رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الموسيقى والغناء ضحية الاستخدام الغاشم للتكنولوجيا

بوابة الوفد الإلكترونية

 

الموسيقار والمؤلف الموسيقى والموزع د. إيهاب عبدالسلام أحد أهم الأسماء البارة للموسيقى والغناء الذى يجمع ما بين نشاطين كبيرين الأول فنى شخصى والثانى علمى تربوى. ليصب كل منهما فى نهر الآخر، فى زمن يجد فيه الكثير من المبدعين والمعلمين أيضاً أنفسهم ضحية الحزن والاكتئاب على حال الموسيقى والغناء إلا أن إيهاب عبدالسلام قد سلح نفسه بالعزيمة فإذا ما ألقى فى نهر الإبداع من حوله ما يكدره وجد ضالته فى التعليم لأجيال لا سبيل لنهضتها إلا بالعلم، كما أن نهر الفن يروح عنه ما يجهده فى تلقين تلاميذه العلم.. وقد حصل عبر مشواره على العديد من الجوائز والأوسمة إلا أن ثقة كبار المطربين فيه هى جائزته الأدبية التى لا تقدر.

حول شأن الغناء والتأليف الموسيقى ورهانات التوزيع وإشكاليات الحال الراهن عن تردى وفوضى غنائية وطموحات الطامحين من أجل الجمال..

كان هذا الحوار:

< كيف="" عبرت="" بمؤلفاتك="" الموسيقية="" عن="" مشروعك="">

- المؤلفات نوعان.. أكاديمية وأخرى للعامة، وأرى أن المؤلف الموسيقى لابد له أن يؤلف للعامة، فالتأليف الأكاديمى الذى من شأنه الانشغال بالدارسين يكون انفصالاً عن المجتمع، من أجل ذلك العديد من أسماء المؤلفين القدامى لا أحد يعرف شيئًا عنهم، لأنهم كانوا منفصلين عن المجتمع، وتعاملوا مع التأليف الموسيقى كشيء نخبوى جداً، وهذا خطأ كبير، وفيما أقدمه أحاول أن أكون فى الجبهتين.

< ألا="" ترى="" أن="" هذا="" قد="" يكون="" بوابة="" لتراجع="" قدر="">

- بالعكس، فأنا أحاول جاهداً تغيير هذه الصورة، وبالفعل كنت أجد النتيجة، الإيجابية لها أقدمه على هذا النحو مباشرة فى عيون طلابى الذين أرى تأثير مؤلفاتى عليهم وأنها قد وصلتهم وتأثروا بها، واستشهد فى هذه الفلسفة بمقارنة بين بليغ الذى كان يلحن للشعب، والسنباطى الذى كان يلحن لزملائه، وكان محمد عبدالوهاب يقول عن بليغ مداعباً كفاه يحصد الموسيقى وحده.

< وما="" هى="" مؤلفاتك="" التى="" تشغلك="">

- أنشر أوبرا «حورس»، وقد أنجزتها قبل فترة، لكن لم أدونها، فأنا الآن أدونها، وقد أخذت منها قربات، وأعطيها للدارسين يدرسونها، ويستعملونها، فهى رسائل نغم تدرس لطلبة الغناء فى ثنايا مادة مؤلفات مصرية معاصرة، وقد كان لى من قبل مؤلفات موسيقية تصويرية عديدة منها أوبريت «عليك يا حبيبى السلام» وبه أغان منفصلة بعضها من تلحين وأخرى لملحنين من دول عربية. وقدمت مؤخراً موسيقى لأفلام تسجيلية منها ما هو للحركة الكشفية فى تونس.. العمال والسياسة. كما انتهيت مؤخراً من تلحين أغنيتين للمطربة نادية مصطفى، وهما «خايف تحبنى» و«بحاول أقولك»، وهما من كلمات طارق وهدان، وثالثة لمدحت صالح من كلمات عماد حسن وهى: «لازم أكون»، وهذه الأغنية لمدحت قد شاركت فيها بمهرجان الإذاعات العربية الماضى وأخذت الجائزة الذهبية.

< ألا="" ترى="" أننا="" فى="" حاجة="" إلى="" لهجة="" توزيعية="">

- هذا سؤال صعب، لأن الغالبية من الذين يمارسون التوزيع، ويطلقون على أنفسهم لقب موزعين يستخدمون برامج التوزيع الجاهزة على الكمبيوتر، ومن أجل هذه التعبئة الجاهزة المعدة مسبقاً يكون التكرار الذى هو نتيجة مباشرة للاستخدام العشوائى الغاشم للتكنولوجيا، فالتكرار هنا لا يكون فى الألحان فحسب إنما هو تكرار فى التوزيع الذى يعد أداة لتوصيل الألحان، وأحياناً قد يكون اللحن مكررًا، لكن التوزيع المنفرد يقوده للإنفراد، ولأن السوق الموسيقى امتلأ بالباحثين عن العمل والشهرة والمادة بالطبع، وأصبح سوقاً مفتوحاً لكل من هب ودب وصاح وابتذل وقدم الشاذ الذى لا معنى له، وكانت النتيجة الحتمية أن لا طعم للأغانى ولا مذاق.

< ألا="" توجد="" مسئولية="" على="" الجماهير="">

- للأسف الجماهير أصبحت تبحث عن الغريب، وحين بدأت الفضائيات متمثلة فى مجموعة الـ ART استبشرنا خيراً.. وقلنا إنه بتعدد القنوات بعد أن كنا فقط نستقبل القناة الأولى والثانية، وقلنا لا شك أن الطلب على الأغنية والإنتاج الفنى سيكون كثيراً إذا بنا نفاجأ بغير ذلك.

والأمر عاد بالسلب على المنتج الفنى، كلما زادت رقعة الفضائيات ومن بعدها النت والسوشيال ميديا وأصبح الفن بهذه الرداءة وقانونه هو العرض والطلب ومات الرقيب ولا أحد يتدخل فى المحتوى، وأصبحت مصر الموسيقى والغناء ضحية المؤامرات الداخلية والخارجية وتدشين الخلايا النائمة لإفساد الذوق الغنائى الذى هو مفتاح لكل فساد.

< صف="" لى="" الأشكال="" التوزيعية="" الحالية،="" وكيف="" لنا="" أن="" نخلف="" شكلاً="">

- الشكل المنتشر الذى يجذب الكثير من المجتمع هو الشكل الإيقاعى الذى هو بطل الأغنية الآن، وليس «المليودى» ولا «الهارمونى» الذى هو المكون الأساسى للتوزيع، ولا يشغل أولئك الخط المصاحب للخط الأساسى، ولا الأفكار اللحنية المصاحبة، الآن الإيقاع هو شيطان العمل، وهذا ما نراه جلياً فى أغانى المهرجانات، حتى الأغنية الخليجية التى كانت تعتمد بشكل كبير على الشرقية فى تنفيذها، واستخدام التخت العربى، أصبحت هى الأخرى، تنجذب للأشكال الإيقاعية، وسار هذا شأن كل الأشكال الغنائية فى الوطن العربى، والتكنولوجيا لو تعاملنا معها بسطحية وسذاجة، وانقدنا وراءها ووراء إبهارها وإغوائها لا تبعدنا عن إنسانيتنا، الموسيقى أقرب للإنسانية وأبعد عن التكنولوجيا ومفهوم الآلة والمصنع وعلى سبيل المثال فى تسجيل مجموعة الوتريات والإيقاعات هناك أداة اسمها «الكونتينر» التى هى وسيلة لضبط الإيقاع بطريقة 100٪ مع سرعة اللحن، وهذا شيء ضد الطبع الإنسانى، وأقرب ما يكون للريبوت. فهى عملية طردية.. كلما انسقنا وراء التكنولوجيا ابتعدنا عن الإنسانية، وهذا الأمر المحزن أدى بنا إلى أن نصف أغنية الزمن الحالى بالبلاستيكية ولا تعتمد على اللحم والدم والروح كما كان فى الماضى، وبالطبع لا يمكن أن نعود للماضى، لكننا

نجتذى عشاق الفن الحقيقى أن يخلقوا حالة من التوازن بين التنكنولوجى والإنسانى.

< ألا="" من="" شكل="" جديد="" ينبغى="" أن="" يكون="" عليه="">

- الإيقاع كما هو، لكن مع اختلاف وسائله، فالدم والتك قد يكونان على طبلة أو حلة أو منضدة، فالإيقاع هو هو لكن وسائله هى التى تغيرت.

< ما="" هى="" الأسباب="" التى="" تجعلنا="" نرفض="" أغانى="">

- السوقية.. كلمة تحتها مليون خط، فنحن نعانى منها بدءاً من اسم مبتذلها القبيح، ثم شكله.. ثم طريقة تأديته ثم الكلمات ثم شكل التنفيذ، وإذا خلعنا كل هذا الأذى من أغانى المهرجان ربما أعجبتنا، كما أنها تقريرية لا صورة فيها، فهى أشبه بالمحاضر التى تكتب فى جهات التحقيق، فلا صورة فنية فيها، ويغلب على الصوت التى يقولها الفهلوة، وجهله يطفح عليه من كل جهة وجانب، وهذه الفهلوة لها تأثير سلبى علينا امتد إلينا من الغناء للحياة أو من الحياة للغناء كما تحسبه، الذى يقدم الراب فى أوروبا وأمريكا درست الموسيقى منذ الصغر، وليس الأمر كعندنا مجرد أناس يبحثون عن فرصة عمل، والذى يقدم الراب فى أوروبا وأمريكا يستطيع أن يقدم أشكالاً أخرى كثيرة غيره أمامنا فيقدمونه لأنه سهل عليهم، ولا يستطيعون غيره، وهذا الشكل المزعج يسيء لصورة مصر أمام العالم.

الأمر الذى جعل المؤامرة الداخلية والخارجية لتشويه مصر قد حققت نجاحاً ملموساً علينا دفعه بكل الوسائل من أجل مصر التى هى أم الدنيا والتى علمت العالم الفنى والإبداع ليس جميلاً أن يكون هذا هو حال الغناء السائر فيها يقتلها قتلاً أليماً ومقاومة هذا الفساد الغنائى غير فاعله من رأى هنا أو كلمة هناك. علينا أن نبحث عن ألية للجمال نبحث عنه وننشره وندفع بالضلال.

< من="" هو="" المطرب="" الأمثل="" الذى="" تحب="" أن="" يحذو="" المطربون="">

- على سبيل المثال، رغم أن لكل فنان حاله الذى لا يتكرر، إلا أن عبدالحليم حافظ كان نموذجاً للمطرب الذى أجاد كل الألوان، وكان يبحث عن الجديد فى كل شكل غنائى ويحاول تقديمه، وكان يراقب زملاء، الملحنين، وإذا وجد أغنية تعجبه يختطفها فى خفة ظل ويغنيها هو.

< وكيف="" لنا="" أن="" نخرج="" من="" كبوة="" الغناء="" التى="" تلاحقنا="" ليل="" نهار="" إلا="" فيما="" ندر="">

- المخرج من الكبوة بعودة الإذاعة المصرية لإنتائجها الغنائى، وأن تعود لجان الاستماع التى كانت حائط الاستماع ضد التردى.

< هل="" تعتقد="" أن="" التكنولوجيا="" الحالية="" ستحول="" دون="" الاستفادة="" من="">

- لا.. فمشكلة التكنولوجيا إسادة استخدامها لا فى وجودها. إذ لو استخدمت بطريقة صحيحة سنخرج منها بمكاسب جيدة، لكن سوق دون إدارة فاشل.

< فى="" ظل="" تراجع="" الغناء="" بشكل="" عام..="" هل="" يمكن="" لنا="" أن="" المستقبل="" للتأليف="">

- حين نستمع على سبيل المثال لحفلات عمر خيرت نجد أن الجمهور متعطش حقاً للموسيقى الراقية، وأرى أن الجمهور لم يمت كما قال محمد عبدالوهاب، فلا يزال فيه بعض من نبض.

< كيف="" ترى="" مستقبل="" التأليف="">

- أسلوب تأليفهم للموسيقى وأن يكونوا أكثر قرباً للجماهير دون التخلى عن القواعد والثوابت العلمية للتأليف الموسيقى. وفى ظل الحالة المتردية الفنية التى يعيشها وطننا العربى كله، المؤلف الموسيقى يعيش عزلة تاريخية.

< ما="" هى="" نصائحك="" للمطربين="" الجدد="" الذين="" عليهم="" النهوض="">

- نصحيتى ألا يسعوا إلى التعامل مع الأسماء الرنانة فقط، ولكن عليهم أن يبحثوا عن الجميل والجديد فى كل مكان وألا ينساقوا وراء الرائج لأنه غث وأن ينسفوا مفهوم «الشللية» لأنها تعميهم وتصمهم عن الجديد والجميل، وعليهم أن ينتبهوا إلى أن التجديد والجديد ليس مجرد لفت نظر أو البحث عن الغريب أو «التقليعة» أو الأداء الساكر أو التصييح ونحو ذلك.