رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ديكتاتورية التزييف فى "أصحاب ولا أعز"

اصحاب ولاعز
اصحاب ولاعز

يبدو أننا أمام حالة أخرى من سلسلة متواصلة مما تفعله بنا السوشيال ميديا ومتابعوها، التى لا يتورع أحد عن الخوض فى أعراض الناس، قبل بذل ولو مجهودا بسيطا لمعرفة خلفية ما يكتب، قبل أن يدلو بدلوه، فى قضية لا يعرف تفاصيلها، ولا أى معلومة عنها. وهو ما حدث مساء 20 يناير الحالى عندما عرضت النسخة العربى من فيلم «أصحاب ولا أعز» وهو إنتاج منصة نتفليكس، وأبطاله جميعا عرب لبنانيون باستثناء منى زكى وإياد نصار الأردنى ومن إخراج لبنانية وسام سميرة، وهو النسخة الكربونية رقم 19 من الفيلم الإيطالى perfect Strangers للمخرج الإيطالى باولو جينوفيزى الذى حظى بانتباه محبى السينما فى مختلف أنحاء العالم، وقد تم إعادة إنتاجه فى أكثر من دولة منها إسبانيا، تركيا، اليونان، اليابان، روسيا وكوريا.

 الشركة الكويتية Row Filmed Entertainment حصلت على حق تحويل الفيلم إلى النسخة العربية. مع شركة Film Clinic، إلى جانب شركة Empire International اللبنانية. الفيلم شارك فى عدد من المهرجانات الدولية، وتوج بجوائز كثيرة أغلبها من نصيب السيناريو. والفيلم عرض فى مهرجان القاهرة السينمائى.

 قبل الدخول فى تفاصيله ليس من حق أحد منعه ولا تقديم مذكرة ضد وزيرة الثقافة المصرية ولا الرقابة، وتقديم إحاطة فى مجلس النواب عنه هراء يجب محاسبة فاعله بتهمة الجهل وإثارة الفتن.

وفى الواقع أن ما حدث هو أكبر دعاية حصلت للفيلم الذى كان من الممكن أن يمر مرور الكرام، على متابعى السينما وخاصة أنه نسخة طبق الأصل من فيلم نُفذ بشكل رائع بنسخته الإيطالية، التى شاهدناها فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى 2017، وبالتالى المقارنة ليست فى صالح النسخة العربى.

أحداث الفيلم الإيطالى شارك فى كتابته خمسة كُتاب من بينهم المخرج، تدور حول 7 أصدقاء يجتمعون لتناول العشاء وتبادل الأحاديث أثناء مشاهدة ظاهرة خسوف القمر، ثم تنقلب سهرتهم إلى مواجهات مؤلمة بعد الاتفاق على مشاركة الرسائل النصية والمكالمات مع بعضهم البعض.

حقق الفيلم نجاحًا نقديًا وتجاريًا، حيث فاز بجائزة ديفيد دى دوناتيلو فى فئة أفضل فيلم وحقق أكثر من 16 مليون يورو فى إيطاليا. النسخة الإسبانية من الفيلم حققت أكثر من 25 مليون دولار، فيما بلغت إيرادات النسخة اليونانية مليوناً و800 ألف دولار. أما النسخة التركية فقد حصدت مليونا و700 ألف دولار.

للأسف سأضطر للابتعاد عن النقد قليلا لأسرد بعض أحداث الفيلم الذى لم يشاهده غالبية من هاجموه. وخاصة أنه لا يوجد مشهد عرى واحد بالفيلم. والأحداث كلها تدور بنفس الملابس التى يرتديها الأبطال وفى مواقع تصوير ثابتة ما بين السفرة والمطبخ والحديقة لمشاهدة الخسوف.

والألفاظ التى قيلت إنها نابية لا تخرج عن استعراض للاختلاف بين العامية المصرية واللبناينة، حيث أن بعض الألفاظ التى يقولها أهل الشام فى الشارع بشكل عادى بالنسبة للمصريين قلة أدب مثل نطق كلمة «ست» فى مصر والشام، وتعبير المصرى خطوتين والذى له تعبير لبنانى دارج يعتبره المصريون قلة أدب.

أما الحوار الذى دار بين الأب وابنته عندما فتح صوت الموبايل للجميع، فملخصه أن البنت قالت إن صديقها طلب منها الذهاب للمبيت فى منزله، وتبع ذلك حالة استنكار على وجه الجميع، تبعته إجابة الأب على ابنته بهدوء، وملخصه أنه طلب منها التفكير فى أثر التصرف عليها بعد ذلك، وأخذ القرار بعد ذلك، لأنها وحدها التى ستتحمل مسئولية فعلها، فأخبرته الابنة أنها ستعيد الكلام معه ثانية. هذا تصرف يعنى أن العلاقة بين الاثنين الاب والابنة فيها صراحة كاملة وأنها تتناقش معه قبل أى تصرف وهو ما فسر لماذا لم ينفعل عندما أحضرت الأم الواقى الذكرى من شنطتها؛ لأنه يعلم أنه لن تفعل أى تصرف قبل العودة إليه!. والسؤال كم ابنة أخطأت وأقامت علاقة غير شرعية، كان سيتم إنقاذها إذا كان هناك حالة من الصراحة مع الأهل؟!.

أما مشهد منى زكى الذى خلعت فيه قطعة من ملابسها الداخلية فتم بالإيحاء بحركة فوق الفستان ثم وضع القطعة فى الشنطة. وحوارها ع الشات مع شخص آخر عندما عرف تبعه خناقة مع الزوج، وليس مباركة، كما كتب البعض، وللأسف جميعنا يعلم أن هناك علاقات كثيرة بين زوجات على الماسنجر مع غرباء وهى مشكلة يعانى منها المجتمع المصرى بنسبة كبيرة.

أما الحديث عن الشاذ فمن المشهد الأول يبدو أن الرجال الثلاثة رافضون له، والدليل أنهم عندما قرروا لعب الكرة لم يرسلوا له ليشاركهم اللعبة. وأنه أقرب للزوجات؛ وكان من المفترض أن يقدم أخيرا صديقته الجديدة، لكنه وصل بمفرده، مدعيًا أنها مريضة. إلى جانب أن الجميع انفعلوا على إياد نصار عندما استبدل تليفونه معه، فظن الجميع أنه هو الشاذ وكلهم بما فيهم الزوجة التى لعبت دورها منى زكى تعاملوا معه باشمئزاز، مما يؤكد أن المجتمع هنا أو فى أى مكان رافض للشذوذ.

فكرة الفيلم معتمدة على نظرية الخسوف النفسى، فكل واحد فينا مثل القمر لديه جانب مظلم لا يشاهده الآخرون، وإذا عرف سيتسبب فى مشكلات عديدة له ولمن حوله. إلى جانب أن الموبايل أصبح بمثابة خزانة أسرارنا كل واحد فينا يخفى به أشياء لا يعلم عنها أحد شيئا.. سؤال: كام واحد فينا لديه محادثات عادية ليس من مصلحته أن يراها البعض؟!

ولكون الناس لم يشاهدوا الفيلم فلم يعلموا أن النهاية تؤكد أن كل ما حدث افتراضى، وبالتالى لم يعرف الزوج أن زوجته تخونه مع صديقه؛ ولا أن السكرتيرة حامل فى غير إطار العلاقة الرسمية، ولا أن الصديق شاذ. والدليل على ذلك أن الدكتور لم يغير قميصه وظهر به فى مشهد النهاية، ونادين لبكى ظلت مرتدية الحلق الذى قدمه له «عادل

كرم» الذى قدم شخصية الإنسان الندل بتميز بداية من ترك السعر على الزجاجة وانتهاء برفضه كذب صديقه وعدم اعترافه له أنه شاذ؛ رغم أنه يخون صديقه، ويخون زوجته.

يبدأ الفيلم فى أماكن متعددة، ولكن الجزء الأكبر من الحدث يتم فى شقة واحدة. ومن الناحية الفنية أعتقد أن المستوى الفنى للعمل أقل بكثير من الفيلم الإيطالى وكلاهما دار داخل أربعة جدران، مما يضفى عليها طابع مسرحية تم تصويرها. وبدأت الأحداث بالربط غير المباشر بين خسوف القمر بتدرجه وخسوف الشخصيات نفسها، حيث اقترحت صاحبة البيت أنهم جميعًا يضعون هواتفهم على الترابيزة، ويشارك الجميع فى سماع كل مكالمة أورسالة يتلقاها أى واحد فيهم، وهى مبادرة متهورة بشكل خاص لأنها مثل بقية الأصحاب لديها أسرار تفضل الاحتفاظ بها لنفسها.

لا أحد يسعد بالفكرة، لكن الرفض سيكون بمثابة الاعتراف بوجود شىء يخفيه، لذلك يوافقون على اللعب.

 لنبدأ فى التعرف على الأبطال ومنهم جورج خباز والذى أجاد الدور أكثر من الممثل الإيطالى لنعلم أنه جراح تجميل يحب الطهى ولا تثق زوجته فى قدراته وهى طبيبة نفسية أثبتت مهاراتها المهنية، ولكنها غير مجدية عندما يتعلق الأمر بعلاقاتها مع ابنتهما المراهقة. أو زوجها الذى يلجأ لطبيب نفسى آخر، مما يؤكد أنا كلا الزوجين غير مقتنع بالآخر تماما. تعبر منى زكى وإياد نصار عن القليل من الدفء تجاه بعضهما البعض، مما قد يفسر مشكلة شربها.. يتلقى عادل الرسالة الأولى، لكنها مزحة من جورج خباز. شيئًا فشيئًا، تم الكشف عن الحقائق غير المريحة.. وأولها أن نادين لبكى تقوم بتجميل ثدييها، ومنى زكى تريد أن تضع حماتها فى دار للمسنين.

على النقيض من ذلك، فإن المتزوجين حديثًا عادل كرم وديموند بوعبود يعطون كل مظهر من مظاهر السعادة الكاذبة على الأقل فى بداية المساء. هو سائق سيارة أجرة جرب العديد من المشاريع التجارية التى لم تتحقق بعد. وهو متزوج حديثًا من تعمل طبيبة بيطرية. الوافدة الجديدة إلى هذه المجموعة المتماسكة من الأصدقاء القدامى وهناك لحظة مثيرة عندما قالت إنها كانت تشعر وكأنها غريبة. لكن سرعان ما تم التغطية على الفكرة ولا يتم ذكر الموضوع مرة أخرى أبدًا. وهو ما يؤكد أن السيناريو يسير على وتيرة متقطعة على الحركة وخلق حالة مزاجية متغيرة وليس بها عمق.

تبدأ الأمور فى الانهيار عندما يطلب إياد نصار، من الشخص الوحيد فى الحفلة غير المتزوج، استبدال التليفون لأن فتاة ترسل إليه كل ليلة فى الساعة العاشرة صورا، وعند تبديل التليفونات تبدأ ذروة الأحداث.

فيعتقد الجميع أن إياد نصار شاذ، لنكتشف علاقته المتوترة بزوجته منى زكى التى لم يقربها لمدة عام، وحتى عند معرفة حقيقة تبديل التليفون؛ تكون العلاقة دمرت لأنه هو نفسه علم بنيتها تجاه أمه، وعلاقتها على الماسنجر مع شخص آخر.

وبعد تبادل أسرار الزمن بين الأصدقاء، نكتشف أن الموبايل أصبح مستودعًا لسلوكياتنا غير المشروعة، وفى اللحظة التى يتم الكشف عنها، تم الكشف عن كل شىء، دون حماية. ليتحدث الفيلم عن فكرة ولاء الصداقة مقابل حيادية الجهاز. يتم الكشف عن الأسرار ليدرك الجميع أنهم لم يعرفوا بعضهم البعض كما اعتقدوا.

فى النهاية كان من الرائع استفادة الممثلين الموهوبين إلى أقصى حد من أدوارهم، كل منهم لعب حسب النوع المحدد.

أصبحت الصداقات والزيجات فى حالة دمار، ولكن معظم عمليات الخداع ستستمرلأن كل ما مضى كان مجرد افتراض مثل العالم الافتراضى الذى نعيش فيه. الرسالة الوحيدة هى أنه من الأفضل عدم معرفة ما فى قلبك أو هاتفك لأى شخص فى حياتك.

وكان من الرائع صدور بيان من نقابة المهن التمثيلية، لدعم الفنان المصرى ورفض ترهيب الفنانين، والتقدم ببلاغ للنائب العام ضد أحد الأشخاص لقيامه بالإساءة لعدد من الفنانين.