:

الندل له طعم مالح

وله خصايل ذميمة

القرب منه فضايح

والبعد عنه غنيمة

وإذا كانت أحداث المسلسل تدور حول «محروس أبوخطوة» الشيال الفقير المقيم بإحدي الحواري المنتقل لعمل في قصر أحد كبار رجال الأعمال، إلا أنه من خلال تلك الشخصية تطرح الشخصيات الموازية الأخري، وخاصة أن الارتباط بينها معتمد علي أطروحة مازالت موجودة بداخلنا حتي الآن وهي التمسك بتلك النوعية من البشر التي تقوم لنا بالكثير من الأعمال داخليا أما ظاهريا فنحن لا نعرف قيمتها إلا بالاختفاء.. وبالانتقال المتوازي بين القصر والحارة والربط بينهما من خلال محروس يبدو التضاد واضحا في تركيبة ونوعية المشاكل التي يعيشها المجتمعان المختلفان تماما، وإن كان يظل الإنسان واحتياجاته الأساسية من حب، وعشق للسيطرة وخوف وقلق، ولعب في الحبال للحصول علي ما تريد، موجودة في الطرفين.. ولكن الملاحظة التي أراه بوضوح في الأعمال الدرامية دائما هي عندما نقترب من الوسط الصحفي ورسم شخصيات صحفية وهي ما تؤديها الممثلة «رحمة» والتي تأخذ بحذفيرها من شخصية جوليا روبرتس في فيلم «I Love Trouble» والذي قدم بعد ذلك في فيلم «جاءنا البيان التالي» فحكاية الصحفي الباحث عن الحكاية والذي يقوم بالتحريات والتخفي والواهب حياته لتحقيق قد تجده في نوعية معينة من الصحف العالمية ولكن في مصر بالتأكيد كان زمانه أتفضل، فالتحقيق الصحفي في مصر والانفرادات لها مفردات صحفية أخري تحتاج من كاتب السيناريو الدخول في واقع هذا العالم أولا.