عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السينما العربية تبحث عن هويتها فى مهرجان القاهرة السينمائى

بوابة الوفد الإلكترونية

يعتبر فيلم «بيروت المحطة الأخيرة» من الأفلام التى ولدت من رحم مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، فقد قدر له أن يرى النور، بعد أن دعمته منصة أيام القاهرة لصناعة السينما، التى تهدف إلى دعم السينمائيين الشباب أصحاب المواهب الجادة.

فى الفيلم، الذى شارك فى المهرجان ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، وتم تتويجه بجائزة أحسن فيلم غير روائي، لا وجود لقصة جديدة هنا، ولا ألغاز لتكشف، ولا حوارات درامية تصلح للاقتباس، فالفيلم يعبر عن حقبة تاريخية هامة فى حياة الشعب اللبناني، وهى قصة يعرفها الصغير قبل الكبير؛ هناك فقط زمن يخطو، وفى طياته، تتداخل على مدى ساعتين القصص الصغيرة بالكبيرة، والأحداث العامة بالخاصة، رسالة تعمد المخرج اللبنانى إيلى كمال إيصالها للجمهور عبر مسارين شخصى وعام، ليضع المشاهد أمام قضية ضياع الهوية ويكمل السرد متحدثاً عن بيروت عندما كانت مقسمة إلى منطقة شرقية للمسيحيين وأخرى غربية للمسلمين ومشاعر الخوف والتوجس لدى كل طرف حيال الآخر. ثم يتطرق عبر المسار العام إلى السكك الحديدية المتوقفة عن العمل فى لبنان، واستهداف الحلفاء لها إبان الحرب العالمية الأولى عندما كان لبنان جزءا من الدولة العثمانية، ويعرض ايلى الكثير من اللقطات لعربات قطار يعلوها الصدأ من كل مكان، ومحطات خاوية لا يقف فيها أحد، وبالتوازى مع هذا يقدم للمشاهد معلومات عن تاريخ السكك الحديدية فى البلاد منذ أن سار أول قطار على الأراضى اللبنانية عام 1895. ثم ينتقل إلى المسار الشخصى لينقل صورة حية عن توجسه من سكان ضيعته المسلمين عندما يذهب إلى غرب بيروت.

فى البداية، أبدى كمال سعادته من التكريم، خاصة أنه يعتبر الفيلم ابن المهرجان الذى تبناه وهو فى طور التحضير، وآمن برسالته. متمنيا ألا تكون المرة الأولى ولا الأخيرة التى يشارك فيها مهرجان القاهرة السينمائى بأفلامه.

وتحدث كمال عن ملتقى القاهرة لصناعة السينما قائلا: منصة القاهرة لصناعة السينما من الأقسام الهامة فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، فهو يدعم المواهب الشابة وتشجيع الإبداع فى المحتوى السينمائى بالعالم العربي، حيثُ يشرف على المنصة خبراء من أمهر صُناع السينما يختارون الموضوعات الجادة التى تطرق لقضايا هامة، وتمويلها، استفدت كثيرا من هذه التجربة على صعيد الإبداع والدعم.

وأوضح كمال أن الأفلام التى تقوم على «سينما المؤلف» التى تحاكى فيها الجمهور، دائما ما تواجه صعوبة فى التمويل من جانب شركات الإنتاج الذين يفضلون استثمار أموالهم فى أفلام المقاولات التى تهدف الى الربح.

وتجنبا للانتقادات التى دائما ما توجه للأفلام التى تتناول أحداثا تاريخية، أكد أنه استغرق قرابة الـ6 أعوام، للتحضير لهذا الفيلم لحصر كل المادة التاريخية التى تعود لأكثر من 150 عاماً تقريباً شاهدة على تاريخ لبنان بأكمله.

وأشار إلى أن فكرة الفيلم جاءته عن طريق الصدفة، عندما كان بصدد التحضير لفيلم آخر مع المنتجة اللبنانية جنا وهبة قبل سنوات عديدة، واستلزم الأمر استخراج تصاريح من هيئة السكك الحديدية، وهو الأمر الذى استهجنه لأن لبنان ليس فيه سكة حديد، لكن عندما ذهب للهيئة التى وجد أنها موجودة بالفعل والعاملون بها يتقاضون رواتبهم، قرر صنع فيلم يحكى عن السكك الحديدية اللبنانية والنهاية التى آلت لها.

وتعليقاً على قضية الهوية المطروحة فى الفيلم قال: إنه سعيد أن الفيلم بعرض الفيلم الآن وسط الأحداث التى تمر المنطقة العربية عموماً ولبنان على وجه الخصوص، فالفيلم يرسخ الهوية التى أضاعها الشعب إبان الحرب العالمية الأولى عندما سلبوا الحلفاء جزءاً من تاريخها.

ورفض «كمال» تصنيف الفيلم بأنه فيلم سياسى أو تاريخى أو وثائقي، فهو شخصى يروى حقبة زمنية معينة تغلب عليها الأحداث السياسية.

وعن أبرز التحديات التى واجهته أثناء التحضير للفيلم قال: البحث عن جهة إنتاجية لتمويل فيلم غير ربحى على الإطلاق.

وأعرب كمال عن سعادته بمبادرة 50/50 التى وقع عليها مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى نسخته الـ41، متمنياً أن يأتى اليوم الذى نتخطى فيه ذلك الأمر ونتعامل معه بشكل عادى وطبيعي، خاصة أن المرأة أثبتت نجاحاً كبيراً فى مجال صناعة السينما.

تطرق إليها من واقعة حقيقية حدثت معه.. أعاد القضية الفلسطينية للضوء

فى أعقاب القرارات الأخيرة التى أصدرتها الإدارة الأمريكية، والتى كان آخرها الاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضى الفلسطينية، وهو القرار الذى أدانته الدول الأوروبية لأنه يعكس نية أمريكا فى إنهاء دولة فلسطين مستقبلا، ظهر المخرج المغربى حسين بن جلون ليسجل اعتراضه وموقفه من خلال فيلمه «من أجل القضية» لإعادة تسليط الضوء على الفلسطينيين ومشكلاتهم فى الداخل والخارج، والذى عرض فى مهرجان القاهرة السينمائى بنسخته الـ41، ضمن مسابقة آفاق العربية.

يعتمد أسلوب جلون فى الإخراج على مدرسة «السهل الممتنع» فى طرح قضايا اجتماعية وسياسية جريئة، ليثرى عقول المشاهد بالعديد من الرؤى المبتكرة. لذا ليس غريبا ان يستعين بـ«الكوميديا السوداء» فى سرد قصته، إذ جمع القسوة بالدعابة والمرارة بالنكتة حاملا المسكّن للمتلقى تحديدا الفلسطينيين التى تطاردهم لعنة المعاناة والألم داخل وخارج بلادهم.

تبدأ الأحداث فى برشلونة بإسبانيا، حيث يعيش الفلسطينى كريم الذى يعزف العود داخل مقهى، ذات يوم تعرض عليه مغنية الفرقة الموسيقية، وهى الفرنسية اليهودية سيرين مرافقتها إلى مدينة فاس لرؤية البيت الذى كانت تعيش فيه عائلتها قبل الهجرة من المغرب إلى فرنسا، فيتغير خط رحلة الاثنين بعيداً عن باقى أعضاء الفرقة على وعد باللحاق بهم فى الجزائر. وعلى جسر حدودى بين المغرب والجزائر تدور معظم أحداث الفيلم، حيث يواجه الاثنان سلسلة من المواقف العبثية مع سلطات الحدود تبقيهما عالقين بين البلدين وتتفجر الكوميديا السوداء من خلال محاولاتهما للتغلب على العقبات التى فرضت عليهما بسبب الجنسية والديانة والقوانين واللوائح البالية.

وتحدث جلون لـ«نجوم وفنون» عن الفيلم قائلاً: الفيلم كوميدى اجتماعى يعتمد على مجموعة من المواقف الطريفة ويتضمن مجموعة من الرسائل الهادفة، وهو مستوحى من تجربتى الشخصية، فهى واقعة حقيقية حدثت معى بالماضى عندما كنت أنتقل من النمسا إلى تشيكوسلوفاكيا وكانت معى صديقة شابة وبعد مرور السنوات فكرت فى تحويلها إلى فيلم مع تسليط الضوء على القضية الفلسطينية.

وعن سر اختيار «القضية الفلسطينية» كخط درامى يروى من خلاله تجربته الشخصية قال: القرارات الأخيرة التى أقرتها الإدارة الأمريكية والتى تكشف من خلالها عن نيتها فى إنهاء دولة فلسطين، حمستنى لتذكير العرب بالقضية الفلسطينية، ووجدت تجربتى فرصة مناسبة للتعبير عن أوضاع الفلسطينيين بشكل مغاير عن طريقة الطرح التى تم تناولها فى أفلام سابقة، لا أستطيع الادعاء أنى الأجدر بالتعبير عن مشكلات الفلسطينيين لكنى أشعر أن القضية الفلسطينية قدر لها أن تذهب فى طى النسيان، رغم أنها هى القضية الأولى عربياً.

ولأن الفن هو اللغة المشتركة بين شعوب العالم، ويتجاوز كل

الفوارق والحدود، اختار بن جلون، أن يكون أبطال الفيلم عازفين موسيقيين.

وأكد «بن جلون» أنه اختار أن تكون رفيقة العازف الفلسطيني، يهودية الأصل لإبراز التناقض والتفرقة العنصرية التى تتم على أساس والعرق والدين، لافتاً إلى أن المواطن العربى بالخارج دائما ما يواجه صعوبات فى الحقوق والحريات.

وعن الصعوبات والتحديات التى واجهتهم خلال التصوير قال: ثمة مشاكل واجهتنا عند التحضير للفيلم، والتى كان أبرزها الحصول على التأشيرات وتصاريح التصوير، لأن جنسية البطل رمزى مقدسى الذى واجه عقبات فى التصوير بسبب تأشيرة الدخول والإقامة بالمغرب، إلى جانب التمويل الذى دائما ما يقف عقبة أمام طريق الإبداع.

وعن المغزى وراء إصراره على تخلل بعض مشاهد الفيلم عددا من المواقف الكوميدية السوداء قال: ارتأيت أن الكوميديا مطلوبة فى هذا العمل، لأنه يروى قصة إنسانية بحتة، وحساسة جداً لدى العرب، فالكوميديا كانت بمثابة تسكين أو مخدر للآلام الذى يمكن أن يشعر به المتلقى عند رؤية الفيلم.

وعن مشاركة الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ضمن مسابقة آفاق السينما العربية قال: أشعر بالفخر لعرض فيلمى فى أهم مهرجان بالوطن العربي، لأن هذا يمنح الفيلم شعبية كبيرة، ويمنح فرصة لعدد كبير من المواطنين العرب من رؤيته وهذا ما أسعى إليه، لأن القضية التى يتناولها الفيلم مطروحة للعرب وليس للمغرب فقط.

وأشار «بن جلون» إلى أن السينما المغربية نجحت فى عبور حاجز الإبداع والوصول للعالمية، حيثُ بدأت تتخذ مكانها فى عدد من الملتقيات العالمية، لأن فيها تنوعا ونموا فى الأسلوب والتقنية والجمالية.

وتحدث بن جلون عن الفوارق بين السينما المصرية ونظيرتها المغربية قائلا: السينما بشكل عام لديها كل الحق للتطرق لجميع المواضيع، ومعالجة أى موضوع بالطريقة التى تريد، وبالكيفية التى تراها مناسبة، لأنها ليست محلية بل عالمية، موجهة لكل المتلقين من كل الأجناس، وليس لمتلق واحد، وأعتقد أن السينما المغربية أكثر جرأة من نظيرتها المصرية فى طرح الموضوعات الجريئة.

وأكد «بن جلون» أن اللهجة لا تقف عائقا أمام انتشار السينما المغربية، لافتاً أن الصورة هى اللغة المعتمدة للسينما لا اللهجة.

وأوضح «بن جلون» الذى تتميز أفلامه حسب النقاد بمضامينها الثرية ورموزها القابلة لتأويلات مفتوحة لدى المشاهد، أنه ضد فكرة أن السينما مجرد تسلية، ومثار لهو، وليس ركيزة أساسية للتنمية. متمنيا أن تدعم الدول العربية الثقافة السينمائية فى المؤسسات التعليمية والمناهج التربوية.

كواليس ملحمة الأرجنتين

ولأن السينما هى النافذة التى يمكن من خلالها استشراف الحاضر وتشخيص الماضي، جاء المخرج التونسى سامى التليلى بفيلمه الوثائقى «عالبار»، الذى شارك فى مهرجان القاهرة السينمائى بنسخته الـ41، ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ليكون وثيقة تاريخية هامة تكشف ملامح حقبة مفصلية فى تاريخ تونس، وهى «ملحمة الأرجنتين» عام 1978 كأس العالم الذى تألق فيه المنتخب التونسى، عبر شهادات ثرية من أطراف بعضهم متابعون وآخرون فاعلون فى المشهد، شهادات من الباجى قائد السبسى وجيلبار نقاش ومحمد الناصر والطيب البكوش واللاعب خالد القاسمى وغيرهم، كلها كانت تقدم للمشاهد وقائع تلك المرحلة من زوايا ووجهات نظر مختلفة.

يربط الفيلم بين ثلاثية السلطة والنقابة والرياضة، وأكد التليلى فى الفيلم أن مباريات كرة القدم ليست إلا واجهة استغلها النظام الحاكم آنذاك لتغطية أحداث دموية فيما عرف لاحقاً بالخميس الأسود وتحديداً يوم 26 يناير 1978.

تحدث «التليلى» عن الصعوبات التى واجهته عند التحضير للفيلم قائلاً: واجهنا بعض الصعوبات للوصول لبعض الشخصيات التى تورطت فى أحداث عام 1978، كما واجهنا صعوبة فى الحصول على الوثائق والأرشفة لأننى كنت أريد وثائق مكتوبة وأخرى سمعية بصرية، موضحاً أن الأرشيف الذى حصل عليه من المعهد الوطنى الفرنسى من «رويترز» بعد أن فقد جزءاً كبيراً منه فى تونس كلفه ما يوازى 30 ألف يورو، ما جعل الفيلم يتم تصويره فى 7 أعوام.

وألقى «التليلى» الضوء على المشاكل التى تقف عائقاً فى طريق الأفلام الوثائقية، موضحاً أنه على الرغم من أهمية الأفلام الوثائقية، وتأثيرها الثقافى والسياسى والاجتماعي، لكنها ما زالت فى منطقة الظل مقارنة بالأفلام الروائية التى أخذت الأضواء، واستولت على مساحة كبيرة من الاهتمام، حيث إن ما تجنيه صناعة الأفلام الروائية من أرباح تفوق بأضعاف مضاعفة أرباح صناعة الأفلام الوثائقية، وهو ما يجعلنا نرى تقاعساً كبيراً من العديد من الأطراف لتمويله بداية من المنتجين ومروراً بالمؤسسات المانحة وصولاً إلى التليفزيونات الحكومية والهياكل الثقافية، دون أن ننسى دور السينما والموزعين الذين لا يستثمرون فى عرض الأفلام الوثائقية.