رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"سقوط الصمت" رواية جديدة لعمار علي حسن

غلاف الرواية
غلاف الرواية

"سقوط الصمت" رواية جديدة لعمار علي حسن، صدرت عن الدار المصرية اللبنانية، وهى الرابعة فى مسيرته الروائية، بعد "شجرة العابد"،"جدران المدى"،"زهر الخريف".

تقع"سقوط الصمت" فى 660 صفحة من القطع المتوسط، وخمسة وسبعين فصلاً، تشكل متتالية روائية، حيث تفترق الفصول، وتتداخل لخدمة فكرة مركزية واحدة تسيطر على أجواء الرواية، التى تُعد واحدة من أهم الروايات فى سنوات ما بعد الثورة، التى تستلهم الروح المصرية الأصيلة متعددة الطبقات، متراكبة الأزمان، متداخلة الحضارات، حتى استقرت هذه الروح الأصيلة وكشفت عن نفسها فى ثورة يناير، وما سبقها من أحداث، وما جرى خلالها من تجرد، وإخلاص وتفانِ، وانصهار حضاري وروحى بين فئات الشعب المصري.
وهى روح صعبة الانكسار، حتى لو تراجعت قليلًا إلى الوراء، أو خلقت مسافة بينها وبين الجدال الحضاري، إنها الروح المراقبة، الهاضمة التي تتجلى في لحظات تاريخية فارقة، وحينما تعلن عن نفسها يأتي إعلانها مبدعًا ومبتكرًا وملهمًا، فعلت ذلك في التاريخ القديم وفي التاريخ الحديث وستظل تفعله حتى قيام الساعة، وعمار علي حسن كشف عن هذه الروح عبر بانوراما شخصيات الرواية المتعددة.
تنطوي الرواية بصفحاتها التي تجاوزت الستمائة على حس ملحمى، يجعل من الحدث تاريخًا ومن بعض الشخصيات رموزًا، ومن التفاصيل الصغيرة نهرًا كبيرًا، يجرف فى طريقه كل المعوقات، أوركسترا الشخصيات، ومهارة الروائى في مزجها وتتبع مصايرها، تقف ب" سقوط الصمت" في مصاف الروايات الكبيرة التى أرخت لزمانها، وهي وإن كانت تستفيد من التاريخ باستحضار روحه في وعي الشخصيات، فإنها في الوقت نفسه انطلاق من هذا الوعى تستشرف المستقبل، كما جرى هنا، حيث رصدت الرواية ألاعيب جماعة سياسية هي جماعة الإخوان المسلمين، وقفزها الصريح على طموحات الشباب، واستظلالهم بالأمريكان، حتى ينالوا غرضهم، وذلك قبل أن تتنبأ بسقوطهم، وعيًا بهذا المسار واستشراقًا من الراوى العليم بمصائر أبطاله وبنهاية أحداث الواقع.
"الروح الروائية لدى عمار علي حسن تأتي من منطقة نادرة في التراث والوعى المصريين، هي منطقة التدين الشعبي والتصوف، وعلاقة ذلك بحياة المصريين وأفعالهم، وردود أفعالهم وتوقعها أحيانًا من قبل الدارس الفاهم، هذه الخلفية العلمية من عمار الباحث فى علم الاجتماع السياسي انعكست على اختيار نماذج أبطاله، وتحديد عوالمه الروائية وإغنائها ورفدها بالكثير من التفاصيل الدالة.
ثورة يناير هى اللحن الكبير، الذى كسر جدار الصمت، الذى يلضم الأدوار كلها، والشخصيات جميعها بتقاطعاتها ومواقفها السياسية وعلاقاتها الداخلية، وبالأطراف الخارجية، امتلك عمار علي حسن جرأة فضحها والإشارة إليها بوضوح:" هو الدبلوماسي الأمريكى الماهر الذى اتسمت تقاريره دومًا بالدقة البالغة، يجد نفسه ولأول مرة فى حياته أمام لغز كبير لا يفهمه جيدًا".
تذهب هذه الرواية وراء الإنساني والجمالي والمخبوء في ثورة يناير المصرية من خلال سرد ووصف وحوار يصنعه "راوٍ عليم" عبر شخصيات متنوعة خلقت المشهد المهيب، وذلك في بطولة جماعية  تضم: الثوري الحالم والانتهازي، وشبابًا من الشوارع الخلفية، وأبناء الطبقة الوسطى، واليساريين والليبراليين والإخوان والسلفيين، والجنرالات وأنصار النظام السابق واللامبالين، والعمال والفلاحين والموظفين والإعلاميين والمثقفين، والشيوخ والصبية والرجال والنساء، والقاضي العادل وترزي القوانين، وأرواح الشهداء والمصابين، وكذلك الهلال والصليب كرمزين لوحدة وطنية، وتمثال عمر مكرم الذي يتوسط ميدان التحرير، وتمثال زورسر الذي يغادر المتحف، ويتفقد الثوار.
وتضم رسامي الجرافيتي، وصانعي اللافتات، وكاتبي الهتافات والشعارات، وأطفال الشوارع المشردين، ومتحدي الإعاقة، والبلطجية والمتحرشين والمخبرين، والأميين ومجيدي النقر على رقعة الحاسوب ليصنعوا الدهشة والأمل في العالم الافتراضي، والأجانب الذين جاءوا للمتابعة كصحفيين أو دبلوماسيين، وشبابًا عربيًا بهره ما حدث في لحظته الأولى، وأثار شجونه، وتمنى أن يراه في بلاده.
كما تضم سيدات المجتمع، وفتيات واجهن كشف العذرية، والسحل في الشوارع الملتهبة، وأخريات قاتلن كالرجال حين فرضت السلطة المستبدة على الثوار مغادرة التعبير السلمي عن الغضب.
وفي الرواية تختلط مشاعر الحب والكره، والوفاء والغدر، والأمانة والخيانة، ويحتدم الصراع بين أبطالها، ويتحول بعضهم مع مرور الأيام من النقيض إلى النقيض.
وتحوي الرواية خمسة وسبعين فصلا أو مقطعًا متتابعًا في رحلة زمنية تسبق انطلاق الثورة، وتتجاوز ما يجري حاليًا إلى توقع ما سيحدث في المستقبل،

وقد حرص كاتبها على أن يضع من يقرأها، في أي زمان وأي مكان، في صورة ما جرى كاملا، كأنه شارك في هذا الحدث الكبير أو عايشه من كثب، بل وطالع بعض الجوانب الخفية التي يمكن أن يصل الفن إلى أعماقها البعيدة، وبما يستحيل على  التحليل السياسي أو الرصد الإخباري أن يبلغه، وساعده على هذا أنه كتب عن واقع كان في قلبه، ويعرف تفاصيله جيدًا، حيث أعاد هضم كل هذا متجاوزى النمطي والسائد والتسجيلي والمباشر؛ ليرسم لوحة فنية تحتفي بالجمالي، وتحاول أن تسبر أغوار الفعل البشري المعقد في لحظة استثنائية.
وتعتمد الرواية بناء معماريًا مختلفًا يزاوج بين الخط المستقيم والمتصاعد للسرد، والبنية الدائرية، بما يخلق تشويقًا لافتا للقارئ تعززه اللغة الشاعرية والموسيقى الداخلية المنسابة في إيقاع هادئ، والحس الرهيف والمواقف الإنسانية العميقة والمؤثرة، وبناء عالم أشبه بالحلم يرمم فيه الخيال الفياض فراغات الواقع المرير.
وتفضح الرواية، في الوقت نفسه، حدود الصراع القيمي والنفسي بين التيار الديني المتزمت والمتطرف الذي صعد على أكتاف الثورة، وبين قوى التحديث والتغيير والاستنارة، لتتنبأ بانتصار الفريق الثاني في نهاية المطاف بعد آمال وآلام يرسم النص ملامحها في هدوء وروية.
" ومؤلف الرواية عمار على حسن، اسم كبير في عالم السياسة والادب :
تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عام 1989ويحمل الدكتوراه في العلوم السياسية. صدرت له أربع روايات هي: "شجرة العابد"، و"جدران المدى"، و"زهر الخريف"، و"حكاية شمردل"، وثلاث مجموعات قصصية هي: "عرب العطيات"، و"أحلام منسية"، و"التي هي أحزن"، وقصة للأطفال بعنوان "الأبطال والجائزة"، وله كتابان في النقد الأدبي هما "النص والسلطة والمجتمع: القيم السياسية في الرواية العربية"، و"بهجة الحكايا على خطى نجيب محفوظ"، وله قيد النشر متتالية قصصية بعنوان "حكايات الحب الأول". وإلى جانب الأعمال الأدبية رواية وقصة ونقدا، له عدة كتب في التصوف وعلم الاجتماع السياسي، وهو حاصل على جوائز عديدة منها: جائزة الدولة للتفوق في مصر، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة الطيب صالح في القصة، وجائزة أخبار الأدب في القصة، وجائزة غانم غباش في القصة، وجائزة القصة والحرب، وجائزة هزاع بن زايد في أدب الأطفال، وجائزة جامعة القاهرة في القصة.
وتُعدُّ الباحثة الجزائرية كريمة بوكرش رسالة دكتوراه في جامعة المسيلة عن روايته "شجرة العابد" بعنوان:" الخطاب الصوفي في الرواية العربية: شجرة العابد نموذجا"، فيما يعد الباحث الإيراني كاوة خضري رسالة ماجستير في قسم اللغة العربية بجامعة طهران عن الرواية ذاتها تحت عنوان : "الواقعية السحرية في رواية شجرة العابد". وقد كتب نقاد مصريون وعرب عن أعماله الأدبية دراسات ومقالات نُشرت في دوريات وصحف عدة، كما ترجمت له بعض القصص إلى الإنجليزية.