عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أمجد مصطفى يكتب: «بليغ».. حكايات شاعر تحولت إلى نغم وألحان

بوابة الوفد الإلكترونية

شاعر وإنسان بداخله كتلة من المشاعر والأحاسيس، استطاع أن يترجمها إلى لغة الموسيقى والنغم، هذا هو التوصيف الطبيعى للموسيقار الشاعر بليغ حمدى.

لم يكن مجرد موسيقى عادى، مثل مئات الملحنين والموسيقيين الذين ظهروا على ساحة الغناء العربى، لكنه كان قماشة مختلفة فى كل شىء، لم يهتم بعمق الجملة الموسيقية وتركيباتها، بقدر اهتمامه ببساطتها وشاعريتها، ودفئها، لتصل إليك، وتتفاعل مع مشاعرك الإنسانية من أول لحظة تصل إلى أذنيك. بليغ حمدى كان همه المستمع البسيط، لذلك جاءت جملته الموسيقية رشيقة تتمايل بين الحزن والفرحة فى آن واحد، لم يسعَ «بليغ» طوال مشواره نحو جملة موسيقية معقدة يتحدث عنها الموسيقيون كما كان يفعل البعض، ممن حولوا اللحن إلى عقد وتركيبات، وكأنه يطبق نظرية موسيقية، وليس لحناً خلق لكى يمتع المستمعين، «بليغ» هو صاحب الجملة الموسيقية الشعبية، فعلها مع أم كلثوم فى كل الأعمال التى لحنها لها مثل: حب إيه، وظلمنا الحب، وأنساك، وسيرة الحب، وكل ليلة وكل يوم، وبعيد عنك، وفات الميعاد، وألف ليلة وليلة، والحب كله، وحكم علينا الهوى، كل عمل من هذه الأعمال سوف تجد هناك جملة موسيقية شعبية، بمعنى أن الناس ترددها بمجرد الاستماع إليها. وفعلها مع عبدالحليم حافظ فى معظم أعماله مثل سواح، وجانا الهوى، والتوبة، وأحضان الحبايب، وزى الهوا، ومداح القمر وحاول تفتكرنى، وأى دمعة حزن، وحبيتى من تكون، ووصل مع وردة إلى قمة الشاعرية لأنها قصة حب قبل أن تكون قصة نغم بين ملحن ومطربة، فقدم معها خليك هنا، وحكايتى مع الزمن، ودندنة، وبودعك، واسمعونى، واشترونى، وعايزة معجزة، وحنين، وليالينا، ومسا النور، واحضنوا الأيام، والعيون السود، كلها أعمال يرددها المستمع كما لو أنها عمل تمت صياغته بالأمس القريب. وفعلها مع نجاة فى أنا بستناك والطير المسافر، ونسى، وفى وسط الطريق، وسلم على، وليلة من الليالى. ومع صباح فى عاشقة وغلبانة، ويانا يانا، وزى العسل، وشمس الشموس، ومع ميادة الحناوى: الحب اللى كان، وأنا بعشقك، وفاتت سنة، وسيدى أنا، وأول وآخر حبيب.

وقدم مع محمد رشدى أعمالا شعبية بمعناها الحقيقى، تركيبة جمل موسيقية من طين مصر، منها: على الرملة، وطاير يا هوا، وعدوية، سالمة يا سلامة، يا عينى على الولد، وميتا أشوفك، وعلى الحجار «على قد ما جينا، وبوابة الحلوانى».

بليغ حمدى هو الجملة الموسيقية التى تختصر كل شىء وكل الطرق

بحيث تصل إليك دون حواجز موسيقية، بليغ حمدى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تعزلها عن شخصيته الإنسانية فهو لم يكن يتمالك نفسه من البكاء عندما يستمع إلى أعماله، وهى تغنى، وهذا دليل أنها ترجمة حقيقية لمشاعر إنسانية كلها أحاسيس ودفء، كل أعمال بليغ حمدى تتحدث عن كل ليلة من لياليه، عن كل لحظة عاشها، عن كل رحلة قام بها خارج مصر، عن كل إنسان خاطبه، عن كل فنان زامله، عن حبه عن عشقه، كان العود وسيلته فى التعبير، وكان نبض قلبه هو الإيقاع الذى يعتمد فيه على الصياغة النهائية لألحانه.

بليغ حمدى مهما قيل عن أنه هجر حب وردة، لكن كل أعماله التى قدمها بعد الطلاق أو بعد الابتعاد كانت تنادى عليها، وتقول «أنا بعشقك» هذه هى الرواية الحقيقية، حب «بليغ» لـ«وردة» وحب «وردة بليغ» حقيقة عاشها الثنائى، وحاول البعض أن ينفيها، لكنها ظلت حب عمره، وظل حب عمرها.

تحدثنا عن علاقته بوردة الزوجة والحبيبة، لأن أعمال «بليغ» كما ذكرنا هى جزء من حياته وعواطفه، وإخلاصه لحبه.

أعمال «بليغ» عاشت، وستظل تتحدث باسم كل مشاعر المصريين لأنها خرجت من داخل القلب. تلك هى لغة «بليغ» الموسيقية، التى لم يكن يعرف لغة غيرها.

بليغ حمدى صاغ الكثير من كلمات أغانيه، وكان أيضاً يعتمد على المفردات البسيطة التى تخرج من قلبه دون أن يفلسفها.. لذلك جاءت جملته الموسيقية، ومفرداته لتصب فى صالح الإنسان البسيط الذى يبحث عن متعته فى أغنية تعبر عنه.. هذا هو بليغ حمدى، بعيدًا عن الفلسفة والتعقيدات.