عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المخرج سعيد مرزوق يبكي ويتمني الموت

المخرج سعيد مرزوق
المخرج سعيد مرزوق

طار في عالم الشهرة وسرعان ما حوله المرض إلي لحاف اليأس، حالة من الكآبة والحزن جعلت المخرج المبدع سعيد مرزوق يعتزل الدنيا، ويلجأ إلي لحافه ليغطي وجهه طوال الوقت رغم حرارة أغسطس.

رأيت مرزوق ملتفاً في سريره بالغرفة 633 بمستشفي القوات المسلحة رافضا الحديث طالبا من زوجته إغلاق الستائر طلباً للموت، وقرر ألا يتحدث إلي أحد حتي لو كانت رفيقة عمره، لا يسيطر عليه سوي شىء واحد البكاء الذي لا ينتهي والصمت تجاه أي حديث موجه إليه.
حالته المرضية سيطرت عليه، وأصابته بجلطات متعددة جعلته ييأس من حاله، ويفقد الأمل في العودة لحياته خلف كاميرا السينما من جديد، أقعده خطأ طبي علي كرسي متحرك منذ 4 سنوات عندما تركه الأطباء لتتمكن «الغرغرينة» من جسده لتنهش جسده 4 أنواع من البكتريا المسممة تؤثر علي الكبد والكلي والمخ، ووصل الأمر به إلي بتر في ساقه حوله من كائن نشط يتحدي الدنيا إلي جليس يرجو الموت في كل لحظة، وينتقل من مستشفي إلي مستشفي باحثا عن راحة أبدية لكنه لا يجدها وللأسف حتي اللحظات السعيدة التي حاول ان يقضيها بمستشفي المني للعلاج الطبيعي الذي كان تسمح له بالجلوس مع المرضي أو مع أصدقائه حرمه منها الروتين عندما نقلته الحكومة التي يعالج علي نفقتها إلي مستشفي القوات المسلحة بالمعادي ومنذ يوم 7 أغسطس لم يتمكن من الخروج من غرفته أو رؤية أحد بحجة ان أوراقه لم تستكمل من اللجنة الطبية بالقوات المسلحة ولا يمكنه ان ينتقل إلي مستشفي آخر رغم استقرار حالته الصحية وهو ما أكدته زوجته السيدة ريموندا والتي أصابها اليأس هي الأخري بسبب التباطؤ الروتيني.
المتابع لحالة مرزوق يري ان الجلطة التي أصابته مؤخرا وأثرت علي سمعه وجسده لم تؤثر فيه بقدر حالته النفسية التي تحولت للنقيض منذ آخر عيد ميلاد له حضره عدد من أصدقائه في «دار المني» وهو ما أكده الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكي والسيناريست عاطف بشاي اللذان تابعا حالته وزاراه في المستشفي، وهذا ما يؤكد ان رغبته في البقاء في مكان مريح أهم بكثير من خضوعه لعلاج يبعده عن الجميع وعلي جانب آخر ينساه الفنانون رغم انه لا ينتظر مالا لكنه ينتظر حباً ومشاعر طيبة قد تجعل ذكرياته هي الداعم الوحيد لبقائه علي قيد الحياة.
سعيد مرزوق عقلية سينمائية فذة تاريخه السينمائي القائم علي الموهبة يجعلنا نتعجب من سبب وصوله لليأس، فشهادته الثانوية العامة ولم يلتحق بأي من الجامعات أو المعاهد لدراسة فن السينما ورغم ذلك قدم في عامه العشرين فيلم «زوجتي والكلب» الذي يعتبر نقطة تحول في تاريخ السينما، وأوضح خلاله رؤيته عن باطن علاقات إنسانية في مضمون سياسي في ظل فترة كان التعامل فيها يعتمد

أولا وأخيرا علي التلميح وليس التصريح وهذا النوع من الأفلام له مخرجون محددون لانه يحدد هوية المخرج وقدرته علي الالتزام ما بين عدم السقوط في الرمزية مثل أفلام يوسف شاهين والانغماس في السطحية والمباشرة مثل الأفلام التي قدمت في هذا الوقت.
المراحل الفنية لمرزوق تحولت عاما بعد عام لعبقرية إبداع فقدم «أريد حلا» والذي أحدث ثورة في القوانين ونبه المجتمع المصري والقانوني إلي ان هناك ثغرات في القوانين المصرية ضد المرأة وبعد هذا الفيلم تغير قانون المرأة حتي إن اختيار مرزوق لشخصياته كان قائماً علي الاختيار من الواقع أكثر من الخيال فاختار شخصية أمينة رزق من نموذج حقيقي لامرأة قابلها في إحدي المحاكم وقرر نقل تفاصيلها لشاشته، والطريف ان معظم شخصياته كانت نماذج موجودة في المجتمع المصري وحسب تصريحه الشهير «أحب أظهر الشخصية بعبلها علي الشاشة».
بعدها قدم «المذنبون» بطريقة جريئة ومعالجة مختلفة عن المطروح وقتها.. كانت النظرة إليه أنه فيلم إثارة، لكن مرزوق واجه الواقع بفيلم يعري المجتمع من الداخل وهذا سر الصدمة التي انتابت المجتمع وتحول لفيلم «ممنوع من العرض» بعد عرضه «للكبار فقط» صارع خلاله الرقابة، مع كاتبه نجيب محفوظ مما جعل الرقباء يطلقون عليه وقتها «مخرج الشغب السياسي»، وكانت مرحلة جعلته يعلن ثورته الفنية وقتها ويتابع تقديم أعمال أدبية مثل «حكاية ورا كل باب» عن توفيق الحكيم.
وتلا كل ذلك بعدد من الأفلام أبرزها «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» و«هدي ومعالي الوزير» و«المرأة والساطور» و«المغتصبون» و«جنون الحياة» «وقصاقيص العشاق» و«أيام الرعب».
عبقرية مرزوق انه رفض الانزلاق تحت قائمة شباك التذاكر رغم ان أفلامه كانت تحقق إيرادات عالية إلا ان كثيراً من المنتجين كانوا يحجمون عن التعامل مع سعيد مرزوق، لان أفلامه تحقق إلي جانب الدخل الجيد سلسلة طويلة من المشاكل مع الرقابة والجمهور والقيادة السياسية.