عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان أبوالضياء تكتب : المحتفى به فى الجونة

فرانسو تروفو
فرانسو تروفو

من الرائع حقا الاحتفاء بالمبدع فرانسو تروفو ضمن فعاليات مهرجان الجونة فى دورته الثالثة بعد 35 عاما من رحيله؛ بعرض أحد أشهر أفلامه «قبلات مسروقة»؛ ويعد فرانسو تروفو علامة فى السينما الفرنسية والعالمية؛ وهو صاحب العبارة الأشهر«الفيلم يشبه مخرجه»، ويرى أيضًا أن النساء خبيرات فى الحب، أما الرجال فمبتدئون. إنه الناقد الفنى الشهير الذى لم يدعوه مهرجان كان كناقد أبدا؛ والملقب فى تلك الفترة «بحفار قبور فى السينما الفرنسية»؛ إنه صاحب الدراسات المهمة عن المخرج الكبير ألفرد هيتشكوك؛ ولكنه أبهر بعالم الإخراج ليقدم مع جيله أفلاما تنبض بالحياة وتضيف إلى المحتوى المعرفى للإنسانية بكل ما بها من فكر أيديولوجى وتوجه سياسى؛ متحديا كل الأشكال التقليدية فى التكوين الدرامى العالمى والفرنسى أيضا؛ وكل هذه الرؤى نابعة من تكوينه الثقافى هو وجيله لتصبح أعمالهم معبرا حقيقيا عن اختلاف الحضارات وتأثير الأفكار الفنية حينذاك على الشباب. وفرانسو تروفو الجامع بين بلزاك وجين رينوار؛ وهو من مبدعى سينما المؤلف؛ الحائز على جائزة أفضل مخرج من مهرجان «كان». وترفو يقف بإبداعه بين قامات سينمائية كبيرة مثل روبرت ألتمان؛ ستيفن سبيلبرج؛ فيم فيندر؛ راينر فيرنر فاسيبندر؛ مارتن سكورسيزى وجيم جامروستش.. تروفو صاحب 25 فيلما، كمخرج وسيناريست ومنتج وممثل.. إنه الراحل عن عالمنا عام 1984م بسبب ورم فى المخ...

صاحب الطفولة البائسة، فوالده لم يعترف به، وعندما تزوجت أمه وافق الزوج تروفو كابنه المتبنى وأعطاه اسمه. أمه تركته للمربيات، لكن جدته تظل من أهم الشخصيات التى تركت أثرها عليه، وعلمته حب القراءة وعشق الموسيقى. وظل تروفو مع جدته حتى وفاتها عندما كان فى سن العاشرة، وعندها انتقل للعيش مع والدته لأول مرة. وبسبب إهمال أمه له كان تروفو يحاول الابتعاد عن البيت قدر الإمكان وينام فى بيوت أصدقائه. ومن هنا كانت شخصيات العديد من أفلامه.

شاهد أول فيلم فى عام 1939 لتبدأ قصة هوسه بالسينما. فُصِل من المدرسة فى سن الرابعة عشرة فعلم نفسه بنفسه، حيث وضع لنفسه هدفا وهو مشاهدة ثلاثة أفلام فى اليوم وقراءة ثلاثة كتب فى الأسبوع. ليشاهد عددا كبيرا من الأفلام ليعرف إلى سينما جون فورد؛ وعام 1950 انضم تروفو للجيش الفرنسى لكنه قضى عامين فيه وهو يحاول الهروب ليقبض عليه فى إحدى المحاولات. واستخدم بازين كل اتصالاته مع معارفه من السياسيين الفرنسيين حيث أطلق سراحه وأرسله بازين للعمل فى مجلته التى أنشأها حديثا وهى كراسات السينما. ليصبح ناقدا وكان يرى أن «الفيلم يشبه مخرجه»؛ بدايته كمخرج كانت مع عام 1955 حيث أنتج مجموعة من الأفلام القصيرة «الزيارة» (1955)، واتبعه بفيلم آخر «شقاوة» (1957).

عاشقو السينما يذكرون لفرانسو فيلمه الصناع الفوضيون The Mischief Makers المقدم فى عام 1957 وفى عام 1958 قام بإخراج فيلم بعنوان A story of water مع المخرج جان لوك جودارد. وفى عام 1959 قدم فيلمه الأول أربع مائة ضربة The 400 blows محققا نجاحا مذهلا؛ إلى جانب أنه كان بمثابة الانطلاقة نحو الموجة الفرنسية الجديدة مع جودار وشابرول؛ والفيلم بمثابة ذكريات لطفولة تروفو وحياته المضطربة فى ذلك الحين. متجنبا طريقة الإخراج وأساليبها التقليدية جعله يعبر عن مرحلة جديدة فى تاريخ السينما الفرنسية خاصة أن تروفو تناول فكرة الفيلم الفرنسى التقليدى ووجه إليه سهام نقده الحاد. من المعروف عن تروفو أنه كان فى أحيان كثيرة يقوم بإجراء تعديلات على نص فيلمه كما فى «اطلق الرصاص على لاعب البيانو» (1960) بطولة شارل ازنافور، ومن بين أفلامه المهمة فى هذه المرحلة دراما رومانسية «جوليس وجيم» (1962). من إخراج وكتابة فرانسوا تروفو. وتقع أحداثه فى وقت قريب من الحرب العالمية الأولى، وهو يصف مثلث الحب المأساوى الذى يشارك فيه الفرنسى البوهيمى جيم، وصديقه النمساوى الخجول جول، وصديقته جول وزوجته اللاحقة كاترين وهو من الأفلام التى تظهر حب تروفو للكتب؛ وقدم فيلم «451 فهرنهايت» (1965). عن رواية عالمية من تأليف القاص الأمريكى راى برادبرى تحكى عن قصة نظام شمولى يقوم بغزو العالم فى المستقبل ويجعل التلفزيون دعاية سياسية له ويقوم بحرق الكتب على درجة 451 فهرنهايت. بطل الرواية هو رجل الإطفاء «مونتياج» يلتقى صدفة بجارته المثقفة وتدعى كلاريس، وقد قامت بجذبه وإقناعة بقراءة رواية جميلة حيث كانت النتيجة سريعة إذ وقع مونتياج فى حب التراث الإنسانى العريق الذى لم يكن يعلم عنه لولا

كلاريس. وبالتدريج تمرد هو أيضًا على السلطة. هذه الرواية هى رد من راى برادبرى على الإرهاب الثقافى الذى مارسه السيناتور جوزيف مكارثى على الكتاب والمثقفين فى أمريكا. مثَّل الفيلم تحديًا لتروفو لأنه أول فيلم ناطق بالانجليزية يخرجه تروفو، وكان يعمل بفريق قليل وميزانية أقل. وقدم تروفو الأفلام ذات الموضوعات المتعددة منها «العروس ترتدى الأسود» (1968) مستخدما أسلوب هيتشكوك، و«حورية المسيسبى» (1969) وقدم فيه تروفو النجمة كاترين دونوف إلى جانب جان بول بلموندو فى نوع من العلاقات الإشكالية حيث الرسائل تلعب فى تلك العلاقة العاطفية، ليتحقق اللقاء الأول بين عاشقين، ألهبت عاطفتيهما المراسلات وليحقق الفيلم نجاحا جماهيريا كاسحا فى حينه، فيلم مختلف عن عوالم مختلفة ليست غريبة عن عالم تروفو.

أما «قبلات مسروقة» (1968)، المعروض فى مهرجان الجونة من بطولة جان بيير ليود وكلود جاد. من أفضل أفلام تروفو، كما أن الناقد الأمريكى فينسنت كانبى وصفه بأنه «حالة سينمائية عذبة». وتدور الأحداث عن أنطوان (جان بيير ليود) الذى يحب كريستين (كلود جاد) لسنوات. لكن كريستين محفوظة جدا. إنها ترافقه فى عمله كمخبر. فى النهاية، تأخذ كريستين زمام المبادرة. على الإفطار؛ وعاد تروفو لشخصيته المحبوبة، أو «أنا الآخر alter ego» الخاص به أنطوان دونيل فى سلسلة أفلام وهى أنطوان وكوليت (1962، قبلات مسروقة (1968)، بيت الزوجية (1970)، والحب السريع. (1979) وقدم فى عام 1970 فيلما واصل فيه قصته انطون دونيل ولكن فى فيلم حمل عنوان «الطفل المتوحش»، فيما نال فيلمه «النهار بدلا من الليل» (1973) أوسكار الفيلم الأجنبى، وهو فيلم تأملى يستحضر فيه تروفو تجربة فريق تصوير فيلم وهم يحاولون الانتهاء من تصوير فيلم وملاحقة المشاكل الشخصية والمهنية التى ترافق إنتاج الفيلم. ولعب تروفو دور المخرج وقدم فيه لقطات من أفلامه الاخرى. واعتبره النقاد من أحسن أفلامه فيما وضعته مجلة «تايم» ضمن أحسن مئة فيلم فى القرن العشرين.

فى عام 1975 أنتج فيلم «قصة اديل اتش» وأتبعه عام «تغير صغير»، وامتداد لتلك العلاقات المشوشة والمضطربة سنكون أمام شبكة من العلاقات هذه المرة فى فيلم «الرجل الذى أحب امرأة» 1977، ومن بين ما أنتج قبل وفاته «المترو الأخير» (1980). أحداث الفيلم تدور فى العام 1942 أثناء الحرب العالمية الثانية وعندما كانت فرنسا محتلة من قبل النازيين وحظر التجول أعلن فى فرنسا منذ الساعة الحادية عشرة وكان لا أحد يستطيع أن يفوت المترو الأخير، والفيلم يخوض فى الأزمة التى مر بها المسرح الفرنسى تحت الحكم النازى والمكافحة من أجل البقاء على قيد الحياة من عام 1942-1944.

وفى عام 1983 قدم تحية لهيتشكوك فى فيلم «بثقة لك». وختام حياته كان فيلمه «أخيرا يوم الأحد» المأخوذ عن رواية أمريكية يصيب فيها تروفو نجاحًا كبيرًا، جريمة عادية وأحداث مثيرة والنجم جان لوى ترنتيان مع فانى اردان فى دورين مهمين.. وتوفى فرنسوا ترافو فى يوم 21 أكتوبر 1984.