رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان أبوالضياء تكتب عن: بوليوود.. قوة الهند الناعمة تتحدى "كوفيد-19"

بوابة الوفد الإلكترونية

بوليوود، قوة الهند الناعمة، التى استطاعت تعدى العديد من الصعاب والأزمات وعلى رأسها الاحتلال والحروب بين الطوائف الدينية المختلفة، تحاول الصمود أمام فيروس كوفيد 19، الذى أصاب أكثر من 30 مليون شخص، والعديد من نجومها وعلى رأسهم أميتاب باتشان، فى بداية الوباء فتحت دور السينما فى الهند أبوابها للمرتادين ومحبى أفلام بوليوود، وذلك بعد أن أُجبرَت على الإغلاق ستة أشهر بسبب كوفيد-19. وكان أكبر المتضررين من إجراءات الإغلاق عمال المياومة الذين يملأ كثيرون خلفيات الأغانى الراقصة لأكثر أفلام بوليوود الشهيرة، وأخيرًا بدأ عشاق السينما فى الهند إلى الاتجاه إلى المنصات كوسيلة لمتابعة الأفلام، فى دولة السينما بالنسبة لهم مثل الماء والهواء.

وبالتأكيد ستعود بوليوود، قوة الهند الناعمة إلى مقاومة كوفيد 19 بمزيج فريد من الميلودراما ونجوم الشباك ومواقع التصوير والأزياء الزاهية الألوان والأغنيات والرقصات المُفعَمة بالطاقة، وعالم من الخيال ومزيج من القصص والمناظر، حيث كل قصة هى ميلودراما، تحتوى على زى السارى والأغنيات والرقصات.

وفى الحقيقة أن كوفيد 19 لن يهزم السينما الهندية التى بدأت طبعًا عام 1913، كوسيلة ترفيه شعبية من الطراز الفريد، حيث إنه من غير المعقول أن تجد مواطنًا هنديًا لا يعشق السينما بأى شكل من الأشكال، فهى تفوق شعبية الرياضة لا يُمكنك أن تجد مقعدًا واحدًا خاويًا فى أى سينما بالهند، وكان التفكير فى سد احتياجات الشعب الهندى من خلال إنشاء سينما خاصة لكل ثقافة من الثقافات، فأهل العاصمة مومباى والمناطق الرئيسية باتت لهم سينما خاصة بهم بنجوم خاصة وأفلام خاصة تُعرف باسم سينما بوليوود، بينما أهل الجنوب، وعلى حسب لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم، باتت لهم سينما خاصة بهم تُعرف باسم سينما التيلجو، بينما أهل الشمال كان من نصيبهم سينما التاميل..

وهذا التحدى بين الوباء وبوليوود يجعلنا نبحث فى تاريخ التحديات السابقة للسينما الهندية التى كانت دائمًا مخلوقًا هجينًا يقتبِس بحُرية أنواعًا وصورًا وأساليبَ من مخزون السينما العالَمية. فتقنية صناعة الأفلام فى حدِّ ذاتها استوردت من أوروبا والولايات المتحدة. وظلَّ الهنود يُفضِّلون الأفلام الهوليوودية حتى الخمسينيات والعديد من أفضل مخرجى الهند تأثَّروا بالأفلام الأجنبية الفنية مثل «سارقو الدراجة» (١٩٤٨) للإيطالى فيتوريو دى سيكا. وأفلام تشابلن وويلز ورينوار والحركة التعبيرية الألمانية.

تمتلك الهند مواقع للتصوير السينمائى فريدة، مما يدفع صناع السينما إلى الإقبال على التصوير فى تلك المواقع، والسينما الهندية تعتبر ماكينة تصدير للنجوم عرفان خان وشاروخان أميتاب باتشان ومن النجمات كاترينا كيف وبرينكا شوبرا.

من الصعب تخيُّل فيلم بوليوودى من دون أغنية وفقرة راقصة، ويبدو هذا واضحا من خلال ٢٨ ألف فيلم جماهيرى صُنِعت فى الهند خلال آخر سبعين عامًا،و بعض «مُغنِّى البلاى باك» هم المُطربون الخفيُّون الذين تُسجَّل أصواتهم سلفًا ويُحاكيها المُمثِّلون لاحقًا بشفاههم أمام الكاميرا، والمُغنية لاتا مانجيشكار وشقيقتها الصُّغرى آشا بوهسلى سجَّلت كلٌّ منهما أغنيات لما يزيد على ألف فيلم هندي.

المؤسِّس الحقيقى للسينما الهندية كان دونديراج جوفيند فالك، وهو ابن باحث فى اللغة السنسكريتية. يُقال أنه بينما كان يشاهد فيلمًا اسمه «حياة المسيح»، تساءل: ماذا لو استبدل بالمسيح الإله الهندى الشهير، كريشنا. باع بوليصة التأمين على الحياة الخاصة به وسافر إلى لندن وعاد بكاميرا ليَصنع أول فيلم روائى هندى طويل وهو «الملك هاريشتشاندرا» (١٩١٣).

الأربعينيات والخمسينيات هى العصر الذهبى للسينما الهندية، حيث قدَّم بعضٌ من أفضل مُخرجى البلاد أفضل أعمالهم فى تلك الفترة، ومنها محبوب خان وراج كابور وجورو دوت وبيمال روي. قدَّم فيلم «أمنا الهند» (١٩٥٧) لمحبوب خان المُمثلةُ المشهورة نرجس كفلَّاحة فقيرة تُمثِّل حياتُها الصعبة صراعَ الأمة الجديدة من أجل الاستقلال ومُواكَبة العصر، وصنعت أفلامًا بالأسلوب الهوليوودى الكلاسيكى مثل «أسلوب» («أنداز»، ١٩٤٩) ويحكى قصة رجلين يقعان فى غرام نفس الوريثة الثريَّة العَصرية (التى قامت نرجس بدورها كذلك). استعار راج كابور شخصية الصعلوك الصغير لتشارلى تشابلن وحوَّله إلى بطل هندى حضرى فى فيلم «المتشرد» (١٩٥١).

حركة السينما الجديدة التى ظهَرت فى الستينيات والسبعينيات التى يُشار لها أحياناً بالسينما المُوازية، وهى موجة من الأفلام ذات الميزانيات المُنخفِضة صنَعها مخرجون مُدرِكون لحالة المجتمع كانوا يعملون بشكلٍ مُوازٍ للسينما التجارية الهندية. يُعتبَر ساتياجيت راى هو الأشهر إلى حدٍّ بعيد من بين كل هؤلاء المخرجين الهنود أصحاب الأسلوب الخاص. بدأ صنع الأفلام فى الخمسينيات بثلاثية «آبو» التى تتضمَّن «أغنية الطريق الصغير» (١٩٥٥) و«الذى لا يُقهر» و«عالم آبو» صُوِّرت هذه الثلاثية فى منطقة البنغال التى وُلِد فيها وتضمُّ مُمثِّلين وأشخاصا عاديِّين يتحدَّثون البنغالية بعد ثلاثية «آبو» الشهيرة، استمر راى فى صُنع مجموعة من الأفلام الرائعة مجرِّبًا أساليب جديدة لتُناسب أفكارًا جديدة. ومع ازدياد استيائه من الحالة القومية فى البلاد، تخلَّى عن الواقعية واتَّجه إلى التعبيرية وأشكال سينمائية أخرى، ربما تُوصِّل على نحو أفضل الظروف الصعبة التى ميَّزت زمنه، مثل البطالة المُتفشِّية فى المناطق الحضرية التى جسَّدها فى فيلم «المدينة الكبيرة» والمجاعة المُميتة فى البنغال عام ١٩٤٣ والتى صوَّرها فى فيلم «الرعد البعيد».

أصبحت الأفلام البوليوودية فى الستينيات أكثر زخرفة وميلًا إلى الغرب وابتعادًا عن جذورها الوطنية، ففى الفيلم المرِح «الطابق الثالث» لراج كابور، يقوم شقيق راج الأصغر شامى بدور روكى وهو شبيهٌ بجيمس دين وإلفيس بريسلي. أما القصة المعقَّدة لفيلم «هارى راما هارى كريشنا» (١٩٧١) لديف أناند، فتُقدِّم أخًا وأختًا تفرَّقا عند مولدِهما، يكتشِف الأخ أن أختَه قد أصبحت من الهيبيز وأدمنت المخدِّرات.

أشهر الأفلام الهندية فى السبعينيات فهو «الشعلة» أو «الجذوات» (١٩٧٥) لراميش سيبى، الذى استعار بعض عناصرِه من أفلام الغرب الأمريكى مثل «عربة الجياد» لجون فورد، وأفلام الاسباجيتى لسيرجيو ليونى (أحياناً ما يُوصَف الفيلم بأنه «فيلم غرب أمريكى بنكهة هندية»)، وتُعرِّف من خلاله الجمهور على المُمثل العظيم أميتاب باتشان. بدأ الفيلم موجةً من أفلام الانتقام العنيفة وتحوَّل باتشان إلى نوعٍ جديد من البطل المخالف للعرف، حيث أصبح يُمثِّل الشاب الهندى الغاضب، ففى فيلمَى «الحائط» و«آمار أكبر أنتوني» (١٩٧٧)، قدم باتشان شخصيتَين تلجآن إلى حياة الجريمة كردِّ فعلٍ على تخلِّى الأبوَين عنه. إن أحداث كلا الفيلمين تدور بشكلٍ بارِز حول أشقاء يختار كل منهما طريقًا مُختلفًا فى الحياة. فى فيلم «الحائط»، ينضمُّ باتشان لعالم الجريمة بينما يُصبِح شقيقه رجل شرطة. أما فى فيلم «آمار أكبر أنتوني»، فإن باتشان وأشقاءه يتفرَّقون عند مولدِهم. يتبنَّى أولهم مسلم،

ويتبنَّى الثانى هندوسى، بينما يتبنى باتشان قسٌّ مسيحى.

تطوَّرت صناعة السينما الرئيسية فى الهند بشكلٍ مُستقلٍّ عن سيطرة الحكومة. وأصبحت بوليوود كيانًا مُربحًا ربحًا هائلًا يُديره رُوَّاد أعمال يستغلُّون موجات العرض والطلب. لكن فى بعض الأوقات، سعت الحكومة لإدارة دفَّة السينما فى اتجاه محدَّد، وحاول العديد من المُخرجين اتباع الأجندات السياسية الخاصة بهم. فى الهند، حيث كانت تُعتبَر الوطنية أمرًا ذا شأن كبير خلال سنوات تطوُّر السينما، اجتمَعَ عدد من الشعراء ونشطاء المسرح وصنَّاع الأفلام الموهوبين الساعين لصُنعِ سينما جماهيرية، تحت راية جمعية مسرح الشعب الهندى التى ترتبِط بالحزب الشيوعى الهندي. كان كيه إيه عباس، كاتب سيناريو فيلمَى «المتشرد» و«شرى ٤٢٠» عضوًا فى هذه الجمعية. وكان مخرجون مثل راج كابور وريتويك جاتاك ومحبوب خان مُتعاطِفين مع القضية التى تتبنَّاها الجمعية. وبعد استقلال الهند، قام نهرو بخُطوات لجعل السينما عنصرًا فاعلًا للتغيير. كان نهرو يؤمن بأن الأفلام أهم من الصحف والكتب مجتمعَين. واتساقًا مع هذا المعتقَد، اتخذ خطوات لدعم صُنع سينما وطنية جيدة.

أول فارق من فوارق تمييز سينما بوليوود عن بقية السينمات الهندية الأخرى أن لغة الفيلم التى يتم التحدث بها تكون لغة هندية أصلية، أو الهندية الأم كما يُطلقون عليها، لذلك عندما تستمع إلى فيلم هندى ينطق بلغة غريبة وغير مفهومة بالمرة فاعلم أنه لا يتبع بوليوود. والموضوعات الرومانسية، إلى جانب قضايا الفقر، الطبقية، النضال ضد الاستعمار، من أهم القضايا التى طرحتها السينما الهندية.

عكسَت شاشات دُور العرض فى الهند السياسة الهندية بطُرُق عديدة. وخلال السنوات التى سبَقَت الاستقلال، انتقلت من الأسطورة والخرافة إلى رُؤى أكثر واقعية للقرويين والعمَّال. أصبحت صور النساء وخاصة الأم التى تُعانى فى صبر فى إشارة إلى الهند، تُمثِّل الأمة ككل. واندمَجَت أشهَر ثلاثة أنواع سينمائية - الأساطير والتاريخ والحركة - لتكوِّن نوعًا سينمائيًّا واحدًا وهو الأفلام الاجتماعية التى تتركَّز حول العائلة الهندية. وخلال سنوات حكم جواهر لآل نهرو، انهارت الآمال العظيمة للأمة الهندية، وتحوَّلت فى النهاية إلى رماد مرير. انعكس فى البداية إيمان نهرو بأن العلم الحديث والتخطيط الحضرى سيبنيان اقتصادًا قويًّا للأمة الجديدة فى شكل نوع سينمائى فرعى جديد مُتمثِّل فى أفلام المدينة، التى من أمثلَتِها «سائق التاكسي» ١٩٥٤و«السوق السوداء» ١٩٥٦. أقام راج كابور، الذى كان صديقًا شخصيًّا لنهرو، أحداثَ فيلمه «شرى ٤٢٠» فى بومباي.

كانت الأفلام التجارية فى ذلك الوقت غير سياسية. لم يكن هناك تقريبًا أى ذكر للتقسيم والعنف بين المسلمين والهندوس لما يقرُب من عشرين عامًا. كما أن بوليوود لم تنتبِه كثيرًا لقمع إنديرا غاندى لحركة الناكسال المتطرفة فى الستينيات أو فرضها لحالة الطوارئ فى السبعينيات. ولكن خلال السبعينيات والثمانينيات. فمِن خلال العنف المُنتشِر الذى لا يرحم فى فيلم «الشعلة» وقصص «الفقد والاستعادة» فى فيلمَى «الحائط» و«آمار أكبر أنتوني»، وكان الغضب الذى يملأ الشاب يُمثِّله أميتاب باتشان. أميتاب باتشان هو المرادف الحرفى لكلمة سينما هندية، إذ إن فترة السبعينيات قد قدمته للعالم وتمكن هو بعدها من الانطلاق فى عدد كبير من الأفلام يتجاوز المئة فيلم تقريبًا، وبلا أدنى مبالغة لا يُمكننا التركيز على فيلم معين من هذه الأفلام ووصفه بالفيلم المهم لأن كل أفلام أميتاب باتشان مهمة للغاية، أيضاً ضمن خصائص الإبهار التى يمتلكها هذا الرجل كونه لا يزال يحتفظ ببريقه كنجم أول فى سينما بوليوود على الرغم من تجاوزه عمر السبعين ووجوده فى السينما لخمسة عقود متتالية.

رُشِّح فيلم «لاجان» لأُوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية عام ٢٠٠١، بعد مرور أكثر من أربعة عقود على ترشيح فيلم «أمنا الهند» لنفس الجائزة. وفى عام ٢٠٠٨، حقَّق فيلم «المليونير المتشرد» لدانى بويل نجاحًا كبيرًا حول العالم واكتَسَح حفل توزيع جوائز الأوسكار التى حَصَد فيها ثمانى جوائز. وفيلم Life of Pi حصد 52 جائزة من أصل 79 ترشيحات منها 4 جوائز أوسكار جمع المخرج اليبانى آنج لى بين الرواية العالمية التى كتبها الروائى «يان مارتل» والمؤثرات الخاصة على حد سواء مقدما تحفة حقيقية من مؤثرات بصرية عالية الجودة ومؤثرات صوتية ذات الإيقاع الآسيوى، وهناك فيلم «اسمى خان» بطولة «شاروخان» والنجمة «كاجول» الفيلم من إخراج الهندى كاران جوهر.