عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان أبوالضياء تكتب: «أرطغرل» يروج للأكاذيب التركية واختصر الإسلام فى الأتراك فقط

بوابة الوفد الإلكترونية

الآلة الإعلامية الأردوغانية غزت العقول ببطولات «أرطغرل» الوهمية!

 

 

المعتدى أردوغان سفاح القرن الواحد والعشرين عرف قيمة الفن مثل هتلر وغزا بقوته الناعمة البلاد قبل قواته الغاشمة؛ فالدولة التركية مازالت تنشر أكاذيبها  بكل القوة مدعمة بإبهار فنى، ومقدرة فائقة على اختراق العقول بالإبداع؛ والدعم الإعلامى وهذا ما يحدث الآن مع غزو سوريا؛ وفى الفترة الماضية وإلى الآن بالمسلسل الأشهر فى تاريخها؛ والأكثر تأثيرًا وقدرة على تكذيب الحقائق ورسم بطولات تركية واهية من خلال «قيامة أرطغرل» من 10 ديسمبر 2014 إلى 29 مايو 2019 على القناة الأولى التركية؛ ومنها انتشر كالنار فى الهشيم على جميع القنوات العربية والإسلامية؛ ومازال مستمرًا إلى الآن مع دبلجة الجزء الأخير إلى لغات الدول التى يعرض عليها.

ورغم أنه لا توجد أى مصادر إسلامية أو حتى تركية معاصرة لأرطغرل تتحدث عنه، وما كتب عن حياة أرطغرل فى السجلات العثمانية الأولى فى القرن الخامس عشر الميلادى، يراها المؤرخون أميل إلى الحكايات الأسطورية، خاصة أن تيمورلنك أحرق الوثائق التركية عند إغارته على الأناضول سنة 804 هـ الموافقة لسنة 1402م، وبالتالى الوثائق التاريخية الرسمية المتبقية عن نشأة الدولة العثمانية وحتى إغارة تيمورلنك قليلة جدًا. وأول أشارة موثقة عن شخصية أرطغرل موثقة كانت فى نهاية القرن الرابع عشر الميلادى من خلال خطاب من السلطان بايزيد الأول إلى تيمورلنك. وعملة معدنية مسكوكة من عصر عثمان بن أرطغرل نُقش عليها اسم أرطغرل واسم والده.

ومع كل ذلك عندما أنتجت القناة الأولى التركية مسلسلاً تركياً باسم «قيامة أرطغرل» لسرد سيرته على خمسة مواسم، بدءًا من 2014 إلى 2019م. قامت بتزييف التاريخ ونسب بطولات وهمية لها، وبالتالى للعثمانيين أنفسهم حتى الآن؛ بل إنه أسلوب مدروس من قبل الآلة الإعلامية الأردوغانية لغزو العقول من خلال هذا المسلسل، خاصة إذا عرفنا أن عدد المتابعين للمسلسل وصلوا إلى 1.5 مليار متابع موزعين على 65 دولة حول العالم؛ خاصة أن الأعمال الدرامية التركية تحتل المرتبة الثانية بعد الدراما الأمريكية. والمؤسف أن الإعلام العربى أذاعه على قنواته واحتفى به دون إدراك للمغزى الحقيقى من المسلسل.

المسلسل تدور أحداثه فى القرن الثالث عشر الميلادى، مستعرضًا سيرة أرطغرل بن سليمان شاه والد عثمان الأول (مؤسس الدولة العثمانية)، وقائد قبيلة قايى من أتراك الأوغوز المسلمين التى ينتمى إليها. قام بدور أرطغرل الممثل التركى إنجين ألتان دوزياتان.

وللأسف أن معظم الوقائع الدرامية غير تاريخية من وحى خيال الكاتب، والمنتج التركى محمد بوزطاغ مطوعة لخدمة الهدف الأول لأردوغان بإظهار عظمة الخلافة العثمانية فى قيادة الأمة الإسلامية.

والمسلسل طوع أحداث التاريخ التى زيفها لخدمة المشروع السياسى الذى يعيش فى براثنه أردوغان؛ الذى يدعمه بكل قوة إلى حد الترويج له من خلال حوار تليفزيونى معه عن المسلسل؛ بل إنه قام ووزراؤه بزيارة مواقع التصوير أكثر من مرة؛ خاصة أنه يعلم جليًا أن الدراما التاريخية تعد فى الوقت الراهن سلاحًا سائدًا وأكثر قبولاً وانتشارًا على الساحة العالمية بشكل عام. والعجيب والمثير للتساؤل عن مدى تأثير المسلسل على العقول إلى حد أن لافتات ظهرت فى الطرق، ومن خلالها تنعى قبيلة «الكايه» الكويتية مقتل بامسى وهو أحد مقاتلى أرطغرل المقربين فى المسلسل».

وإذا اقتربنا من تزييف المسلسل للتاريخ سنجد الكثير من الأحداث غير الحقيقية على رأسها تأكيده أن أرطغرل شارك فى الحروب الإسلامية ضد الصليبيين، مخالفًا كل كتب التاريخ؛ لتحقيق أطماع أردوغان الإقليمية بطمس الحقائق والترويج لأكاذيب مختلقة؛ لدعم أفكار العثمانيين الجدد الرامية لإعادة دولة الخلافة المزعومة، من خلال حلقات «قيامة أرطغرل»، الذى تبلغ تكلفة الحلقة الواحدة منه مليونًا و100 ألف ليرة تركية؛ وظهر هذا بوضوح عندما استخدمت موسيقى تتر المسلسل عبر المحطات التليفزيونية بعد محاولة الانقلاب على اردوغان مما يؤكد حقيقة التوظيف السياسى للمسلسل.

والعجيب أن ترجمة حلقات مسلسل «قيامة أرطغرل» إلى العربية، تتم فور

إذاعتها بساعتين على أكثر تقدير، ويسمح بمشاهدتها على أكثر من موقع وبث إلكترونى، فهنا لا مجال لحسابات الربح المادية، ولكن ما سيحصل عليه اردوغان وحكومته من دعاية مجانية لنظامه؛ حتى وأن أدى هذا إلى تخصيص ميزانيات هائلة للتسويق، واستغلال تركيا للاتفاقيات السياسية والاقتصادية مع دول عربية للترويج «السلطنة العثمانية الجديدة». إلى حد اختصر الإسلام فى الأتراك فقط، بل إن قبيلة قايى تحت زعامة أرطغرل، ظهرت فى المسلسل كأنها المنقذ للإسلام، رغم أنها لم تدخل الدين الإسلامى، إلا بعد وصولها آسيا الصغرى؛ ولم تكن مؤثرة لضعفها وخضوعها عادة لسلطان السلاجقة أو الأيوبيين.

لذلك لم يذكر المسلسل أى شىء عن الخلافة العباسية. وعن بطولات أرطغرل الوهمية فى الحروب الصليبية فحدث ولا حرج بداية من أن فترة الحروب الصليبية فى القرنين الحادى عشر والثانى عشر الميلاديين، فيما ظهر أرطغرل وقبيلته فى القرن الثالث عشر؛ وانتهاء «فرسان الهيكل» ضعفاء على الرغم مما ذكره العرب أنفسهم عن قوتهم الحربية.

ولا ينسب فضل القضاء على الصليبيين إلى صلاح الدين يوسف الأيوبى ولا إلى السلطان العزيز ولده الذى قضى عمره فى محاربة الصليبيين لأنهم ينتمون إلى الأكراد، ومعروف أن أردوغان يحارب الاكراد ويقهرهم حاليًا؛ بل وإظهار قاضى حلب على أنه شخصية مرتشية ترتكب الموبقات، رغم أنه بهاءالدين بن شداد، وهو أحد الأعلام الأفذاذ قاضٍ وعالم ومؤرخ مسلم عاصر صلاح الدين الأيوبى، وكتب ابن شداد العديد من الأعمال حول تطبيق الشريعة الإسلامية مثل «ملجأ القضاة من غموض الأحكام» و«البراهين على الأحكام» و«فضائل الجهاد».

 وجاء ضمن أحداث المسلسل فى الموسم الثانى أن المغول أسروا أرطغرل، ودقوا مسماًرا فى يده.. إلى جانب سلسلة متواصلة من قلب الحقائق عن بطولات الأتراك ضد المغول رغم أن كتب التاريخ تؤكد أن هولاكو حفيد جنكيزخان استطاع هزيمة قبائل الأتراك؛ ومختلف الإمارات التركية فى الأناضول، والتى اعترفت بالخضوع لسلطان المغول، ولم ينقذهم إلا المماليك سلاطين مصر والشام.

والطريف أن المسلسل جعل من ابن عربى المرشد الروحى رغم أن المؤرخين يؤكدون أن ابن عربى مات عام 638 هجرية، أى بعد وفاة سليمان شاه بعامين فقط، ولكنه ظل مستمرًا فى المسلسل حتى عاصر ولادة عثمان بن أرطغرل العام 656 هجرية أى بعد 18 سنة من وفاة ابن عربى، إلى جانب أنه عاش آخر 15 سنة من حياته فى دمشق، ولم يخرج منها وبالتالى لم يقابل أرطغرل.... والجميع يعلم أن الوقائع التاريخية الحقيقية المعروضة فى مواسمه لم تزد على 10 % وباقى الأحداث من نسيج خيال كاتب السيناريو.