عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمجد مصطفى يكتب: تاريخ مصر فى عالم الأوبرا أطول من عمر دول كثيرة

بوابة الوفد الإلكترونية

من الخديو إسماعيل إلى الرئيس السيسى: مصر صاحبة ضربة البداية فى أفريقيا والشرق الأوسط

 

مصر هى دولة الطرب، من هنا تعلم العالم معنى كلمة السلطنة فى الغناء، ومن هنا بدأت الأجساد تتمايل طربًا، بجمل موسيقية تقشعر لها الأبدان، مصر هى قبلة الغناء العربى، هى دولة الملحنين والمطربين هى رائد التجديد ومنبع المجددين فى الموسيقى والغناء، لم تمر فترة زمنية إلا ويخرج منها أستاذ أو أستاذة يرفع الجميع له أو لها القبعة، هنا ولد رائد وفارس التجديد سيد درويش، وهنا ولد محمد القصبجى وعبدالوهاب والسنباطى، الذين توارثوا الموسيقى والغناء عن الشيخ المسلوب، وسلامة حجازى ومحمد عثمان وكامل الخلعى. هنا أرض الكنانة والمكانة.

مصر هى الشريان الذى قام بتغذية العالم العربى بكل حرف وجملة موسيقية، هنا القاهرة التى منحت الجميع شهادة الاعتماد، والارتباط بالجمهور، هنا الإذاعة المصرية التى حملت عبر أثيرها مهمة تقديم الأصوات والنغم الشرقى الأصيل، ومهما ظهرت من زوابع داخل الوسط الغنائى وظهر الهاموش والناموس، والذباب، لن يضيع تاريخنا الغنائى، بل إن هذه الزوابع كلما ظهرت تذكرنا بماضينا الجميل. فى حلقتين سابقتين ذكرنا أن مصر فنانة منذ 7 آلاف سنة فى الجزء الأول قدمنا بانوراما عن الفن المصرى بصفة عامة، وريادته، وفى الجزء الثانى خصصناه لتاريخ مصر الغنائى من قدماء المصريين حتى مشايخنا فى العصر الحالى.

تحدثنا فى الحلقة الأولى «المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة عن ريادتنا بصفة عامة فى الموسيقى والغناء والسينما والدراما والإعلام والمسرح، والأوبرا وأكاديمية الفنون، ثم بدأنا فى الحلقة الثانية نتحدث بتوسع أكبر، عن كل مجال، من المجالات، وتحدثنا فى الجزء الثانى عن الموسيقى من عهد قدماء المصريين، مرورًا بدور الترانيم القبطية، فى الكنائس والموالد الشعبية حتى وصلنا إلى عصر المشايخ فى وقتنا الراهن، وفى أجزاء أخرى تناولنا الملحنين من الشيخ المسلوب مرورًا بسلامة حجازى وسيد درويش وعبدالوهاب والسنباطى وزكريا أحمد والقصبجى، وغيرهم، بما يؤكد أننا فى مصر دولة الإبداع والمبدعين، وأن عمر بعض فنانينا أطول من أعمار دولة بأكملها. وأن إبداعهم ربما يكون أكثر تأثيرًا من دول كثيرة.  

تظل مصر هى الدولة الرائدة فى مجال الفنون الرفيعة، ودائما كان لها السبق إما فى احتضان تلك الفنون أو نشرها فى المنطقة العربية وأفريقيا، لذلك أطلق عليها هوليوود الشرق، على اعتبار أنها كانت قبلة كل الفنانين فى شتى المجالات سينما وغناء ومسرح ودراما. أول نوفمبر 2019 مرت 150 سنة على إنشاء أول دار للأوبرا فى مصر، «دار الأوبرا الخديوية» بالقطع فى الشرق الأوسط وأفريقيا، ففى 1 نوفمبر 1869 افتتحت دار الاوبرا الخديوية. ويعد هذا الحدث من الأحداث المهمة فى تاريخ مصر الفنى والثقافى.

 

«الخديوية» أول أوبرا فى أفريقيا والشرق الأوسط 

ارتبطت قصة إنشاء الأوبرا الخديوية بإقامة حفلات افتتاح قناة السويس فى عهد الخديو إسماعيل، ولذلك سميت بالأوبرا الخديوية. وأقيمت فى أحد أهم أحياء القاهرة ذاك الحين، حيث سمى الميدان الواقع أمامها باسم ميدان «التياترو» ثم ميدان إبراهيم باشا، وفى سبتمبر عام 1954 سمى باسم ميدان الأوبرا، وما زال يحمل اسمها حتى الآن. 

استغرق بناء الأوبرا 6 أشهر، بتكلفة بلغت مليونا وستمائة ألف جنيه مصرى، الجنيه وقتها كان يعادل 7.5 جرام من الذهب. وتم بناؤها من خشب النخيل، لذلك عندما تعرضت للحرق أتت النيران على المبنى كاملا. والمسرح كان يتسع لـ 850 مقعداً بخلاف اماكن لكبار الشخصيات. 

الافتتاح كان فى أول نوفمبر عام 1869، بحضور الخديو إسماعيل والإمبراطورة أوجينى، زوجة الإمبراطور نابليون الثالث، والإمبراطور فرانسوا جوزيف عاهل النمسا، وولى عهد بروسيا بالإضافة إلى شخصيات كبيرة ممثلة فى نجوم الفن والسياسة من مختلف أنحاء العالم. 

بدأ الحفل بعزف الأوركسترا موسيقى «فيردى»، وقدم الفنانون عرض «ريجوليتو» والغريب فى الأمر أنه تمت الاستعانة بحلى من الجواهر الحقيقية ارتداها الفنانون احتراما للشخصيات المهمة التى حضرت عرض الافتتاح.

وعند التفكير فى إنشاء هذه الأوبرا طلب عالم المصريات الفرنسى «مارييت باشا» من الخديو إسماعيل اختيار قصة من صفحات التاريخ المصرى القديم لتكون نواة لمسرحية شعرية تفتتح بها الأوبرا، وبالفعل تم التفكير فى أوبرا عايدة، وكان من المقرر أن يتم افتتاح الأوبرا بها، لكن ظروف بناء الديكورات وحياكة الملابس فى فرنسا وتأخر وصولها إلى مصر أدى إلى تأجيل العرض، وخروجه للنور.

عرض «عايدة» كتب نصها جيسلا نزونى، ووضع موسيقاها الرفيعة الموسيقار الإيطالى «فيردى» الذى كافأه الخديو إسماعيل بـ150 ألفاً من الفرنكات الذهبية، وعرضت بعد الافتتاح بعامين فى 24 ديسمبر 1871.

ظلت دار الأوبرا الخديوية واحدة من أهم أوبرات العالم فى ذلك الوقت، وقبلة مصر الفنية، والثقافية لمصر حتى فجر 28 أكتوبر 1971 عندما اندلع حريق فيها، وانهارت ولم تستطع الصمود نتيجة بنائها من الاخشاب، لذلك لم تقاوم، وانهارت وانهارت معها أحلام مجموعة كبيرة من نجوم الأوبرا وعشاق هذا الفن فى مصر والعالم العربى، ولن نبالغ إذا قلنا العالم أجمع.

التهمت النيران المبنى الخشبى ذا الطراز المعمارى المميز بوسط العاصمة، بما فيه من ملابس وديكورات وإكسسوارات العروض التى تمت على مسرحه والكثير من التحف النادرة، إلى جانب النوت الموسيقية للكثير من العروض والمؤلفات الموسيقية ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لا يزال سبب الحريق مجهولاً، رغم إرجاعه إلى الماس الكهربائى.

وبعد أن دمرت دار الأوبرا الخديوية، ظلت مصر بدون دار للأوبرا لمدة 17 عاماً، إلى أن تم افتتاح دار أوبرا القاهرة الحالية عام 1988، فى عصر الرئيس الراحل حسنى مبارك.

 

سنوات من التأرجح بين التألق والتعثر

بدأت الدار كبيرة وشامخة سواء فى ظروف إقامتها وافتتاحها أو فى حجم نشاطها وقيمة إنجازاتها وإسهاماتها فى تراث الحضارة. وسارت على هذا النحو ثمانى سنوات فقط، هى التى عايشت خلالها انطلاقة مؤسسها وراعيها الخديو إسماعيل، وكانت خلالها نموذجا مبهرا لما تكون عليها دور الأوبرا، ولم تقتصر أهميتها فى مواسمها على الكم ولكن أيضا على الكيف، ولقد شهد عميد الأوبرا الإيطالية فيردى حين كتب فى إحدى رسائله إلى المسئولين عن تقديم رائعته عايدة فى إحدى المدن الإيطالية بعد عروضها فى القاهرة، وذلك فى سياق توجيهاته وإرشاداته لتحقيق أحسن أداء ممكن، فقال بأنه بالرغم من كل الجهود المبذولة لا يطمع فى الوصول إلى عظمة الإخراج الذى تم فى أوبرا القاهرة.

تأثرت الأوبرا الخديوية بالظروف السياسية الاقتصادية والاجتماعية التى كانت تمر بها مصر، لذلك لم تسر الأمور بشكلها المبهر طيلة وجودها، نجد فى تاريخها مراحل متباينة فى درجة الانتظام فى الأنشطة التقليدية بما يرجع إلى الجو العام الذى يحيط بها.

مرت دار الأوبرا القديمة بالعديد من المراحل المهمة فى تاريخها بين القوة والضعف.

المرحلة الأولى كانت مرحلة الانتعاش، رسخت بها الدار وجودها بين أهم دور الأوبرا فى العواصم والمدن الكبرى سواء بافتتاحها المبهر ثم عرض «عايدة» لأول مرة فى العالم على مسرحها ثم الانطلاق فى مواسم سنوية لامعة سواء فى حجمها أو فى مستوى الفنانين المشتركين فى عروضها.

المرحلة الثانية: 1877 - 1884 تعثرت الدار فى هذه المرحلة من مسيرتها فى أواخر حكم الخديو إسماعيل. ولم تلبث أن توقفت أنشطتها فى عام 1877. وحتى مديرها «دارنيت بك» ربما تركها قبل رحيل الخديو بعامين. حيث تجد الفنان المصرى «ليوبولد لاروز» يتولى شئونها الفنية. وأغلقت الدار أبوابها مع مجىء توفيق وفى أذياله الاحتلال البريطانى لمصر.

المرحلة الثالثة: 1884 - 1914 حيث بدأ الانتعاش يعود إليها، ولكن بصورة تدريجية، إذ قامت عروضها فى معظمها على حفلات الجمعيات والهيئات الخيرية، والقليل من الفرق الصغيرة الوافدة من إيطاليا، وتركيا، واليونان. وشملت الأسماء العربية فى العروض أحمد أفندى أبوخليل القبانى، وعبده أفندى الحامولى فى موسم من اثنتى عشرة حفلة، ثم فرقة بنكليان التركية، وبعدها فرقة يوسف خياط، ومن الفرق الأجنبية بونى وزوكينو للأوبريت. وفى عام 1886 نجد الشيخ سعيد الدسوقى وفرقة إسبانية، وفى العام التالى الشيخ الدسوقى بدر فى موسمين متتاليين، قدمت فرقة قرداحى موسما، امتد طوال شهر مارس تقريبا فى عام 1887، بعد حفلات موسم فرقة الأوبريت بونى وزوكينو. 

كما زارتها سارة برنار، كانت أبرز بداية لعودة الفرق الأجنبية فى إطار المواسم التقليدية الكبيرة، وكانت ذات تاريخ وعراقة فى المسرح الفرنسى. وامتد موسمها لمدة شهر فى عام 1888 إلى منتصف يناير.

وكانت الفرقة اليونانية للأوبرا «كارايانى» أول من أعاد مواسم الأوبرا إلى الدار فى سلسلة من الحفلات خلال شهرى مارس وأبريل من عام 1889. ثم عادت إلى الدار حفلات الجمعيات والهيئات «سانتينى» الخيرية تتخللها حفلات محدودة لفرق محمود رفقى وعبده الحامولى والشيخ الدسوقى بدر.

فى عام 1890 قدمت الفرقة الإنجليزية «فانتوش توماس هولدن» عشر حفلات جاءت بعدها من قمم المسرح العالمى «إليونورا دوز» فى مجموعة من الروائع، شملت مسرحيات: أنطونيو وكليوباترة، فرناندا، غادة الكاميليا، فيدورا، أوديت، زوجة كلاوديو.

وفى أول أبريل من عام 1890 قدمت فرقة «ديلير» موسماً فرنسياً للأوبرا والأوبريت. وكان فيه من الأعمال الإيطالية: عايدةــ تروفاتورى - ريجوليتو - حلاق أشبيلية وكارمن لأول مرة. كما قدمت فرقة «أولمان» Ulman & Dupont موسما مماثلا من سبعين حفلة، امتدت حتى شهر مارس فى عام 1891 ثم استؤنف الموسم فى فصل الخريف التالى، قدمته فرقة أولمان ولامار واشتمل على ستين حفلة، ألغيت فى نهايتها خمسة حدادا على وفاة الخديو توفيق.

فى شهر نوفمبر 1897م، قدمت فرقة جانولى موسما شمل الروائع الإيطالية فى ستين حفلة من الأوبرا والأوبريت. وافتتح الموسم بأوبرا عطيل التالية مباشرة لعايدة فى سلسلة مؤلفات فيردى. ولأهمية الفنان القائم بدور البطولة كاشمان.

ومن الفرق المصرية فى تلك الفترة: إسكندر فرح وحسن أفندى صفوت (ومحمد أفندى بيومى)، ثم خليل كامل مع إسكندر فرح، ومن الفرق الصغيرة الوافدة بنجليان الأرمنية.

وكان موسم الانتقال بين القرنين التاسع عشر والعشرين وكأنه مهرجان لفيردى وفاجنر. فقدمت أوبرا «فولستاف» لفيردى، والتى كانت قد قدمت للمرة الأولى بإيطاليا فى عام 1893 وهو فى الثمانين من عمره. وقد افتتح الموسم لعام 1899 والذى نظمته الجمعية المصرية للفنون، بأوبرا لهونجرين لفاجنر ومن بعدها الفالكوره وتانهويزر وتريستان (فى أول عرض)، وتخلل حفلات الموسم حفل لرباعى سارتى وآخر لثلاثى (بارتليمى ــ ميجل ــ جوستى).

وفى موسم الخريف من عام

1900 قدمت فرقة الإنجليزى موريس باندمان عشر حفلات أوبريت شملت: سيجال، كريستوفر كولمبس الصغير، فلورادورا، أجراس نيويورك، سان توى، دافيد جاريك، فتاة الجيشة.

وفاة فيردى: وفى الثانى من أبريل فى عام 1901 أقيم بالدار حفل تأبين للفنان الكبير: فيردى (88 عاماً)، وقدمت فى الحفل أوبرا ريجوليتو التى بدأت صفحة العلاقات العملية بينه وبين أوبرا القاهرة.

بوتشينى ومرحلة انتعاش، ترجع هذه الفترة لبداية القرن العشرين وتقديم الأوبرا الحديثة توسكا لبوتشينى عام 1901 فى العام التالى مباشرة لتقديمها لأول مرة بإيطاليا. ثم عرضت «لابوهيم» لنفس المؤلف الذى زار الإسكندرية فى أثناء الموسم فى مناسبة عرض بعض أعماله فى مسرح زيزينيا، وجاء أيضا إلى القاهرة لنفس الغرض. وهكذا كان التركيز على الروائع الإيطالية، واتخذ معها الموسم صورة من الانتعاش أعادت إلى الأذهان مواسم الدار فى عهد الخديو إسماعيل. ومن نواحى التجديد فى البرامج كان تقديم أوبرا «هينزل وجريتل» من موسيقى «هومبردينك» وكذا أوبرا: إيفيجينا فى توريد للمؤلف جلوك (بالإنجليزية: Humperdinck & Grieg).

كان موسم الخريف من عام

1913م هو آخر مواسم الأوبرا قبل الحرب العالمية الأولى، قدمت فيه فرقة «باروش» ستين حفلة من الأعمال الإيطالية والفرنسية، ومن روائع فاجنر تريستان وايز ولده وتانهويزر وسالومى لريتشارد شتراوس. وامتد الموسم حتى ربيع العام التالى 1914، وتخلل الموسم حفل لفرقة كورال برلين.

 

المرحلة الرابعة: 1914 - 1919

توقفت وفود الأوبرا من أوروبا طوال فترة الحرب العالمية الأولى، واقتصر نشاط الدور على الجهود المحلية، إلى جانب عروض فرقة جورج أبيض التى قدمت: ماكبث، الملك يلهو، الماريونت، مدام سان جين، بينما قدمت فرقة سلامة حجازى آخر مواسمها نظرا لوفاته فى أكتوبر 1917، وشمل الموسم من أعماله: غرائب الأسرار، شيخ العائلات، اليتيمتان، وقدمت فرقة أولاد عكاشة بعض حفلاتها.

هذه الفترة شهدت أكثر من غيرها أولى تجارب المسرح الغنائى المصرى عندما استحدث سيد درويش روائعه من الأوبريت والتى انتقل بها خلال ربع قرن من عالم الطرب إلى عالم المسرح الغنائى. غير ذلك استمرت حفلات الجمعيات والهيئات المصرية والأجنبية: الجمعية الخيرية الإسلامية والمواساة وفيلودراماتيكا الإيطالية، مع بعض الأوبرات لمانسيه قدمتها فرق الهواة والأجانب.

 

المرحلة الخامسة: 1919 - 1930

بانتهاء سنوات الحرب وتوابعها، بدأت بدار الأوبرا سلسلة من القمم فى مواسم سنوية طويلة بدأ أولها فى ديسمبر عام 1919، وقدمت فيه فرقة «دلفينو لنيانى» روائع الأوبرات والأوبريت والباليه فى ثمانين حفلة وثلاث حفلات سيمفونية وحفلتين لعازف الفيولينه «سيراتو» الذى سبق له تقديم حفلاته بالدار فى عام 1905.

وفى أول مايو عام 1920 شهدت دار الأوبرا حدثاً يهم مصر كلها، وهو انعقاد مؤتمر خاص عن إنشاء بنك مصر، والذى أضاف به طلعت حرب إلى إنجازاته الاقتصادية العملاقة فى البلاد إقامة مسرح الأزبكية ثم ستوديو مصر، إيمانا منه بدور الفن فى صنع البشر. وظلت دار الأوبرا الخديوية على هذا الإطار إلى أن تم حريقها عام 1971.

 

اليابان تهدى مصر الأوبرا الجديدة 

وفى أكتوبر 1988 افتتحت دار الأوبرا الجديدة بحضور الرئيس الأسبق حسنى مبارك وصاحب السمو الإمبراطورى الأمير توموهيتو أوف ميكاسا وهو الشقيق الأصغر لصاحب السمو الإمبراطور. كما شاركت اليابان لأول مرة فى مصر والعالم العربى وإفريقيا فى افتتاح هذا الصرح الثقافى بعرض الكابوكى الذى يضم خمسين عضوا بالإضافـة إلى فنانين من أعلى مرتبة فى مجالات الموسيقى والأوبرا والباليه. وهكذا ظهر هذا الصرح الكبير إلى الوجود بعد 17 عاما من حريق الأوبرا الخديوية. 

وتضم الأوبرا 3 مسارح هى: الكبير 1200 مقعد، والصغير 500 مقعد، والمكشوف 600 مقعد، ولعبت دورًا مهمًا فى إثراء الحركة الفنية فى مصر حيث تضم فرقة باليه أوبرا القاهرة، وأوركسترا القاهرة السيمفونى، واوركسترا اوبرا القاهرة، والفرقة القومية للموسيقى العربية، وفرقة عبدالحليم نويرة للموسيقى العربية، وفرقة الرقص المسرحى الحديث، وفرقة الانشاد الدينى، وفرقة اوبرا الاسكندرية للموسيقى العربية ومركز تنمية المواهب وتقيم الأوبرا صالونات ثقافية ومعارض فن تشكيلى ومهرجانات موسيقية صيفية لفرق الهواة، كما تعرض أعمال كبار الفنانين والفرق العالمية باتجاهاتها المختلفة. الى جانب مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية. وتشهد الأوبرا سنوياً عروضاً للباليه والأوبرا واستضافة الفرق العالمية إلى جانب نجوم الغناء العربى والمصرى، والفرق الغنائية والموسيقية المختلفة.

 

دور أوبرا فى المحافظات

اهتمت الدولة بنشر الفنون الرفيعة لذلك كان التفكير ينصب على ضرورة التوسعة فى انشاء دور للاوبرا فى محافظات مصر وكانت البداية بالعاصمة الثقافية كما يحلو للبعض ان يطلق على الإسكندرية على اعتبار أنها دائماً مصدر إلهام الفنانين وفيها ولد وعاش واليها هاجر العديد من نجوم الفن والأدب. وبالفعل استقر الامر على تحويل مسرح سد درويش إلى دار للاوبرا، استغرق اعادة تطوير وصيانة الدار وفقا لأسلوب بنائه المتميز نحو عام ونصف العام بقرار من وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى وفى وجود دكتور سمير فرج رئيس دار الأوبرا فى ذلك الوقت، وأعيد افتتاحها بحضور الرئيس مبارك فى 27 يناير عام 2004.

بنى مسرح سيد درويش أو دار أوبرا الإسكندرية عام 1918 وافتتح عام 1921، كان يطلق عليها (تياترو محمد على)، وما زال الاسم القديم مدونًا على اللوحة التأسيسية للدار على واجهتها الرئيسية، ثم اطلق عليه مسرح سيد درويش نظرا لقربة من كوم الدكة حيث ولد وعاش فنان الشعب سيد درويش، تقديرا لدوره فى تطوير الموسيقى العربية وكونه ابن الاسكندرية، ثم دار أوبرا الإسكندرية. 

صمم المبنى على الطراز المعمارى الأيونى، المهندس الفرنسى الشهير «جورج بارك» لآل قرداحى فى المدينة الذى استوحى تصميمه المعمارى من تصميم دار أوبرا فيينا بالنمسا ومسرح أوديون فى باريس، كما قام بتزيينه بزخارف أوروبية كلاسيكية الطابع كما كان سائدا فى مصر بداية القرن العشرين، وقدمت عليه عروض مسرحية وموسيقية عديدة مصرية وأوروبية، وقد كان أول عرض مسرحى قدم عليه هو عرض شهرزاد فى 30 من يونيو 1921. يسع مسرحه الكبير 1000 مقعد، وتبلغ مساحته الكلية 4200 متر مربع، وتعرض الدار نفس البرنامج المعروض فى دار الأوبرا الأم بالقاهرة. 

وبعد أوبرا الإسكندرية تم التفكير فى المحافظة التالية وكانت دمنهور نظرا لوجود مسرح ذي طراز معمارى فريد وبالفعل تم تطويره وافتتاحه فى ٧ مايو ٢٠٠٩، وهى أوبرا تاريخية شيدت فى عهد الملك فؤاد الأول فى سنة 1930 على غرار أوبرا القاهرة التى احترقت فى سبعينيات القرن الماضى. قام الملك فؤاد بوضع حجر الأساس لمبنى البلدية والسينما والمكتبة فى الثامن من نوفمبر سنة 1930 وقد أطلق على القسم الغربى من المبنى أولا «سينما وتياترو فاروق»، ثم تغير الاسم من «سينما فاروق» إلى «سينما البلدية» فى سنة 1952. وظل الأمر على ذلك حتى سنة 1977 عندما تغير الاسم إلى «سينما النصر الشتوى». وأخيرا أطلق عليها «مسرح وأوبرا دمنهور». أما المكتبة فقد سميت «مكتبة الملك فؤاد»، ثم أطلق عليها اسم الأديب الراحل توفيق الحكيم. ويشغل مبنى البلدية القسم الشرقى، بينما يشغل مبنى السينما والمسرح القسم الغربى. 

بدأت أولى فعاليات دار أوبرا دمنهور بعد الافتتاح بالفنان هانى شاكر الذى أحيا حفلا مميزا بمصاحبة فرقة عبدالحليم نويرة للموسيقى العربية. واستضافت دار اوبرا دمنهور العديد من نجوم الفن فى مصر والوطن العربى. 

كما تنظم دار اوبرا دمنهور المهرجان الدولى للفولكلور بمقترح وفكرة من محمد ظريف مدير اوبرا دمنهور. وهو مهرجان دولى فنى ثقافى تأسس عام ٢٠١٣.

 

«العصمة الإدارية» هى الأكبر

ولأن مصر ظلت مؤمنة بأهمية وقيمة الفنون الرفيعة كقوة ناعمة، إلى جانب ريادتنا التاريخية اهتمت ان يكون من بين المشروعات القومية الكبيرة فى العاصمة الإدارية إنشاء مدينة للفنون يكون من بينها دار للاوبرا، وكما كانت الأوبرا الخديوية أول دار للأوبرا فى أفريقيا والشرق الأوسط، فأوبرا العاصمة الإدارية التى لم تفتتح بعد هى الأكبر فى القارة والشرق الاوسط حيث تقام ضمن مدينة ثقافية على مساحة 100 فدان على أرض العاصمة الإدارية الجديدة، تضم دار الأوبرا 3 مسارح كبرى تسع لأكثر من 2500 شخص للمسرح الواحد، ومن المقرر افتتاحها بالتزامن مع نقل الوزارات والبرلمان للعاصمة.

 

رؤساء دار الأوبرا

دار نت بك خلال حكم الخديو إسماعيل

بسكوالى كلمنته 1886 - 1910

جينارو فورناريو 1911 - 1931

فورتاتو كانتونى 1932 - 1937

منصور غانم 1937 - 1938

سليمان بك نجيب 1938 - 1953

عبدالرحمن صدقى 1954 - 1956

محمود النحاس 1956 - 1962

صلاح طاهر 1962 - 1966

صالح عبدون 1966 - 1971 آخر من تولى الأوبرا الخديوية

رتيبة الحفنى 1988 - 1989

طارق على حسن 1989 - 1991

ناصر الأنصارى 1991 - 1997

مصطفى ناجى 1997 - 2000

سمير فرج 2000 - 2004

عبدالمنعم كامل 2004 - 2012

إيناس عبدالدايم 2012 - 2018

مجدى صابر 2019 - حتى الآن