رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

6 دعامات تعيد الحياة لشرايين مطرب المطربين

بوابة الوفد الإلكترونية

وصفه عبدالوهاب بـ«حلو الغناء».. وقاد ثورة تغيير مفاهيم الغناء

مصر هى دولة الطرب، من هنا تعلم العالم معنى كلمة السلطنة فى الغناء، ومن هنا بدأت الأجساد تتمايل طربًا، بجمل موسيقية تقشعر لها الأبدان، مصر هى قبلة الغناء العربى، هى دولة الملحنين والمطربين، هى رائد التجديد ومنبع المجددين فى الموسيقى والغناء، لم تمر فترة زمنية إلا ويخرج منها أستاذ أو أستاذة يرفع الجميع له أو لها القبعة، هنا ولد رائد وفارس التجديد سيد درويش، وهنا ولد محمد القصبجى وعبدالوهاب والسنباطى، الذين توارثوا الموسيقى والغناء عن الشيخ المسلوب، وسلامة حجازى ومحمد عثمان وكامل الخلعى. هنا أرض الكنانة والمكانة. 

مصر هى الشريان الذى قام بتغذية العالم العربى بكل حرف وجملة موسيقية، هنا القاهرة التى منحت الجميع شهادة الاعتماد، والارتباط بالجمهور، هنا الإذاعة المصرية التى حملت عبر أثيرها مهمة تقديم الأصوات والنغم الشرقى الأصيل، ومهما ظهرت من زوابع داخل الوسط الغنائى وظهر الهاموش والناموس، والذباب، لن يضيع تاريخنا الغنائى، بل إن هذه الزوابع كلما ظهرت تذكرنا ماضينا الجميل. 

فى حلقات سابقة، ذكرنا أن مصر فنانة منذ 7 آلاف سنة، فى الجزء الأول قدمنا بانوراما عن الفن المصرى بصفة عامة، وريادته وفى الجزء الثانى خصصناه لتاريخ مصر الغنائى من قدماء المصريين حتى مشايخنا فى العصر الحالى. 

كما واصلنا تقديم تاريخنا فى عالم التلحين، وما أكثر ما قدمت مصر للعالم العربى من ملحنين، لذلك فالجزء الخاص بالملحنين سوف نواصل الكتابة عنه لعدة أجزاء، حتى نعطى هؤلاء الرواد حقهم الطبيعى. 

تحدثنا فى «المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة» عن ريادتنا بصفة عامة فى الموسيقى والغناء والسينما والدراما والإعلام والمسرح، والأوبرا وأكاديمية الفنون، ثم بدأنا فى حلقات تالية نتحدث بتوسع أكبر، عن كل مجال، من المجالات، تحدثنا عن الموسيقى من عهد قدماء المصريين، مرورًا بدور الترانيم القبطية، فى الكنائس والموالد الشعبية حتى وصلنا إلى عصر المشايخ، تناولنا الملحنين من الشيخ المسلوب مرورًا بسلامة حجازى وسيد درويش وعبدالوهاب والسنباطى وزكريا أحمد والقصبجى، استكملنا مسيرة الملحنين فى النهوض بالأغنية المصرية والعربية، بما يؤكد أننا فى مصر دولة الإبداع والمبدعين، وأن عمر بعض فنانينا أطول من أعمار دولة بأكملها. وأن إبداعهم ربما يكون أكثر تأثيرًا من دول كثيرة. 

مصر الفن والفنانين، أقدم دولة عرفها التاريخ وعرفت الفنون بكافة أشكالها، مصر التى سطرت أهم سيناريوهات العرب، فى السينما والدراما، وأهم من كتب النوتة الموسيقية وأهم من قدم عازفين وملحنين وشعراء، مصر الطرب الأصيل والنغم المشبع بالموهبة، مصر تواصل الأجيال، وشموخ الجبال، وكبرياء الإنسان، مصر أقدم لوحة فنية وأقدم فنان. 

عبر تاريخنا الغنائى قدمت مصر مئات الأصوات التى سطرت تاريخ الأمة العربية، ودائماً كنا وما زلنا أصحاب الريادة فى هذا الأمر، ولا يمر عصر الا وتجد لدينا جيلاً من الاصوات التى تحمل الراية عن سابقيها. فى العصر الحديث عاصر كثير منا أجيال أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وقبلهم كانت منيرة المهدية وعبده الحامولى، وفتحية أحمد، ثم جاءت أجيال أخرى حتى ظهر جيل الوسط الذى ضم هانى شاكر وعلى الحجار وعماد عبدالحليم ومحمد الحلو ومحمد ثروت ومحمد منير ولحق بهم مدحت صالح ونادية مصطفى ثم جيل أنغام ثم جيل آمال ماهر وريهام عبدالحكيم ومى فاروق، هذا يعنى أننا أمة إبداعها دائمًا لا ينقطع. 

اليوم نرصد رحلة واحد من اهم مطربى جيل الوسط الفنان الكبير محمد الحلو دعماً حتى يخرج من أزمته الصحية ويعود لينير مسارح المحروسة من شرقها إلى غربها كما كان مغرداً، ومطرباً ومنشداً. الحلو الذى أجرى مؤخراً جراحة ناجحة لتسليك شرايين القدمين بمستشفى عين شمس، يعود قريباً إن شاء الله ليواصل إثراء ساحة الغناء المصرى والعربى.

محمد الحلو هو الامتداد الطبيعى لعمالقة الغناء فى مصر، هو الحنجرة التى لا تخطئ طريقها، هو عود الشجرة دائم الخضار، الذى ارتوى من نبع الغناء الأصيل فظل محتفظاً بأزهاره حتى وقت خريف الغناء الذى نعيشه، كان الوردة التى تشع عطراً، وهو العود الذى يغنى وتره أصعب التقاسيم فى زمن لم يعد لأوتار العود الا أهلها الأوائل، فى زمن أصبح العود غريباً بفعل التغريب الذى يمارسه من أطلقوا على أنفسهم موسيقيى هذا العصر. 

هو مطرب المطربين كما وصفه صديقه على الحجار، وهو الوصف كان جامعاً وشاملاً ويعكس قيمة الحلو عند زملائه المطربين من أبناء جيله. 

الحلو هو اسم على مسمى كما قال موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وهو الصوت الذى يؤدى النغمة والجملة الموسيقية كما يتخيلها الملحن أو كما ترن فى أذنه عند وضع لحنه كما قال الموسيقار ياسر عبدالرحمن الحلو كان مصدر ثقة كبار الملحنين كما قال عنه الموسيقار الراحل عمار الشريعى. 

الحلو هو واحد من ثنائى «الحلو – الحجار» جعلا لتتر المسلسلات طعماً ولوناً ورائحة، تشم من خلالها البيئة التى تدور فيها الأحداث، جعلا لتتر المسلسل نبضاً وروحاً يسيران فى جسد كان قبلهما شبه ميت فأعادا له الحياة. نعم الحلو والحجار تقاسما أهم التترات على مدار التاريخ الغنائى المصرى، هل أحد ينسى مقدمة الحلمية من ألحان ميشيل المصرى وكلمات سيد حجاب؟

 «منين بييجى الشجن.. من اختلاف الزمن، ومنين بييجى الهوى.. من ائتلاف الهوى، ومنين بييجى السواد.. من الطمع والعناد، ومنين بييجى الرضا.. من الإيمان بالقضا» تلك مقدمة تتر مسلسل «ليالى الحلمية» أحد أهم المسلسلات المصرية العربية إن لم يكن أهمها على الإطلاق. 

< هل="" ننسى="" تتر="" الوسية="" «مين="" اللى="" قال="" الدنيا="" دى="" وسية="" **="" فيها="" عبيد="" مناكيد="" وفيها="">

سوانا رب الناس سواسية ** لا حد فينا يزيد ولا يخس إيد 

جينا الحياة زى الندا أبرياء ** لا رضعنا كدب ولا اتفطمنا برياء 

طب ليه رمانا السيف على الزيف ** وكيف نواجهو غير بالصدق والكبرياء 

مين اللى قال الدنيا دى وسية ** فيها عبيد مناكيد وفيها السيد 

سوانا رب الناس سواسية ** لا حد فينا يزيد ولا يخس إيد 

عش يا ابن آدم بِكر زى الشجر ** موت وانت واقف زيه فى مطرحك 

ولا تنحنى لمخلوق بشر أو حجر ** وشب فوق مهما الزمان جرحك. الألحان لياسر عبدالرحمن والكلمات سيد حجاب. 

**هل ننسى زيزينا لعمار الشريعى اسكندرية تانى وآه م العشق يانى

والرمل الزعفرانى ع الشط الكهرمانى.. والسحر اللى احتويته والبحر اللى احتوانى

والبحر أبوألف موجة والموجة بألف حالة.. وأنا المغرم صبابة باسكندرية يابا 

وفكرة كونى أنسى فى حكم الاستحالة..عشقت بحرك وغرقت فيكى

وصبحت عندك فى العشق حالة..وسمعت منك وعشقت بيكى

وعجبنى قربك على أى حالة..وعاشرت فيكى الخواجة ينى

اجريجى لكن مصراوى جنى..اسكندرانى عاشق أغانى

جعان يغنى شبعان يغنى..ويبات فى حالة يصبح فى حالة 

وكونه ينسى دى الاستحالة..وسمعت صوت النديم نسايم 

ع البحر صابحة والبحر هايم..وسمعت سيد بيقول يا مصرى

الدنيا صاحية ليه إنت نايم..ولما عاند وخانى عصرى

لا شد ضهرى ولا خد بنصرى..بنيت فى حضنك ع الرملة قصرى

وفتحت ع البحر حضن مصرى..آدى القضية وآدى الرسالة 

وكونى أنسى دى الاستحالة.. 

هو صاحب مئات التترات التى نؤرخ بها لتاريخ الدرما المصرية منها «آه يا زمن» و«المرسى والبحار» و«حياة الجوهرى» و«حلم الجنوبى» و«بوابة المتولى» و«درب الطيب» و«هالة والدراويش» و«للثروة حسابات أخرى» و«الآنسة كاف» وأديب وغيرها. 

** هو محمد الحلو صاحب أغنية اهيم شوقا والذى جعلنا جميعاً نهيم شوقاً فى صوت عذب معجون غنا مصرى على اصوله. 

وهو صاحب ضربة البداية فى الأغنية العصرية عندما غنا عراف ثم القلب حب وتاه وعنيكى ليه نسياه، وهو صاحب النقلة الكبرى فى تصوير الأغانى عندما اتجه إلى غابات أفريقيا لتصوير أغانيه فى وقت كانت الاغنية المصورة عندنا تصور فى الحدائق العامة أو الاستوديوهات المغلقة.

وهو صاحب أغنية يا حبيبى كان زمان طلعت الورد بأوان عندما اصطحب معه الشيخ سعيد حافظ فى أول دويتو خارج عن الأشكال المتداولة والمعروفة، أتى بأحد المشايخ ممن يملكون حنجرة هائلة لا يمكن أن يباريه أى صوت لأن صوت الشيخ حافظ رحمه الله كان به اعجاز، ورغم ذلك غنى بجواره فى الاستوديو ثم اصطحبه معه فى أغلب الحفلات، هذا هو الصوت الذى يثق فى نفسه. 

** هو الفنان الذى يثق فى قدرات الآخرين هو الذى اصطحب الفنان الراحل المطرب على حميدة الأستاذ بمعهد الموسيقى العربية إلى الفنانة ورده لكى يعلمها العزف على آلة العود، ووقتها كان الثنائى تلاميذ فى معهد الموسيقى، ولأنه كان يثق فى قدرات على كعازف عود كبير اصطحبه إلى وردة وهى فى قمة عطائها. 

هو ابن مدرسة عبدالوهاب، وهو التلميذ النجيب لموسيقار الأجيال وأهم من غنى أعماله، بالدرجة التى جعلت موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب حريصا خلال سنواته الأخيرة على الاستماع إلى أعماله بصوت الحلو، وكان يعقد جلسات شبه دورية معه فى منزله للاستماع إليه وإبداء أى ملاحظات له.

 ولا ننسى أن عبدالوهاب قد لحن أنشودة الأرض الطيبة 1981 واستعان وقتها بالمطرب الشاب محمد الحلو لتكون بداية انطلاق.

بداية معرفة موسيقار الأجيال بالحلو عند احتفال معهد الموسيقى العربية بعيد ميلاده، أعدت دكتورة رتيبة الحفنى عميدة المعهد احتفالية كبيرة له، وكان من بين تلاميذ المعهد محمد الحلو، وكانت الدكتورة رتيبة تعى قدرة الحلو على أداء أعمال موسيقار الأجيال، وبمجرد أن أستمع لصوته فى إحدى البروفات التى سبقت الاحتفالية طلب من رتيبة الحفنى أن تصحبه إلى منزله بالزمالك لكى يبدى له بعض الملاحظات وعندما استمع له قال له انت حلو اسم على مسمى. 

محمد الحلو (3 مارس 1955)، حصل على البكالوريوس من معهد الموسيقى العربية فى السبعينات، بدأ محمد الحلو مشواره الفنى من خلال غناء وتقديم العديد من الأغانى التراثية التى كان لها صدى كبير فى العالم العربى قبل أن يقدّم أغنيات خاصة به وتجعله فى خانة نجوم الصف الأول فى مصر والوطن العربى ثم أصدر أول البوم له بعنوان «عراف»، وبعد أن حقق الألبوم نجاحًا كبيرًا قام بإصدار العديد من الألبومات الأخرى، ومن أبرز ألبوماته: القلب حب وتاه «افتح كتابك» و«رحال» و«يا قمر» و«عصافير الجنة» و«على كيفك» و«صدقى» و«بندم» و«فداكى الروح» و«يا حبيبى» و«ناويلى» و«أحبابنا» و«اشهدى». 

كما خاض تجربة التمثيل من خلال مجموعة من الأفلام السينمائية منها «الحب الحقيقى» و«شباب لكل الأجيال» و«ابتسامة فى عيون حزينة» و«طبول فى الليل» و«ممنوع فى مدرسة البنات».  

 بالإضافة إلى مسلسل تلفزيونى بعنوان «وجيدة وسامح» وفوازير ألف ليلة وليلة «أسطورة عروس البحر»، وأيضاً مجموعة من الأعمال المسرحية أبرزها «سى على وتابعه قفة» و«لولى» يعتبر محمد الحلو من أكثر المطربين الذين شاركوا فى فعاليات مهرجان الموسيقى العربية الذى يقام كل عام على مسرح دار الأوبرا. 

الحلو الذى ينحدر من أسرة عاشت عمرها فى السيرك وهو الوحيد الذى احترف الغناء بينهم، وهو ورث حلاوة الصوت عن أمه. 

محمد الحلو أجرى بعد عصر الأحد الماضى جراحة فى ساقيه لإعادة الدماء تجرى فى شرايين القدم، وتم تركيب 6 دعامات تعيد الحياة لشرايين الغناء كما قال الكاتب الصحفى وصديق عمر الحلو محمد عبدالله.