رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ناجي: مبدعو مصر أكثر من أن تحصيهم الجوائز

بوابة الوفد الإلكترونية

ما بين الميلاد في مدينة سمنهود بمحافظة الغربية عام 1947  وبين لحظة فوزه بجائزة  الدولة للتفوق في مجال الأدب بعيداً عن  أرض الوطن في باريس في  رحلة علاج عاش الروائي الجميل «محمد ناجي» حيوات مختلفة  كقطعة الماس المشطوفة التي كلما نظرت إلي جانب منها  وجدتها تشع بريقاً  ولمعانا فهو الصحفي المحترف خريج كلية الآداب قسم صحافة عام 1969

وهو الروائي المثير للجدل النقدي مع كل رواية تصدر له فحين يكتب عن الحارة في «العايقة بنت الزين» تشعر أن أقدامك تطأ كل حارات مصر المحروسة بأحلامها وطموحاتها وتقرأ يوميات أهل الحارة المليئة بالآمال والانكسارات  ليجرفك إلي عالم الرؤية والبصيرة  في «مقامات عربية» وانعدام التواصل في رجل أبله وامرأة تافهة مروراً بـ «الأفندي»، «ليلة سفر» أما كتاب تسابيح النسيان فهو حالة من الشجن العفيف في اكتشاف ذاته  ورحلة مرضه في ديوان أشبه بالنثر المشعور كما  وصفه ليعود صحيح البدن وهو المفعم دائماً بالروح والعقل.
جاءني صوته من باريس كما عرفته منذ أكثر من 15 عاما مليئاً بالأمل والتفاؤل ومنتهي التواضع،  فهو يدعوني بصديقته وأنا أتمني فقط أن يعتبرني فقط من حواريه، تحية إلي محمد ناجي المعلم والإنسان.
< ما="" شعورك="" بعد="" الحصول="" علي="" جائزة="" الدولة="" للتفوق="" وأنت="" بعيد="" عن="" أرض="">
- الجائزة تسعد أى كاتب بالطبع، خاصة عندما يكون فى بلد ملىء بمبدعين كبار، ففى مصر كوكبة من المبدعين ذوى القامات العالية من كل الأجيال والأعمار، ولا تستطيع الجوائز المتاحة أن تحصيهم، لا أريد أن أذكر أسماء حتى لا أسهو عن أسماء أخرى أقدرها، لكن لا أريد أن يفوتنى أن أسجل افتتانى بأقلام شابة تقتحم آفاق الإبداع بجرأة تنأى بها عن الوقوع فى أسر التكرار، وتقدم تجارب ونجاحات فى أساليب وأشكال الكتابة.
< دائما="" تشيد="" بالجيل="" الجديد="" من="" الكتاب،="" فما="" هو="" التحدى="" الذى="" ترى="" أنهم="" يواجهونه="" فى="" هذه="">
- كل جيل يواجه مصاعب وتحديات تخصه، وهو الأقدر على توصيفها وفهمها ومواجهتها. لكننى أرى أن التحدى الأعظم الذى يعرقل أى كاتب إنما ينبع من داخله حين يبحث عن الثمن قبل العطاء.
الكتابة رحلة فهم وتعلم وحوار طويلة، والكاتب فى التشبيه البسيط المأثور هو «شمعة تحترق لتنير الطريق للآخرين». عليه أن يبدأ بالتضحية لا بالبحث عن المكاسب، أن ينشغل بالصدق والاتقان لا بالنجومية، أن يجتهد فى فهم ما حوله ولا يغتر بمعرفته أو بأعماله وأقواله، وأن يدرك أنه مجرد عامل بسيط فى بناء هرم الحضارة الإنسانية. 
< لماذا="" اخترت="" طريق="">
- ببساطة؛ ربما لأنها العمل الوحيد الذى أحبه وينسجم مع طبيعتى. ثم أنه ليست لدى مهارات أخرى يمكننى أن أجد نفسى فيها.
< لو="" لم="" تكن="" الكتابة="" ماذا="" كنت="">
- أن أكون فنانا تشكيليا أو موسيقيا أو منشدا شعبيا. أحب هذه الفنون، أتذوقها بشراهة، وأمتلك مخيّلتها، لكننى لا أمتلك مهاراتها.
< المشهد="" السياسي="" العربي="" مرتبك="" وملىء="" بتغيرات="" حادة="" خاصة="" فى="" مصر،="" وهذا="" ما="" كنت="" تراه="" بوضوح="" وحذرت="" منه="" في="" روايتك="" المهمة="" «مقامات="" عربية»..="" كيف="" توقعت="" في="" هذه="" الرواية="" الحال="" العربي="">
- فى مقامات عربية فقرة تقول: «يجازى الخلف بأعمال السلف، فأعمالهم مقدمات لصلاح من يأتى بعدهم أو لهلاكهم».
أعتقد أن قراءة معطيات الواقع بشكل صحيح تساعدنا على تخمين ما يمكن أن يحدث. وما عشناه على مدى عقود قبل ما أسميه «انطلاقة يناير الثورية» كان مقدمة موسيقية نشازا لا بد أن يعقبها لحن مرتبك.
<>
- كان المشهد المصرى غربة داخل الوطن، وفقراً، وانحطاطاً فى الخدمات، وديكوراً ديمقراطياً مثير للسخرية، وفساداً إدارياً وتشريعياً ومالياً.
أخطر ما جرى هو تدهور الشرائح الوسطى التى تمثل قوام المجتمع وبصيرته وضميره. البعض سقط فى قاع الفقر، والبعض بحث عن خلاص فردى أنانى بالالتحاق بركب الفساد وتزييف الوعى، والدجل المهنى والفكرى، والكلام فى هذا السياق كثير جدا. 
تصاعد الغضب، لكنه لم يتحول إلى قوة قادرة على التغيير إلا فى يناير 2011. وعندما حدث ذلك لم تكن البدائل واضحة بما يكفى. حدث هذا القصور بفعل التغيرّات التى طالت الطبقة الوسطى، والتى أدت بدورها إلى عدم وجود نخب سياسية  قادرة على تحويل مطالب الشعب فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية من شعارات تعبوية إلى برامج سياسية.
< وكيف="" ترى="" المشهد="">
- ألاحظ عصبية النخب السياسية وجنوحها لفرض حالة خصام لا حالة حوار. وألاحظ  تداخل أطياف سياسية متناقضة الأهداف والمصالح فى تحالفات غامضة. وألاحظ غياب إشراك الشباب فى صياغة المستقبل عبر مواقع تنفيذية فاعلة، وأخشى أن يكون شعار «مشاركة الشباب» مجرّد هتاف تعبوى بلا فاعلية حقيقية.
ألاحظ كل ذلك بأسف، وأرى أنه من آثار ما سبق أن أشرت إليه من تدهور الطبقة الوسطى فى العقود السابقة.
< فى="" رأيك؛="" إلى="" أين="" يقودنا="" هذا="">
- يقودنا إلى ارتباك سياسى ومجتمعى قد يقصر وقد يطول، لكن الرهان يظل على يقظة الشعب الذى اندمج بكل طوائفه واتجاهاته فى المشاركة السياسية، وهو وحده القادر على تصحيح رؤى النخب والفاعليات السياسية.
< روايتك="" «العايقة="" بنت="" الزين»="" كانت="" جدارية="" اجتماعية="" صورت="" فيها="" ضياع="" الرؤي="" وانكسار="" الاحلام="" بمذاق="" خاص="" يشعرك="" بأجواء="" حارة="" «نجيب="" محفوظ»="" وهو="" أسلوب="" في="" الكتابة="" صعب="" جدا،="" ولكنك="" استطعت="" ان="" تفعل="" ذلك="" باقتدار،="" فلماذا="" لم="" تستحضر="" حارتك="" الابداعية="" المفعمة="" بالحياة="" مرة="">
- كل عمل إبداعى يفرض منطقه وأدواته، تماما كما أن كل مسرحية تُعد لها الخشبة والديكورات والإضاءة بطرق تناسبها. وعندما يعيد المسرحى استخدام الأدوات نفسها فلابد أنه سيعيد العرض الأول نفسه. هذا الأمر ينطبق أيضا على الكتابة، ومعناه ببساطة أن الكاتب يجتر ويكرر نفسه.
أما عن أجواء الحارة فى هذه الرواية، فأنا لم أكن أشير إلى حارة محددة، وإنما حارة مركبة من خيال خالص، ورغم ذلك فهى حارة مصرية  تشير إلى كل الحارات وعلى امتداد التاريخ. لم أهتم بواقعية المكان، وإنما ابتعت مكانا يناسب واقع روايتى.
< ديوانك="" «تسابيح="" النسيان»="" والذي="" رفضت="" أن="" يكتب="" علي="" غلافه="" «ديوان="" شعر»="" كان="" تجربة="" روحية="" اقتربت="" فيها="" كثيرا="" من="" عالمك="" الداخلي="" وشعورك="" تجاه="" رحلة="" الانسان="" مع="" المرض="" والحياة..="" كيف="" كانت="" بدايات="" الرحلة="" الي="" اكتشاف="">
- تركت تصنيف «تسابيح النسيان» للنقاد والقراء، وتجنبت أن أشتبك فى المعارك الدائرة حول شكليات الشعر دون النفاذ إلى جوهره. ولا يهمنى أن تكون التسابيح شعرا أو نثرا، وإنما يهمنى أن تنفذ إلى قلب قارئها.
أما رحلة اكتشاف الذات فأظن أنها تبدأ مع «وأوأة» الطفل فى مهده، منذ أن يبدأ فى تكشّف الأصوات والصور ويتعرف على الآخر الذى يشبهه. ورحلة الحياة بتجاربها المتعددة الألوان والمذاقات، بمسراتها وآلامها، تعمق ذلك الاكتشاف.
< وماذا="" عن="" رحلة="">
- بقى القليل فى رحلة العلاج. وأستطيع أن أقول أنه لم يبق من مرضى غير سعادتى بمحبة أصدقائى وزملائى الكتاب وقرائى الأعزاء، الذين لا يكفون عن الاتصال بى فى باريس للاطمئنان، وكذلك شعور بالامتنان للأستاذين مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق ومحمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب؛ اللذين قدما لى دعما مشكورا لم أكن لأقدر على بدء رحلة علاجى بدونه.
< فى="" النهاية؛="" ماذا="" تريد="" من="">
- الحياة نفسها، بحلوها ومرّها.