رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصور الثقافة قبور للإبداع

بوابة الوفد الإلكترونية

من أهم المشاكل التي يخلقها تغيير الوزراء هو إهمال بعض القضايا الحيوية بالقدر الذي لم يعد الإعلام أو الناس أو حتي العاملون في الوزارات يعرفون مصير المشاكل المتراكمة التي يتم طرحها من وقت لآخر،

من أكثر الوزارات التي تعاني كثرة التغييرات هي وزارة الثقافة وربما التغييرات الكثيرة التي تحدث تكون ناجمة عن مشاكل بين المثقفين وبعضهم البعض كل شلة تريد الوزير من المجموعة التي ينتمون اليها خلال أربع سنوات شاهدنا جابر عصفور وصابر عرب وعماد أبوغازي وعبدالمنعم الصاوي وشاكر عبدالحميد وعلاء عبدالعزيز وبعض هذه الأسماء جاء ثلاث مرات وآخر جاء مرتين ومؤخرا جاء عبدالواحد النبوي، وهذه الوزارة تحديدا تعد من الوزارات التي تتطلب قدرا كبيرا من الاستقرار لأنها تعتمد علي مشروعات مرتبطة بثقافة الإنسان المصري وتنمية عقله، وهي الوزارة الوحيدة التي لا يجب أن تلعب كثيرا في هيكلها الداخلي.
زاد من حجم مشاكل هذه الوزارة أن بعض الوزراء الذين تولوا مقعد الوزير انشغلوا بقضايا ومعارك جانبية وآخرهم جابر عصفور الذي انشغل منذ اليوم الأول له بمعركة مع الأزهر الشريف، وذهب «عصفور» وجاء عبدالواحد نبوي بتصريحات أكثر غرابة عندما ذكر في حوار مع فضائية «سي بي سي اكسترا» إنه متحفظ علي الأفلام التي يقدمها المنتج محمد السبكي مشيرا الي أنه سيتكلم معه ويقنعه بوجهة نظره.
وأضاف «النبوي» أثناء لقائه في برنامج «لازم نفهم» مع مجدي الجلاد علي قناة «سي بي سي»: علينا أن نقدم رؤيتنا وما نتمني أن نقدمه وما يحتاجه البلد لـ«السبكي» لأن «السبكي» إنسان «مش وحش» ومن الممكن أن يقتنع برأيي.
وتابع: سأعرض عليه بعض الروايات التي من الممكن أن ينتجها سينمائيا ولو لم ينتجها سأكون في هذه الحالة أديت واجبي تجاهه، وواجبي أن أوضح له الرؤية وأعتقد أنه سيتفهم ذلك جيدا، وهذه التصريحات لا يجب أن تخرج من وزير ثقافة مصر لأسباب كثيرة أن الوزارة ليس منوطا بها ترشيح روايات أو سيناريوهات للمنتجين وإذا كان لديه فكر معين فعليه تنفيذه من خلال قطاعات الوزارة المختلفة فهو يمكنه أن ينتج ما يشاء من خلال صندوق التنمية الثقافية أو بعمل بروتوكول مع مدينة الإنتاج الإعلامي أو قطاع الإنتاج بالتليفزيون أو صوت القاهرة لكن المنتج ينتج ما يجعل شركته متواجدة و«السبكي» لن ينتج أفلاما تخرج عن الخلطة التي يجيدها ثم إن «السبكي» ليس المنتج الوحيد في مصر هناك شركات أخري تنتج أيضا أفلاما دون المستوي هل سيعطيها أيضا بعض الروايات من الوزارة لإنتاجها.
وأتصور لو أن هناك تكليفا من السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي أو معالي رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بتغيير خريطة الأفلام السينمائية في مصر الي أعمال ذات جودة تحمل صبغة الأفلام ذات الرؤي الوطنية أي تنمي الوعي القومي وتقدم تضحيات أبناء مصر عبر تاريخها والدراما قدمت هذا النموذج في «رأفت الهجان» لمحمود عبدالعزيز وفي «دموع في عيون وقحة» لعادل إمام وهذه القضية طرحتها «الوفد» مؤخرا وطالبت الدولة باتخاذ إجراءات جدية لصنع هذه الأعمال وها هي تتخذ إجراءات في ذلك لكن وزير الثقافة الجديد يحاول التنفيذ لكنه اتخذ الطريق الخطأ لأن دور الشركات تقديم ما يطلبه السوق، والدولة دورها تقديم ما ينمي الشعور الوطني. قد يخرج البعض ويقول لكن المواطن عليه دور.. هذا صحيح لكننا لسنا في هذا العصر الآن لا توجد «آسيا» التي أنتجت فيلم «صلاح الدين الأيوبي» الذي خرب بيتها وأنهكها كمنتجة وبالمناسبة أغلب أفلامنا الجيدة الكلاسيكية أنتجتها مؤسسة السينما التي كانت تتبع الدولة التي أنتجت أقل من 200 فيلم منها: «الحرام» بطولة فاتن حمامة و«قنديل أم هاشم» و«البوسطجي» و«شيء من الخوف» وغيرها من الأفلام التي اختير من بينها نحو 50 فيلما في استفتاء أجراه الكاتب سعد الدين وهبة عام 1996.
الدولة الآن ربما لا تملك الأموال التي تجعلها تشارك بالإنتاج كما كانت في الستينيات من القرن الماضي وهذا يدعو الي الانتباه والاهتمام بأشكال أخري تحقق طفرات في تركيب الشخصية المصرية منها الاهتمام بقصور الثقافة وهي قضية طرحتها «الوفد» في عهدي الوزيرين السابقين جابر عصفور وصابر عرب وبما أن هناك وزيرا جديدا وكل وزير يبدأ من الصفر وليس من حيث انتهي الآخر فنحن نعيد طرح الأمر، فالضرورة تقتضي الإلحاح في طرحها وسنعيد طرحها لعشرات المرات طالما

أن هناك أناسا لديها مشاكل.
وقضيتنا هي قصور الثقافة المهملة من جميع الوزراء الذين جاءوا بعد ثورة 25 يناير  وهي ثورة الشباب فلم نسمع عن استراتيجية أو خطة للنهوض بهذا الكيان وكل ما نسمعه من الوزراء مجرد كلام في الهواء، خطط للاستهلاك الإعلامي ولزوم فض المجالس والسؤال المطروح الآن: لماذا قصور الثقافة؟ ولماذا الإلحاح في ضرورة تطويرها ودخولها الخدمة الوطنية؟ وقبل الإجابة لابد أن نعرف أن هذه الهيئة هي المؤسسة الوحيدة التي تشارك الصحة والتعليم نفس الأهمية بدليل أن الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله كما أنشأ في كل محافظة مديرية للصحة، ومديرية للتعليم أنشأ أيضا مديرية للثقافة وهذا يؤكد أن الدولة كانت تضع الثقافة في خط مواز للصحة والتعليم، الآن ومصر تحارب الارهاب لابد أن تعي أن الاهتمام بقصور الثقافة يعني أنك تسيطر علي الشباب المعرض للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة التي تستغل أن الشباب ليس لديه ما يفعله فقامت باستدراجه، قصور الثقافة لو أحسن استغلالها وعادت ستكون المتنفس الوحيد للشباب لتفريغ كل شحناته وطاقاته في الإبداع سواء كان مسرحا أو غناء أو سينما أو ندوات شعرية، والغريب أنه طوال السنوات الأخيرة لم نشاهد وزيرا أو خفيرا يذهب لمتابعة تلك القصور بالدرجة التي جعلتها تتحول الي قبور للثقافة.
والأهم في قضيتنا هو حماية مصر من التطرف الفكري، وجذب الشباب اليها لتفريغ شحنتهم في الإبداع بدلا من أن يتركوا فريسة لجماعات الفكر المتطرف، وهو الأمر الذي نعاني منه منذ سنوات طويلة عندما تخلت الدولة ممثلة في قصور الثقافة عن دورها وتركت الشباب للفكر المتطرف، وبالتالي شاهدنا منهم الآلاف يحرقون ويقطعون الطرق، وما يحدث في الجامعات يؤكد أننا تركنا الشباب للتطرف وللفكر المتشدد فكانت النتيجة أن بعضهم تحول الي مجرمين.
الشىء الثاني الأكثر أهمية هو ضرورة أن تتولي الدولة مشروعا قوميا لإعادة الحفلات الي مدن الصعيد المحرومة من هذه الخدمة، وسبق وطرحت «الوفد» في حملة لها الشهر الماضي ضرورة عودة الجولات الفنية التي كانت الأوبرا تقوم بها خلال تسعينيات القرن الماضي وحتي السنوات الأولي من القرن الحالي، وطرحنا هذه القضية واستجاب للمشاركة فنانون كبار منهم: علي الحجار ومحمد الحلو كما أن الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيس الأوبرا أبدت تفهما كبيرا للفكرة وقررت تنفيذها وكان طلبها الوحيد هو أن يقوم المحافظون بتسهيل عملية إقامة الفنانين ووسائل المواصلات، وبما أن هناك وزير شاب مثل دكتور عبدالواحد نبوي فعليه أن يبادر بالاتصال بالمحافظين وحثهم علي دعم جولات الأوبرا كما أنه علي الوزير الجديد أن يكون علي رأس هذه الجولات الفنية لأنها فرصة له للتعرف عن قرب علي مشاكل قصور الثقافة في المحافظات، وما أكثر المشاكل فيها لأنه كيان أيضا لا يعيش له رئيس.
الحرب علي الإرهاب لابد أن تكون من خلال عودة أنشطة قصور الثقافة والقيام بهذه الجولات الفنية.