رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عالم السرية فى أوراق بنما الذى فضحته «ميريل ستريب» مع «أولدمان» و«بانديراس»

بوابة الوفد الإلكترونية

عليك مشاهدة فيلم The Laundromat بهدوء وصبر، وسيساعدك على ذلك أن بطلة الفيلم النجمة ميريل ستريب لتمنح نفسك فرصة لربط الأحداث المتخذة شل الفصول، للتوصل فى النهاية إلى معرفة هذا العالم الغريب والغامض لأجندة سياسية عن تفاصيل الفساد العالمى وكيف يضفى عليه غطاء قانونيًا، الفيلم مقتبس عن فضيحة تسريب بيانات المعاملات المالية الخارجية المعروفة باسم أوراق بنما، وتشتمل على تسريب ملايين الوثائق من شركة «موساك فونسيكا القانونية» فى بنما فى أبريل 2016، قامت شركة «نتفليكس» بالحصول على حقوق الكتاب وقامت بتحويله إلى فيلم روائى أنتجه چون ويلز، لينقلك بإبداع وسلاسة إلى عالم الملاذات الضريبية الآمنة، بعد أن سرب مجهول تفاصيل التعاملات الضريبية لمئات الآلاف من العملاء من شركة «موساك فونسيكا» القانونية ومقرها بنما.

المخرج الأمريكى ستيفن سودربرج استعان أيضًا بكتاب «عالم السرية» للصحفى الأمريكى جالك برنشتاين، ومن المعروف أن ثمة رواية الصحفيين الألمانيين فريريدك أورماير وباستان أوبر ماير، اللذين كانا من خلالها أول من كشف القصة. الرواية صدرت تحت عنوان «أوراق بنما.. كشف قصة كيف يخفى أغنياء العالم أموالهم» شارك فى بطولة الفيلم إلى جانب ميريل ستريب، جارى أولدمان، أنطونيو بانديراس، شارون ستون، وجيمس كرومويل، وكتب له السيناريو والحوار سكوت زد بورنز، الفيلم يقترب بأسلوب السرد المتوازى الذى يحتاج إلى مزيد من التركيز إلى عالم تدفق النظام الدورى المخفى تحت سطح التمويل العالمى، حيث يحمل تريليونات الدولارات من الاتجار بالمخدرات والتهرب من الضرائب والرشوة وغيرها من المؤسسات غير القانونية، وتحجب هذه الشبكة هويات الأفراد الذين يستفيدون من هذه الأنشطة بمساعدة من المصرفيين والمحامين والمدققين، ومن خلاله نرى ميريل ستريب التى تقدم دور امرأة من الطبقة المتوسطة مات زوجها غرقا ولم تحصل على التعويض من شركة النقل البحرى وتبدأ فى طرح الأسئلة لنكتشف أن الموضوع خطير للغاية وأن الجرائم التى تم الكشف عنها فى أوراق بنما راح ضحيتها الكثيرون.

هذا هو خط السرد الأول للفيلم والذى يحوى حكايات أخرى جانبية لضحايا آخرين، يوازيه الحكاية التى تروى عن خفايا هذا العالم من خلال وجهة نظر أولدمان وبانديراس، اللذين يلعبان دورى المحامين يورجن موساك ورامون فونسيكا فينلقون المتفرج معهم إلى عالم الشركات الوهمية والحسابات الخارجية، وكيف تمر التعاملات المالية غير القانونية والفساد بالعديد من الدول كالصين والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك ودول الكاربيبى، لنتعرف على المخططات العالمية التى أنشأتها شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية فى بنما التى تملك منظومة مصرفية تجعلها ملاذًا ضريبيًا مغريًا، فتقدم خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية أخرى، بالإضافة إلى أشخاص بارزين فى الأعمال والشئون المالية والرياضية وبالطبع اختار المخرج أسلوب الكوميديا السوداء فى سرد الأحداث لتظل القصة عالقة بأذهان المتفرجين بطرح تعقيدات هذا النوع من الأنشطة المالية على سبيل الدعاية.

وتعاون ميشيل شوجر المنتج المتمرس فى إنتاج أفلام التحقيقات والبحث عن الحقيقة مع سودربرج فى إنتاج العمل السينمائي المنتظر، خاصة بعد حصول آخر أفلام شوجر «سبوت لايت» على جائزة الأوسكار لعام 2016، والذى رصد فيه حالات من الفساد الأخلاقى داخل الكنيسة الكاثوليكية.

ستيفن سودربيرج يعد من أشهر وأنجح المخرجين فى هوليوود وأكثرهم ذكاء وموهبة وهو المهتم بعالم «سينما المؤلف» وأفلامه لا تحتاج إلى نجم مشهور، فالجمهور يثق فى قدراته الهائلة وبمرور الوقت استطاع أن يحول هذا النوع من الأفلام لسينما شخصية يقدم فيها أسلوبه، وهذا ما فعله مع فيلم The Laundromat الذى عبر فيها عن غضبه من وثائق بنما بشكل ساخر.

الطريف أن سودربرج أكد أنه فى معالجة فيلمه اقترب من أسلوب الفيلم الكوميدى Dr. Strangelove للمخرج ستانلى كوبريك الذى عبر عن أبطال فترة صراع القوى العظمى فى أوج الحرب الباردة بعدما وضعت الحرب العالمية أوزارها، والتى كان فيها العالم على شفا النهاية بشكل ساخر، مؤكدا أنه استمد مصدر إلهامه من الفيل وستيفن سودربرج هو أصغر مخرج فى التاريخ حصل على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائى عام 1989، عن فيلم «جنس وكذب وشرائط فيوديو» كما أنه أخرج أعمالا ضخمة عن قضايا تاريخية ومجتمعية بينها ايرين بروكوفيتش عام 2000 و«تهريب» عام 2001، وقصة حياة المناضل تشى جيفارا فى جزءين.

«وثائق بنما» (Panama Papers) هى وثائق سرية تم تسريبها يصل عددها إلى 11٫5 مليون وثيقة سرية لشركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية فى ينما التى تملك

منظومة مصرفية تجعلها ملاذًا ضريبيًا مغريًا وكشف تسرب تلك الوثائق أن الشركة تقدم خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة للتهرب الضريبى بإنشاء ملاجئ ضريبية غير قانونية فى الأغلب، وتبييض أموال عبر شركات عابرة للحدود، ومن المعروف أن شركة موساك فونيسكا، الرائدة فى مجال الخدمات القانونية على مستوى العالم، ومقرها فى بنما وتاريخها يرجع إلى ما يقرب من 40 عامًا.

الطريق مكتب موساك فونسيكا رد على تسريبات «وثائق بنما» ببيان زعموا فيه أنهم ضحية لعمليات سرقة معلومات وقاموا بعمل دعوى فيدرالية ضد شبكة «نتفليكس» بتهمة التشهير بسمعتهم والإخلال بأنشطتهم واستخدام شعارات الشركة فى الفيلم من دون الحصول على إذن مسبق، مطالبة بوقف عرض فيلم The Laundromat لأنه يشوه صورة المدعين ويصورهم على أنهم محامون لا يعرفون الرحمة ومتورطون فى قضايا غسيل الأموال والتهرب الضريبى والرشاوى وأى سلوك إجرامى آخر، موضحًا أن ذلك من شأنه أن يؤثر على سمعة الشركة فى حال تم توجيه الاتهامات للعاملين فيها ولكن حكمت القاضية جانيت بوند ارتيروتون برفض الدعوى المقدمة وحولتها إلى ولاية كاليفورنيا لأنها وجدت أن ولاية كونيتيكت لا تمتلك لصلاحية للحكم فى هذه القضية وعلقت «نتفليكس» على القضية بوصفها بالحركة الاستعراضية لفرض الرقابة على حرية التعبير الإبداعى.

وفى الحقيقة أن ثمة مجهودا مضنيا لتحويل كتاب Sececy World: Inside the Panama Papers Investigation للكاتب حيك بيرنشتاين، لفيلم خاصة أن الكتاب يكشف 11٫5 مليون وثيقة سرية عرفت بـ«وثائق بنما»، تتعلق بحسابات مصرفية سرية خارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية فى العالم، لتجنب الضرائب والتى هزت أوساط السياسية والاقتصاد فى العالم بالكشف عن قائمة من أبرز الشخصيات المتورطين فى أعمال التهرب الضريبى الدولى، وقام بها مكتب المحاماة الدولى موساك فونسيسا فى بنما، شملت قائمة بأسماء حوالى 140 شخصًا معروفين دوليًا فى المجالات السياسية والرياضية والفنية أيضا، قاموا بتهريب أموالهم خارج بلادهم باستثمارات غير مشروعة سعيًا للتهرب من الضرائب ويعد من أهم الشخصيات غير السياسية التى ورد أسماؤها فى تلك الوثائق، لاعب كرة القدم الأرجنتينى ليونيل ميسى، ورئيس اتحاد كرة القدم «فيفا» ميشيل بلاتينى والمخرج الإسبانى بيدرو ألمودفار والممثلة البريطانية إيما واتسون والممثل الصينى جاكي شان والنجمة الهندية ايشواريا راى باتشان.

ولقد لعبا جارى اولدمان، انطونيو بانديراس دورهما بمزيج من السخرية والاستعراض الخضابى لنتقرب إلى حقيقة «يورجن موساك» أحد مؤسسى المكتب الذى أنشئ قبل 30 عاما، ولد فى ألمانيا عام 1948 قبل أن يهاجر إلى بنما مع عائلته حيث نال إجازة فى القانون، وشخصية اؤسس الانى لمكتب المحاماة «فونيسكا» فقد ولد فى 1952، ونال أيضًا إجازة فى القانون فى بنما لكنه تابع دراساته فى معهد لندن للاقتصاد والذى كان يفكر فى أن يصبح كاهنا، وكان «فونسيكا» يدير شركة صغيرة قبل الاندماج مع «موساك» وفتح المحاميان فى بادئ الأمر مكتبًا فى الجزر العذراء البريطانية.