رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بنات عبدالرحمن.. نظرة أنثوية لمجتمع ذكورى

بنات عبدالرحمن
بنات عبدالرحمن

بنات عبدالرحمن... توليفة سينمائية أردنية نالت استحساناً كبيراً عند عرضها ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته43، نحن هنا أمام قماشة درامية رغم أنها معتادة، وشاهدنا مثلها مراراً وتكراراً، ولكنها قماشة عريضة لها مواصفاتها الخاصة، فهى تطرح قضية نسائية معروفة فى العالم العربى، ولكن من منظور يغلب عليه طبيعة المجتمع الاردنى فى الطبقة المتوسطة الموجودة هناك. ورغم أن تلك الطبقة تتشابه كثيراً فى المجتمعات العربية؛ ولكن ثمة فروقاً فى التفاصيل بدت واضحة فى معالجة بنات عبدالرحمن لتلك القضايا الأنثوية، ولعل هذا من مميزات هذا العمل.

إنها تجربة جريئة للمخرج الأردنى زيد أبوحمدان، بعد 5 أفلام قصيرة وعدة تجارب تلفزيونية، قرر أن تكون تجربته الروائية الأولى مع فيلم «بنات عبدالرحمن»، الذى استغرق الإعداد له 7 سنوات متصدياً لقضايا المرأة العربية عامة والاردنية خاصة، ورغم أن الرؤية من رجل إلا أنه طرحها من منظور أنثوى محض، فبدت معظم الشخصيات الذكورية مهمشة ومشوشة ولا يوجد بينها شخصية واحدة سوية، حتى شخصية معتز المتحضر والداعم لختام، والذى قرر الزواج منها رغم علمه بعدم عذريتها، وأنها عاش معها بدون زواج لفترة، ولكن ظهوره فى مجرد مشهدين لم يتح للشخصية التواجد بقوة وفرض مفرداتها على الأحداث، لدرجة أنك قد لا تتذكر ملامح الشخصية التى لعبها محمد الجيزاوى وهو ممثل أردنى، اشتهر بعمله بالمسرح، بجانب ظهوره الأول فى مسلسل (نوف) عام 2018 ثم (الخوابى) 2020، كما شارك فى بطولة مسلسل (بلاقى عندك شغل) فى عام 2021.

فيلم «بنات عبدالرحمن» بطولة صبا مبارك وحنان حلو وفرح بسيسو ومريم باشا وخالد الطريفى والطفلة ياسمينة العبد، وجاء عرضه العالمى الأول فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، حيث يشارك فى المسابقة الرسمية للدورة الـ43.

والفيلم أقرب إلى الأفلام التى تعالج العنف النفسى والبدنى الذى يرتكبها أفراد الأسرة ضد النساء اللائى يُعتقد أنهن خزين العائلة بطريقة أو بأخرى. حيث يرى المجتمع أن المرأة تجلب «العار» لعائلتها من خلال الخيانة الزوجية أو بإقامة علاقة قبل الزواج أو حتى المغازلة. وفى الواقع أن وضع المرأة الأردنية، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً يمر فى ظروف متفاوتة حسب كل من القيم القانونية والتقليدية والثقافية والدينية ضمن الفترات المختلفة. يبدو أن الأفكار التقليدية حول الذكورة والأنوثة هى ما تحدد حياة المرأة فى مناطق عدة هناك.

ويبدأ الفيلم مع استعراض هامشى لحياة الرجل المسن عبدالرحمن الذى يملك مكتبة صغيرة فى منطقة الأشرفية بالعاصمة الأردنية عمان، وتوفيت زوجته بعد أن أنجبت له 4 بنات بينما يلصق هو بنفسه كنية «أبوعلى»، فى إشارة إلى الولد الذى يظل يحلم به طوال عمره.

وتبدأ الأحداث فى تصاعد عند اختفاء الأب بعد أن رأى ابنته زينب التى لم تتزوج لتعيش معه، ترتدى فستان العرس الذى تقوم بتفصيله لابنة عمها التى ستتزوج بعد أيام، ومع اختفاء الأب غير المبرر بالنسبة لابنته زينب، نبدأ فى الدخول إلى عالم بنات عبدالرحمن والذى تعيش فيه كل واحدة منهن حياة مختلفة تماماً عن الأخرى، الكبرى هى زينب «فرح بسيسو» التى كانت تحلم بدخول معهد الموسيقى لكنها دفنت موهبتها خلف أكوام الملابس التى تخيطها بعدما تحولت إلى خياطة الحى لضعف عائد مكتبة أبيها الذى تكفلت برعايته لعدم زواجها.

الثانية، فهى آمال «صبا مبارك» التى تزوجت فى سن صغيرة وانتقبت وأنجبت عدداً من الأطفال لكنها تعيش مقهورة مع زوج يعنفها بشكل دائم ويريد تزويج ابنتهما الصغرى وهى فى سن الخامسة عشرة.

الثالثة هى سماح التى استطاعت الزواج من رجل ثرى حقق لها المستوى المعيشى المناسب لكنها لم تنجب منه لسنوات وتشك فيه دائماً وتكتشف فى نهاية الأمر أنه مثلى الجنس.

أما الرابعة فهى ختام التى تسببت فى مأساة لأبيها بعدما سافرت إلى دبى للعيش مع صديقها بدون زواج وهو الأمر الذى جعل الأسرة كلها تعيش منكسة الرأس فى الحى ودفع شقيق الأب إلى مقاطعته.

تلتقى البنات الأربع فى بيت الأب لأول مرة منذ سنوات، وكل واحدة منهن رافضة الاخرى، ولها مبرراتها المقنعة بالنسبة لها، وزينب هى الوحيدة التى لا يختلفن معها فى البداية؛ ولكن مع تطور الاحداث تسقط كل واحدة منهن ضعفها على شخصية زينب، بهجوم وكأنه وسيلة تبرئة لنفسها من الأخطاء، التى ارتكبتها من قبل فى حق نفسها، وحق الآخرين, وفى الحقيقة أن بعض المونولجات القصيرة لكل شخصية مع نفسها أوضحت كثيراً خلفية كل شخصية النفسية والدرامية، وكلهن اجتمعن على أن السبب وراء تلك العقد النفسية لكل واحدة منهن يرجع فى البداية التى طبيعة أم خانعة خائفة، وأب جبار وحازم، وله قوانينه القبلية فى التعامل مع الأنثى.

لتبدأ رحلة بحث طويلة عنه تحمل الكثير من الشجار والمفارقات وتكون فى الوقت نفسه فرصة لكل منهن لإعادة النظر فى حياتها واتخاذ قرارات جريئة لتعديل مسارها.

وفى إطار الحكى الرئيسى عن الأسرة والعادات والتقاليد وتحديداً تربية البنات فى المجتمعات العربية يعرج الفيلم على قضايا شائكة مثل العنف الأسرى وزواج القاصرات والتمييز بين الجنسين والنقاب.

ليبدو الفيلم بكل تفاصيله مستوحى من البيئة الاجتماعية المحيطة بالمجتمع الاردنى فى تلك المناطق، وهو ما عاشه المخرج بكل مفراته وهو صغير فى الأردن قبل السفر إلى الولايات المتحدة حيث عاش هناك لعدة سنوات. ليعود ويبدا فى الإعداد وكتابة الفيلم لمدة 5 سنوات، ثم استغرق التحضير للعمل عامين.

وأعتقد أن وجود منتجات نساء للفيلم ومشاركة بطلات العمل فى المرحلة النهائية للإعداد كان سبباً فى الطرح الأنثوى لتفاصيل نسائية كثيرة، ومشاعره لا تعرفها سوى النساء بداية من إحساس كل واحدة بمفرداتها النفسية والجسدية وانتهاء بالخوف الكامن داخلهن من المجتمع حتى ولو تمردن عليه، أو ظلالاً كمسجونات داخل أسواره النفسية ؛ لذلك ظهر الفيلم معبراً بصدق عن مشاعر المرأة الأردنية. وخاصة أن المخرج يقول إنه استوحى الفيلم من حياة والدته وخالته، وحاول التعبير من خلال الفيلم عن وضع المرأة ومشاعرها.

وتفوقت صبا مبارك على نفسه بأداء دور آمال، ورغم أن الشخصية صعب تجسيدها لارتدائها النقاب والذى يخفى الكثير من تعبيرات الوجه إلا أنها نجحت جسدياً وصوتياً فى توصيل مفردات الشخصية. وخاصة أنها زادت من وزنها عدة كيلوجرامات لتناسب الشخصية التى كانت تخفى ضعفها بقوة مفتعلة وصوت عالٍ وترفض الشخصية الخانعة داخل جدران روحها بممارسة التدخين السرى، المقرون بمشاركات دينية وارتداء نقاب، وإعلان نوع من التدين المائل إلى التطرف أكثر من ممارسة الدين السمح..وصبا مبارك فنانة أردنية تمتلك مسيرة ثرية فى السينما، التلفزيون والمسرح عبر دول العالم العربى، التحقت صبا بكلية الفنون الجميلة فى جامعة اليرموك ثم تحولت إلى دراسة المسرح والإخراج، وكانت انطلاقتها من خلال المسلسل الاجتماعى الأردنى قمر وسحر، لتفرض موهبتها على الساحة العربية وتشارك فى بطولة عدد من الأعمال المهمة، من بينها مسلسلات بلقيس، موجة حارة، العهد: الكلام المباح وحكايات بنات بأجزائه الثلاثة، وأفلام بنتين من مصر ومملكة النمل. وعبر مسيرتها فازت صبا بالعديد من الجوائز على المستوى العربى والدولى، منها جائزة تايكى لأفضل ممثلة أردنية وعربية، جائزة أفضل ممثلة فى

مهرجان الشرق الأوسط الآن بإيطاليا. وتقوم صبا مبارك بالإنتاج الفنى أيضاً، ففى 2011 أطلقت شركة الإنتاج الأردنية Pan East Media

فرح بسيسو والتى أدت دور زيبنب وهى الأقرب لشخصيات عربيات كثيرة يحلمن بالحب وممارسة أبسط حقوقهن الإنسانية بالزواج وإنجاب الأبناء، ولكنها تجبر على البقاء بدون زواج لرعاية الأب، ورغم أنها العائل الحقيقى للأسرة ولكنها تخفى ذلك حتى لاتجرح مشاعر الأب، وهى الأميل لتركيبة الأم الفنانة التى لا تعلن ذلك، لذلك منحتها الام العود، ولقد كانت سبباً فى كشف أكاذيب المجتمع المزيف المحيط بهن، عندما فاض بها الكيل، فكشفت حقيقة كل الجيران، فى مشهد كان السبب فى بداية التغير الحقيقى لكل الشخصيات. فرح بسيسو مذيعة وممثلة فلسطينية ولدت فى مدينة نابلس لأب من نابلس وأم من غزة وعاشت فى الكويت، ودرست لعامين بمعهد الفنون المسرحية قبل أن تغادر إلى دمشق بعام 1990 بعد غزو العراق للكويت، وشهدت دمشق بداية مسيرتها الفنية، حيث كانت بدايتها فى التسعينيات وتحديداً عام 1994 بعد أن تخرجت فى معهد الفنون المسرحية بدمشق، حيث شاركت بمسلسلى (حمام القيشانى، جواهر)، لتتوالى أعمالها بعد ذلك.

ولعبت دور «سماح» حنان الحلو، الشخصية عنيفة الطباع، تدخن بشراهة، لا تملك كنترولاً على تصرفاتها الفجة، وكلامها الجرىء الذى يصل لحد الوقاحة، كل هذا يخفى تفاصيل الحقيقة التى تعرفها عن زوجها الشاذ الذى يسافر مع صديقه فى رحلة، ومع ذلك تكذب على نفسها بأنه متعدد العلاقات النسائية. حنان الحلو ممثلة فلسطينية ولدت عام 1983 فى حيفا انطلقت إلى عالم التمثيل بعد أن أنهت دراستها للمسرح فى جامعة حيفا. وقد برزت موهبتها بمسرحيات عديدة نذكر منها: «حكى سرايا وحكى قرايا»، الأشباح»، «خبر عاجل»، «عرس الدم»، «بياض العينين»، «بر عاجل»، «عرس الدم»، «بياض العينين»، «جنون»، «يوم من زماننا»، «أهل الشنط»، «نساء طروادة» وغيرها. حنان لا تؤمن بتقديم أى عمل (أى بصورة عشوائية) ولهذه الأسباب لا نجدها فى أعمال عديدة، الا أن الأضواء غازلتها من جديد لتعود بعملين تزامن عرضهما فى وقت واحد، الأول المسلسل الاجتماعى العربى «عالقون فى الشباك» للمخرج على نصار، والثانى المسلسل السياسى الإسرائيلى «فوضى» للمخرج اساف براينشتين

أما مريم باشا وأدت دور «ختام» فهى تعبير عن تمرد بعض الفتيات على القيم والأخلاقيات العربية والجنوح إلى النقيض تماما بإقامة علاقة قبل الزواج ثم الهروب لتعيش مع صديق لها فى الامارات ولكنها تعود لمجرد طلب المباركة من الأب للزوج من صديقها. مريم باشا ممثّلة فلسطينيّة من القدس، بدأت مسيرتها الفنّيّة عام 2005 مع المسرح الوطنى الفلسطيني- الحكواتى، ودرست فى مدرسة المسرح الصيفية TAM عام 2011. عملت باشا ضمن مشاريع فنية مع العديد من المسارح الفلسطينيّة، مثل مسرح عشتار، ومسرح الحارة، ومسرح الحرية. وتعمل، كذلك، فى مجال التمثيل السينمائى، وقد ظهرت فى فيلم «مفكّ» لبسّام جرباوى، وفيلم «الهديّة» لفرح نابلسى، وفيلم «بنات عبدالرحمن» لزيد أبوحمدان. وهى تعمل الآن فى مؤسّسة الأنوف الحمراء الدوليّة، فلسطين، وهى عضو نادى الكوميديا فى مسرح الحُرّيّة.

ولعب دور الأب خالد الطريفى، وأدى الشخصية فى الحدود المطلوبة منه، وهو ممثل أردنى، مواليد الزرقاء العام 1955. نال شهادة البكالوريوس فى الفنون المسرحية من جامعة بغداد العام 1979، عمل فى تدريس فن التمثيل بدار الفن (1983)، ومحاضراً غير متفرغ فى الجامعة الأردنية (2009)، ومشرفاً على مشاريع التخرج لطلبة المسرح فى الجامعة الأردنية، وهو عضوضو (رابطة) نقابة الفنانين الأردنيين وعضو فى هيئتها الإدارية، وعضو فى لجان وهيئات ومؤسسات، منها: المجلس الوطنى التأسيسى للثقافة والفنون، اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان المسرح الأردنى، ومن أعماله: مسلسل سر النور، ومسلسل الرحيل.

فيلم بنات عبدالرحمن من إخراج وسيناريو زيد أبوحمدان، مخرج وسينارست أردنى، حاصل على درجة الماجستير فى الفنون من أكاديمية نيويورك للأفلام فى هوليوود بكاليفورنيا.

بدأ حياته المهنية بالعمل منتجاً ومساعد مخرج فى برامج تلفزيونية دولية، وشمل ذلك إعداد التقارير والإنتاج التلفزيونى لمجموعة mbc من هوليوود. امتد العمل التلفزيونى لزيد ليشمل تطوير محتوى لقناة E! Entertainment أثناء تغطية جوائز الجولدن جلوب والأوسكار من لوس أنجلوس، بالإضافة لعمله مخرج ومؤلف لبرامج تلفزيون الواقع ومنذ عام 2009 كتب زيد وأخرج خمسة أفلام قصيرة ؛ ليكون فيلمه الروائى الأول فيلم بنات عبدالرحمن الذى يعد تجربة جيدة بالنسبة للسينما «السينما الأردنية» التى مرت بمحطات مختلفة اعتمدت غالبيتها على جهود فردية، منذ الخمسينيات ثم ارتفع عدد الإنتاجات السينمائية الأردنية منذ عام 2007 وحتى اليوم، مدفوعاً بشغف الشباب للسينما وصناعتها ووجود مواهب محلية تحمل قصصا تستحق أن تروى.

وفى 2016 دخلت السينما الأردنية التاريخ بوصول فيلم «ذيب» وهو أول فيلم لمخرجه ناجى أبونوار ورشح للأوسكار كأفضل فيلم أجنبى.