رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شيخ النقاد زين نصار: موسوعة «الموسيقى والغناء المصرية» توثق التاريخ الموسيقى فى 150 عام

 زين نصار أثناء حواره
زين نصار أثناء حواره مع «الوفد »

قال: التقنيات الحديثة أفسدت روح الموسيقى

 

أغانى المهرجانات سرطان تفشى فى الوسط الفنى.. والرقابة العلاج الوحيد

 

رسالتى توثيق تاريخ الموسيقى بشكل صحيح ودقيق وتسجيله صوتياً ومرئياً للأجيال المقبلة

 

أخذ الناقد الموسيقى الأستاذ الدكتور زين نصار على عاتقه مسئولية توثيق التاريخ الموسيقى فى مصر، وقرر خلال مشواره النقدى الطويل الذى بدأه منذ ما يقرب من 50 عاماً، أن يسجل مع كل صناع الموسيقى فى مصر تسجيلات صوتية، ليتحدث فيها عن مواقفهم الانسانية، وكواليس إبداعاتهم الفنية.

 شغل شيخ المؤرخين الموسيقيين فى مصر وربما فى العالم العربى منصب أول رئيس لقسم النقد الموسيقى فى المعهد العالى للنقد الفنى، وكذلك المعهد العالى للبالية، وأشرف وشارك فى مناقشة العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه فى مجالات الموسيقى والغناء والنقد، لكن مشواره لم يتوقف عند هذا الحد، لكنه قرر أن يفنى عمره فى جمع وكتابة المواد العلمية الموسيقية وكان من بينها مواد البرامج الموسيقية فى الإذاعة المصرية ومن بينها: عالم الموسيقى الذى استمر مدة 30 عاما ومازال يذاع حتى الأ، وأيضا برامج فن الباليه، وسؤال موسيقى، والموسيقى المصرية المتطورة، وإيقاعات ونغمات، وسهرة مع الموسيقى، ومع الموسيقى العالمية، وأوتار موسيقية، والموسيقى عبر العصور: وبجانب برامجه وكتبه الكثيرة صاغ «موسوعة الموسيقى والغناء فى مصر فى القرن العشرين» فى مجلدين صدر الأول فيهما فى 2018، تناول خلالها المؤلفين والملحنين المصريين عبر اجيالهم المختلفة على مدار 150 عام، اما الجزء الثانى الذى صدر فى 2020، ضم باقى عناصر الحياة الموسيقية فى مصر وهم المؤلفون وعازفوا آلة الناى والقانون والكمان وآلات الإيقاع العربية والنقاد الموسيقيون المصريين، ليضع بذلك حياة الفنانين الذين مثلوا القوة الناعمة لمصر فى عالم الموسيقى والغناء فى مجلدين موجزين... حاورناه عن تفاصيل موسوعته فقال:

فى البداية سألته..ماذا دفعك إلى إعداد موسوعة عن الموسيقى والغناء المصرية؟

 فى عام 1977م كنت أعد دراستى للماجستير، ولم يكن هناك تاريخ مكتوب للموسيقى بشكل يفى بالغرض لدى كباحث، ومن هنا بدأت الفكرة وأنا أعمل على المؤلفين المصريين ومؤلفات الأوركسترا السيمفونى، وقد نشرت هذا الكتاب عام 1990م تحت عنوان: «الموسيقى المصرية المتطورة»، بعد ذلك بدأت فى تسجيل حوارات حية مع كبار الملحنين، وصدرت الموسوعة عام 2018م، كان جزؤها الأول فى 615 صفحة وخصصته للملحنين ورتبتهم فيها حسب أسبقية تواريخ الميلاد بداية من عبده الحامولى إلى عمار الشريعى ورتبت هؤلاء الملحنين وفقا لتواريخ ميلادهم وليس وفقا لترتيب الحروف الابجدية لاسمائهم، وهى فكرة جديدة تجعل من يقرأ هذه الموسوعة يسير فى التاريخ بالترتيب الزمنى للاحداث ليعرف المعاصرين للملحنين او الذى كانوا قبله وتأثر بهم او الذين جاءوا بعده فأثر فيهم.

وماذا عن الجزء الثانى؟

جاء فى 708 صفحات ويضم باقى عناصر الحياة الموسيقية فى القرن العشرين، وهم المؤلفون الموسيقيون المصريون وقسمتهم الى جيل الرواد ويشكل يوسف جريس وحسن رشيد وأبوبكر خيرت، والجيل الثانى وضم بداية من محمد حسن الشجاعى وحتى د. طارق على حس، والجيل الثالث ضم كلاً من جمال سلامة وعادل عفيفى وأحمد الصعيدى وعمر خيرت وراجح داود ومونا غنيم، كما ضمت الموسوعة دور قادة الاوركسترا السيمفونى المصريون بداية من طه ناجى وحتى أحمد الصعيدى وقادة الموسيقى العربية بداية من على فرج وحتى أمير عبدالمجيد، وبعده دور العازفين على آلات الموسيقى العربية ومن بينهم عازفون آلة الناى وعددهم 28 عازفا، وعازفو آلة العود وعددهم 22 عازفاً، وعازفو آلة القانون وعددهم 28 عازف وعازفون آلة الكمان وعددهم 37 عازف، وعازفون الات الإيقاع العربية وعددههم 4 عازفو، والناقد المصريون من بينهم محمود كامل وأحمد المصرى وزين نصار وعبد الفتاح البارودى وكمال النجمى وكريمان حرك وأمجد مصطفى.

لماذا لم تقدم موسوعة موازية عن الموسيقى والغناء فى العالم العربي؟

 لدى خبرة كبيرة  فى مسألة الجمع والتسجيل والتفريغ، وكنت كلما أنجزت رصدى لحياة وتاريخ وأعمال ملحن أو مؤلف أقوم بنشر ما أنجزت فى مجلة الفنون التابعة للنقابات الفنية التى صدرت عام 1977م، وبدأت مشاركتى فيها من العدد الخامس، ولدى خطة طموحة لتأريخ موسيقى العرب، ولكن فى حال توافر الطاقة والجهد الملائم فإننى سأشرع فى ذلك.

* فى رأيك ما المحطات الأساسية فى تاريخ الموسيقى والغناء المصرى فى القرن الـ20؟

- صناعة الأسطوانات عام 1904م هى اول خطوة فى تاريخ الفن المصرى الحديث، حيث سُجِّل للشيخ سلامة حجازى وغيره، المحطة الثانية هى ظهور المسرح الغنانى لسلامة حجازى وسيد درويش وزكريا أحمد وكامل الخلعى وغيرهم. والمحطة الثالثة كانت ظهور الإذاعة المصرية عام 1934م،

فقد كانت من قبل إذاعات أهلية يقوم كل صاحب محطة بإذاعة وقول ما يريده من خلالها، حتى قررت الحكومة

إلغاء هذه الإذاعات وإنشاء الإذاعة المصرية فقط، وكانت تقدم المؤلفات المصرية والعالمية من خلال أوركسترا

الإذاعة المصرية، وظلت هذه الأوركسترا موجودة فى الإذاعة حتى عام 1959م إذ انتقل إلى دار الأوبرا. لكن المحطة الرابعة فى نظرى هى ثورة يوليو التى تعاملت بسخاء مع الفن، كما أنشأت أكاديمية الفنون عام 1959م وما بها من معاهد فنية.

 والمحطة الخامسة كانت ظهور شرائط الكاسيت، وتضافرت مع مجيء عصر الانفتاح الذى أضر بكل شيء؛ إذ إن المهنيين كانوا يعودون من بلدان الخليج بما معهم من أموال، فيقومون بالاستثمار فى المجال الفنى، كل حسب ذوقه ودرايته بالفن، فظهرت شرائط الكاسيت خارج نطاق لجان الإذاعة المصرية، وهذا عاد بنتائج سيئة جداً على الذوق العام، ولنا أن نتخيل أن فريد الأطرش توفى عام 1974م، وتوفيت أم كلثوم عام 1975م، وتوفى عبدالحليم حافظ عام 1977م، هكذا خسر العالم العربى أهم وأشهر ثلاث قامات فى الغناء على مدار ثلاث أو أربع سنوات، لنفتح المجال لكل من أراد أن يغنى، وكل من أراد أن يملأ شريطاً ويطرحه

فى الأسواق.

* ولكن السوشيال ميديا والتقنيات الإلكترونية الحديثة غيرت معالم الموسيقى فى العشر سنوات الأخيرة؟

 - للأسف أصبح الرث أكثر من الجيد، حتى ضاع الجيد فى كثرة السيئ، ولابد ان نعترف ان ظهور أجهزة تغيير الصوت وتحسينه وضبطه غير معايير الغناء والموسيقى بشكل عام حيث أسيء استخدام الاورج الكهربائى وكافة الالات الكهربائية وأصبحنا نعيش فى عالم زائف لا وجود له، عالم من الخداع والبرامج الجاهزة التى تستخدم من دون فهم، إضافة إلى أن الحس الإنسانى فى الغناء والموسيقى لم يعد موجوداً. وللأسف لا أحد يعرف أن الموسيقى العربية أساسها العود، وأن كل هذه الآلات غربية. الموسيقى العربية هى العود وليس الجيتار، وأهم أساس لإنتاج موسيقى جيد هو فهم الآلات وطبيعتها إضافة إلى الموهبة والدراسة، أما الاستخدام العشوائى للآلات توفيراً لتكاليف الفِرَق أو عدم معرفة بالفن

 والموسيقى فقد أدى ذلك كله إلى قتل المواهب وإفساد الذوق العام وجعل الفن كتمثال من نحاس، ضجيج بلا روح. وهو ما أضر بالبناء الموسيقى كله، كما فتح المجال على مصراعيه للسرقة من الأعمال العالمية أو التراث الشرقى، وكذلك فتح المجال للاستسهال واستخدام الألحان القديمة بتوزيعات جديدة، حتى إن كل الإعلانات الآن تقوم على سرقة ألحان مهمة مثل الليلة الكبيرة وغيره، وللأسف قانون جمعية المؤلفين والملحنين حسبما علمت مؤخراً يسمح بأن يدفع أى شخص رسوم استغلال أى لحن ويقوم بإعادة إنتاجه، وهذا الأمر كارثة لأنه يفقد المرجع أهميته، وقد يزيحه ولا يتذكر الناس سوى شكل الإعلان، كما أنه لا يدفع الشباب إلى الابتكار والمغامرة وتقديم طرح موسيقى جديد بقدر ما يجعلنا ندور فى حسبة عدد معين من الألحان نعيد إنتاجها بشكل مبتذل ومتكرر.

* هل هذا بسبب السعى وراء الربح؟

 - ربما من أجل استمرار الحياة، لكن الآن أصبح التفكير فى هذا الاتجاه متزايداً، ومع تدهور الذوق العام تضمنت الأغانى المصرية ألفاظاً خارجة وبذيئة وسوقية، وصاحب ذلك تركيبها على أعمال فنية تلفزيونية تدعو إلى البلطجة وتجعل الشباب يتصورون أن هذه هى الحياة الحقيقية، وقد لعب عامل الربح بشكل واضح على دفع الفنانين من شعراء وملحنين وموزعين إلى السير فى ركاب الموج العالى للمادة، وهذا أسهم بشكل واضح فى تزييف كل شيء بدءاً من الموسيقى وصولاً إلى القيم التى يتغنون بها.

* فى رأيك كيف يمكن الحفاظ على تراثنا الموسيقى؟

 رسالتى فى الحياة، كتابة تاريخه بشكل صحيح ودقيق، وتسجيله على تسجيلات صوتية ومرئية للأجيال المقبلة، ونشره الآن فى الصحف والمجلات ومختلف تقنيات الإعلام الحديثة، مع تعريف بأهم الفنانين والملحنين والتعليق على أعمالهم وما حدث فى أثناء إنجازهم لها وكل ما يعن من تفصيلات مفيدة فى الرصد والتأريخ.

* كيف ترى ظاهرة أغانى المهرجانات؟

- أرفض هذا النوع من الأغانى تماماً، وأعتبره نوعا من السرطان فى عالم الغناء، نظراً لاستخدام الألفاظ غير اللائقة، واستخدام الموسيقى الإلكترونية، وهذا لون من الغناء لا تليق بمصر ولا بالمصريين الذين تعودوا على سماع روائع الغناء والطرب الأصيل.

* كيف ترى دور الرقابة فى مواجهة هذه الظواهر الغنائية؟

- دور الرقابة متغيب تماماً نظراً للظروف التى تمر بها الدولة وكلّنا يعلمها جيداً؛ وهنا يجب أن نشير إلى أن الغناء سلاح خطير يؤثر فى الناس بشكل كبير، خاصة الشباب والأطفال، ومثل هذه الأغانى تمثل الضرر الأكبر على المجتمع من شباب وأطفال، الغناء والفن له رسالة تهدف إلى الرقى بالمشاعر الإنسانية، وهو ما عشناه فى عصر الكبار أمثال «عبدالوهاب وأم كلثوم ومحمد فوزى ومحمد رشدى وغيرهم»، ممن أسعدونا وملأوا حياتنا طولاً وعرضاً بالفن الأصيل فى مصر والعالم العربي؛ فالقوة الناعمة المتمثلة فى الفن تعد أهم ما تملكه مصر وفى مقدمتها الأغانى، لأنها الأسرع تجهيزاً وتقديماً للجمهور مقارنة بالأشكال الفنية الأخرى مثل المسرحيات والأفلام والأعمال الدرامية.